عربي يعثر في فرنسا على لوحة مجهولة يعتقد أنها لرينوار

اقتناها بأقل من ألف يورو وثمنها 10 ملايين يورو

اللوحة التي يعتقد أنها لوحة رينوار المفقودة
اللوحة التي يعتقد أنها لوحة رينوار المفقودة
TT

عربي يعثر في فرنسا على لوحة مجهولة يعتقد أنها لرينوار

اللوحة التي يعتقد أنها لوحة رينوار المفقودة
اللوحة التي يعتقد أنها لوحة رينوار المفقودة

يخوض أحمد زياني، منذ سنتين، معركة لإثبات أن التوقيع الموجود على لوحة يمتلكها هو للفنان الفرنسي الكبير أوغست رينوار (1841 - 1919). واشترى زياني، العربي الأصل والمقيم في مدينة «فيلوبران»، وسط فرنسا، اللوحة القديمة عبر موقع «لو بون كوان» على الشبكة الإلكترونية. وهو يبدو، حسب ما نقلت عنه صحيفة «لوبروغريه»، أمس، متيقنًا بأن هذه اللوحة التي دفع فيها مبلغ 700 يورو، عام 2014، هي لوحة رينوار المفقودة التي أشار لها المؤرخون بعنوان «ليلة صيف». ويبدو في اللوحة منظر طبيعي لقمر يبزغ من وراء الأشجار.
وتستحق معركة أحمد زياني، العاطل عن العمل، أن يتفرغ لها العمر كله. ففي حال تمكن من إثبات أن اللوحة أصلية وتعود لواحد من أشهر فناني العصر، فإن ثمنها في مزادات الأعمال الفنية لن يقل عن 10 ملايين يورو. وهو حين تفحص اللوحة على شاشة الموقع المتخصص في البيع عبر «الإنترنت»، لم يجد عليها أي توقيع. لكنه بخبرته توقع أنها من عمل الفنان كلود جوزيف فيرنيه. ولما تسلم اللوحة وعرضها على أفراد عائلته، لفت ابنه البالغ من العمر 11 عامًا نظره إلى وجود حروف في أسفل اللوحة. وباستخدام العدسة المكبرة، تمكن من تحديد حروف اسم رينوار في أسفلها مع تاريخ 1864، مموهة وسط الأصباغ الزيتية الخضراء المتشققة للعشب المرسوم فيها.
تبلغ أبعاد اللوحة 96 في 76 سنتمترًا، ويشير تاريخها إلى أن الرسام أنجزها حين كان شابًا في الثالثة والعشرين ويستعد للتخرج من معهد الفنون الجميلة. وقد كانت لوحاته في تلك الفترة قاتمة، ولم ينتم إلى المدرسة الانطباعية في الرسم، بعد. وبحسب مؤرخي الفن فإن رينوار عرض لوحتين، في تلك الفترة، في صالون باريس للرسم، الأولى بعنوان «بورتريه وليم سيسلي»، وهي من مقتنيات متحف «أورساي» في باريس، والثانية هي «ليلة صيف» التي لا يعرف أحد مصيرها ولم يُعثر لها على أثر. وقد اعتبرها القائمون على المعهد الوطني لتاريخ الفن الفرنسي مفقودة. وها هو أحمد زياني يأتي ليدل الفرنسيين على ما يفترض أنها لوحة من عمل فنانهم الشهير. وكل الإشارات تميل إلى أنه على حق لأن اللوحة التي وضع اليد عليها بالمصادفة تحمل كل الدلالات الخاصة بفنان كبير، ومنها القماشة الرقيقة والصبغة البيضاء التي اعتاد رينوار دهن القماشة بها قبل الشروع في الرسم، وكذلك الإطار المصنوع لدى «دوبور» مع قفل بمفتاح.
وقد خضعت اللوحة لفحص الفنيين في مختبر تأصيل الأعمال الفنية والموجود في مدينة «بوردو»، جاء التقرير باعثًا على الأمل ومؤكدًا أن اللوحة تعود لفترة 1860. كما أشار التقرير إلى أن نوعية التلوين وتشكيل الضربات يتشابه مع أعمال أخرى من توقيع رينوار. فهل يحقق أحمد العربي حلمه أم يقف اسمه عائقًا أمام تصديق إدعائه؟



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».