الأحزاب المسيحية في مواجهة عائلات المدينة في انتخابات زحلة

«حزب الله» و«المستقبل» يوزعان أصوات ناخبيهما على اللوائح الثلاث المتنافسة

الأحزاب المسيحية في مواجهة عائلات المدينة في انتخابات زحلة
TT

الأحزاب المسيحية في مواجهة عائلات المدينة في انتخابات زحلة

الأحزاب المسيحية في مواجهة عائلات المدينة في انتخابات زحلة

تشهد مدينة زحلة، الواقعة في قلب البقاع اللبناني شرقا، اليوم الأحد، إحدى أشرس المعارك البلدية بعد تكتل الأحزاب المسيحية الرئيسية: «التيار الوطني الحر»، و«القوات اللبنانية»، و«الكتائب اللبنانية» في لائحة واحدة بمواجهة لائحة عائلات المدينة، وأبرزها عائلة آل سكاف التي يبدو أنّها ستتلقى دعما غير معلن من قبل تيار المستقبل وما يسمى «حزب الله» اللذين يمتلكان نحو 11 ألف صوت في المدينة، حيث الأكثرية من المسيحيين، ويتخطى عددهم فيها الـ53 ألفا. وتخوض الأحزاب المسيحية المعركة في المدينة بلائحة «إنماء زحلة» برئاسة أسعد زغيب، وتتوزع مقاعد المجلس البلدي بين 5 للقوات اللبنانية، و5 للتيار الوطني الحر، و3 للكتائب اللبنانية، و7 لرئيس اللائحة ومرشحيه. ويتقاسم مرشحا الكتائب والتيار مناصفة ولاية نائب رئيس البلدية. إلا أن هذه اللائحة تفتقر إلى المرشح الشيعي بعد سحب ما يسمى «حزب الله» مرشحه علي الخطيب منها، وقراره، وبحسب مصادر مطلعة، التصويت لعدد من المرشحين الذين سينتقيهم من اللوائح الثلاث المتنافسة، وأبرزهم مرشحو حليفه التيار الوطني الحر.
أما «الكتلة الشعبية» التي ترأسها حاليا السيدة ميريام سكاف، أرملة الوزير الراحل إلياس سكاف، فتخوض المعركة بلائحة «زحلة الأمانة»، وبشعار «قرار زحلة يبقى لأهل زحلة». وفيما تعتمد لائحة الأحزاب المسيحية بمعركتها على مبدأ وحدتها في تشكيلة واحدة قادرة برأيها على النهوض بالمدينة بوصفها عنصر قوة، تصوّب سكاف في معركتها على فكرة أن الأحزاب تعمل لمواجهة العائلات في زحلة وإقفال منزل آل سكاف السياسي، وتدعو من هذا المنطلق أهل المدينة إلى التصدي لهذه «الهجمة الحزبية».
وإن كانت لائحة «زحلة تستحق» التي يرأسها موسى فتوش شقيق النائب نقولا فتوش، لا تتمتع بنفس حظوظ اللائحتين السابق ذكرهما بالفوز، إلا أن اعتمادها على ماكينة انتخابية قوية وقدرات مالية وعلى احتوائها ممثلين عن عدد من العائلات الزحلية، يُدخلها باب المنافسة من بابها الواسع. ويزيد عدد الناخبين المسجلين على القوائم الانتخابية في زحلة لعام 2016 عن 64 ألفا و700 ناخب، أكثر من 53 ألفا و500 منهم ناخبون مسيحيون. أما الناخبون المسلمون فيسجلون 11 ألف ناخب، يزيد الشيعة منهم على 6 آلاف و900 ناخب، والسنة على 4 آلاف و150 ناخبا. ونفى النائب في تيار المستقبل، عاصم عراجي، وجود أي قرار حزبي بدعم لائحة آل سكاف في وجه بقية اللوائح، لافتا إلى أنّهم لا يدعمون أحدا ويتركون القرار لعائلات المدينة بتأييد اللائحة التي تلبي طموحاتهم. وقال، لـ«الشرق الأوسط»: «على كل حال الصوت السني كما الصوت الشيعي ليس حاسما في معركة زحلة، خصوصا أننا لا نتوقع أن يُشارك في المعركة أكثر من ألفي ناخب سني من أصل 4 آلاف»، مشددا على أن «الصوت المسيحي هو الذي سيحسم مسار المعركة التي كنا نأمل أن لا تكون، ويتم التوافق على لائحة واحدة تضم الجميع». وقد أطاح إصرار لائحة «زحلة الأمانة» التي ترأسها ميريام سكاف، على الحصول على 10 مقاعد في المجلس البلدي من أصل 21، بمساعي التوافق التي كانت تُبذل لضم «الكتلة الشعبية» إلى لائحة الأحزاب. وفي هذا الإطار، قالت المرشحة على لائحة «زحلة الأمانة» للانتخابات البلدية رولا غنطوس، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما كانت تطالب به «الكتلة الشعبية» للمشاركة بلائحة توافقية «حقها الطبيعي»، لافتة إلى أنّهم مدوا يدهم لتحقيق التوافق: «إلا أن هناك من وضع العراقيل وسعى لأن يحد من تمثيلنا». ويرى مراقبون أن معركة زحلة التي يتنافس فيها 77 مرشحًا على 21 مقعدًا بلديًا، لن تحدد موقع زحلة السياسي بل حجم وقدرة آل سكاف على الفوز بالانتخابات، وبالتالي حجم التأثير العائلي على الناخبين بوجه التأثيرات السياسية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.