استراتيجية سودانية لإحياء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية

في إطار المساعي لتخفيف أعباء المعيشة بالأحياء وأماكن العمل

استراتيجية سودانية لإحياء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية
TT

استراتيجية سودانية لإحياء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية

استراتيجية سودانية لإحياء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية

أعدت إدارة التعاون بقطاع الاقتصاد وشؤون المستهلك بوزارة المالية والاقتصاد وشؤون المستهلك بالسودان، خطة واستراتيجية جديدة لإحياء ودعم الجمعيات التعاونية الاستهلاكية والحرفية والزراعية، بهدف زيادة أعدادها إلى ألف جمعية بولاية الخرطوم قبل حلول العام المقبل، وذلك بعد ثبوت نجاحها ومساندتها في تخفيف أعباء المعيشة لنحو 100 ألف مشترك من العاملين بأجهزة الدولة وعدد كبير من سكان الأحياء التي توجد بها الجمعيات في محليات الخرطوم وبحري وشرق النيل وأم درمان، والتي تجاوزت أعدادها 300 جمعية تعاونية مختلفة الأنشطة.
وأوضح الأستاذ معتصم عبد الله، مدير إدارة التعاونيات بقطاع الاقتصاد وشؤون المستهلك بوزارة المالية بالخرطوم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن إدارة التعاونيات أعدت خطة واستراتيجية للتوسع في بناء وتأسيس الجمعيات التعاونية على كل المستويات، وزيادة أعضائها ومنسوبيها. مشيرًا إلى أن الاستراتيجية تتضمن إدخال تعديلات على قانون التعاون لكي تساهم في تخفيف أعباء المعيشة على منسوبيها في ظل سياسة التحرير الاقتصادي بالبلاد.
وأوضح عبد الله أن الإدارة استعرضت تلك الاستراتيجية أمس خلال ورشة عمل كبرى، تحت رعاية والي الخرطوم ووزير المالية بولاية الخرطوم، وبمشاركة نحو 150 خبيرًا ومختصًا في التعاون، واقتصاديين وأساتذة جامعات وكليات الاقتصاد، وعدد كبير من أصحاب التجارب من ممثلي الجمعيات التعاونية في ولاية الخرطوم.
وبين عبد الله أن الورشة شملت تقديم ثلاثة أوراق عمل، الأولى حول تعديل قانون التعاون، وذلك بهدف ضمان توسيع قاعدة انتشار الجمعيات التعاونية وعدم تعارضها مع القوانين الأخرى، بجانب تفعيل مواد القانون الخاصة بإلزام مؤسسات الدولة بالاعتماد على منتجات الجمعيات التعاونية بمختلف فئاتها الحرفية والزراعية. كما قدمت في الورشة ورقة حول استراتيجية الدولة لوضع رؤية متقدمة للحركة التعاونية بالبلاد، وورقة حول دور الحركة التعاونية في تخفيف أعباء المعيشة وآليات تفعيل قرارات الدولة وسندها السياسي لتطوير ودعم الحركة التعاونية في البلاد وتوسيع قاعدة انتشارها.
وتجدر الإشارة إلى أن الجمعيات التعاونية الاستهلاكية السودانية كيان مستقل اختياري يتم تكوينه من سكان أو موظفي المنطقة الواحدة، عن طريق لجنة تمهيدية من سبعة أشخاص يتقدمون بطلب للتسجيل لدى مقر إدارة الجمعيات التعاونية في مبنى قطاع الاقتصاد وشؤون المستهلك بالخرطوم شرق.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.