«داعش» يزرع مئات الآلاف من العبوات الناسفة ويفخخ منازل النازحين قبل انسحابه من الرمادي

الكشف عن وثيقة للبغدادي تظهر اعترافه بخسائر التنظيم وفقدانه أهم قادة الرعيل الأول

«داعش» يزرع مئات الآلاف من العبوات الناسفة ويفخخ منازل النازحين قبل انسحابه من الرمادي
TT

«داعش» يزرع مئات الآلاف من العبوات الناسفة ويفخخ منازل النازحين قبل انسحابه من الرمادي

«داعش» يزرع مئات الآلاف من العبوات الناسفة ويفخخ منازل النازحين قبل انسحابه من الرمادي

تفاقمت معاناة أهالي مدينة الرمادي، بعد قرار قيادة عمليات الأنبار القاضي بإيقاف عودة العائلات النازحة إلى المدينة ورجوع مئات الآلاف من المدنيين إلى مناطقهم السكنية بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش.
وتجمعت المئات من العائلات في العراء عند أحد المعابر في منطقة عامرية الفلوجة في طريقها للعودة إلى المدينة المحررة وإنهاء رحلة من العذاب والمعاناة امتدت لأكثر من سنتين.
وقال عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار راجع بركات العيفان لـ«الشرق الأوسط»»، إن «المئات من الأسر النازحة، التي قررت العودة إلى مناطقها السكنية في مدينة الرمادي، أصبحت الآن عالقة في نقطة أمنية في عامرية الفلوجة منذ يومين، وهي تعاني من البقاء في العراء، وتروم تلك الأسر العودة إلى مناطقها بالرمادي، ولكن فوجئت بقرار قيادة عمليات الأنبار بإيقاف عودة العائلات إلى المدينة بدواع أمنية».
وأضاف العيفان أن «قيادة عمليات الأنبار قررت إيقاف عودة النازحين من أهالي مدينة الرمادي إلى مناطقهم، بسبب انفجار بعض المنازل المفخخة التي تسببت في مقتل عشرات من المدنيين أثناء دخولهم إلى منازلهم، التي فخخها مسلحو تنظيم داعش الإرهابي قبل هروبهم من المدينة، حيث قام التنظيم الإرهابي بزرع مئات الآلاف من العبوات الناسفة والألغام بطرق خبيثة، حيث هناك عشرات المنازل المربوطة مع بعضها وتنفجر حال دخول المدنيين إليها».
كما أن هناك كثيرا من المباني والمحال التجارية والأسواق فخخت بالكامل، بينما تقوم فرق الجهد الهندسي بإزالة تلك العبوات، وهي تعاني من افتقارها لأجهزة الكشف عن المتفجرات وتتعامل مع العبوات والألغام بإزالتها بطرق بدائية، مما تسبب في سقوط كثير من منتسبي تلك الفرق إثر انفجار الألغام، وسوف تعود تلك العائلات إلى المدينة لحين إكمال تطهير مناطقها من الألغام والعبوات الناسفة.
وكان قائد عمليات الأنبار، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، أعلن في الـ24 من أبريل (نيسان) الماضي، أن العمليات المشتركة قررت إيقاف عودة الأسر النازحة إلى مناطقها في الأنبار لـ«ضرورات أمنية».
من جانب آخر، أعلن محافظ الأنبار صهيب الراوي، عن إتمام الاستعدادات النهائية لتحرير مدينة الفلوجة من سيطرة تنظيم داعش.
وقال الراوي في حديث لـ «الشرق الأوسط»، أثناء حضوره مراسم تخرج الدفعة الأولى من مقاتلي العشائر في لواء درع الفلوجة، إن «قاعدة الحبانية العسكرية شهدت اليوم تخرج الدفعة الأولى من لواء درع الفلوجة بعدما اكتملت تدريباتهم على يد مدربين متخصصين تابعين لقيادة قوات التحالف الدولي والعراقي لمدة أكثر من أسبوعين».
وأضاف الراوي: «إن الدفعة الثانية من لواء درع الفلوجة سوف تدخل في دورات تدريبية في قاعدة الحبانية خلال الأيام القليلة القادمة»، مبينًا أن «المقاتلين في اللواء سوف يشاركون بعمليات تحرير الفلوجة واستعادة المدينة مع القوات الأمنية وإنقاذ أرواح الآلاف من المدنيين المحاصرين داخل الفلوجة والقابعين في قبضة تنظيم داعش الإرهابي، ثم ستعمل قوات لواء درع الفلوجة على مسك الأرض بعد تحرير المدينة».
يذكر أن تنظيم داعش سيطر على مدينة الفلوجة نهاية عام 2013. فيما يحاصر التنظيم أهالي المدينة ويمنع خروجهم من المدينة ويستخدمهم دروعا بشرية، فيما تسبب الجوع بهلاك عشرات من المدنيين، وتسبب أيضًا في انتحار البعض نتيجة تفاقم الوضع المأساوي لأهالي المدينة المحاصرين حصارًا مزدوجًا من قبل التنظيم المتطرف داخل المدينة والقوات الحكومية التي تضرب حصارًا محكمًا على جميع المنافذ في المدينة.
من جهة ثانية، كشف ضابط في لواء الصمود، أحد الألوية التابعة لقوات العشائر في قضاء حديثة غرب الأنبار، عن العثور على وثيقة صادرة من زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، في إحدى مضافات التنظيم المتطرف في منطقة السهيلة (15 كم عن مركز مدينة هيت غرب الأنبار) أثناء مداهمة القوات الأمنية والقوات الساندة لها لمضافات التنظيم الإجرامي في تلك المنطقة، ويدعو فيها عناصر التنظيم إلى الانسحاب من العراق إثر تزايد عدد المتطوعين في صفوف القوات الأمنية والخسائر الفادحة التي مني بها «داعش» في معاركه الأخيرة.
وأضاف أحمد: «إن الوثيقة تظهر اعتراف زعيم (داعش) بالخسائر الكبيرة وفقدانه أهم قادة الرعيل الأول للتنظيم الإجرامي، فضلا عن هروب أعداد كبيرة من قادة وعناصر (داعش) إلى مناطق مجهولة».
وأكد الضابط في لواء الصمود أن «القوات الأمنية والقوات المساندة لها عثرت أيضا على وثائق وأسماء القيادات البارزة لـ(داعش) الإجرامي في مناطق الأنبار وتحركاتهم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم