معرض «إمارات الرؤى» يعرض 20 عملاً فنيًا في أبوظبي

الفنان الإماراتي «محمد الاستاد» يهرب من التقليد بدفن لوحاته في الرمل

الفنان الإماراتي «محمد الاستاد»
الفنان الإماراتي «محمد الاستاد»
TT

معرض «إمارات الرؤى» يعرض 20 عملاً فنيًا في أبوظبي

الفنان الإماراتي «محمد الاستاد»
الفنان الإماراتي «محمد الاستاد»

يسلط معرض «إمارات الرؤى» الضوء على المنجزات الفنية التي حققتها مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون على مدى عقدين كاملين، بالإضافة إلى 20 عملا فنيا و30 قطعة فنية مستعارة تجسد روح الإمارات عبر إبداعات عدد من الفنانين الإمارتيين تحت أسماء: «الأمة والوحدة»، و«الجغرافيا والطبيعة»، و«العمارة والعمران»، و«البورتريه والهوية»، و«الدين الروحانية»، و«اللغة والخط العربي»، و«التقاليد والتراث».
ويجسد عمل أمنة الدباغ من خلال تصوير كلمة «متحدون» تحت عنوان «الأمة والوحدة» مطبوعة بلغات متنوعة لسكان الإمارات التي تحتضن أكثر من 200 جنسية مختلفة والكثير من اللغات واللهجات.
أما سارة العقروبي فهي تقدم صورة طبيعية للإمارات، وشكلت منحوتتها البلورية «وردة الصحراء» من الرمال مضامين مادية متقنة الأسلوب والتركيب احتفاء بمفهوم التنوع بينما ترمز الأقراص المتشابكة إلى قوة الوحدة.
وفي «الجغرافيا والطبيعة» يهرب الفنان محمد الاستاد من اللوحة التقليدية للبيئة الطبيعية ليجسد اللوحات القماشية «دانات الشواطئ» بدفن لوحاته مع قطع معدنية في الرمال أمام الشاطئ ليكون لونها الصدئ الذي يخرج من المعادن إلى القماش مشكلا أشكالا جديدة في عالم الفن.
وفي هذا المجال يقول الفنان الإماراتي محمد الاستاد لـ«الشرق الأوسط» إن تجربته تعد جديدة في عالم الفن التشكيلي أو المعاصر وتجمع بين الطباعة والرسم والثقافة، تم تسميتها بفن «دانات الشواطئ»، أضاف قائلا: «أنا بدأت التجربة من 7 إلى 8 سنوات والفكرة هي إضافة فن جديد لعالم الفن العالمي، ولكي تكون مميزة لا بد أن تدرس كل الفنون التي حولك، والمعروف أن كل الفنانين يستخدمون الأدوات المعروف لفن الرسم من ألوان وفرش وكانفاس، وأنا قد أتيت بخامة جديدة وهي مادة صدأ الحديد لرسم اللوحات. ويذكر الاستاد «أن طريقة إعداده أجمل من اللوحات نفسها عندما تذهب إلى البحر وتحفر الأرض في عمق 30 سنتيمترا وتعمل مثل القبر وكانت تسمى التجربة في الأول بـ«قبور الشواطئ» ولكن تمت تسميتها إلى «دانات الشوطئ»، وهي أكثر إيجابية من «قبور الشواطئ»، تعتمد على قصاصات الحديد التي تضع على الكانفاس بأشكال مختلفة، ثم تدفن في الرمل. وبعد 3 أسابيع يمكنك إخراجها من الرمل ثم غسلها حيث يظهر لك العمل الفني، وكل درجات اللونين البني والأسود وتقدر تضيف عليه فقط لتوضيح الأشكال، وهذه التجربة تعد طريقة جديدة في العمل الفني، التي تعتمد على لون صدا الحديد الذي يتم عن طريقة المد والجز لمياه البحر التي تقوم بإخراج الصدأ من أشكال الحديد التي تدفن مع الكانفاس في رمال شواطئ البحر».
أما الفنان محمد أحمد إبراهيم فاتخذ من «جبال خورفكان» في الإمارات أداة وموقعا لعمله الفني «مشروع قبة» المكون من 8 قبب مستوحى من الأماكن القديمة للعبادة والحج.
ويجسد عمل الفنانة ليلى جمعة «ورقة» الحركة لورقة متساقطة في عمل معاصر مصنوع من الفولاذ يبرز مفهوم الأناقة في تناقض مع صلابة المواد المصنوعة منها.
بالانتقال من الطبيعة إلى التدخلات المعمارية والحضرية، جسد عمل «الرحال» للمصمم خالد الشعفار المستوحى من أسلوب بناء بيوت العريش القديمة.
كما يظهر عمل الفنانة إيمان الهاشمي «حولها» روعة المشهد الحضري باستخدام مجموعة من الوسائط تدعو المشاهد إلى النظر إلى مرآة معلقة بالأعلى. أما الأنماط المطبوعة في العمل تجسد نسخا تجريدية لتفاصيل اكتشفتها الهاشمي خلال رحلات فردية قام بها حول العالم. ويعد عمل الفنانة الهاشمي «تداخل الساحل» تجميعا لصور تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية لأبوظبي يمنح فوضى المدينة ضمن أنماط إيقاعية جميلة.
كما يوثق «خالد مزينة» محلات الشاورما التي لا تغيب شعبيتها أبدا، وذلك من خلال عمل المطاعم الشعبية في الإمارات.
أما «البورتريه والهوية» يصور موضوع علاقة الفرد مع الوطن، فعمل الفنان عمار العطار «عكس الزمن» يعد بمثابة بحث أرشيفي في استوديوهات التصوير بدولة الإمارات خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي، وتعكس لوحاته انعكاسا لأنماط الحياة الفردية في الإمارات.
أما بوترين «عائلة» للفنانة لطيفة بنت مكتوم يصور بأسلوب الكولاج الرقمي وقفة عائلية في مكان تاريخي (بيت جدها الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم)، وتتميز هذه الصورة بالخصوصية في إشارة إلى مكانة الفرد في الأمة.
وفي «الدين والروحانية» ركزت الفنانة عائشة جمعة في عملها «الرحيل إلى الداخل» على هذا النوع من التأمل الداخلي؛ حيث يوفر مساحة واقعية تتيح للمشاهد تأمل مثل هذه الجوانب الغامضة داخل صندوق أسود كبير يحتوي على كرة بيضاء يمكن السير بداخلها متيحة لمشاهدة واحدة فقط أن يطوف حول محورها الداخلي.
وتتحدث عائشة عن عملها: «يجسد صندوقي الأسود احتفاء بالحيز الذي يتيحه المعرض ملاذا للفنون ووسائل الحياة المقدسة؛ حيث تلتقي كل أمم العالم بسلام».
وفي مجال الخط العربي واللغة يعد مجسم الفنانة عزة القبيسي من الحرف العربي «الضاد»، وهو الحرف الوحيد الذي لا يلفظ في لغات أخرى احتفاء بالسمات الفريدة للغة العربية وفهمها في نفسها أولا ثم المشاهدين.
أما «التقاليد والتراث» يضم أعمالا تجمع بين التقليد والحداثة، فيجسد سعيد المدني في عمله التطريزي «المها العربي» مشهدا بانوراميا لاثنين من حيوانات المها العربية وهو تصوير مبتكر لأحد رموز الثقافة الخليجية. في حين يجسد عمل خالد البنا «عرس» انفجارا قماشيا ملونا في لحظة فوضوية جميلة. كما يجسد عمل الفنانة سلامة نصيب «ذكرى نقوش» ذكرياتها الشخصية حول فساتين والدتها في عمل تركيبي معاصر. أما عمل «الرجل الذي بنى أمة» للفنانة فاطمة المزروعي يجمع تصميما للسجاد الإسلامي مع صورة للحياة اليومية في دولة الإمارات. واستكمالا لآلية التقاء الماضي بالحاضر يجمع حمدان بطي بين الفخار والكولاج. كما نرى الحاضر عبر الماضي في عمل «سدو بكسل» للفنانة هند بن دميثان مع نسيج السدو التقليدي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».