عضو «الرئاسة» الليبية لـ«الشرق الأوسط»: بسط النفوذ الكامل على ليبيا مسألة وقت

محمد الطاهر سيالة قال إن الحرب على «داعش» والإرهابيين في سرت وشرق البلاد من مسؤوليات الدولة

محمد الطاهر سيالة
محمد الطاهر سيالة
TT

عضو «الرئاسة» الليبية لـ«الشرق الأوسط»: بسط النفوذ الكامل على ليبيا مسألة وقت

محمد الطاهر سيالة
محمد الطاهر سيالة

قال عضو مجلس الرئاسة الليبي محمد الطاهر سيالة في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «التصعيد السياسي أو العسكري الذي سجل أخيرًا في بعض المدن والجهات الليبية، وبينها التصعيد في منطقة سرت وبعض جهات شرق ليبيا، لن يقلل من عزيمة مجلس الرئاسة الليبي، وحرصه على استكمال بقية مراحل التسوية السلمية السياسية للأزمة وبسط نفوذ حكومة الوحدة الوطنية التوافقية بقيادة فايز السراج في كامل البلاد، ورفض كل سيناريوهات النيل من وحدة التراب الوطني للبلاد ومن سيادته».
وأوضح أن «الحرب على (داعش) والإرهابيين في شرق ليبيا وفي سرت وغيرها من المناطق من مسؤوليات الدولة الليبية المركزية وحكومة التوافق ومجلس الرئاسة، وليست مسؤولية أي قوة موازية للدولة مهما كانت نيات المنتمين إليها». وأكد سيالة أن بسط النفوذ على كل التراب الوطني الليبي ما هو إلا «مسألة وقت»، مشيرًا إلى أن اتفاق الصخيرات، يؤمن حقوق الجميع، وتوقع أن يلتحق المتحفظون عليه، بالأغلبية الساحقة من القيادات الوطنية الليبية التي انخرطت في مسار حقن الدماء والتسوية السياسية والمصالحة الوطنية وإعادة بناء ليبيا اعتمادًا على طاقاتها المحلية.
* متى تستكمل الدولة الجديدة بسط نفوذها على كامل ليبيا؟
- نحن في مجلس الرئاسة قطعنا خطوات كبرى وجبارة في اتجاه استكمال بسط النفوذ، وانتقلنا لممارسة صلاحياتنا داخل ليبيا انطلاقًا من العاصمة طرابلس، وقد رحب غالبية الليبيين بنا وبمسار إعادة بناء الدولة الوطنية. ونعتبر أن برلمان طبرق صادق على اتفاق الصخيرات بغالبية أعضائه مثلما صادق عليه غالبية أعضاء المؤتمر الوطني العام في طرابلس. والقضية الآن هي قضية وقت لا أكثر، وسوف ترون ليبيا موحدة وتقودها حكومة وحدة وطنية شرعية تدعمها كل الأطراف الفاعلة في ليبيا، والغالبية الساحقة من الشعب الليبي من مشرقه إلى مغربه ومن جنوبه إلى شماله.
* هل تعتقد سيادة فريق فايز السراج منقوصة ما دام قطاع من الليبيين خارج نطاقها.. خصوصًا في المشرق؟
- كما ذكرت لك إننا نمضي في اتجاه استكمال السيطرة على كل تراب الوطن.. وسيحدث ذلك قريبًا.
* وماذا عن المعلومات التي تؤكد أن أوراقًا استراتيجية ليست تحت سيطرة مجلس الرئاسة الليبي الجديد والموالين له في طرابلس، من بينها فرار رئيس برلمان طبرق نحو ساحل العاج واعتراضات شخصيات رمزية في طرابلس، مثل رئيس الحكومة السابق خليفة غويل ورئيس المؤتمر الوطني العام السابق نوري بوسهمين؟
- الصبغة الاستراتيجية للتوافق السياسي الذي توصل إليه غالبية ساسة ليبيا بعد سلسلة من الحوارات السياسية التي رعتها الأمم المتحدة في الصخيرات المغربية وفي الجزائر وتونس ودول الجوار وفي روما وجنيف.. تكفل الحقوق للجميع، ونتوقع أن يلتحق المتحفظون على اتفاق الصخيرات وعلى نتائج المحادثات السياسية الليبية - الليبية، بالأغلبية الساحقة من القيادات الوطنية الليبية التي انخرطت في مسار حقن الدماء والتسوية السياسية والمصالحة الوطنية وإعادة بناء ليبيا اعتمادًا على طاقاتها المحلية.
* هل الاعتراض على العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الموالية لخليفة حفتر وللقبائل المقربة من رموز النظام السابق لن يكون مدخلاً لتبرير التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا مباشرة تحت يافطة مكافحة الإرهاب و«داعش»؟
- محاربة الإرهاب والإرهابيين شأن ليبي محلي ولا يمكن لأي طرف أجنبي أن يتدخل عسكريًا في ليبيا في ظل رفض حكومة التوافق الليبية والسلطات الشرعية التي أفرزتها مفاوضات الأمم المتحدة لمثل هذا السيناريو. وأي تدخل عسكري أجنبي لا يمكن أن يحصل في أي دولة إلا إذا طلبت السلطات الشرعية ذلك، ونحن في مجلس الرئاسة نؤمن مثل الغالبية الساحقة من الليبيين بأن تحسين أوضاع ليبيا الأمنية والسياسية لن ينجح إلا إذا قام به مواطنو البلد وأبناؤه المخلصون له وليس أي جهة أجنبية.
* ما النتائج العملية لمؤتمر مجلس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي الذي عقد في تونس خلال الأيام الماضية؟
- أهم رسالة وجهها بيان تونس في أعقاب 3 أيام من المداولات في مستوى الخبراء ويوم كامل من مشاورات وزراء الخارجية كانت إجماعًا مغاربيًا على إعلان مساندة المسار السياسي التوافقي الحالي في ليبيا بقيادة مجلس الرئاسة، وتنويهًا بعودته إلى طرابلس وبمسار ما بعد اتفاق الصخيرات، وتأكيدًا على رفض التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا. ونحن هنا ننوه بالدعم الخاص الذي قدمته الأمم المتحدة والجزائر والمغرب ودول الجوار الليبي للمتفاوضين الليبيين حتى إنجاز اتفاقهم السياسي التوافقي الجديد. كما ننوه بصفة خاصة بدور تونس التي يوجد بها منذ أعوام أغلب القيادات الليبية وكل السفارات العربية والأجنبية والبعثات الأممية المعتمدة في طرابلس، مما سهل المشاورات في الكواليس وإنجاح الوساطات الأممية التي توجت بالاتفاقيات التي أبرمت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في كل من تونس والصخيرات وروما.
* هل لا يزال الاتحاد المغاربي قادرًا على لعب دور ملموس في ظل استفحال الخلافات بين دوله وخصوصًا بين الجزائر والمغرب؟
- مؤسسات الاتحاد المغاربية تتابع دورها بنجاح ونجاعة بما في ذلك اقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا، والدليل انعقاد الدورة 34 من مجلس الوزراء المغاربيين بتونس بعد 10 أيام من انعقاد مجلس وزراء الداخلية.. بما يفتح الأمل لتفعيل مؤسسات الاتحاد والعمل المغاربي المشترك وعقد مجلس الرئاسة في أقرب وقت.. وقد كان هذا الملف من بين القضايا التي بحثناها مع الرئيس الباجي قائد السبسي ومع وزير خارجية تونس خميس الجهيناويي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم