وزير المالية السعودي: خطتنا في «المملكة 2030» تبدأ بالتكيّف والتخطيط المالي

العساف: نعمل مع صندوق النقد الدولي لوضع خطة تنفيذية وفق أفضل الممارسات الدولية

الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودية أثناء إلقاء كلمته أمام مؤتمر «يوروموني السعودية 2016» أمس بالرياض  ( تصوير: خالد الخميس)
الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودية أثناء إلقاء كلمته أمام مؤتمر «يوروموني السعودية 2016» أمس بالرياض ( تصوير: خالد الخميس)
TT

وزير المالية السعودي: خطتنا في «المملكة 2030» تبدأ بالتكيّف والتخطيط المالي

الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودية أثناء إلقاء كلمته أمام مؤتمر «يوروموني السعودية 2016» أمس بالرياض  ( تصوير: خالد الخميس)
الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودية أثناء إلقاء كلمته أمام مؤتمر «يوروموني السعودية 2016» أمس بالرياض ( تصوير: خالد الخميس)

كشف الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي أمس، عن خطة وزارته وفق طموحات الرؤية السعودية 2030. موضحا أن الحكومة بدأت في مشروع التكيّف المالي، بتبني تدابير على جانبي الإيرادات والنفقات مع تعزيز الاستدامة المالية، منوها بإنشاء وحدتين لتعزيز القدرة المؤسسية لتحسين التخطيط المالي، فيما يجري العمل مع صندوق النقد الدولي لوضع خطة تنفيذية للعمل وفق أفضل الممارسات الدولية، فيما يجري العمل حاليا على تطوير أسلوب إعداد الميزانية العامة للدولة وتطوير معايير ضبط الإنفاق ورفع كفاءته وتحديد أولوياته، والمساهمة في جهود تنويع الإيرادات وتحسين آليات التحصيل.
وقال العساف إن «(الرؤية السعودية 2030) والتي وافق عليها مجلس الوزراء السعودي، في جلسته التي عقدها في الأسبوع الماضي، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، تتطلع للمستقبل بتفاؤل وعزيمة، وتتسم بشمولية الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، مستفيدة من مقومات المملكة، الجغرافية والحضارية والاجتماعية، والديمغرافية والاقتصادية الكثيرة، وستسهم في تعزيز التنويع والتحول الاقتصادي والتنموي والثقافي ودعم القطاع غير الربحي والتطوعي».
ووفق العساف، فإن ما يميز رؤية «المملكة 2030»، اهتمامها بالتنفيذ وفق عدد من الالتزامات والأهداف التي تتناسب مع التحديات التي تواجه الاقتصاد وخلق فرص العمل المناسبة للمواطنين، متوقعا أن تحرّك الرؤية كل مكونات عجلة الاقتصاد والتنمية وتعالج القصور في المكونات الضعيفة.
وفيما يتعلق بالوضع المالي العام، أوضح العساف أن الرؤية تؤكد على العمل لضمان كفاءة الإنفاق والتوازن المالي، وتنويع الإيرادات وتنميتها وتطوير إدارة الميزانية العامة، وإصلاح منظومة الدعم مع المحافظة على الاستقرار المالي، والاستدامة المالية، مع تقوية دور القطاع الخاص من خلال قيام الحكومة بدور المنظم والمراقب للقطاعات.
وقال العساف إن «الحكومة باشرت في أواخر عام 2015، وفي ميزانية هذا العام 2016. والبدء بشكل متدرج ومتوازن للتكيّف المالي، بتبني تدابير على جانبي الإيرادات والنفقات مع الأخذ بعين الاعتبار الاستدامة المالية»، مؤكدا أن «وزارته ستواصل تنفيذ الإصلاحات المؤسسية لدعم الإدارة المالية الحكومية».
ووفق العساف، فإن الوزارة أنشأت وحدتين لتعزيز القدرة المؤسسية لتحسين التخطيط المالي، مبينا أن الوحدة الأولى هي وحدة المالية العامة، والثانية وحدة الدين العام، مبينا أنه يجري العمل مع صندوق النقد الدولي في وضع خطة تنفيذية، لضمان أن تعمل الوحدتان وفق أفضل الممارسات الدولية.
ولفت إلى أن الوزارة عملت على بلورة برنامج عملها المستقبلي المنسق مع الرؤية، من خلال التعاون مع الأجهزة الحكومية المختلفة، بمتابعة وإشراف مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بهدف معالجة التحديات التي تواجه المالية العامة، في جانبيها الإنفاق والإيرادات.
وأوضح أن العمل يجري حاليا، على تطوير أسلوب إعداد الميزانية العامة للدولة وتطوير معايير ضبط الإنفاق ورفع كفاءته وفاعليته وتحديد أولوياته، والمساهمة في جهود تنويع الإيرادات وتحسين آليات التحصيل.
وقال العساف: «على الرغم من انخفاض أسعار البترول الحاد منذ شهر يونيو (حزيران) عام 2014 وما شكله من تحديات، فإن السعودية اتبعت سياسات مالية ناجعة خلال الأعوام الماضية والمتمثلة في تعزيز الطلب المحلي وتقوية المركز المالي الحكومي القوي ببناء الاحتياطات وخفض الدين العام إلى أقل من اثنين في المائة من الناتج المحلي، أسهمت في تخفيف آثار الانخفاض الكبير في أسعار النفط والإيرادات النفطية».
كما أسهمت قوة النظام المصرفي والشركات، وفق العساف، في دعم نمو مضطرد للائتمان المحلي والاستثمار، حيث أظهر النشاط الاقتصادي المحلي، مرونة ملحوظة بمواصلته النمو بمعدل جيد، بلغ 3.4 في عام 2015، وذلك نتيجة للنمو القوي في القطاعات غير النفطية.
وقال العساف لدى افتتاحه لمؤتمر «يوروموني السعودية 2016» في العاصمة السعودية الرياض أمس إن «الاقتصاد السعودي شبّ على الطوق وتحدى انخفاض أسعار النفط، بسبب السياسات الاقتصادية والمالية الناجعة، مستصحبة معها سبل تحقيق (الرؤية السعودية 2030)، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تطورات كثيرة وغير مسبوقة، أثرت بشكل مباشر في اقتصادات دول العالم الأخرى».
ولفت وزير المالية السعودي، إلى أن الاقتصاد العالمي شهد عام 2005 بداية انتعاش كبير استمر لنحو ثلاثة أعوام، ثم تعرض لانتكاسة في منتصف عام 2008 بسبب الأزمة المالية العالمية، أدت إلى ركود الاقتصاد العالمي، وتباطؤ التجارة العالمية، في حين برز ارتفاع الديون السيادية في منطقة اليورو وتفاقمت في عام 2011.
وأضاف وزير المالية السعودي أن «المملكة واجهت الأزمة المالية العالمية بصلابة، وذلك من خلال سياسات اقتصادية قوية مكنتها من تجاوزها بجدارة وحقق اقتصاد المملكة معدل نمو مرتفع بلغ في المتوسط أكثر من 4 في المائة، ما يعد أحد أفضل اقتصادات مجموعة العشرين أداء في الأعوام الأخيرة».
ووفق العساف، اتبعت السعودية، سياسة مالية ناجعة، حافظت بموجبها على الموازنة بين متطلبات التنمية بالاستثمار الضخم في البنية الأساسية الاجتماعية والمادية وتعزيز وتقوية كفاءة مركز المالية الحكومي وتنفيذ إصلاحات هيكلية لدفع عجلة النمو نحو الأمام، بقيادة القطاع الخاص.
ونوه بأن صندوق النقد الدولي، أكد أن السعودية، واجهت الأزمة المالية العالمية وآثارها من وقع قوة، عكست قوة الأداء الاقتصاد السعودي ونجاعة السياسات الاقتصادية الملائمة والإصلاحات الهيكلية، التي عززت قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات، مشيرا إلى أن الجهاز المصرفي استطاع أن يتجاوز هذه الأزمة، ولا يزال محتفظا بمستويات ربحية ورسملة مرتفعة مع الحفاظ على نسبة منخفضة من القروض المتعثرة.
وقال العساف: «منذ الأزمة المالية، لا يزال الاقتصاد العالمي يسعى بصعوبة للعودة إلى مسار نمو قوي ومضطرد، مع نمو محدود في الدول المتقدمة ونمو أعلى نسبيا في الاقتصادات الناشئة والنامية، حيث أسهم النمو المتسارع في هذه الاقتصادات في زيادة وزنها في الاقتصاد العالمي، وإكسابها أهمية متزايدة في نموه».
وأوضح أن التجارة الدولية لم تستطع أن تستعيد نموها القوي الذي شهدته في الأعوام الماضية بسبب الأزمة المالية، مبينا أن تباطؤ النشاط التجاري في البلدان المتقدمة كان السبب الرئيسي في ذلك، ما يبرز تحديات أمام آفاق النمو في الدول النامية، نظرا لاحتمال أن تكون بيئة التجارة الخارجية، أقلّ مواتاة في الأعوام المقبلة.



«ستاندرد آند بورز» تحذر من تأثير السياسات الأميركية على اقتصادات أوروبا الوسطى

يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز» تحذر من تأثير السياسات الأميركية على اقتصادات أوروبا الوسطى

يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)

أفادت وكالة «ستاندرد آند بورز»، الخميس، بأن التصنيفات الائتمانية لأوروبا الوسطى، التي تحمل أغلبها نظرة مستقرة أو إيجابية، تتمتع بمرونة كبيرة، ولكن الطريقة التي ستتبعها الإدارة الأميركية الجديدة في الوفاء بوعودها الانتخابية قد تشكل تحدياً.

وفي تقرير بعنوان: «آفاق التصنيف السيادي لأوروبا الوسطى والشرقية لعام 2025»، قالت الوكالة إنه في ظل بعض السيناريوهات، قد تؤدي التعريفات التجارية الأميركية الأعلى على الاتحاد الأوروبي، وارتفاع حالة عدم اليقين بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى عرقلة نمو أوروبا الوسطى نتيجة تراجع الطلب الخارجي من أوروبا الغربية. وتعد كل من جمهورية التشيك والمجر وسلوفاكيا من البلدان الأكثر تأثراً بسبب الروابط العميقة مع قطاع السيارات الألماني، وقواعد تصنيع العلامات التجارية الألمانية. ومن المرجح أن تتأثر بولندا، أكبر اقتصاد في المنطقة، بشكل أقل بفضل اعتمادها المحدود على الصادرات وتنويع اقتصادها.

وقالت كارين فارتابيتوف، المحللة الرئيسة في وكالة التصنيف السيادي لأوروبا الوسطى والشرقية ورابطة الدول المستقلة، لـ«رويترز»: «التصنيفات مرنة للغاية. يمكن اختبار خطوط الأساس لدينا من خلال الطريقة التي تفي بها الإدارة الأميركية الجديدة بوعودها قبل الانتخابات». وأضافت: «قد تكون التأثيرات غير المباشرة من خلال الضعف في أوروبا المتقدمة، بما في ذلك ألمانيا، كبيرة للغاية. رغم أن خط الأساس يشير إلى مرونة التصنيفات، فإن عدم اليقين بشأنه قد زاد إلى حد ما».

وأوضحت فارتابيتوف أنه إذا كان الطلب المحلي الألماني مرناً، فمن غير المرجح أن تتأثر الصادرات البولندية بشكل كبير مقارنة بدول وسط أوروبا الأخرى، مثل المجر أو جمهورية التشيك، التي توجه صادراتها بشكل أكبر نحو قطاع السيارات.

وتتمتع بولندا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي خارج منطقة اليورو، أيضاً بأعلى نسبة من الإنفاق الدفاعي مقارنة بالناتج الاقتصادي بين دول حلف شمال الأطلسي، مما يجعلها أقل عُرضة لدعوات الرئيس المنتخب دونالد ترمب لزيادة الإنفاق الدفاعي.

وقال توني هوش، رئيس غرفة التجارة الأميركية في بولندا: «بولندا في وضع أفضل سياسياً واقتصادياً بالنسبة لأي تغييرات قد تطرأ نتيجة لإدارة ترمب الجديدة تجاه أوروبا». وأضاف: «سوف تتأثر إذا واجهنا مضاعفات تجارية، ولكن بشكل أقل من كثير من البلدان الأخرى، وربما بشكل أقل بكثير في بعض الحالات».

ومع ذلك، قد تتعطل القصة الإيجابية لبولندا في حال حدوث ركود حاد في الاقتصاد الألماني المجاور، وهذا يعتمد على تطورات الحرب في أوكرانيا. وقد حذّر بعض المستثمرين من أن هذين العاملين يشكلان مخاطر رئيسة.

نظرة بناءة

ورغم هذه التحديات، قالت فارتابيتوف إن «ستاندرد آند بورز» تحتفظ بنظرة بناءة بشكل عام بشأن توقعات النمو في أوروبا الوسطى، باستثناء أي صدمات خارجية كبيرة أو تصعيد في التوترات التجارية العالمية، والتي قد تعرقل مسارات النمو العالمية والأوروبية.

وأضافت: «في خط الأساس لدينا، ستظل أوروبا الوسطى والشرقية واحدة من أسرع المناطق نمواً في العالم، وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بالتركيبة السكانية، فإننا نتوقع أداء نمو معقول على المدى المتوسط».

وتتوقع «ستاندرد آند بورز» أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في أوروبا الوسطى إلى 2.8 في المائة خلال العام المقبل من 2 في المائة عام 2024، مدفوعاً بزيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارات بفضل الأموال الأوروبية.

وقالت فارتابيتوف إن البنوك المركزية في بولندا والمجر من المرجح أن تستأنف خفض أسعار الفائدة العام المقبل، على الرغم من أنّ كلاً من تقلبات العملة والتضخم الثابت في جميع أنحاء المنطقة قد خلق «خلفية صعبة للغاية» لصنّاع السياسات.

كما أضافت أن المشهد السياسي المتفتت بعد الانتخابات في رومانيا من المرجح أن يعقد جهود الحكومة في كبح العجز الكبير في الموازنة، الذي يبلغ نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الهدف الذي تسعى رومانيا لتحقيقه على مدار سبع سنوات.

وقالت فارتابيتوف: «كما رأينا في بعض البلدان، يشكل خطر الائتلافات الحاكمة المتفتتة تهديداً لسياسات مالية أكثر مرونة».

وأوضحت: «في خط الأساس لدينا، نتوقع توحيداً تدريجياً في الأمد المتوسط، بدعم من توقعات نمو معقولة والجهود السياسية، لكن المخاطر التي تهدد هذا الخط الأساسي لا تزال قائمة. لدى رومانيا سجل حافل بنتائج مالية أضعف مقارنة بالأهداف المحددة».