«الشرق الأوسط» تنشر خرائط انتشار القوى في سوريا: «داعش» الأكثر سيطرة على الأرض

النظام لم يستفد من الدعم الروسي وقواته تسيطر على محافظة واحدة بالكامل.. والأكراد يغيبون عن عشر

«الشرق الأوسط» تنشر خرائط انتشار القوى  في سوريا: «داعش» الأكثر سيطرة على الأرض
TT

«الشرق الأوسط» تنشر خرائط انتشار القوى في سوريا: «داعش» الأكثر سيطرة على الأرض

«الشرق الأوسط» تنشر خرائط انتشار القوى  في سوريا: «داعش» الأكثر سيطرة على الأرض

أظهر أول تقرير ينشر لنسب سيطرة القوى المتصارعة على الساحة السورية تراجعا كبيرا في وتيرة تقدم النظام في مواجهاته مع كل من قوى المعارضة المسلحة وتنظيم داعش من جهة أخرى؛ مما يعكس تراجع الدعم الروسي العسكري وتأثيرات الهدنة الهشة في الأراضي السورية.
وتظهر نتائج المسح الميداني التي أجراها مركز «جسور» السوري المعارض أن تنظيم داعش ما يزال اللاعب الأول على الساحة السورية حيث يسطر على 49 في المائة من الأرض السورية، يليه النظام بـ27 في المائة من الأرض، ثم الأكراد في 15 في المائة، ففصائل «الجيش السوري الحر» و«جبهة النصرة» التي توجد على مساحة 8 في المائة من الأرض السورية وفقا للتقرير.
غير أن حساب «المناطق الفعالة» كما يسميها التقرير يغير المعادلات بعض الشيء؛ حيث يتبين أن أقل من نصف الأرض السورية يصنف في خانة هذه المناطق (صحارى وغابات وبحيرات) لتصبح المعادلة مختلفة، فيتقلّص النفوذ الفعلي للتنظيم المتطرف إلى 15 في المائة، ليتساوى بذلك مع النظام الذي يسيطر على مساحة 15 في المائة أيضا، في حين تسيطر الميليشيات الكردية على 14 في المائة، أما قوات «الجيش الحر» والفصائل الأخرى تسيطر على 7 في المائة من الأرض.
مدير مركز «جسور» محمد سرميني يقول: إن الخرائط التي يعدها «المركز» تهدف إلى متابعة التطورات العسكرية على الساحة السورية عامة، بحيث تظهر الخرائط مقدار التحولات في نسب السيطرة العسكرية على كامل مساحة سوريا، إضافة إلى نسب السيطرة العسكرية على المساحة الفعالة؛ حيث تم تحديد هذه المساحة بحسب انتشار التجمعات السكانية (إضافة إلى النقاط الحيوية مثل المطارات والموانئ البحرية والمعابر الحدودية المهمة». ويوضح سرميني أن خرائط شهر أبريل (نيسان) تظهر زيادة طفيفة في نسبة سيطرة قوات الأسد على المناطق الحيوية على حساب كل من فصائل المعارضة وتنظيم داعش؛ الأمر الذي لا يعكس الحجم الكبير للتدخل العسكري الروسي المباشر، كما تظهر هذه الخرائط مناطق الانتشار العملياتي لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية».
وأوضح سرميني أن التقرير الذي يحدد مناطق سيطرة أطراف النزاع السوري سيكون «دوريا وبالتحديد شهريا باعتبار أن المشهد الجغرافي في سوريا يتغير باستمرار ولا يمكن الحديث عن حالة ثابتة بما يتعلق بالنفوذ العسكري»، لافتا إلى أنهم في «المركز» يعتمدون على عدد من الباحثين المنتشرين على الأراضي السورية الذين يقومون بعملية جمع المعلومات: «في الوقت الذي نعمل نحن في المركز على مقاطعتها، فلا نعتمد على مصدر واحد، بل على معلومات متقاطعة من أكثر من مصدر». وتابع سرميني لـ«الشرق الأوسط» شارحًا: «ما يعنينا هو رصد التغيرات الحاصلة على صعيد نفوذ الأطراف الجغرافي؛ نظرا إلى تأثيره الكبير على صعيد العملية السياسية»، لافتا إلى أن التقارير التي يعدها المركز «يستفيد منها وبشكل أساسي صناع القرار الدوليين لفهم ما يحصل في سوريا والحصول على صورة واضحة للمشهد العام المتغير».
واعتبر سرميني أن تقاسم أطراف النزاع وأبرزهم قوات النظام وفصائل المعارضة والميليشيات الكردية وعناصر «داعش» المساحات السورية هو «حالة مؤقتة نتيجة الحرب المستمرة، وبالتالي لا يمكن البناء عليها للحديث عن تقسيم سوريا مستقبلا، خاصة أن تنظيم داعش مثلا، لا يمكن أن يكون جزءا من سوريا، وهو جسم هجين شاذ جاء إلى سوريا، إضافة إلى أن المعارضة تصر على رفض التقسيم، وتعد النظام السوري غير شرعي، وبالتالي، لا يمكن أن يستمر بالسيطرة على أراض سوريا متصديا لإرادة الشعب السوري».
ووفقا للخرائط التي تنشرها «الشرق الأوسط» فإن محافظة إدلب، بأقصى شمال غربي سوريا، هي المحافظة الوحيدة الخارجة بالكامل عن سيطرة النظام، وكذلك عن سيطرة تنظيم داعش والميليشيات الكردية، في حين أن طرطوس هي المحافظة الوحيدة التي يسيطر عليها النظام بالكامل.
وراهنا، تتركز مناطق ثقل النظام في محافظات طرطوس (100 في المائة) واللاذقية (95 في المائة) والسويداء (93 في المائة)، ثم في محافظة مدينة دمشق (89 في المائة)، ومحافظة ريف دمشق (74 في المائة)، ثم حماه (52 في المائة). وفي المقابل، ينحسر نفوذه في محافظات درعا (30 في المائة) وحمص (25 في المائة) والقنيطرة (19 في المائة) وحلب (12 في المائة)، ثم يتقلص إلى أقل من 2 في المائة في محافظة الرقة، و1 في المائة في دير الزور، وينعدم وجوده تماما في محافظة إدلب.
أما «داعش»، فيتركز وجوده في محافظة دير الزور التي يسيطر على 98 في المائة من أراضيها، بينما يتقاسم مع الميليشيات الكردية محافظة الرقة - التي تعد عاصمتها الإدارية مدينة الرقة «عاصمته» في سوريا - فيسيطر على 75 في المائة من أراضيها، ثم في محافظة حلب التي يسيطر على 49 في المائة منها، ثم يتراجع نفوذه في محافظات حماه (33 في المائة) وريف دمشق (21 في المائة) والحسكة (13 في المائة) ثم السويداء (5 في المائة) ودرعا (5 في المائة) وصولا إلى مدينة دمشق (1 في المائة) والقنيطرة (1 في المائة) ليختفي حضوره تماما في محافظات طرطوس واللاذقية وإدلب.
أما فصائل «الجيش الحر» (ومعها «جبهة النصرة») فيتركز وجودها في محافظة إدلب التي تسيطر عليها بالكامل، ثم في محافظتي القنيطرة (79 في المائة) ودرعا (64 في المائة)، ثم يتناقص يشكل كبير في محافظات حلب (16 في المائة) وحماه (15 في المائة) ودمشق (7 في المائة) وريف دمشق (6 في المائة) واللاذقية (5 في المائة) والسويداء (2 في المائة) وحمص (1 في المائة)، ليختفي حضورها في أربع محافظات هي طرطوس والرقة والحسكة ودير الزور.
وأما الميليشيات الكردية فتسيطر راهنا على 84 في المائة من محافظة الحسكة، بينما يتناقص حضورها في محافظتي الرقة (25 في المائة) وحلب (24 في المائة) ثم بشكل دراماتيكي في دير الزور (1 في المائة) ويختفي تماما في 10 محافظات.


 



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).