بناء أول منصات عائمة للطاقة الشمسية لا يكسرها الموج

محطة طاقة شمسية عائمة مكونة من 12 ألف لوح شمسي بالقرب من مانشستر

محطة هيليوفلوت مصممة بحيث لا تتأثر بالعواصف البحرية
محطة هيليوفلوت مصممة بحيث لا تتأثر بالعواصف البحرية
TT

بناء أول منصات عائمة للطاقة الشمسية لا يكسرها الموج

محطة هيليوفلوت مصممة بحيث لا تتأثر بالعواصف البحرية
محطة هيليوفلوت مصممة بحيث لا تتأثر بالعواصف البحرية

تحتاج ألواح إنتاج الطاقة الكهربائية من ضوء الشمس إلى مساحات كبيرة قد لا تتوفر في المدن المزدحمة، أو لا تتوفر في الدول الصغيرة التي تطمر مياه البحر للاستفادة منها كمساحات.
وواقع الحال أن فكرة محطات الطاقة الشمسية العائمة ليست جديدة، وبنت كثير من الدول مسطحات صغيرة منها، إلا أن هذه المحطات العائمة لا تصمد أمام قوة موجات البحر وتتحطم بفعل أقل العواصف البحرية. فضلاً عن ذلك فإن هشاشتها أمام البحر يفترض نشرها طافية قرب السواحل، وتتحول هنا إلى عثرة في طريق النقل البحري، كما أنها تعرقل السياحة في كثير من البلدان السياحية.
وتعتبر اليابان الرائدة في مجال نشر محطات الطاقة الطافية، وبنت قرب خليجين صغيرين، بعيدين عن العواصف البحرية، محطتين تنتجان 9.2 ميغاواط معًا من الطاقة الخضراء، وهو ما يكفي لسد حاجة 920 منزلاً عائليًا. وواضح مدى محدودية هذا البديل من الطاقة البديلة، ومدى الحاجة إلى مسطحات مائية كبيرة لإنتاج الطاقة بما يسد حاجة مدن.
ولكن الإنجليز تفوقوا، من ناحية مساحة منصات الطاقة الشمسية العائمة، على الأوروبيين، حينما بنوا محطة طاقة شمسية عائمة على مسطح الماء «غودلي» قرب مانشستر تتألف من 12 ألف لوح شمسي. وغطت المنصة 45 ألف متر مربع من مجموع مساحة المسطح المائي البالغة 60 ألف متر مربع. وواضح هنا أيضًا أن الإنجليز بنوا محطة عائمة بهذا الحجم الكبير على مياه مسطح داخلي وليس في عرض البحر.
ويقول العلماء النمساويون من جامعة فيينا التقنية إنهم نجحوا في إنتاج أول مسطحات طاقة شمسية عائمة تصمد أمام أمواج البحر، بل وحتى ضد العواصف الكبيرة. وذكر البروفسور ماركوس هايدر، رئيس قسم الطاقة والديناميك الحرارية في جامعة فيينا، أنهم توصلوا إلى هندسة بناء عملية وخفيفة ومتينة.
أطلق هايدر على المنصات العائمة اسم «هيليوفلوت» (Heliofloat)، مشيرًا إلى أن سر مقاومتها للعوامل البحرية هو أنها بنيت من وحدات متعددة ومترابطة مع بعضها. وملأ العلماء هذه الوحدات المجوفة بالهواء كي يمنحوها خفة الوزن المطلوبة، لكن هذا لا يكفي، بحسب هايدر، لأنه لا بد من طريقة عملية لربط هذه الوحدات مع بعضها وإلا تفككت بفعل قوة الأمواج التي تتخلل بين الوحدات.
صنع العلماء النمساويون هذه الوحدات بشكل براميل من مادة مطواعة جدًا مليئة بالهواء. والجزء الأعلى من البرميل يحتوي على هواء محصور لا يمكن أن يتسرب. وتحدث هايدر عن إمكانية إنتاج منصات عائمة من مساحة ملعب كرة قدم أو أكثر، وفي عرض البحر، تلتقط ضوء الشمس وتحوله إلى طاقة. وتخطط جامعة فيينا إلى منصات أكبر تزاوج طريقة إنتاج الطاقة الشمسية بالطريقة الحرارية لإنتاج الطاقة. وبمعنى استخدام مرايا بارابولية على حافات منصات السولار، تستخدم ضوء الشمس لتسخين الماء ومن ثم تحويل الطاقة من حرارية إلى كهربائية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».