السفير السعودي لدى اليمن يستعرض سير المشاورات مع نظرائه الخليجيين

جهود سعودية لتقريب وجهات النظر بين الشرعية والانقلابيين

السفير السعودي لدى اليمن يستعرض سير المشاورات مع نظرائه الخليجيين
TT

السفير السعودي لدى اليمن يستعرض سير المشاورات مع نظرائه الخليجيين

السفير السعودي لدى اليمن يستعرض سير المشاورات مع نظرائه الخليجيين

استعرض سفراء دول الخليج في اليمن، أمس، المستجدات وتسهيل عملية سير المشاورات اليمنية - اليمنية، والدفع بها باتجاه عملية السلام، وذلك خلال لقاء قام به السفير محمد آل جابر، السفير السعودي لدى اليمن، حيث لعبت السعودية دورًا في الملف اليمني لإنقاذه من الانقلاب، وبسط نفوذ الشرعية اليمنية، وتحرير جزء كبير من المناطق اليمنية من الميليشيات الحوثية، وأتباع المخلوع صالح، والدعم الإغاثي والإنساني، مرورًا باتفاقية «ظهران الجنوب» بين الأطراف اليمنية لإيقاف إطلاق النار، ودخول المساعدات العاجلة.
ودخلت السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، خلال الفترة الماضية، في تقدم ملحوظ، عبر إيجاد توافق بين الأطراف اليمنية، تجاه السلام في اليمن، خصوصا في مبادرة بدء الهدنة، والرفع بها إلى الأمم المتحدة، وبحسب مصدر مطلع في الكويت، لـ«الشرق الأوسط»، أكد أن اتفاقية «ظهران الجنوب» التي وقعت بين الأشقاء اليمنيين مطلع الشهر الجاري فرضت الهدنة، وساعدت على تخفيف حدة التوتر.
وقال المصدر إن السعودية سعت لتوافق سلمي بين الأطراف اليمنية، مما شجع على الأخذ بمقترح الهدنة، واستضافت الكويت الأطراف اليمنية لعقد المشاورات التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، مشيرًا إلى أن اتفاقية «ظهران الجنوب» تضمنت تعيين لجنة عسكرية ميدانية مشكلة من الطرفين، إضافة إلى ثلاثة أعضاء من التحالف العربي، تعنى بالإشراف على وقف إطلاق النار في محاور القتال في مديريتي ميدي وحرض في محافظة حجة، وتقوم اللجنة العسكرية بتحديد الفاصل ونقاط فك الاشتباك بين الجانبين في ميدي وحرض، على أن يبدأ الطرفان فور توقيع الاتفاق وبرعاية ممثلي المملكة العربية السعودية.
وأضاف: «كذلك إعادة فتح منفذ حرض والطوال في محافظة حجة، من أجل الإغاثة والاحتياجات الإنسانية فقط، على أن يتم ذلك بإدارة لجنة عسكرية مشكلة من الطرفين، وبإشراف السعودية». وأكد المصدر، أن الطرفين اليمنيين ثمنا ما تقوم به السعودية من جهود كبيرة لحل الأزمة اليمنية، والتوفيق بين جميع الأطراف، وصولاً إلى حلول كاملة وشاملة تصب في مصلحة الشعب اليمني، كما طلب الطرفان من السعودية استمرارها في هذه الجهود البناءة والإيجابية، وأبدى الطرفان رغبة جدية من الرياض في أن ترعى السعودية اتفاقا للترتيبات مستقبلاً، يشمل بعض المحافظات اليمنية التي تشهد نزاعًا مسلحًا بين الجانبين.
وأشار المصدر إلى الاتفاقيات الميدانية التي بدأت تتوالى في الميدان، في تعز والجوف والبيضا، وبدأت الأطراف تتجه إلى فرض الهدنة، وتخفيف حدة التوتر بينهما، خصوصا مع وجود بعض الخروقات، إضافة إلى تخفيف الطلعات الجوية إلا في حال طلب الجيش اليمني من التحالف التدخل.
وأشار المصدر إلى أن الكويت تشهد تفاؤلا سعوديا خليجيا أمميا بناء لسلام جديد بين الأطراف اليمنية، يتم إنشاؤه على أرضية صلبة من المرجعيات الوطنية اليمنية، والمبادرة الخليجية، والقرارات الأمنية، أبرزها قرار مجلس الأمن الدولي «2216»، من أجل دعم الشرعية اليمنية، وعدم السماح بأي تشكيل صراع جديد، برعاية أممية، يقوم بها المبعوث لدى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
من جهة أخرى، عقد السفير محمد آل جابر، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليمن، حفل غداء مع سفراء دول الخليج في اليمن، أمس، في الكويت، واستعرضوا المستجدات وتسهيل عملية سير المشاورات اليمنية - اليمنية، والدفع بها، باتجاه عملية السلام.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.