نزاع الصحراء.. و«فزاعة أبريل»

هدفها الرئيسي خلق مزيد من «الفوضى الخلاقة» في شمال أفريقيا

نزاع الصحراء.. و«فزاعة أبريل»
TT

نزاع الصحراء.. و«فزاعة أبريل»

نزاع الصحراء.. و«فزاعة أبريل»

عقب التصريحات التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مخيمات جبهة «البوليساريو» بتندوف (جنوب غربي الجزائر) مطلع شهر مارس (آذار) الماضي، وعبر فيها عن «تفهّمه لغضب الشعب الصحراوي بسبب احتلال أراضيه»، وأثارت غضب المغرب، تساءل محمد بن عيسى وزير خارجية المغرب الأسبق في تصريحات صحافية «من يقف وراء الرجل، الذي لا يتصرف إلا وفق توجيهات معينة، وذلك منذ توليه الأمانة العامة للأمم المتحدة؟».
واستبعد بن عيسى، الذي كان أيضًا سفيرًا للمغرب في واشنطن أيام الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون (1993 - 1999)، أن تكون تصريحات بان مجرد «فلتة لسان» أو «رد فعل» على طلب الرباط تأجيل زيارته للمنطقة إلى وقت لاحق، وهي الزيارة التي قام بها بداية مارس الماضي، وشملت موريتانيا والجزائر ومخيمات «البوليساريو»، بل رأى أن لكلام الأمين العام الأممي «خلفيات أعمق على الرباط أن تستعد لها». وحمل تساؤل بن عيسى – آنذاك - رسالة واضحة مفادها «فتش عن أميركا!».
سرعان ما كشف الخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي الملك محمد السادس في القمة الخليجية - المغربية في العاصمة السعودية الرياض يوم الأربعاء 20 أبريل (نيسان) الحالي، عن أحدث تطورات نزاع الصحراء، عما سماه «ازدواجية الخطاب بين التعبير عن الصداقة والتحالف، ومحاولات الطعن من الخلف»، في إشارة واضحة إلى واشنطن.
وذهب ملك المغرب بعيدًا حينما قال لقادة دول الخليج بأن «الأمر بلغ إلى شن حرب بالوكالة باستعمال الأمين العام للأمم المتحدة كوسيلة لمحاولة المسّ بحقوق المغرب التاريخية والمشروعة في صحرائه، من خلال تصريحاته المنحازة، وتصرّفاته غير المقبولة بشأن الصحراء المغربية».
و«إن المشكلة تبقى مطروحة مع المسؤولين بالإدارات التي تتغير بشكل مستمر، في بعض هذه الدول». وهو كلام عده المراقبون تلميحًا لإدارة الرئيس باراك أوباما الذي شهدت العلاقات المغربية - الأميركية في عهده توترًا غير مسبوق.
في سياق ذلك، أوضح العاهل المغربي أنه «مع كل تغيير (في الإدارة الأميركية) يجب بذل الكثير من الجهود لتعريفهم بكل أبعاد ملف الصحراء المغربية، وبخلفياته الحقيقية، وتذكيرهم بأن هذا النزاع، الذي دام أزيد من أربعين سنة خلف الكثير من الضحايا، وتكاليف مادية كبيرة، وبأن قضية الصحراء قضية كل المغاربة، وليست قضية القصر الملكي لوحده». ومضى قائلا لحلفائه الخليجيين «المخططات العدوانية التي تستهدف المس باستقرارنا متواصلة ولن تتوقف. فبعد تمزيق وتدمير عدد من دول المشرق العربي، ها هي اليوم تستهدف غربه. وآخرها المناورات التي تحاك ضد الوحدة الترابية لبلدكم الثاني المغرب».
وتابع محمد السادس «هذا ليس جديدًا. فخصوم المغرب يستعملون كل الوسائل، المباشرة وغير المباشرة، في مناوراتهم المكشوفة.. ويحاولون حسب الظروف، إما نزع الشرعية عن وجود المغرب في صحرائه، أو تعزيز خيار الاستقلال وأطروحة الانفصال، أو إضعاف مبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها». وخلص إلى القول إنه «مع التمادي في المؤامرات، أصبح شهر أبريل - الذي يصادف اجتماعات مجلس الأمن حول قضية الصحراء - فزّاعة ترفع أمام المغرب، وأداة لمحاولة الضغط عليه أحيانا، ولابتزازه أحيانا أخرى».
* قصة «فزاعة أبريل»
في أبريل 2013 قدمت واشنطن لمجلس الأمن الدولي مقترح قرار يدعو لتوسيع صلاحيات بعثة «مينورسو» في الصحراء لتشمل وضعية حقوق الإنسان فيها. وردّ المغرب، مستاءً، بإلغاء المناورات العسكرية السنوية المشتركة مع الولايات المتحدة المعروفة باسم «الأسد الأفريقي» التي جرت العادة على تنظيمها في الجنوب المغربي.
بعض الجهات في واشنطن لمحت إلى أن مسودة المقترح الأميركي «ليست قرارًا استراتيجيًا» انطلق من البيت الأبيض أو البنتاغون أو حتى الخارجية، ووصفته بأنه «خطوة منعزلة» من سوزان رايس، المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة آنذاك ومستشارة الأمن القومي حاليًا، التي تربطها علاقة صداقة متينة بكيري كيندي رئيسة «مركز روبرت كيندي للعدالة وحقوق الإنسان»، المتعاطفة مع أطروحة «البوليساريو» المدعومة من الجزائر، والداعية إلى انفصال الصحراء عن المغرب. لكن مصادر أخرى رأت أن ما حدث يجسّد حالة انقسام في الإدارة الأميركية إزاء نزاع الصحراء، مشيرة إلى أن وزير الدفاع – آنذاك - تشاك هيغل استاء من خطوة رايس. بل إن أوساطا كثيرة في واشنطن مطلعة على ملف نزاع الصحراء قالت حينذاك «إن ثمة استياءً في واشنطن إزاء مشروع القرار الأميركي لا سيما أن رايس لم تأخذ الضوء الأخضر من البيت الأبيض، وأن جون كيري وزير الخارجية لم يكن أيضا على علم بخطوتها». وهذا مع العلم أن كيري كان وقّع قبل سنوات من توليه حقيبة الخارجية الأميركية عريضة تطالب بإجراء استفتاء تقرير المصير في الصحراء بيد أن موقعه الآن كمسؤول في الإدارة يفرض عليه التحفظ. وبالتالي، استبعدت الأوساط ذاتها أن تكون لكيري أي علاقة بخطوة رايس، معتبرة أنها كانت مستقلة تمامًا عن القرار الاستراتيجي الأميركي، وأنها «مجرد سوء فهم وانعدام تنسيق» بين دواليب الإدارة الأميركية.
في حينه دارت عجلة الدبلوماسية المغربية بسرعة. وحسب معلومة حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن المغرب عندما علم بخطوة رايس سأل واشنطن رسميًا «هل ما جرى في الأمم المتحدة خطوة تمثل الإدارة الأميركية أم أنها مجرد خطوة منفردة؟». وجاء الجواب أن مشروع القرار الذي اقترحته رايس سيعاد النظر فيه، وأن المغرب سيظل حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، وأن الموقف الرسمي الأميركي يدعم مبادرة الحكم الذاتي التي قدّمها المغرب سنة 2007. التي سبق لمجلس الأمن أن وصفها بأنها «ذات مصداقية وجدّية».
وبالفعل تراجعت واشنطن عن مشروع قرارها، وخرجت العلاقات المغربية - الأميركية من عنق الزجاجة، لكن نار رماد المقترح الأميركي لم تنطفئ تمامًا. ثم جاءت القمة الأميركية - المغربية في واشنطن يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 محاولة إصلاح الكسر الذي طال مرآة العلاقات بين البلدين. وسمع ملك المغرب في البيت الأبيض من الرئيس أوباما إشادة كبيرة بالعلاقات الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن، وثناء على ريادته في تعزيز الديمقراطية ببلده ودفعه بالتقدم الاقتصادي والتنمية البشرية خلال العقد الأخير.
رغم ذلك لم تختف «الفزاعة»، وما أن حل أبريل 2014 حتى أجرى الملك محمد السادس اتصالا هاتفيا بالأمين العام للأمم المتحدة قيل في البداية إنه يدخل ضمن الاتصالات والمشاورات الدائمة بين العاهل المغربي والأمين العام، لكنه في الحقيقة كان اتصالا من أجل وضع النقاط على الحروف، وضبط تجاوزات رصدتها الرباط في التقرير السنوي للأمين العام حول قضية الصحراء، والتنبيه إلى زلات محتملة يمكن أن تكون كارثية على مسار القضية فتقوض جهود الأمم المتحدة الهادفة إلى إيجاد حل سياسي مقبول من أطراف النزاع. وقال بيان صدر عن الديوان الملكي المغربي يوم 12 أبريل 2014 إن ملك المغرب أثار انتباه بان كي مون إلى ضرورة الاحتفاظ بمعايير التفاوض كما جرى تحديدها من طرف مجلس الأمن، والحفاظ على الإطارات والآليات الحالية لانخراط منظمة الأمم المتحدة، وتجنب المقاربات المنحازة والخيارات المحفوفة بالمخاطر.
ولعل ما أثار حفيظة المغرب إزاء مشروع تقرير أبريل 2014 أنه عد نزاع الصحراء «قضية تصفية استعمار» من منظور مجلس الأمن، بينما ترى الرباط أن مهمة مجلس الأمن ليست تصفية الاستعمار بل تصفية النزاعات الإقليمية التي تؤثر على الأمن والسلم العالميين، وأعطت مثالا على ذلك قضيتي تصفية الاستعمار في جزر الفولكلاندز وجبل طارق غير المطروحتين على مجلس الأمن. كذلك انتقدت الرباط تقرير الأمين العام لقوله: إنه إذا لم يحصل تقدم لجهة إيجاد حل لنزاع الصحراء في غضون عام 2015، فإن المجلس سيكون مطالبا بإيجاد تصوّر آخر بشأن ذلك. وقال مصدر مغربي مسؤول آنذاك لـ«الشرق الأوسط» إن هذا المعطى المتضمن في التقرير يطرح عدة تساؤلات من بينها أن الأمين العام ومبعوثه الشخصي كريستوفر روس تحدثا عن «مقاربة جديدة للتعاطي مع الملف» من ضمنها الزيارات المكوكية التي أعلن عنها روس، بيد أنهما لم يعبدا الطريق لهذه المقاربة حتى تطبق على أرض الواقع، بل حكم عليها بالوأد قبل ولادتها.
ويومها طرحت الرباط سؤالاً هو «ما طبيعة التقدم المنتظر بشأن ملف نزاع الصحراء في عام 2015، وذلك في سياق الظروف التي كانت وما زالت تعيشها الجزائر؟»، في تلميح لمرض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والانتخابات الرئاسية التي كانت آنذاك على الأبواب. وعدت أجل 2015 بأنه مقاربة غير ذات موضوع وغير واقعية نظرًا لكونها لا تأخذ الواقع الحالي للمنطقة بعين الاعتبار. وتوقف المراقبون آنذاك عند نقطة أساسية تتعلق بأسس التفاوض، قالوا: إنها ليست بيد الأمين العام بل بيد مجلس الأمن نظرًا لكونه هو من قرر في 2007 إطلاق المسلسل السياسي التفاوضي الحالي. وأشاروا إلى أن لدى المغرب حرصًا شديدًا على المحافظة على هذا المسلسل الهادف إلى تحقيق تسوية سلمية للنزاع، وأن الرباط إذا لاحظت وجود بعض «الانزلاقات والمخاطر التي تهدد هذا المسلسل» ستثير الانتباه لذلك. وبعدها ساد اعتقاد في العاصمة المغربية أن الأمانة العامة للأمم المتحدة لا يمكن لها أن تتعامل باستخفاف مع هذا المسلسل وتمضي من خلال ذلك إلى المجهول، ولكن بمرور الأيام ثبت أنها مضت في ذلك بلا تردد.
* مطلوب تعامل مسؤول
رأى المغرب آنذاك أن الظرف الأمني والتهديدات التي تعرفها المنطقة تتطلب تعاملاً مسؤولاً ورصينا مع هذه الأمور. كما تتطلب مشاورات وتفكيرًا قبل الإقدام على أي خطوة قد تزيد في إضعاف السياق الإقليمي الذي يعاني أصلا من الضعف. وقال مصدر مسؤول مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصال الهاتفي الذي أجراه الملك محمد السادس يوم السبت 12 أبريل 2014 مع بان جاء من منطلق المسؤولية نظرًا لأنه «إذا كان هناك طرف استثمر في المسلسل السياسي التفاوضي لحل نزاع الصحراء فهو المغرب». وشدد على أنه «ليس صدفة أن انطلاق المسلسل تصادف مع إطلاق الرباط مبادرة الحكم الذاتي الموسع في الصحراء، وبالتالي فإن المغرب إذا لاحظ بعض الانزلاقات والمخاطر التي تهدد المسلسل السياسي، سيثير الانتباه إلى ذلك». وهو ما جرى أيضا في المكالمة الهاتفية بين الملك محمد السادس وبان يوم 12 أغسطس (آب) 2012. إلى جانب رسائل كتابية. وخلص المصدر المسؤول إلى أن «ثمة انزلاقات تضمنها تقرير الأمين العام كان ضروريًا إثارة الانتباه إليها وتوضيحها»، وأن الملك محمد السادس تحدث في اتصاله الهاتفي مع بان بكل صراحة، ولمح إلى إمكانيات إنهاء مهام بعثة الأمم المتحدة «مينورسو» فوق التراب المغربي ما لم تصحح تلك الانزلاقات: «نظرا لأن (مينورسو) استنفدت المهام التي قامت من أجلها أي الإشراف على وقف إطلاق النار، والإشراف على عملية تحديد هوية من يحق لهم المشاركة في الاستفتاء بالصحراء، وهي عملية وصلت إلى طريق مسدود، وباءت بالفشل منذ زمن مضى».
واستطاع المغرب أن يتجاوز أيضا «فزاعة أبريل» 2014. ذلك أن قرار مجلس الأمن راعى التحفظات التي أبداها الملك محمد السادس خلال مكالمته الهاتفية مع بان كي مون. ومرت الأيام، وفي يوم 22 يناير (كانون الثاني) 2015. أبلغ بان العاهل المغربي في اتصال هاتفي أن «مينورسو» ستواصل عملها في احترام تام لمهمتها الحالية. وقال بان، وفق بيان للديوان الملكي المغربي آنذاك: «إنه أخذ، كما ينبغي، تعاليق وملاحظات المغرب (بشأن مهمة مينورسو)، وأعطى ضمانات بخصوص حيادية وموضوعية نزاهة مسؤولي الأمم المتحدة المكلفين تسيير المهمة الأممية». وذكر البيان أنه على أساس التوضيحات المعبر عنها والضمانات المقدمة، أكد الملك محمد السادس للأمين العام التزام الرباط بدعم عملية التسهيل التي يقودها المبعوث الشخصي للأمين العام (الأميركي كريستوفر روس)، وتعاونهما مع المسؤولين المعينين لهذا الغرض من طرف الأمين العام. وإثر ذلك، استأنف روس مهامه بزيارة المنطقة ابتداء من 11 فبراير (شباط) 2015، بعدما كان المغرب قد سحب ثقته منه في 17 مايو (أيار) 2012، عقب استنتاج الحكومة المغربية مفارقات في تصرفاته «تتمثل في تراجعه عن المحددات التفاوضية التي سطرتها قرارات مجلس الأمن، وسلوكه أسلوبًا غير متوازن ومنحازا في حالات كثيرة».
وكان وزير الخارجية المغربي آنذاك سعد الدين العثماني قد أبلغ باريس وواشنطن انزعاج بلاده من روس، وعبر للأمين العام عن «هواجس الرباط»، بخصوص تحدث آخر تقرير لروس عن «خروقات اقترفها المغرب في حق بعثة تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية». إذ ورد في تقرير صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء في 17 أبريل 2012، قدّم إلى مجلس الأمن، أن اتصالات بعثة الأمم المتحدة مع مقر الأمم المتحدة في الصحراء الغربية قد «اخترقت»، وأضاف أن «عوامل كثيرة قوضت قدرة البعثة على مراقبة الوضع ونقل تقارير ثابتة عنه». وكان روس اتهم المغرب بوضع العراقيل في طريق المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين «البوليساريو» والمغرب عام 1991 و«التجسس» على بعثة الأمم المتحدة.
وهكذا، مرّت فزاعة أبريل 2015، ولكن لترتفع حدتها في أبريل 2016 بسبب زيارة بان كي مون للمنطقة وأدائه دوره كما اتفق. واليوم، ثمة قناعة في الرباط أن قرار بان زيارة المنطقة في الوقت الذي حدّده لها، مستثنيا المغرب، ليس اعتباطيًا. كما أن الكلمات التي اختارها في تصريحاته هي كلمات من الماضي تجاوزتها قضية الصحراء.
وجاء مشروع القرار الأخير الذي اقترحته واشنطن على مجلس الأمن، مطالبة فيه بعودة أنشطة بعثة «مينورسو» بشكل كامل بعدما تعطلت نتيجة طرد المغرب موظفيها المدنيين، وإمهال الرباط والمنظمة الدولية أربعة أشهر للاتفاق على هذا الأمر، ليؤكد أن «فزاعة أبريل» المستعملة ضد المغرب «فزاعة أميركية» 100 في المائة، وأن تحركات بان - كما ترى الرباط - تدخل ضمن دور الكومبارس الذي يقوم به خدمة لأجندة واشنطن، التي قال العاهل المغربي في قمة الرياض إنها تروم «استهداف أمننا الجماعي.. والمسّ بما تبقى من بلداننا التي استطاعت الحفاظ على استقرارها وأنظمتها، وأقصد هنا دول الخليج والمغرب والأردن التي تشكل واحة أمن وسلام لمواطنيها، وعنصر استقرار في محيطها». وهذا قبل أن يضيف «إننا نواجه الأخطار والتهديدات نفسها على اختلاف مصادرها، فالدفاع عن أمننا ليس فقط واجبا مشتركا بل هو واحد لا يتجزأ».
يذكر أنه سبق للملك محمد السادس أن وجه انتقادات حادة للأمم المتحدة والدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، في خطاب ألقاه يوم 6 نوفمبر 2014، بمناسبة الذكرى الـ39 لـ«المسيرة الخضراء السلمية» التي استرجع المغرب بواسطتها الصحراء التي كانت تحتلها إسبانيا، وطالبها بموقف واضح من نزاع الصحراء. وقال: «في الوقت الذي يؤكدون أن المغرب نموذج للتطور الديمقراطي، وبلد فاعل في ضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة، وشريك في محاربة الإرهاب، فإنهم في المقابل، يتعاملون بنوع من الغموض مع قضية وحدته الترابية». وأكد أن مبادرة الحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن أن تقدمه بلاده في هذا الشأن، في إشارة إلى محاولات خلفها عدة أطراف تسعى لإقصاء الحل السياسي المقترح من قبل المغرب، وهو ما تأكد اليوم مع ظهور المقترح الأميركي الجديد.
هل سيظهر غدًا في واشنطن من سيقول: إن المقترح الأميركي أيضا «خطوة منعزلة» لسامانتا باور، المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ولا تدخل ضمن الاستراتيجية الرسمية الأميركية، كحال خطوة سوزان رايس التي قدمت عام 2013 مشروع قرار يهدف إلى توسيع مهام «مينورسو» لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء.
المشروع الأميركي الأخير أدى إلى انقسام في مجلس الأمن إذ أعربت فرنسا وإسبانيا عن رفضهما القاطع له. واعتبرت باريس أن المبادرة الأميركية قد تؤجج – في حال تبنيها – الصراع في منطقتي الساحل والصحراء. وعليه، عملت باريس ومدريد وداكار (سلطات السنغال) على تعديل مشروع القرار الأميركي وتخفيف حدته، احترامًا للمغرب، لا سيما أن الرباط أعلنت أن قرارها القاضي بطرد العناصر المدنية في بعثة «ينورسو» قرار سيادي لا رجعة فيه.
ولكن كيفما كان قرار مجلس الأمن (كان منتظرًا أن يصدر مساء أمس الجمعة)، يرى مراقبون في الرباط أنه آن الأوان لوضع حد لهذه «الفزاعة الأميركية» التي غدت «مسرحية مملة» لكثرة تكرارها. وهم يرون أن هدفها الرئيسي خلق مزيد من «الفوضى الخلاّقة» التي بشرت بها قبل سنوات وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، وزعزعة استقرار منطقة شمال أفريقيا، التي تعرف تدهورًا أمنيًا وتوترات متنوعة.



نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا
TT

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما حصل أقرب منافسيها باندوليني إيتولا على 26 في المائة فقط من الأصوات. شكَّل فوز نيتومبو الملقبة بـ«NNN»، حلقةً جديدةً في حياة مليئة بالأحداث، عاشتها المرأة التي ناضلت ضد الاحتلال، واختبرت السجن والنفي في طفولتها، قبل أن تعود لتثبت نفسها بصفتها واحدة من أبرز النساء في السياسة الناميبية وقيادية فاعلة في الحزب الحاكم «سوابو».

في أول مؤتمر صحافي لها، بعد أسبوع من إعلان فوزها بالانتخابات الرئاسية، تعهدت نيتومبو، التي ستتولى منصبها رسمياً في مارس (آذار) المقبل، بإجراء «تحولات جذرية» لإصلاح مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في ناميبيا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.

نيتومبو أشارت إلى أنها قد تنحو منحى مختلفاً بعض الشيء عن أسلافها في حزب «سوابو» الذي يحكم ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في عام 1990. وقالت نيتومبو: «لن يكون الأمر كالمعتاد، يجب أن نُجري تحولات جذرية من أجل شعبنا».

لم توضح نيتومبو طبيعة هذه التحولات الجذرية التي تعتزم تنفيذها، وإن أشارت إلى «إصلاح الأراضي، وتوزيع أكثر عدالة للثروة». وبينما يصنف البنك الدولي ناميبيا على أنها دولة ذات «دخل متوسط»، فإنها تعد واحدة من أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم، مع ارتفاع مستويات الفقر التي ترجع جزئياً إلى إرث عقود الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.

ووفق تقرير رسمي من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن «43 في المائة من سكان ناميبيا يعيشون فقراً متعدد الأبعاد». وهو مؤشر يأخذ في الاعتبار عوامل عدة إلى جانب الدخل، من بينها الوصول إلى التعليم والخدمات العامة.

ولأن طريق نيتومبو السياسي لم يكن أبداً ممهداً، لم يمر إعلان فوزها بالانتخابات دون انتقادات. وقالت أحزاب المعارضة إنها ستطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية، متحدثةً عن «صعوبات فنية وقمع ضد الناخبين». لكنَّ نيتومبو، المعروفة بين أقرانها بـ«القوة والحزم»، تجاهلت هذه الادعاءات، واحتفلت بالفوز مع أعضاء حزبها، وقالت: «أنا لا أستمع إلى هؤلاء المنتقدين».

نشأة سياسية مبكرة

وُلدت نيتومبو في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952 في قرية أوناموتاي، شمال ناميبيا، وهي التاسعة بين 13 طفلاً، وكان والدها رجل دين ينتمي إلى الطائفة الأنغليكانية. وفي طفولتها التحقت نيتومبو بمدرسة «القديسة مريم» في أوديبو. ووفق موقع الحزب الحاكم «سوابو» فإن «نيتومبو مسيحية مخلصة»، تؤمن بشعار «قلب واحد وعقل واحد».

في ذلك الوقت، كانت ناميبيا تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا، وكان شعبها تحت الاحتلال من دولة «جنوب أفريقيا»، مما دفع نيتومبو إلى الانخراط في العمل السياسي، والانضمام إلى «سوابو» التي كانت آنذاك حركة تحرير تناضل ضد سيطرة الأقلية البيضاء، لتبدأ رحلتها السياسية وهي في الرابعة عشرة من عمرها.

في تلك السن الصغيرة، أصبحت نيتومبو ناشطة سياسية، وقائدة لرابطة الشباب في «سوابو»، وهو ما أهّلها فيما بعد لتولي مناصب سياسية وقيادية، لكنها تقول إنها آنذاك «كانت مهتمة فقط بتحرير بلدها من الاحتلال»، مشيرةً في حوار مصوَّر نُشر عبر صفحتها على «فيسبوك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن «السياسة جاءت فقط بسبب الظروف، التي لو اختلفت ربما كنت أصبحت عالمة».

شاركت نيتومبو في حملة «ضد الجَلْد العلنيّ»، الذي كان شائعاً في ظل نظام الفصل العنصري، وكان نشاطها السياسي سبباً في إلقاء القبض عليها واحتجازها، عدة أشهر عام 1973، وهي ما زالت طالبة في المرحلة الثانوية. ونتيجة ما تعرضت له من قمع واضطهاد، فرَّت نيتومبو إلى المنفى عام 1974، وانضمت إلى أعضاء «سوابو» الآخرين هناك، واستكملت نضالها ضد الاحتلال من زامبيا وتنزانيا، قبل أن تنتقل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستها.

تدرجت نيتومبو في مناصب عدة داخل «سوابو»، فكانت عضواً في اللجنة المركزية للحركة من عام 1976 إلى عام 1986، والممثلة الرئيسية للحركة في لوساكا من عام 1978 إلى عام 1980. والممثلة الرئيسية لشرق أفريقيا، ومقرها في دار السلام من عام 1980 إلى عام 1986.

درست نيتومبو في كلية غلاسكو للتكنولوجيا، وحصلت على دبلوم في الإدارة العامة والتنمية عام 1987، ودبلوم العلاقات الدولية عام 1988، ودرجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية عام 1989 من جامعة كيل في المملكة المتحدة، كما حصلت على دبلوم في عمل وممارسة رابطة الشبيبة الشيوعية التابعة للاتحاد السوفياتي، من مدرسة «لينين كومسومول العليا» في موسكو.

ونالت الكثير من الأوسمة، من بينها وسام النسر الناميبي، ووسام «فرانسيسكو دي ميراندا بريميرا كلاس» من فنزويلا، والدكتوراه الفخرية من جامعة دار السلام بتنزانيا.

تزوجت نيتومبو عام 1983 من إيبافراس دينجا ندايتواه، وكان آنذاك شخصية بارزة في الجناح المسلح لجيش التحرير الشعبي في ناميبيا التابع لـ«سوابو»، وتولى عام 2011 منصب قائد قوات الدفاع الناميبية، وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2013، ولديها ثلاثة أبناء.

العودة بعد الاستقلال

بعد 14 عاماً من فرار نيتومبو إلى المنفى، وتحديداً في عام 1988، وافقت جنوب أفريقيا على استقلال ناميبيا، لتعود نيتومبو إلى وطنها، عضوة في حزب «سوابو» الذي يدير البلاد منذ الاستقلال.

تدرجت نيتومبو في المناصب وشغلت أدواراً وزارية عدة، في الشؤون الخارجية والسياحة ورعاية الطفل والمعلومات. وعُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة.

وعام 2002 دفعت بقانون عن العنف المنزلي إلى «الجمعية الوطنية»، وهو القانون الذي يعد أحد أبرز إنجازاتها، حيث دافعت عنه بشدة ضد انتقادات زملائها، ونقلت عنها وسائل إعلام ناميبية في تلك الفترة تأكيدها أن الدستور يُدين التمييز على أساس الجنس.

وواصلت صعودها السياسي، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، أصبحت نائبة رئيس ناميبيا. كانت أول امرأة تشغل مقعد نائب رئيس حزب «سوابو» بعدما انتخبها مؤتمر الحزب في عام 2017 وأعيد انتخابها في مؤتمر الحزب نوفمبر 2022، مما أهَّلها لتكون مرشحة الحزب للرئاسة عام 2024، خلفاً للرئيس الحاج جينجوب، الذي توفي خلال العام الماضي، وتولى رئاسة البلاد مؤقتاً نانجولو مبومبا.

صعوبات وتحديات

لم تكن مسيرة نيتومبو السياسية مفروشة بالورود، إذ اتُّهمت في فترة من الفترات بدعم فصيل منشق في حزب «سوابو» كان يسعى لخلافة سام نجوما أول رئيس لناميبيا بعد الاستقلال، لكنها سرعان ما تجاوزت الأزمة بدعم من هيفيكيبوني بوهامبا، خليفة نجوما.

يصفها أقرانها بأنها قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة غير صدامية. خلال حياتها السياسية التي امتدّت لأكثر من نصف قرن أظهرت نيتومبو أسلوباً عملياً متواضعاً في القيادة، ولم تتورط -حسب مراقبين- في فضائح فساد، مما يمنحها مصداقية في معالجة مثل هذه الأمور، لكنَّ انتماءها منذ الطفولة إلى «سوابو»، وعملها لسنوات من خلاله، لا ينبئ بتغييرات سياسية حادة في إدارة البلاد، وإن تعهَّدت نيتومبو بذلك.

ويرى مراقبون أنها «لن تبتعد كثيراً عن طريق الحزب، ولن يشكل وجودها على سدة الحكم دعماً أكبر للمرأة». وأشاروا إلى أن نيتومبو التي كانت رئيسة المنظمة الوطنية الناميبية للمرأة (1991-1994)، والمقررة العامة للمؤتمر العالمي الرابع المعنيّ بالمرأة في عام 1995 في بكين، ووزيرة شؤون المرأة ورعاية الطفل 2000-2005، «لا يمكن وصفها بأنها نسوية، وإن دافعت عن بعض حقوق النساء».

خلال الانتخابات قدمت نيتومبو نفسها بوصفها «صوتاً حازماً يتمحور حول الناس، وزعيمة سياسية وطنية، مخلصة للوحدة الأفريقية، مناصرةً لحقوق المرأة والطفل والسلام والأمن والبيئة»، وتبنت خطاباً يضع الأوضاع المعيشية في قمة الأولويات، متعهدةً بـ«خلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة» ليتصدر هذا التعهد وسائل الإعلام الناميبية، لكن أحداً لا يعرف إن كانت ستنجح في تنفيذ تعهدها أم لا.

تبدأ نيتومبو فترة حكمها بصراعات سياسية مع أحزاب المعارضة التي انتقدت نتيجة الانتخابات التي جعلتها رئيسة لناميبيا، تزامناً مع استمرار تراجع شعبية الحزب الحاكم. وفي الوقت نفسه تواجه نيتومبو عقبات داخلية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها نحو نصف السكان، مما يجعل مراقبون يرون أنها أمام «مهمة ليست بالسهلة، وأن عليها الاستعداد للعواصف».

ويندهوك عاصمة ناميبيا (أدوب ستوك)

حقائق

ناميبيا بلد الماس... و43% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر

في أقصى جنوب غربي القارة الأفريقية تقع دولة ناميبيا التي تمتلك ثروات معدنية كبيرة، بينما يعيش ما يقرب من نصف سكانها فقراً متعدد الأبعاد.ورغم مساحة ناميبيا الشاسعة، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة؛ ما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعّب المعيشة فيها. ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.وفقاً لموقع حكومة ناميبيا، فإن تاريخ البلاد محفور في لوحات صخرية في الجنوب، «يعود بعضها إلى 26000 عام قبل الميلاد»، حيث استوطنت مجموعات عرقية مختلفة، بينها «سان يوشمن»، و«البانتو» وأخيراً قبائل «الهيمبا» و«هيريرو» و«ناما»، أرض ناميبيا الوعرة منذ آلاف السنين.ولأن ناميبيا كانت من أكثر السواحل القاحلة في أفريقيا؛ لم يبدأ المستكشفون وصيادو العاج والمنقبون والمبشرون بالقدوم إليها؛ إلا في منتصف القرن التاسع عشر، لتظل البلاد بمنأى عن اهتمام القوى الأوروبية إلى حدٍ كبير حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمرتها ألمانيا، بحسب موقع الحكومة الناميبية.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي أطلقت عليها اسم جنوب غربي أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأدى اكتشاف الماس في عام 1908 إلى تدفق الأوروبيين إلى البلاد، وتعدّ ناميبيا واحدة من أكبر 10 دول منتجة للماس الخام في العالم، وتنتج وفق التقديرات الدولية نحو مليونَي قيراط سنوياً.شاب فترة الاستعمار صراعات عدة، وتمرد من السكان ضد المستعمر، تسبَّبا في موت عدد كبير، لا سيما مع إنشاء ألمانيا معسكرات اعتقال للسكان الأصليين، وعام 1994 اعتذرت الحكومة الألمانية عن «الإبادة الجماعية» خلال فترة الاستعمار.ظلت ألمانيا تسيطر على ناميبيا، التي كانت تسمى وقتها «جنوب غربي أفريقيا» حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت باستسلام ألمانيا، لتنتقل ناميبيا إلى تبعية جنوب أفريقيا، فيما تعتبره الدولة «مقايضة تجربة استعمارية بأخرى»، وفق موقع الحكومة الناميبية.في عام 1966، شنَّت المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، حرب تحرير، وناضلت من أجل الاستقلال، حتى وافقت جنوب أفريقيا في عام 1988 على إنهاء إدارة الفصل العنصري. وبعد إجراء الانتخابات الديمقراطية في عام 1989، أصبحت ناميبيا دولة مستقلة في 21 مارس (آذار) 1990، وأصبح سام نجوما أول رئيس للبلاد التي ما زال يحكمها حزب «سوابو». وشجعت المصالحة بين الأعراق السكان البيض في البلاد على البقاء، وما زالوا يلعبون دوراً رئيسياً في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.وتعد ناميبيا دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، حيث يعيش على مساحتها البالغة 824 ألف متر مربع، نحو ثلاثة ملايين نسمة. ويشير البنك الدولي، في تقرير نشره عام 2021، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، لكنها تحتل المركز الثالث بين دول العالم من حيث عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث يمتلك 6 في المائة فقط من السكان نحو 70 في المائة من الأملاك في البلاد، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكان ناميبيا في «فقر متعدد الأبعاد». وتدير ثروات البلاد الطبيعية من الماس والمعادن شركات أجنبية.وتمتلك ناميبيا ثروة برية كبيرة، لكنها تعاني بين الحين والآخر موجات جفاف، كان آخرها الصيف الماضي، ما اضطرّ الحكومة إلى ذبح أكثر من 700 حيوان بري من أجناس مختلفة، بينها أفراس نهر، وفيلة، وجواميس وحمير وحشية، وهو إجراء ووجه بانتقادات من جانب جمعيات البيئة والرفق بالحيوان، لكن حكومة ناميبيا دافعت عن سياستها، مؤكدة أنها تستهدف «إطعام السكان الذين يعانون الجوع جراء أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود».ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منتصف العام الحالي، فإن «نحو 1.4 مليون ناميبي، أي أكثر من نصف السكان، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 53 في المائة ومستويات مياه السدود بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي».