الوازعية شبه خالية من السكان والميليشيات تجبر من تبقى على النزوح

8419 حالة اختطاف وتعذيب ارتكبتها الميليشيات الانقلابية

الوازعية شبه خالية من السكان والميليشيات تجبر من تبقى على النزوح
TT

الوازعية شبه خالية من السكان والميليشيات تجبر من تبقى على النزوح

الوازعية شبه خالية من السكان والميليشيات تجبر من تبقى على النزوح

يعيش أهالي الوازعية في محافظة تعز، إحدى بوابات محافظة لحج الجنوبية، وضعا مأساويا، بعدما تمكنت الميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح من السيطرة على مركز المديرية (الشقيراء) وعدد من القرى. وتواصل الميليشيات الانقلابية ارتكاب مجازرها في هذه المديرية من خلال القصف العنيف وبشكل هستيري على قراها، مما أجبر أهلها على النزوح منها، لتصبح شبه خالية من السكان. كانت قد هجرت الميليشيات الانقلابية، الأسبوع الماضي، أكثر من 30 ألف مواطن من أبناء الوازعية، وأجبرت ما تبقى من سكانها في عزلة الظريفة الخروج من منازلهم والنزوح إلى محافظة لحج ومدينة عدن الجنوبية، وأرياف الحُجرية، أكبر قضاء في محافظة تعز. كما استمرت الميليشيات في التحشيد والدفع بتعزيزات عسكرية من أجل التقدم إلى اتجاه مديرية التربة، عاصمة قضاء الحجرية، عبر مديرية الشمايتين. وقال الناشط الحقوقي، محمد سعيد الشرعبي، من أبناء تعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، تواصل انتهاكاتها وجرائمها ضد المواطنين في مديرية الوازعية، من خلال القصف المستمر على القرى بصواريخ الكاتيوشا والمدافع، حيث قصفت وبشكل عنيف قرى عزلة الظريفة، بالإضافة إلى تهجير المواطنين من تبقى في المديرية».
وأضاف أن «الميليشيات الانقلابية تحاول التقدم إلى مديرية التربة في اتجاه الصبيحة، من خلال التحشيد والدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى أطراف مدينة تعز، وتقوم بقصف مواقع المقاومة الشعبية في الظريفة والمنصورة، جنوب وغرب مديرية الوازعية، غير أن أبطال المقاومة الشعبية تمكنوا بعد مواجهات عنيفة من إحباط تقدم الميليشيات في اتجاه الظريفة والمنصورة». ويأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات الانقلابية خرقها للهدنة في مدينة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، من خلال القصف العنيف والمستمر على أحياء تعز وقرى حيفان، جنوب المدينة، وخاصة المواقع التي تسيطر عليها قوات الشرعية، الجيش الوطني والمقاومة الشعبية. واشتدت هجمات ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح على الجبهات الغربية والشرقية لمدينة تعز، حيث تمكنت عناصر الجيش الوطني والمقاومة العشبية من صد هجمات الميليشيات الانقلابية بما فيها الهجمات المستمرة على معسكر اللواء 35 مدرع في المطار القديم، غرب المدينة.
وطالب الجرحى في وقفة احتجاجية، شارك فيها القيادي في المقاومة الشعبية الشيخ شوقي سعيد المخلافي، واللواء أمين الوائلي، عضو المجلس العسكري في محافظة أب، وبتنسيق من رابطة إعلاميات تعز، الحكومة اليمنية بسرعة إنقاذهم وعلاجهم بعدما تدهورت حالتهم، وكذا رفع الحصار عنهم ليتمكنوا من السفر والعلاج في ظل الحالة المزرية التي وصلت إليها مستشفيات محافظة تعز جراء قصف الميليشيات الانقلابية ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية وأسطوانات الأكسجين.
في السياق ذاته، دشنت المنظمة الوطنية للتنمية الإنسانية، منظمة مجتمع مدني محلية غير حكومية، تقريرها الحقوقي في محافظة تعز تحت عنوان «الموت تحت سياط التعذيب»، حيث تناول التقرير الأشخاص المخفيين قسرا الذين يواجهون التعذيب في سجون ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح. وأعلنت المنظمة أنه تم توثيق حالات اختفاء قسري وتعذيب للمواطنين في عموم محافظات الجمهورية منذ سبتمبر (أيلول) 2014، وحتى نهاية شهر مارس (آذار) 2016، حيث رصد فريق المنظمة عدد المختطفين بـ(8419) شخصا بينهم (2338) مخفيا قسرا و(4689) حالة تعذيب ارتكبتها الميليشيات الانقلابية. وطالبت المنظمة الوطنية للتنمية الإنسانية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد والمنظمات الدولية بفتح تحقيق عاجل في حالات التعذيب والاختفاء القسري التي ارتكبتها الميليشيات الانقلابية، وما ترتب عليها من حالات قتل وأضرار نفسية ومعنوية داخل سجون الميليشيات والتحرك السريع والضغط لإنقاذ حياة المعذبين والمختفين قسريا. كما شددت على ضرورة قيام الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي اتخاذ التدابير لمنع أعمال الاختفاء القسري والتعذيب وتوفير الحماية اللازمة لمدافعي حقوق الإنسان. وبينما تواصل الميليشيات الانقلابية حصارها المطبق على جميع منافذ المدينة وتمنع دخول المواد الغذائية والدوائية وكل المستلزمات بما فيها مياه الشرب، دشنت مؤسستا «سبل» و«قطر الخيرية»، المرحلة الثانية من مشروع تأهيل آبار مدينة تعز، لتشغل بذلك 8 آبار رئيسية لمياه الشرب في المدينة. وبدأ التدشين بتشغيل بئر الوحدة وسط المدينة، التي تغذي خزان منطقة جبل جرة، الذي تبلغ سعته الكلية 6 آلاف متر مكعب. وقال مدير مؤسسة سبل في محافظة تعز، عادل سعيد، في تصريح له، إن «بئر الوحدة تغذي عددا من المناطق المحيطة بمنطقة وادي القاضي، حيث ستغطي احتياجات ما يقرب من 5 آلاف أسرة من مياه الشرب النقية، وإن المؤسسة تعمل على افتتاح 7 آبار رئيسية أخرى في الأيام القادمة في أحياء متفرقة من مديريات المدينة المحاصرة، وهي بئر التعاون، البتول، المطهر، وآبار مساجد دار القرآن، السقا، الغفران وخزانات مستشفى الروضة».
وكانت مؤسسة سبل قد دشنت أواخر العام الماضي، المرحلة الأولى من نفس المشروع الذي استهدف تشغيل 8 آبار مياه للشرب في المدينة، ولمدة 3 أشهر، بالإضافة إلى تنفيذ عدد من المشاريع الأخرى بدعم وتمويل من جمعية قطر الخيرية.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.