«داعش» يتبنى مقتل 8 رجال أمن جنوب القاهرة

إدانات دولية وتضامن مع مصر لردع المتطرفين وضبط الأمن

آثار طلقات الرصاص على سيارة عقب الهجوم المسلح بمنطقة حلوان (جنوب القاهرة) أمس (أ.ب.أ)
آثار طلقات الرصاص على سيارة عقب الهجوم المسلح بمنطقة حلوان (جنوب القاهرة) أمس (أ.ب.أ)
TT

«داعش» يتبنى مقتل 8 رجال أمن جنوب القاهرة

آثار طلقات الرصاص على سيارة عقب الهجوم المسلح بمنطقة حلوان (جنوب القاهرة) أمس (أ.ب.أ)
آثار طلقات الرصاص على سيارة عقب الهجوم المسلح بمنطقة حلوان (جنوب القاهرة) أمس (أ.ب.أ)

أعلن تنظيم داعش في مصر، أمس، مسؤوليته عن الهجوم المسلح الذي استهدف إحدى سيارات الشرطة صباح أمس بمنطقة حلوان (جنوب القاهرة)، وأسفر عن مقتل ثمانية شرطيين. ورد رئيس الوزراء شريف إسماعيل، على العملية الأكثر عنفًا في العاصمة المصرية القاهرة خلال الشهور الماضية، قائلاً إن «الدولة عازمة على الاستمرار في محاربة الإرهاب بكل أشكاله واقتلاعه من جذوره».
واعتاد «داعش» على استهداف عناصر الأمن المصري، عبر تنفيذ تفجيرات، وأعمال مسلحة في منطقة شمال سيناء، لكن عملياته امتدت إلى العاصمة القاهرة ومدن في الدلتا، ما أسفر عن مقتل المئات من رجال الشرطة والجيش، قبل أن تنحسر مجددًا في سيناء، لكن على ما يبدو بدأ التنظيم يجد موضع قدم في الوادي مرة أخرى.
وقال الخبير الأمني العميد خالد عكاشة لـ«الشرق الأوسط» إن «الضربات الأمنية القاسمة التي يتلقاها التنظيم في منطقة نفوذه شمال سيناء، دفعته إلى البحث عن تنفيذ عمليات كبيرة في مدن أخرى عن طريق خلايا نائمة».
وكان مسؤول مركز الإعلام الأمني في وزارة الداخلية المصرية قد أعلن أنه «في الساعات الأولى من صباح (أمس) الأحد، وأثناء قيام قوة أمنية من مباحث قسم شرطة حلوان، يرتدون الملابس المدنية بتفقد الحالة الأمنية بدائرة القسم، مستقلين سيارة ميكروباص تابعة لجهة عملهم، قام مجهولون يستقلون سيارة ربع نقل باعتراضهم أثناء سيرهم بشارع عمر بن عبد العزيز بدائرة القسم؛ حيث ترجل من السيارة أربعة مسلحين كانوا مختبئين بالصندوق الخلفي للسيارة، وقاموا بإطلاق أعيرة نارية كثيفة تجاه السيارة الميكروباص، من أسلحة آلية كانت بحوزتهم ولاذوا بالفرار».
وأضاف في بيان صادر عن الوزارة أمس أن الحادث أسفر عن مقتل معاون مباحث القسم و7 من أفراد الشرطة، وأنه تم على الفور انتقال القيادات الأمنية، وبفحص محل الواقعة عثر على عدد كبير من فوارغ الطلقات الآلية بجوار السيارة الميكروباص، مؤكدًا قيام الأجهزة الأمنية بتمشيط المنطقة، وتكثيف جهودها لضبط الجناة.
وبينما تم تشييع جثامين الضحايا في جنازة عسكرية من أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، بحضور وزير الداخلية وكبار قيادات الوزارة. وجه الوزير بتشكيل فريق بحث موسع لسرعة تحديد هوية الجناة. وقال مصدر أمني رفيع المستوى بالداخلية إن فريق البحث الذي تم تشكيله ضم ضباطًا من الإدارة العامة لمباحث القاهرة، وقطاعي الأمن العام، والأمن الوطني.
واستدعت النيابة العامة شهود الواقعة لسماع أقوالهم. ونقلت مصادر عن الشهود قولهم إن «المسلحين كانوا ملثمين ويرتدون ملابس سوداء، وقد أطلقوا أعيرة نارية في الهواء وتجاه العمارات السكنية لمنع تصوير الحادث أو الاقتراب منه، وفروا هاربين عقب تنفيذهم العملية، التي لم تستغرق إلا نحو 10 دقائق».
من جانبه، نعى شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، الضحايا، مشددا على عزم الدولة في الاستمرار في محاربة الإرهاب بكل أشكاله واقتلاعه من جذوره، مثمنًا دور رجال الشرطة وتضحياتهم في مواجهة هذا الإرهاب، وأكد وقوف الشعب إلى جانب أبنائه من رجال الشرطة في هذه المعركة، للانتهاء بشكل كامل من هذا الإرهاب.
وأدان العملية جميع مؤسسات الدولة والأحزاب والقوى السياسية. وقال الأزهر في بيان له إن «مثل هذه الأعمال الإرهابية تتنافي مع تعاليم الإسلام السمحة، وتخالف كل الشرائع السماوية، والتقاليد والأعراف الإنسانية، التي ترفض كل أشكال العنف والإرهاب»، مجددا تضامنه الكامل مع كل مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الجيش والشرطة؛ لدرء خطر الإرهاب الخبيث واقتلاعه من جذوره.
وكان تنظيم داعش قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم في بيان نشره على موقعه على الإنترنت. وقال التنظيم «إن الهجوم يأتي في إطار سلسلة عمليات، وثأرًا للنساء العفيفات الطاهرات في سجون المرتدين في مصر».
فيما نقلت مواقع إعلامية أخرى عن تنظيم يطلق على نفسه «المقاومة الشعبية - مصر» أعلن مسؤوليته عن الهجوم، الذي قال إنه بمناسبة مرور 1000 يوم على فض «اعتصام رابعة»، المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي.
وأوضح الخبير الأمني العميد خالد عكاشة أنه «أصبح معتادًا خلال الفترة الماضية التنافس بين التنظيمات الإرهابية على سرعة تبني العملية الإرهابية.. ربما بعد ساعات أو بعد أيام يتضح أن تنظيم داعش استثمر العملية فقط ولا علاقة له بها.. وهو أمر متكرر». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أكثر من جهة تبنت العملية الإرهابية منذ الساعات الأولى، ومن المبكر الجزم بأن تنظيم داعش عبر فرعه الموجود في سيناء هو المسؤول عن العملية، رغم أنها بالفعل تحمل بصماته من حيث الأداء».
من جانبه قال، اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، إن اللجنة تبحث حاليا وضع عدد من التشريعات في مواجهة تلك العمليات الإرهابية، مشيرا إلى أن الدولة بكل مؤسساتها في حالة حرب على الإرهاب، ويجب دعم القوات المسلحة والشرطة في مواجهة هذا التطرف.
وكان الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، قد كلف لجنة الدفاع والأمن القومي بإعداد مشروع قانون بتعديل قانون الشرطة، من أجل رعاية أسر شهداء جهاز الشرطة والعاملين المدنيين به.
من جهته، أعلن وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار أمس أن الدولة مصرة على استكمال مسيرتها، وأن العمليات الإرهابية «لن تثنينا عن أداء واجبنا». ونقل التلفزيون المصري عن عبد الغفار قوله، عقب حضوره جنازة قتلى الشرطة الثمانية، إن «صرخات أسر الشهداء أمر صعب للغاية ولكننا سنواجه الإرهاب بإرادة وعنف وقوة ولن نتهاون في حماية أمن الوطن».
وأكدت الخارجية في بيان «وقوف مملكة البحرين وتضامنها التام مع مصر وتأييدها المطلق لما تتخذه من إجراءات رادعة وضرورية من أجل تعزيز أمنها وسلامتها وحماية منشآتها ومؤسساتها والقضاء على جميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف زعزعة استقرارها أو عرقلة الجهود التنموية». وأدان الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية بشدة «الجريمة النكراء». وأعرب الأمين العام عن تضامن جامعة الدول العربية الكامل مع جمهورية مصر العربية في «مواجهة هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار»، مؤكدا على «دعم جامعة الدول العربية الكامل للجهود التي تبذلها الدولة المصرية في معركتها ضد الإرهاب».
إلى ذلك، أدانت السفارة الأميركية بالقاهرة الهجوم، الإرهابي الذي وقع في وقت مبكر من صباح أمس بحي حلوان جنوب القاهرة.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».