مصادر دبلوماسية: موسكو تجهض اجتماعًا لمجموعة دعم سوريا لتجنب مسؤولية التدهور الميداني

دي ميستورا يطلع مجلس الأمن الليلة على تطور المحادثات والوضع الميداني

المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا عند وصوله إلى اجتماع مع وفد النظام بمقر الأمم المتحدة بجنيف أمس (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا عند وصوله إلى اجتماع مع وفد النظام بمقر الأمم المتحدة بجنيف أمس (إ.ب.أ)
TT

مصادر دبلوماسية: موسكو تجهض اجتماعًا لمجموعة دعم سوريا لتجنب مسؤولية التدهور الميداني

المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا عند وصوله إلى اجتماع مع وفد النظام بمقر الأمم المتحدة بجنيف أمس (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا عند وصوله إلى اجتماع مع وفد النظام بمقر الأمم المتحدة بجنيف أمس (إ.ب.أ)

تنتهي اليوم في جنيف الجولة الثالثة من محادثات السلام غير المباشرة التي يقودها المبعوث الدولي ستيفان دي كسابقتيها من غير تحقيق أي تقدم ذي معنى في الجوهر أي في تحقيق اختراق في موضوع الانتقال السياسي وآلياته، فيما الوضع الميداني يزداد تدهورا إلى حد انهيار الهدنة المسماة وقف الأعمال العدائية التي انطلقت في 27 فبراير (شباط) الماضي.
وينتظر أن يتحدث دي ميستورا هذه الليلة إلى مجلس الأمن الدولي في اجتماع مغلق لاطلاعه على «النتائج» وعلى ما آلت إليه محادثاته مع وفدي النظام والهيئة العليا للمفاوضات الذي «علق» مشاركته في المحادثات الأسبوع الماضي وغادر بغالبيته جنيف احتجاجا على الانتهاكات الواسعة للهدنة وإبقاء الحصار على كثير من المدن والقرى وبقاء ملف المعتقلين على حاله ورفض النظام الدخول في جوهر المحادثات.
وقالت مصادر دبلوماسية غربية موجودة في جنيف، إنه «من الواضح أن المحادثات لا يمكن أن تستمر من غير مشاركة وفد الهيئة العليا» الذي لن يعود إلى المدينة السويسرية «ما لم توفر له الحجج المقنعة لذلك». وبرأي هذه المصادر، فإن قرار الهيئة «مرتبط إلى حد ما بما حصل في مناقشات دي ميستورا مع وفد النظام» أي مدى قبوله وانخراطه في محادثات تتناول العملية الانتقالية من جهة، ومن جهة أخرى تحقيق بعض المطالب التي يربط بها عودته، أولها احترام قوات النظام والقوى التي تسانده اتفاق وقف الأعمال العدائية بشكل جدي. ومن غير ذلك، فإن وفد الهيئة «سيخسر أي مصداقية» يتمتع بها لدى الفصائل المقاتلة أو لدى جمهوره. وبالمقابل، فإن دي ميستورا الذي طلب مساندة مجموعة الدعم لسوريا ومجلس الأمن «يريد أن يعطي الانطباع بأن مهمته مستمرة رغم تعليق وفد المعارضة مشاركته»، وأنه يسير وفق البرنامج الذي وضعه أصلا، الذي يقول بوقف للمحادثات لمدة عشرة أيام أو أسبوعين على أن تستأنف في الثلث الأول من مايو (أيار) المقبل.
بيد أن المساندة - التي كان يتوقعها دي ميستورا من اجتماع مجموعة الدعم على المستوى الوزاري الذي أرادت دول غربية مثل فرنسا حصوله قبل نهاية الشهر الحالي - لن تصل؛ لأن موسكو تعارض انعقاده وفق ما أعلن المتحدث باسم الخارجية الروسية بيسكوف. وقالت المصادر الغربية إن رفض موسكو التي تترأس مع واشنطن مجموعة الدعم، يعود لـ«رغبتها في تجنب توجيه الاتهامات إليها، إذ كان من المنتظر أن يركز الوزراء المجتمعون على انتقاد موقفها؛ بسبب عجزها أو عدم رغبتها في لجم النظام السوري عن انتهاك الهدنة»، ولكونها «الضامن لسلوكه وأدائه»، وهي بالتالي «مسؤولة تجاه الأسرة الدولية عما يقوم به».
واللافت فيما حصل في الساعات الأخيرة من الجولة المنتهية في جنيف كان كثافة الاجتماعات التي عقدها المبعوث الدولي مع وفد النظام الذي يديره السفير بشار الجعفري. فلقاء الاثنين دام ست ساعات فيما لقاء الأمس دام ثلاث ساعات. وبحسب المصادر الغربية المشار إليها، فإن هذه المدد الطويلة يمكن فهمها من طريقين: فإما أن تكون مؤشرا لقبول وفد النظام، أخيرا، مناقشة المرحلة الانتقالية وتقديم تصوره لها كما يطالب دي ميستورا منذ الجولة الثانية، أو أنه مستمر في التذرع بحجج من مختلف الأنواع لتأخير هذا الاستحقاق. وأمس، التقى دي ميستورا مساء مجموعة من السفراء من بين «النواة الصلبة» لأصدقاء الشعب السوري لاطلاعهم على آخر التطورات وعلى ما حصل مع وفد النظام. وبعكس ما قيل عن مغادرة كل أعضاء وفد الهيئة العليا للمفاوضات جنيف، فإن المصادر الغربية أكدت استمرار وجود «خلية اتصال» في المدينة السويسرية كان وصفها منسق الهيئة العليا بالمجموعة «التقنية».
وحتى أمس، لم تكن قد تسربت معلومات مؤكدة عما حصل في اجتماع الزعماء الغربيين الخمسة في مدينة هانوفر الألمانية بشأن الملف السوري. لكن أوساطا مطلعة في باريس أشارت إلى أن الأمر الواضح أن الرئيس الأميركي باراك أوباما «ليس على استعداد لتغيير نهج تعامله مع الأزمة السورية وأن تركيزه الرئيسي حتى اليوم منصب على أمرين: الأول، محاربة «داعش»، وبالتالي لا نية لديه للانخراط بشكل أكبر في الحرب السورية. والثاني وصفه محادثات جنيف بالسبيل الوحيد لإنهاء الأزمة وليس أي طريق آخر. ولعل أفضل برهان على ذلك رفضه السير في مسألة إنشاء «منطقة آمنة» للسوريين الذين يفرون من مناطق القتال وما يشكلونه من ضغط على أوروبا؛ إذ إن الحجج التي ساقها أوباما «تدل بوضوح على عزمه البقاء بعيدا قدر الإمكان عن الحرب السورية وتداعياتها واحتمال مواجهة مباشرة مع النظام أو مع روسيا». أما بشأن الـ250 جنديا من القوات الخاصة الذين يريد إرسالهم إلى سوريا، فإن مهمتهم وفق الأوساط نفسها: «المساعدة في الحرب على «داعش» وليس المساعدة في محاربة النظام»؛ مما يعني أن هذه النقلة «ليست سوى إعادة إنتاج لخطط عسكرية سابقة لم يكتب لها النجاح، وكانت موضع انتقادات عنيفة من داخل الولايات المتحدة نفسها. كذلك فإن حديثه عن ضغوط إضافية على روسيا وإيران من جهة وعلى المعارضة من جهة أخرى، فإن كثيرا من المراقبين يتساءلون عن طبيعة هذه الضغوط التي لم يظهر لها أي نتيجة ميدانية رغم الاتصالات الأميركية - الروسية المكثفة.
ولا يبدو الاتحاد الأوروبي بعيدا عن هذه الرؤية؛ إذ قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد فدريكا موغيريني في حديث لإذاعة «فرانس أنتير»، أمس، إن ما يتعين التركيز عليه اليوم هو «ممارسة مزيد من الضغط على الأطراف السورية» لاستئناف المحادثات، وأن المشكلة اليوم «ليست مصير شخص الأسد الذي ليس مطروحا بقاؤه في السلطة (إلى ما لا نهاية)، بل كيف نستطيع إطلاق المسار السياسي وإصلاح الدستور وإصلاح نظام الحكم بشكل جدي ومعمق والاحتفاظ ببنى الدولة، وأن يسير ذلك بجانب قيام مسار انتقال سياسي واضح». وبمواجهة الموقف المتذبذب لـموغيريني، تبدو باريس «حازمة» في التعبير عن موقفها الذي نقله الوزير جان مارك أيرولت لرياض حجاب، أول من أمس، في اتصال هاتفي. وجاء في بيان لوزارة الخارجية أن أيرولت حمل النظام في سوريا «الجزء الأكبر من مسؤولية» انتهاكات الهدنة داعيا إلى ممارسة «الضغوط الضرورية» عليه لاحترامها وللانخراط جديا في المحادثات. كذلك نوه الوزير الفرنسي بـ«الدور البناء» الذي لعبته المعارضة في جنيف عن طريق تقديمها لاقتراحات ملموسة للعملية الانتقالية. ونوه حجاب وأيرولت بأهمية أن تستعيد الأسرة الدولية المبادرة لإعادة إطلاق المسار السياسي، فيما وعد الوزير الفرنسي بالقيام بالاتصالات اللازمة مع «شركاء» باريس.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.