البرلمان الليبي يثبت اليوم الثني رئيسا دائما للحكومة ويعتمد لها «ميزانية طوارئ»

تصاعد الأزمة الاقتصادية بسبب استمرار إغلاق حقول لإنتاج النفط

البرلمان الليبي
البرلمان الليبي
TT

البرلمان الليبي يثبت اليوم الثني رئيسا دائما للحكومة ويعتمد لها «ميزانية طوارئ»

البرلمان الليبي
البرلمان الليبي

تصاعدت أمس حدة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تواجهها السلطات الليبية وأدت إلى تأخر صرف مرتبات العاملين في بعض المؤسسات الحكومية على مدى الشهرين الماضيين، بعدما أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط عن إغلاق حقل الفيل النفطي بسبب توقف خط الأنابيب الواصل إلى ميناء مليتة. وقال متحدث باسم المؤسسة إن إنتاج البلاد من النفط سيتراجع من جراء ذلك إلى 150 ألف برميل يوميا. ولم يعلم سبب توقف خط الأنابيب، علما بأن شركة إيني الإيطالية التي التقى مديرها التنفيذي في طرابلس أول من أمس مع عبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة تتولى إدارة الحقل بالتعاون مع مؤسسة النفط. وكشف مسؤولون حكوميون وأعضاء في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا النقاب عما وصفوه بأزمة مالية مستحكمة باتت تعطل التزام الحكومة الشهري بدفع رواتب الموظفين والعاملين فيها. وقال مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط» طلب حجب هويته: «الأمر ليس سرا.. ليس لدى الحكومة ميزانية مالية كافية لدفع المرتبات.
المؤتمر الوطني ما زال يعطل إقرار الميزانية تماما كما كان الحال عليه قبل إقالة علي زيدان رئيس الحكومة السابق». ويواجه موظفو الدولة في ليبيا معاناة شهرية في تسلم مرتباتهم، إضافة إلى مصاعب اقتصادية عامة. وطبقا لما أكده التقرير النهائي للجنة التحقق من سلامة إجراءات بيع النفط وإدارة الموانئ النفطية التي شكلها المؤتمر الوطني، فإن عملية توقف إنتاج وتصنيع وتصدير الغاز والنفط من الحقول والموانئ في المنطقة الشرقية (الهلال النفطي وميناء الحريقة) قد أدت إلى خسائر مباشرة باهظة تقدر قيمتها بأكثر من 18 مليار دولار أميركي بالإضافة إلى خسائر أخرى غير مباشرة. وخلص التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إلى «أن اللجنة ترى أنه فيما يتعلق بتكليفها بتحديد المسؤول عن هذه الخسائر هو أمر يحتاج إلى تحقيق يخرج عن نطاق اختصاصها».
وكان عمر الشكماك وكيل وزارة النفط والغاز المكلف بتسيير مهام الوزارة قد أعلن الأسبوع الماضي أن توقف عمل الموانئ النفطية أدى إلى انخفاض حاد في إيرادات ميزانية الدولة، مشيرا إلى أن النصف الثاني من العام الماضي شهد انخفاضا للإيرادات بفارق سلبي 8 مليارات دولار فضلا عن استمرار العجز في الربع الأول من العام الجاري.
ويطالب رئيس الحكومة الحالي عبد الله الثني الذي شغل منصب وزير الدفاع في حكومة زيدان، البرلمان بتدبير ميزانية طوارئ لتسيير عمل الحكومة والدولة. ومن المقرر أن يبت أعضاء المؤتمر الوطني في جلسة سيعقدونها اليوم (الثلاثاء) بالعاصمة طرابلس في هذا الطلب، بالإضافة إلى بحث إمكانية التصويت على استمرار الثني رئيسا دائما وليس مؤقتا للحكومة، في ظل الانقسام الحاد بين الكتل والأحزاب السياسية داخل المؤتمر حول انتخاب أحد المرشحين لخلافة زيدان من بين نحو عشرين شخصا تقدموا رسميا لشغل هذا المنصب.
وفى مؤشر واضح على الدعم الأميركي لهذه الاتجاه اجتمع الثني أمس بطرابلس مع ديبورا كي جونز السفيرة الأميركية لدى ليبيا، حيث استعرضا طبقا لبيان مقتضب أصدرته الحكومة الليبية، مسيرة التعاون بين البلدين في الكثير من المجالات وآفاقه المستقبلية.
وقررت حكومة الثني تشكيل لجنة لدراسة الظروف المتعلقة بحادثة سقوط الطائرة العمودية بمنطقة الهلال النفطي (السدرة) وتحديد الأسباب.
ويرفض مقاتلون سابقون حاربوا لإسقاط نظام العقيد الراحل القذافي وميليشيات إلقاء السلاح ويلجأون كثيرا للقوة أو للسيطرة على منشآت نفطية لفرض مطالبهم على الدولة التي لا يزال جيشها في طور التدريب.
ويطالب إبراهيم الجضران زعيم المحتجين في شرق ليبيا الذي سيطر رجاله على ثلاثة موانئ في الصيف بنصيب أكبر من الموارد النفطية الليبية ومزيد من الحكم الذاتي للمنطقة.
وأمهلت حكومة طرابلس الجضران قبل نحو أسبوعين لفك حصار الموانئ وإلا واجه هجوما عسكريا، لكن محللين يقولون: إن القوات المسلحة الليبية الوليدة قد تواجه صعوبات لتنفيذ هذا التهديد.
وتدرب حكومات غربية، شاركت في غارات شنها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) على ليبيا في 2011 للمساعدة في إسقاط القذافي، القوات المسلحة الليبية وتضغط على الفصائل للتوصل إلى تسوية سياسية.
وفي علامة أخرى على الانفلات الأمني اختطف مسلحون موظفا إيطاليا في قطاع المقاولات قرب مدينة طبرق بشرق البلاد، حيث قالت وزارة الخارجية الإيطالية إن خاطفيه لم يتصلوا بعد بأي جهة مشيرة إلى أنه مريض بالسكري وليست معه احتياجاته من الأنسولين.
وقالت إيطاليا إن جيانلوكا سالفياتو خطفته مجموعة يعتقد أنها عصابة إجرامية تسعى للحصول على فدية وليس جماعة إسلامية.
إلى ذلك، قررت محكمة جنوب طرابلس الابتدائية تأجيل النظر أمس في أولى جلسات محاكمة 37 من رموز ومسؤولي نظام القذافي، بعد جلسات التحقيق معهم بغرفة الاتهام إلى جلسة الرابع عشر من الشهر المقبل.
ومن أبرز المتهمين عبد الله السنوسي صهر القذافي والرئيس السابق لجهاز المخابرات الليبية والبغدادي المحمودي رئيس آخر حكومة في عهد القذافي قبل مقتله وسقوط نظام حكمه في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011.
ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن مصادر بوزارة العدل الليبية قولها، أن قرار قاضي المحكمة تأجيل الجلسة جاء للتأكيد على حضور كافة المتهمين والذين حضر منهم 23 فقط خلال جلسة أمس، مشيرة إلى أن قرار التأجيل جاء أيضا لإعطاء الفرصة لعدد من المتهمين من أجل تكليف محامين لهم، ومن لم يستطع، ستقوم النيابة العامة بتكليف محام للدفاع عنه. ويواجه المتهمون اتهامات خطيرة من بينها جريمة الإبادة الجماعية، والتحريض على الاغتصاب، وإصدار الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين العزل، وجلب المرتزقة وتشكيل ميليشيات مسلحة وإحداث أضرار جسيمة بالمال العام.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».