النظام يشن «حرب إبادة» في حلب.. و«الصليب الأحمر» تحذر من كارثة إنسانية

واشنطن تندد.. وتدعو روسيا لاستخدام نفوذها مع دمشق

امرأة مصابة في قصف من طيران الأسد على حي مأهول بالسكان في حلب استهدف مستشفى ميدانيًا وحيًا ليلة أول من أمس (رويترز)
امرأة مصابة في قصف من طيران الأسد على حي مأهول بالسكان في حلب استهدف مستشفى ميدانيًا وحيًا ليلة أول من أمس (رويترز)
TT

النظام يشن «حرب إبادة» في حلب.. و«الصليب الأحمر» تحذر من كارثة إنسانية

امرأة مصابة في قصف من طيران الأسد على حي مأهول بالسكان في حلب استهدف مستشفى ميدانيًا وحيًا ليلة أول من أمس (رويترز)
امرأة مصابة في قصف من طيران الأسد على حي مأهول بالسكان في حلب استهدف مستشفى ميدانيًا وحيًا ليلة أول من أمس (رويترز)

قالت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، إن الضربة الجوية التي نفذها النظام السوري على مستشفى في حلب «مُستهجنة»، ودعت روسيا إلى استخدام نفوذها للضغط على حكومة بشار الأسد لوقف الهجمات.
وقال جون كيربي المتحدث باسم الخارجية، إن الهجوم يحمل ملامح الهجمات التي شنتها قوات النظام على المنشآت الطبية وعمال الطوارئ فيما سبق. وأضاف أن وقف العمليات القتالية في سوريا «مُعَرض لخطر كبير» بسبب الانتهاكات المستمرة.
وأتت مجزرة «مستشفى القدس» في حلب وما تلاها من تكثيف القصف العشوائي على المدينة، أمس، لتؤكد ما أعلنته صحيفة «الوطن» السورية الموالية، أن قوات النظام استعدّت لـ«معركة حاسمة» لن تكون طويلة، فيما وصفت المعارضة ما يحصل في المدينة بـ«إبادة شعب» لأن «المعركة تكون بين طرفين متكافئين وليس ضدّ مدنيين آمنين»، بحسب ما قال قائد المجلس العسكري السابق في حلب، العقيد عبد الجبار العكيدي، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما يحصل في حلب يثبت بما لا يقبل الشك سقوط الهدنة.
وأكد العكيدي أن عدد قتلى «مستشفى القدس» الذي استهدف بطيران النظام ليل الخميس وصل إلى 52 شخصا، جميعهم من المدنيين، بينهم طبيب الأطفال الأخير في المناطق المحررة في حلب، محمد وسيم معاذ (35 عاما).
وأضاف العكيدي: «يبدو واضحا أن النظام يريد تهجير أهالي حلب بهدف فرض واقع ديموغرافي جديد في المنطقة، في وقت لا خيار أمام العائلات إلا الصمود ومواجهة الموت في ظل إقفال كل الطرق أمامهم، بعدما سقطت طريق الكاستيلو ناريا وأقفلت تركيا حدودها، فيما يسيطر النظام على طريق حندرات، وإقفال الطريق إلى ريف حلب الشرقي بسبب سيطرة (داعش). أما نحن فنحاول قدر الإمكان المواجهة برا ومنع قوات النظام وحلفائه من الدخول إلى المدينة، فيما ليس لدينا القدرة على مواجهة سلاح الجو السوري والروسي المتطور».
وشهدت المناطق الواقعة شمال مدينة حلب، خصوصا محيط مخيم حندرات الشهر الحالي، معارك بين المعارضة وقوات النظام التي تسعى إلى قطع آخر منفذ للفصائل إلى مدينة حلب ومحاصرتها بشكل كامل.
وأمس، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن تصاعد العنف في حلب يدفع من يعيشون تحت نيران القصف والتفجيرات إلى شفا كارثة إنسانية، بعدما سجّل مقتل مائتي مدني خلال أسبوع في المدينة، بينهم 35 مدنيا، الليلة قبل الماضية، إضافة إلى عشرات الجرحى، جراء استهداف الطيران الحربي الروسي مستشفى القدس الميداني في حي السكري الخاضع لسيطرة المعارضة. من جهتها، أفادت منظمة أطباء بلا حدود أن مستشفى القدس المدعوم من قبلها في شمال مدينة حلب السورية تعرّض لقصف صاروخي مساء يوم الأربعاء، مما أدى إلى مقتل ما لا يقلّ عن 14 شخصًا بينهم طبيبان.
ووفقًا لموظفي المستشفى الموجودين في الميدان، فقد دُمّر المستشفى جرّاء غارة جوية واحدة على الأقل قصفت مباشرة المستشفى الذي تحوّل إلى ركام. كما شُنَّت غارات جوية أخرى على مناطق قريبة في الحي الذي يقع فيه المستشفى، بحسب بيان للمنظمة.
وفي هذا السياق، وجّهت رئيسة بعثة «أطباء بلا حدود» في سوريا موسكيلدا زانداكا، رسالة بمثابة صرخة إلى أصحاب القرار، قائلة: «أين هو غضبكم مما يجري؟ أنتم من يتوجب عليهم إيقاف هذه المجزرة!».
وقال مكتب أخبار سوريا، إن الطيران استهدف بصاروخين فراغيين مبنى مسشفى القدس، ما أدى إلى مقتل أكثر من 35 مدنيا وإصابة أكثر من 50 آخرين بجروح بعضها خطرة، لافتا إلى أنّه من بين القتلى ممرضة وطبيبا أطفال وأسنان، وكثير من الأطفال الذين كانوا يتلقون العلاج داخل المشفى، إضافة إلى عدد من العمال، متوقعا ازدياد عدد القتلى في الساعات القادمة نظرا لوجود حالات خطرة بين المصابين.
وأكد المكتب خروج المستشفى عن العمل بعد تضرره بشكل كبير جدا، مشيرا إلى أنه كان يعد من أهم المشافي الميدانية في أحياء حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، إذ كان يستقبل يوميا ما يزيد عن 250 مريضا، إضافة إلى قيامه بالعمليات الجراحية، ما سيزيد الضغط على باقي المشافي بعد خروجه عن الخدمة.
وأشار الصليب الأحمر إلى أن المعارك الشرسة التي تندلع في حلب بين مقاتلي المعارضة والقوات التابعة للنظام السوري أدت إلى تفاقم محنة عشرات الآلاف من سكان المدينة، التي وصفتها اللجنة بأنها واحدة من أكثر المناطق تضررا من القتال في الصراع المندلع منذ خمسة أعوام.
وأمس، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 38 مدنيا على الأقل، بينهم خمسة أطفال، في تبادل قصف بين قوات النظام السوري والفصائل المعارضة في مدينة حلب.
ولفتت الوكالة إلى أنّ «هناك كثيرا من الأشخاص تحت الأنقاض، في الأحياء الشرقية وفرق الدفاع المدني تعبت كثيرا خلال الأيام الماضية»، واصفة الوضع بـ«السيئ جدا».
وتعد مدينة حلب من أبرز المناطق المشمولة بوقف الأعمال القتالية الساري منذ 27 فبراير (شباط)، الذي تم التوصل إليه بناء على اتفاق أميركي روسي حظي بدعم مجلس الأمن.
وأمس، ذكرت صحيفة «الوطن» المحسوبة على النظام، أن «الجيش السوري حشد واستعد لمعركة حاسمة لن تكون طويلة، بحسب قولها، في منطقة حلب. وختمت صحيفة «الوطن» بالقول إن «المنطقة قبل معركة حلب لن تكون كما هي بعد المعركة».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.