2016 عام الاحتفالات بزواج الموضة والتكنولوجيا

الملكة رانيا العبد الله نجمة حفل {الميتروبوليتان} المتوجة

 الممثلة بلايك لايفلي  في فستان من بيربري(رويترز)
الممثلة بلايك لايفلي في فستان من بيربري(رويترز)
TT

2016 عام الاحتفالات بزواج الموضة والتكنولوجيا

 الممثلة بلايك لايفلي  في فستان من بيربري(رويترز)
الممثلة بلايك لايفلي في فستان من بيربري(رويترز)

لا يختلف اثنان على أن الموضة تعيش عصرها الذهبي حاليا، ولا أحد يمكن أن يُنكر قوة تأثيرها على حياتنا اليومية والاجتماعية والاقتصادية، بل وحتى السياسية، مما يحذو بالبعض أن يقول إنها قراءة مهمة في تاريخ الحضارات وتطور الفكر الإنساني. وهذا تحديدا ما يؤكده حفل متحف الميتربوليتان للفنون والأزياء الذي احتضنته نيويورك، الاثنين الماضي، باختياره موضوع التكنولوجيا والموضة كتيمة له. فالاثنان وجهان لعملة واحدة في حياتنا العصرية، وبالتالي فإن زواجهما يستحق الاحتفال به، أو هذا على الأقل ما تؤمن به أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الأميركية وعرابة الحفل.
بيد أن ما أكده الحفل أيضًا، الاثنين الماضي، أن الموضة تغلغلت في كل الأوساط، ولم يعد حضور المناسبات الكبيرة والمهرجانات المهمة حكرا على نجوم السينما والغناء، ولا على العارضات والأنيقات المواكبات لتطوراتها فحسب، بعد أن أصبحت مسرحا مفتوحا لملكات وأميرات متوجات يجُلن فيه ويصُلن بحرية.
سيقول البعض إنها كانت دائما كذلك، مستشهدين بالإمبراطورة ماري أنطوانيت التي لا يزال تأثيرها حاضرا في ساحة الموضة، لكن المقصود هنا أن العملية لا تقتصر على التأثير أو الدعم من بعيد، بل مشاركة فعلية، ومنافسة مباشرة للنجمات والعاملات في مجالها. فدوقة كامبردج، كايت ميدلتون، مثلا تتصدر غلاف عدد مجلة «فوغ» النسخة الإنجليزية الأخيرة، لأول مرة، بمناسبة احتفال المجلة بعامها المائة، وقبلها رحبت كارلا بروني، زوجة نيكولا ساركوزي عندما كان رئيسا لفرنسا، بأن تكون سفيرة دار «بولغاري» الإيطالية للجواهر، ولم يمر سوى وقت قصير حتى أصبحت شارلوت كاسيراجي، أميرة موناكو وحفيدة النجمة الراحلة غريس كيلي، سفيرة دار «غوتشي» للأزياء، إضافة إلى أميرات من آسيا وروسيا دخلن الموضة من باب التصميم.
وكل هذا لا يُقارن بحضور الملكة رانيا العبد الله حفل المتروبوليتان لعام 2016. فبينما لم يثر حضور شارلوت كاسيراجي كثيرا من الاستغراب بحكم عملها مع «غوتشي»، فإن حضور ملكة الأردن خلف ردود فعل إيجابية كثيرة وصدى كبيرا، لا سيما أن الكل يعرف أن برنامجها لعام 2016 حافل بالنشاطات والحملات الهادفة لزيادة الوعي بأحوال اللاجئين والظروف المأساوية التي يعيشونها. وهذا ما يجعل حضورها الحفل، الذي كان إلى عهد قريب يقتصر على النجوم والطبقات المرفهة، يبدو وكأنه استراحة تلتقط فيها أنفاسها، لكن ليس ببعيد أن يكون استراتيجية ذكية منها لاستقطاب دعم ضيوف الحفل لحملاتها الإنسانية. فهم ضيوف لا يردون طلبا لآنا وينتور، كما أن قوتهم، الإعلامية والمادية، لا يستهان بها.
حفل هذه السنة بعنوان «مانوس x ماكينوس: الموضة في عصر التكونولوجيا»، للدلالة على أهمية التكنولوجيا في تصميم الموضة. وهكذا، بعد مواضيع سابقة مثل الصين، التي كانت من أهم الأسواق العالمية قبل أن تصلها الأزمة الاقتصادية، والمصممان بول بواريه وجيمس تشارلز و«برادا وسكياباريللي» و«جمال وحشي لألكسندر ماكوين»، وغيرها من المواضيع التي يختارها متحف المتروبوليتان النيويوركي كل عام، وتطلب فيها أنا وينتور من الحضور ارتداء ملابس تعكس هذه المواضيع، مشترطة أن تحاكي الـ«هوت كوتير» في فنيتها، حتى تحافظ على مستوى معين من الرقي، استقصدت هذا العام أن تكون التكونولوجيا حاضرة. فإلى جانب أنها جزء مهم في كثير من الابتكارات والتصاميم العصرية، فهي أيضًا وسيلة وصل بين المصممين والزبائن حول العالم، بفضل الـ«تويتر» والإنستغرام والإنترنت والمواقع المتنوعة وغيرها.
وإذا كان الحفل مهم بالنسبة لأنا وينتور والمتحف النيويوركي نظرا للتبرعات التي يحصل عليها في هذه المناسبة، فإنه أيضًا مهم بالنسبة للمصممين الذين باتوا يعتبرونه مسرحا لا يقل أهمية عن حفل توزيع جوائز الأوسكار، للترويج لأسمائهم وتسليط الأضواء على تصاميمهم. فظهور نجمة بفستان واحد يمكن أن يغنيهم عن عرض كامل، قد يمر مرور الكرام وسط عروض كثيرة خلال أسابيع الموضة الموسمية. لهذا ليس غريبا أن نرى بعضهم يصممون قطعا فريدة تحاكي الـ«هوت كوتير» خصيصا لهذه المناسبة، أو يختارون أجمل ما قدموه في عروضهم لنجمة يعرفون أنها ستثير الأنظار إليها، ومن تم إليهم، في حال تألقت فيه. وفيما يجنح بعضهم في هذه المناسبة إلى الجنون لإثارة الاهتمام، يحافظ بعضهم على أسلوبه وبصماته، خصوصا إذا كانت من ستلبس إبداعاتهم ملكة معروفة بأناقتها ورشاقتها، مثل الملكة رانيا. فدار «فالنتينو» التي صممت فستان الملكة، لا بد وأنها في غاية السعادة للسبق الذي حققته، ويعزز المكانة التي رسختها في السنوات الأخيرة. فهي تحقق الأرباح، رغم أنف الأزمة، وتراجع مبيعات كثير من بيوت الأزياء العالمية الأخرى، علما أن الشرق الأوسط أحد أهم أسواقها. فسواء قصدت الأمر أم لا، فإن تصاميمها تبدو وكأنها صممت خصيصا لامرأة شرقية نظرا لتصاميمها المحتشمة والمترفة في الوقت ذاته.
في المقابل، كان اختيار الأميرة شارلوت كاسيراغي، أكثر جرأة، حيث اختارت فستانا لا يضاهي كشاكشه سوى تنوع ألوانه، إلى حد أنها بدت وكأنها طاووس. والطريف أن كثيرا من النجمات الأخريات اخترن فساتين تنفش ريشها من خلال ذيول طويلة تفنن المصممون في تطريزاتها وسخاء أقمشتها، مثل تلك التي ظهرت بها المغنية كايتي بيري، والممثلتان بلايك لايفلي وكايت هادسون وغيرهن. وهي تصاميم تبدو عملية من النظرة الأولى، لكنها معقدة وتحتاج إلى مساعدة عن ارتدائها، لكن ما باليد حيلة لأن المناسبة تتطلب هذه التعقيدات التقنية والتصور المستقبلي. ثم إن أنا وينتور متشددة في شرطها أن يتقيد الحضور بتيمة الحفل. لايدي غاغا مثلا اختارت ما يشبه «الكورسيه»، تم تصوره وتنفيذه بالكومبيوتر، بينما اكتفت كايتي بيري بقلادة ضخمة تلعب على الفكرة، والممثلة كايت هادسون، بفستان من دار «فرساتشي» تزينه ترصيعات تبدو وكأنها شظايا زجاجية. حتى المغني زاين مالك، اختار سترة بأكمام تبدو وكأنها دروع. في الجهة المقابلة، كانت هناك اختيارات لم تلهب الخيال لأن صاحباتها لعبن على المضمون، واكتفين بها كلاسيكية بالألوان المعدنية، مركزات على الفضي تحديدا لارتباطه في الأذهان بالمستقبل، كما تصوره كوريج وبيير كاردان وغيرهما في الستينات من القرن الماضي. وإذا كانت الملكة رانيا العبد الله أكدت أن الأناقة المستقبلية لا تكتمل دون ماض يعززها، فإن المغنية بيونسي التي تثير جدلا كبيرا هذه الأيام بسبب ألبومها الجديد «ليمونايد» ترفض أن تمر مرور الكرام، لهذا اختارت فستانا غريبا من «جيفنشي» صنع من اللايتكس بالكامل ومرصع بسخاء.
- يقام الاحتفال السنوي في أول يوم اثنين من شهر مايو (أيار).. ويكون بمثابة افتتاح لمعرض يحمل نفس الموضوع يحتضنه متحف الميتروبوليتان للفنون والأزياء.. ويُفتح أبوابه للعموم في الأيام التالية
- لا يستضيف الحفل سوى النخبة من النجوم والمؤثرين على الموضة.. ويشاع أن الممثلة ليندسي لوهان حاولت مرارا الحصول على دعوة لحضوره من دون أن توفق إلى ذلك
- الهدف من تأسيسه إلى جانب إنعاش ميزانية المتحف.. أن يُبرز أهمية الموضة كفن قائم. بذاته.



الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)
ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)
TT

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)
ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)

اهتمام الملك تشارلز الثالث بالموضة، وبكل ما يتعلق بالبيئة، أمر يعرفه الجميع منذ أن كان ولياً للعهد. لهذا لم يكن غريباً أن يستقبل في قصر سانت جيمس حديثاً مؤتمراً نظّمه «تحالف الاقتصاد الحيوي الدائري (CBA)»، ليؤكد أنه لا يزال متمسكاً بمبادئه. فالمشروع الذي نُظّم المؤتمر من أجله يستهدف تسريع التحوّل نحو اقتصاد مستدام، وتعزيز التقدّم في المشروع الإنساني.

وتُعدّ هذه دورته الثانية، التي جاءت تحت عنوان «مختبر الأزياء المتجددة في جبال الهيمالايا»، علماً بأن من يقف وراءه أسماء مهمة في عالم المال والأعمال ومجال الإبداع على حد سواء، نذكر منها جيورجيو أرماني وبرونيللو كوتشينللي.

ريكاردو ستيفانيللي مع الملك تشارلز الثالث في المؤتمر (برونيللو كوتشينللي)

المشروع ثمرة تعاون بين فرق معنيّة بالموضة، في إطار «مبادرة الأسواق المستدامة»، التي أطلقها الملك تشارلز الثالث -عندما كان ولياً للعهد- وشركة «برونيللو كوتشينللي (S.p.A)» و«تحالف الاقتصاد الحيوي الدائري». وتأسس لدعم القضايا المرتبطة بالمناخ العالمي وغيرها من المسائل الحيوية التي تُؤثّر على البشرية. وهي قضايا يشدد الملك تشارلز الثالث على أنها تحتاج إلى تكاثف كل القوى لإنجاحها.

حضر المؤتمر باحثون وعلماء وروّاد أعمال وقادة مجتمعات محلية (برونيللو كوتشينللي)

حضر المؤتمر، إلى جانب الملك البريطاني، نحو 100 مشارك، من بينهم باحثون وعلماء وروّاد أعمال، ومستثمرون، وقادة مجتمعات محلية.

كان للموضة نصيب الأسد في هذا المؤتمر، إذ شارك فيه فيديريكو ماركيتي، رئيس فرقة العمل المعنيّة بالموضة، وجوزيبي مارسوتشي، ممثل عن دار «جورجيو أرماني»، وبرونيللو كوتشينللي، الرئيس التنفيذي لشركة «برونيللو كوتشينللي». وتحدَّث هذا الأخير عن التقدّم الذي أحرزته الشركة الإيطالية حتى الآن في إطار دعم قيم الاقتصاد الدائري، وحماية البيئة، فضلاً عن تعزيز مفاهيم الأزياء والسياحة المستدامة، مستشهداً بدفعات أولية من «باشمينا»، استخدمت فيها مواد خام من مناطق واقعة في جبال الهيمالايا.

ويُعدّ مشروع الهيمالايا، الذي وُلد من رؤية مشتركة بين «برونيللو كوتشينللي» و«فيديريكو ماركيتي»، من المشروعات التي تحرص على ضمان إنتاج يُعنى برفاهية الإنسان، من دون أي تأثيرات سلبية على الطبيعة والبيئة. وحتى الآن يُحقق المشروع نتائج إيجابية مهمة، لكن دعم الملك تشارلز الثالث له يُضفي عليه زخماً لا يستهان به.