غاتيلوف: ما يجري في حلب «تصدٍ للإرهاب»

نائب وزير الخارجية الروسي: لا نية لنا للضغط على دمشق لوقف القصف

غاتيلوف: ما يجري في حلب «تصدٍ للإرهاب»
TT

غاتيلوف: ما يجري في حلب «تصدٍ للإرهاب»

غاتيلوف: ما يجري في حلب «تصدٍ للإرهاب»

أعلن غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن موسكو لا تنوي ممارسة الضغط على نظام الأسد بخصوص ما يجري في حلب، واصفا ما يجري هناك بأنه «تصدٍ للإرهاب». وفي حوار مطول معه نشرته وكالة «إنتر فاكس» الروسية، قال غاتيلوف في إجابته عن سؤال حول «تهديد الهيئة العليا (السورية) للمفاوضات بإعلان فشل العملية السياسية في جنيف ما لم يوقف نظام دمشق عملياته في مدينة حلب، وهل ستمارس موسكو الضغط على دمشق على خلفية ذلك التهديد؟» قال: «لا، لن نمارس أي ضغط؛ لأنه لا بد هنا من إدراك أن ما يجري هو تصد للإرهاب. وهذا أمر غير مرتهن إلى حد ما بعملية المفاوضات؛ لأن قرار مجلس الأمن الذي أيد وثيقة فيينا حول وقف إطلاق النار يشير بوضوح إلى أن الحرب ضد الإرهاب ستستمر، وهو يحدد بوضوح أن العدو في هذه الحالة هما «جبهة النصرة» و«داعش» وغيرهما من منظمات إرهابية مدرجة على قائمة الأمم المتحدة. ونحن نحاول الآن إضافة «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» إلى تلك القائمة؛ لذلك الوضع في حلب يندرج في إطار التصدي للتهديد الإرهابي»، حسب غاتيلوف.
وفي إجابته عن سؤال سابق، عمد نائب وزير الخارجية الروسي إلى تحميل المعارضة السورية والولايات المتحدة المسؤولية عما يجري. وبعد تأكيده أن «الوضع في حلب محط نقاش يومي بين العسكريين الروس والأميركيين»، أوضح أن «الوضع هناك له خصوصية، حيث تختلط مواقع (داعش) مع مواقع مجموعات مسلحة أخرى (تقع على مقربة منها)». ولفت إلى أن روسيا كانت قد طلبت من الأميركيين أن تبتعد تلك الجماعات عن مواقع «داعش»؛ كي لا تتعرض لضربات عسكرية. وعلى هذا الأساس، يرى نائب وزير الخارجية الروسي، أن «مهمة القوات الروسية عندما توجه ضربة لتلك المناطق هو تدمير (داعش)، ومهمة المعارضة في أن تبتعد ولا تعيق هذه العمليات»، مدعيا أن القوات الروسية لا توجه ضربات لتلك المجموعات التي تصنف «معارضة معتدلة» وأكدت مشاركتها في عملية المفاوضات»، وأضاف أن «هذا الأمر يجري بتنسيق وثيق مع الأميركيين».
من ناحية ثانية، في المجال الإنساني، كشفت تصريحات غاتيلوف عن رؤية روسية للوضع الإنساني في سوريا تتعارض حتى مع رؤية الأمم المتحدة. وحين طلبت منه «إنتر فاكس» التعليق على وصف نائب الأمين العام للأمم المتحدة الوضع الإنساني في سوريا بأنه يشهد «تدهورا كارثيا»، قال غاتيلوف: إن «هذا الكلام يدعو للدهشة»، معربا عن قناعته بأنه «لا يجوز الآن بأي شكل من الأشكال تصنيف الوضع الإنساني في سوريا بأنه كارثي، ويهدد بتصاعد حدة النزاع». وأردف «لأن الأمر في الواقع على العكس من ذلك تماما»، حسب غاتيلوف، الذي زعم أنه «تم بذل جهود كبيرة في الآونة الأخيرة، وبالدرجة الأولى من جانب الحكومة السورية لتحسين الوضع الإنساني في البلاد، وإطلاق تعاون فعال من جانب السلطات السورية مع الوكالات الإنسانية الدولية»، الأمر الذي أدى حسب ادعاء المسؤول الروسي إلى «تحسن الوضع الإنساني في البلاد عموما».
وفي شأن آخر، قال نائب وزير الخارجية الروسي: «إن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا سيزور العاصمة الروسية في الثالث من مايو (أيار)، حيث سيعرض على الجانب الروسي نتائج الجولة الماضية من المفاوضات السورية في جنيف». أما بشأن دعوات دي ميستورا لعقد اجتماع لـ«المجموعة الدولية لدعم سوريا»، فقال غاتيلوف إن «المبعوث الدولي دعا طيلة الفترة الأخيرة إلى عقد مثل هذا الاجتماع»، موضحا أن روسيا «لا تعارض، لكنها تنطلق من ضرورة تحديد المسائل التي تتطلب أن إيجاد حل لها خلال الاجتماع». وبعد هذا التوضيح عدّ غاتيلوف أن «تحديد جدوى عقد اجتماع للمجموعة الدولية من عدمه، وتوقيت ذلك الاجتماع، أمر يعود إلى دي ميستورا».
في غضون ذلك، بدا نائب وزير الخارجية الروسي مستاء من استخدام دي ميستورا تعبير «إعادة إطلاق» حين قال: إنه على روسيا والولايات المتحدة التين «أطلقتا» وقف إطلاق النار أن «تعيدا إطلاقه»، ذلك أن عبارة دي ميستورا تعني بوضوح أن وقف إطلاق النار يواجه صعوبات وقد «يتوقف»؛ لذلك لا بد من «إعادة إطلاقه». ويبدو أن هذه الرؤية لم ترض غاتيلوف لذلك دعا إلى سؤال دي ميستورا ما الذي يقصده بهذه العبارة، وشدد على أن «العملية السياسية انطلقت رغم أن انسحاب وفد الهيئة قد حمل بعض السلبية على أجواء تلك العملية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.