فرحة الأتراك بالسفر دون تأشيرة إلى دول «الأوروبي» تصطدم بخيبة أمل

البرلمان الأوروبي رفض اقتراح المفوضية بتحرير التأشيرة إلى أن تستوفي أنقرة الشروط كاملة

راهبة تتحدث إلى امرأة في مخيم مؤقت للمهاجرين بالقرب من الحدود اليونانية - المقدونية (أ.ف.ب)
راهبة تتحدث إلى امرأة في مخيم مؤقت للمهاجرين بالقرب من الحدود اليونانية - المقدونية (أ.ف.ب)
TT

فرحة الأتراك بالسفر دون تأشيرة إلى دول «الأوروبي» تصطدم بخيبة أمل

راهبة تتحدث إلى امرأة في مخيم مؤقت للمهاجرين بالقرب من الحدود اليونانية - المقدونية (أ.ف.ب)
راهبة تتحدث إلى امرأة في مخيم مؤقت للمهاجرين بالقرب من الحدود اليونانية - المقدونية (أ.ف.ب)

رفض البرلمان الأوروبي اقتراح المفوضية، أمس، بتحرير تأشيرة الدخول للاتحاد الأوروبي للأتراك، في خطوة وصفت من جانب المراقبين في بروكسل بـ«العائق»، مشترطًا أن تستوفي أنقرة كل المعايير المطلوبة أولًا.
وانعقدت جلسة مناقشات أمس في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل، لبحث المقترحات التي تقدمت بها المفوضية حول سياسة الهجرة واللجوء صباح اليوم نفسه، وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز ورؤساء الكتل البرلمانية إن «موقف البرلمان لم يتغير منذ الاجتماعات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في مارس (آذار) الماضي، وهو أن المؤسسة التشريعية على استعداد للعب دور بناء للمساهمة في تحقيق نتيجة إيجابية، ولكن لن يكون هناك أي خطط لاختصار أي مسار برلماني يضمن رقابة تشريعية مستقلة، وثانيا سيتم التعامل على قدم المساواة مع البلدان المرشحة للحصول على ميزة السفر بدون تأشيرات»، ما يعني أن الاقتراح لن يعتمد إلا بعد الوفاء بكل المعايير.
ورحّب بيان صدر عن مقر البرلمان الأوروبي بالجهود التي بذلتها تركيا خلال الأسابيع الماضية لتلبية المعايير، ذاكرا أن المفوضية الأربعاء أبلغتنا (البرلمان) بذلك، ولكنها قالت كذلك إن تركيا لم تف بكل المعايير»، ولهذا لن تتم إحالة الموضوع إلى أي لجنة في البرلمان الأوروبي إلا بعد الحصول على ضمانات مكتوبة من المفوضية بأن المعايير قد توفرت بالكامل.
فتحت المفوضية الأوروبية ببروكسل أمس الطريق أمام صدور قرار في يونيو (حزيران) المقبل، يتعلق بسفر الأتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرات.
واقترحت المفوضية على كل من البرلمان الأوروبي، ومجلس الدول الأعضاء، رفع متطلبات التأشيرة للأتراك التي تضمنتها خارطة الطريق في هذا الإطار. وتزامن مع هذه التوصية صدور تقرير مرحلي من المفوضية، حول التقدم الذي أحرزته أنقرة للوفاء بمتطلبات خطة خارطة الطريق حول تحرير التأشيرات.
واعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو أمس أن إعفاء الأتراك من التأشيرات إلى الاتحاد الأوروبي يمكن أن يؤذن بفتح «صفحة جديدة» في العلاقات مع الاتحاد، بعد أن أعلنت المفوضية الأوروبية تأييدها المشروط لذلك. وقال جاوش أوغلو للصحافيين في أنقرة إنه «بالإضافة إلى كونه منعطفا بالنسبة لسفر مواطنينا بدون تأشيرة (...)، فإن هذا القرار هو صفحة جديدة في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي».
وأضاف الوزير أن «المواطنين الأتراك يستحقون منذ فترة طويلة التمكن من التوجه إلى دول شنغن دون تأشيرة دخول. هناك ظلم، وتجري إزالته». وتابع: «هدفنا هو أن نصبح عضوا كاملا» في الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن تركيا تواصل «بصدق» جهودها في هذا الاتجاه. وقال: «نتوقع الصدق نفسه من جانب الاتحاد الأوروبي».
ودعا جاوش أوغلو الاتحاد الأوروبي إلى النظر لعلاقاته مع تركيا «من وجهة نظر استراتيجية». وقال إن «تركيا والاتحاد الأوروبي بحاجة لبعضهما البعض اليوم أكثر من الأمس، وسنكون بحاجة لبعضنا أكثر في المستقبل».
من جانبه، قال نائب رئيس المفوضية الأوروبية، فرانس تيمرمانس، إن «تركيا حققت تقدما كبيرا، خاصة في الأسابيع الأخيرة في ما يتعلق بتلبية المعايير التي تضمنتها خارطة الطريق لتحرير التأشيرات للأتراك.. ولكن لا يزال هناك عمل ينبغي القيام به على وجه السرعة»، مضيفا: «إذا كانت تريد أنقرة أن تحافظ على التقدم المحرز، ينبغي عليها أن تلبي كل المعايير، ولهذا وضعت المفوضية الأوروبية مقترحًا يفتح الطريق أمام البرلمان الأوروبي والمجلس الوزاري، الذي يمثل الدول الأعضاء لاتخاذ قرار برفع تأشيرات الدخول فور استيفاء كل المعايير».
من جهته، قال مفوض شؤون الهجرة والشؤون الداخلية، ديمتري افرامبولوس، إن هناك تقدما ملحوظا حققه الأتراك منذ القمة المشتركة التي انعقدت في مارس الماضي، وتابع: «نحن على ثقة بأن أنقرة ملتزمة بتنفيذ ما جرى الاتفاق عليه في جميع الجبهات، وفي أقرب وقت ممكن، من أجل الوفاء بكل المعايير، وستقوم المفوضية بمواصلة رصد ما تحقق في هذا الصدد، وقدمنا مقترحا لنقل تركيا إلى قائمة الدول التي تعفى من تأشيرات الدخول».
وجاء في بيان صدر ببروكسل أن تحرير التأشيرة للأتراك عنصر رئيسي نتج عن القمة الأوروبية - التركية مارس الماضي، والذي ينص على تنفيذ خارطة الطريق لتحرير التأشيرات قبل نهاية يونيو المقبل. وشدّد البيان على أن التنفيذ مشروط باستيفاء كل المعايير، وأصبح المقترح مطروحا الآن، وأمام المؤسسات التشريعية ثمانية أسابيع لاعتماده. وفي حال تنفيذ القرار، سيشمل دول الاتحاد كافة باستثناء أيرلندا وبريطانيا، ويشمل أيضا الدول الأربعة المرتبطة باتفاقية «شنغن»، وهي: أيسلندا، والنرويج، وسويسرا، وليشتنشتاين.
والإعفاء من التأشيرة يتعلق فقط بإقامة قصيرة تصل إلى 90 يوما وقد تصل إلى 180 يوما لأغراض تجارية أو سياحية، ولا ينصّ الإعفاء من التأشيرة على الحق في العمل في الاتحاد الأوروبي. وكانت أولى المفاوضات حول تحرير التأشيرة للأتراك قد انطلقت في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2013.
وتعتبر قضية تحرير تأشيرات الدخول أساسية، خاصة بالنسبة للأتراك، في إطار الاتفاق الموقع بين بروكسل وأنقرة في 18 مارس الماضي حول إدارة ملف اللاجئين والمهاجرين، والذي يطالب تركيا بضبط حدودها، وقبول من تتم إعادتهم إليها، وتحسين حياة اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها، مقابل محفزات مالية ومؤسساتية مهمة.
وفي هذا الإطار، توقعت مصادر أوروبية مطلعة قبل أيام أن يكون التقرير الأوروبي الجديد «الذي صدر أمس»، إيجابيًا بحق تركيا، «لكن المصادر نفسها لاحظت، أن المفوضية تسير هذه الأيام في حقل من الأشواك، إذ يتعين على مسؤوليها البحث عن الصيغ والحجج القانونية التي ستبرر هذا التوجه الإيجابي. ويتعين على تركيا تلبية الشروط قبل أن تقوم أوروبا بإعفاء مواطنيها من تأشيرات الدخول، ومن أهم هذه الشروط، مراجعة قانون محاربة الإرهاب للتمكن من حماية الأقليات، وكذلك إطلاق العمل القانوني مع قبرص، واعتماد الشفافية في عمل وتمويل الأحزاب السياسية.
وترى المصادر أن هذه الشروط، التي لا علاقة لها بموضوع المهاجرين واللاجئين أساسًا، ستكون صعبة على تركيا، فأنقرة تواجه الكثير من المنظمات الإرهابية، سواء تعلق الأمر بحزب العمال الكردستاني، أو بتنظيم داعش. لكن المصادر لا تستبعد حصول جدل أوروبي تركي بعد إصدار التقرير، إذ إن مسألة تحرير تأشيرات الدخول لا تزال تثير قلق وشكوك كثير من الدول الأوروبية، في حين أنها تعتبر الفائدة الرئيسية التي سيجنيها الأتراك في الوقت الحالي بعد اتفاقهم مع بروكسل.
وكانت دول مثل فرنسا وألمانيا قد اقترحت تضمين التوصيات فقرات تتعلق بإمكانية تعليق تحرير تأشيرات الدخول بسهولة، في حال انتهكت تركيا الشروط المطلوبة منها. وتأتي مسألة العمل على تحرير تأشيرات دخول المواطنين الأتراك إلى أوروبا، المقررة في يونيو المقبل، في وقت يشهد فيه الاتحاد توترات شديدة على خلفية أزمة اللاجئين، وما تطرحه من تساؤلات حول ضبط الحدود الخارجية والداخلية للاتحاد.
وتعتبر بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن العمل على ضبط الحدود الخارجية للاتحاد لا يزال يعاني من ثغرات كثيرة، على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين مستواه، مما سيضطرها إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية حدودها الداخلية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».