بن فليس: الجزائريون غير راضين بحصيلة حكم بوتفليقة

حركة «بركات» تتظاهر من أجل استقلالية الإذاعة والتلفزيون

علي بن فليس يحيي مؤيديه بعد لقاء انتخابي في بلدة بليدة جنوب شرقي الجزائر أمس (أ.ف.ب)
علي بن فليس يحيي مؤيديه بعد لقاء انتخابي في بلدة بليدة جنوب شرقي الجزائر أمس (أ.ف.ب)
TT

بن فليس: الجزائريون غير راضين بحصيلة حكم بوتفليقة

علي بن فليس يحيي مؤيديه بعد لقاء انتخابي في بلدة بليدة جنوب شرقي الجزائر أمس (أ.ف.ب)
علي بن فليس يحيي مؤيديه بعد لقاء انتخابي في بلدة بليدة جنوب شرقي الجزائر أمس (أ.ف.ب)

عرض رئيس الوزراء الجزائري الأسبق ومرشح الانتخابات الرئاسية علي بن فليس أمس حصيلة سلبية لفترة حكم الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة، في ثاني يوم من الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية في 17 أبريل (نيسان) المقبل.
وتحدث بن فليس في تجمع لأنصاره بمدينة البليدة (50 كلم غرب الجزائر) عن «وضع غير مرض» في قطاعات الصحة والتربية والقضاء والحريات وفي «تسيير شؤون الدولة» بصفة عامة. وقال: «من لا يستطيع التسيير، فلا يجب أن يلقي اللوم على غيره.. 15 سنة لم تكن كافية للإصلاح؟ وها هم اليوم يطالبون بخمس سنوات أخرى»، في إشارة إلى فترة حكم بوتفليقة منذ 1999. وأضاف: «لا المريض ولا الطبيب راضون عن وضع الصحة.. والمعلمون محرومون من كل شيء وعندما يتظاهرون تقمعهم الشرطة».
وبداية من مدخل مدينة البليدة تنافس أنصار بوتفليقة ومنافسه بن فليس في إلصاق الصور في كل مكان؛ الجدران وإشارات المرور وعلى الجسور.
وخصص بن فليس، القاضي والمحامي ووزير العدل الأسبق، جزءا كبيرا من خطابه لقطاع القضاء أمام نحو 800 شخص. وقال: «القضاة مقيدون وخاضعون للسلطة التنفيذية؛ من التعيين إلى الترقية إلى الفصل.. القضاء مسير إداريا». وتابع: «القضاء ليس مستقلا، لذلك فهو لا يحاسب الفاسدين». ووعد بن فليس باقتراح دستور جديد ينبثق عن مشاورات «يمكن أن تدوم عاما كاملا» مع جميع الفاعلين السياسيين و«حكومة وحدة وطنية». وأكد أن الدستور الذي يقترحه يتضمن مجالا واسعا «للحريات النقابية والسياسية» ويعطي استقلالية أكبر للقضاء ويجعل البرلمان أداة مراقبة «تخيف الحكومة». وقال: «أنا أؤمن بالتعددية حتى النخاع.. تعددية سياسية ونقابية».
ووعد بن فليس بالسماح للشرطة بإنشاء نقابة مثلها مثل باقي الموظفين «شرط ألا يكون لها حق الإضراب كما هو معمول به في بقية دول العالم».
وانطلقت الحملة الانتخابية في الجزائر الأحد الماضي وتستمر حتى 13 أبريل المقبل بمشاركة ستة مرشحين أبرزهم بن فليس والرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة الذي يغيب عن التجمعات الانتخابية بسبب مشكلاته الصحية.
ويقوم مدير حملة بوتفليقة رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال بتنشيط التجمعات نيابة عن الرئيس الغائب. وعلى مقربة من تجمع بن فليس، نظم عبد المالك سلال تجمعا آخر في البليدة لأنصار بوتفليقة في هذه المدينة التي عرفت «القتل والغدر خلال التسعينات» من القرن الماضي. وأشار سلال إلى أن «البليدة استرجعت أمنها بفضل عمل الرئيس»، في إشارة إلى المصالحة الوطنية التي وضعت حدا لعشر سنوات من الحرب الأهلية (1992 - 2002).
وجامل سلال البيئة الانتخابية للإسلاميين عندما تحدث عن «الشيخ نحناح (محفوظ) الذي وقف إلى جنب الرئيس لإطفاء نار الفتنة».
ونحناح ابن البليدة المتوفى في 2003 هو مؤسس حزب «حركة مجتمع السلم» التي ساندت بوتفليقة خلال الولايات الثلاث قبل أن تقرر الانضمام إلى جبهة المقاطعين في هذه الانتخابات.
من جهة ثانية، تظاهر نحو 50 ناشطا من حركة «بركات» (كفى) أمام مقر الإذاعة والتلفزيون الحكوميين أمس للمطالبة بتغطية عادلة للحملة الانتخابية وبحرية الصحافة.
وتظاهر المحتجون لمدة نصف ساعة دون أن تتعرض لهم الشرطة التي أحاطت بهم ومنعتهم فقط من تعطيل حركة المرور، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
وهتف المتظاهرون باسم قناة «الأطلس» الخاصة المعروفة بانتقادها للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
ومنعت السلطات قناة «الأطلس» المقربة من المرشح علي بن فليس، من العمل في 12 مارس (آذار) الحالي بعد أن داهمت الشرطة مقرها وحجزت معداتها. كما طالب المحتجون بـ«تلفزيون وطني وليس تلفزيونا لبوتفليقة»، متهمين القناة الحكومية بأنها منحازة. وقال الصحافي والعضو المؤسس في حركة «بركات»، مصطفى بلفوضيل، لوكالة الصحافة الفرنسية: «يجب الحفاظ على التلفزيون العمومي والعمل على ألا يكون في خدمة بوتفليقة وحده».
وبمناسبة الانتخابات، جرى إنشاء قناتي «وئام» و«الرئيس» لدعم بوتفليقة، و«الأمل» بالنسبة لعلي بن فليس المنافس الأكبر للرئيس المنتهية ولايته.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.