بيت السناري يحتضن معرض «مقتنيات نور الشريف» في ذكرى ميلاده الـ70

يضم مكتبه وألف كتاب وصور زفافه وأوراق فيلم «ناجي العلي»

تكريم مكتبة الاسكندرية لأسرة  نور الشريف
تكريم مكتبة الاسكندرية لأسرة نور الشريف
TT

بيت السناري يحتضن معرض «مقتنيات نور الشريف» في ذكرى ميلاده الـ70

تكريم مكتبة الاسكندرية لأسرة  نور الشريف
تكريم مكتبة الاسكندرية لأسرة نور الشريف

بمناسبة ذكرى ميلاده السبعين، يحتضن بيت السناري الأثري، بالسيدة زينب، التابع لمكتبة الإسكندرية، معرضا فريدا يضم مقتنيات الفنان المصري الراحل نور الشريف، الملقب بـ«ابن رشد السينما المصرية»، التي أهدتها أسرته (الفنانة بوسي وابنتاه مي وسارة) لمكتبة الإسكندرية، حفاظا عليها، وبغرض إتاحتها لعشاقه ومحبيه.
ويمكن لزائر المعرض التعرف على شخصية الفنان نور الشريف من خلال مقتنياته، فمن خلال نظرة على مكتبه الذي حرص على أن يكون من «الأرابيسك» ذو الطراز الإسلامي، يمكنك التعرف على مدى تعلق نور الشريف بالتراث المصري والعربي، وعشقه للتاريخ، من خلال ما جمعه من تحف تمثل حضارات البلدان التي كان يزورها. كما ستتعرف على حبه لفن التصوير، وعنايته بتوثيق كل اللحظات الهامة في حياته بالصور، وسوف ترى صورا تجسد مختلف مراحل حياته منذ طفولته مرورا بشبابه. وسوف تستعيد ذكرياتك مع أفيشات أفلامه الخالدة: «حبيبي دائما»، «العاشقان»، «الطيب والشرس والجميلة»، «ناجي العلي»، «آخر الرجال المحترمين»، تلك الأفلام التي تركت علامة في السينما المصرية والعربية.
وبكلمات مؤثرة لا تخلو من الحنين والألم، ألقت الفنانة بوسي كلمة في افتتاح المعرض، قائلة: «هذا المعرض أعتبره هدية متواضعة في عيد ميلاد نور الشريف، وسعادتي بهذا المعرض تكمن في كونه مقاما في حي السيدة زينب، الحي الذي نشأ وتربى فيه نور، لذا نشعر بوجوده معنا»، وحاولت النجمة بوسي إخفاء دموع الحزن على شريك العمر والفن، مضيفة: «سوف يرى زوار المعرض مقتنيات نور الشريف تعرض لأول مرة، وسوف يلاحظون تنوع الكتب وقراءاته التي كانت تشمل مجالات الفلسفة والفن والماكياج والطب والعلوم الإنسانية وفنون الأدب والمسرح، والتي سوف تكون متاحة لعشاقه للاطلاع عليها بمكتبة الإسكندرية».
وقد حرصت ابنته مي نور الشريف على الإشراف على نقل مقتنياته الخاصة من منزله كاملة، بما فيها مكتبه وأدواته المكتبية، وصور زفافه على والدتها، والسيناريوهات الخاصة بأعماله، التي تتضمن تعليقاته عليها، وقالت: «أردت أن يرى محبيه وعشاق فنه كيف كان يستعد لأي عمل بالبحث والتنقيب عن المعلومات، وكيف كان يؤهل نفسه لكل شخصية يؤديها، ونتمنى أن نكون قد حققنا أمنيته لأنه كان يرغب في أن يهدي كتبه التي جمعها بعناية شديدة لمكان أمين يحافظ عليها، ويفيد بها كل الناس».
ونفت مي اعتزام أسرة الفنان إصدار كتاب يحوي مذكراته، قائلة: «نور الشريف طوال عمره كان شديد الوضوح فيما يخص حياته الأسرية والفنية، ودائما كان يعبر عن آرائه بكل شجاعة، فقد كانت حياته كتابا مفتوحا».
وقد حضر افتتاح المعرض عدد من أصدقاء الفنان الراحل، الذين شاركوه مسيرته الفنية الطويلة، ومن بينهم إلهام شاهين، وميرفت أمين، ومحمود حميدة، وهالة صدقي، وأحمد زاهر، والمخرج محسن أحمد، والمنتج محمد العدل، والإعلامية بوسي شلبي.
كما قدم الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات بمكتبة الإسكندرية، درع تكريم لأسرة الفنان نور الشريف، وشهادة تقدير نيابة عن مكتبة الإسكندرية، وقال عزب في كلمته: «نور الشريف هو (الفنان المثقف)، فهو من أهم الفنانين الذين عبروا عن هموم الناس بمختلف طبقاتهم، والمتغيرات العميقة التي مرت بالمجتمع المصري، وكان حريصا بشكل كبير على اختيار أدواره».
وقالت شيرين الصاوي، المسؤولة عن معرض نور الشريف ببيت السناري، لـ«الشرق الأوسط»: «استغرق الإعداد للمعرض نحو 4 أشهر كاملة، قمنا خلالها بإعداد قوائم بالكتب والمقتنيات في منزله بمدينة السادس من أكتوبر، حيث حرصت أسرة الفنان نور الشريف على جعل هذا المعرض مختلفا، وذلك منذ أن أعلنوا عن رغبتهم في نقل مكتبته التي تضم 6 آلاف كتاب في مختلف المجالات لمكتبة الإسكندرية، التي قمنا بعرض ألف منها في هذا المعرض، والتي تتضمن ملاحظات بخط يده، توضح أهمية المعلومات أو تشابهها مع كتب أخرى، وأيضًا كتب عليها توقيعات من كبار الأدباء في الوطن العربي»، موضحة: «سوف تتاح الكتب على أرفف مكتبة الإسكندرية خلال شهرين بمكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة».
وأضافت الصاوي: «يضم المعرض أيضًا نحو 30 أفيشا و«برس بوك» لأهم أفلامه، ومجلات عربية وأجنبية تتحدث عن أعماله، فضلا عن تكريمات وصور له منذ عام 1977 مع شخصيات مرموقة، منها صور تكريم الرئيس الفلسطيني عباس أبو مازن أثناء عرض مسرحية «لن تسقط القدس»، وشهادات تقدير من مهرجانات مصرية وعربية، وصور العرض الخاص في مهرجان كان لفيلمي «عمارة يعقوبيان» و«ليلة البيبي دول».
ويتضمن المعرض أوراق تحضير فيلم «ناجي العلي»، وأماكن التصوير، حيث كان نور الشريف منتج الفيلم، وكذلك أوراق فيلم «العاشقان»، التي سيتم أتاحتها على موقع «ذاكرة مصر المعاصرة»، خلال أشهر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».