اغتيال قائد أركان «أحرار الشام» يكشف اختراق المدنيين المبايعين لـ«داعش» سرًا

فككت الحركة 20 خلية نائمة.. 12 منها لـ«داعش» و8 تابعة للنظام

ماجد حسين الصادق قائد أركان حركة أحرار الشام الإسلامية الذي قتل أول من أمس إلى جانب ثلاثة مقاتلين من حركة الجبهة الإسلامية
ماجد حسين الصادق قائد أركان حركة أحرار الشام الإسلامية الذي قتل أول من أمس إلى جانب ثلاثة مقاتلين من حركة الجبهة الإسلامية
TT

اغتيال قائد أركان «أحرار الشام» يكشف اختراق المدنيين المبايعين لـ«داعش» سرًا

ماجد حسين الصادق قائد أركان حركة أحرار الشام الإسلامية الذي قتل أول من أمس إلى جانب ثلاثة مقاتلين من حركة الجبهة الإسلامية
ماجد حسين الصادق قائد أركان حركة أحرار الشام الإسلامية الذي قتل أول من أمس إلى جانب ثلاثة مقاتلين من حركة الجبهة الإسلامية

كشف التفجير الانتحاري الذي استهدف قائد أركان حركة أحرار الشام الإسلامية في محافظة إدلب أمس، حجم الخروقات الأمنية في صفوف قوات المعارضة السورية في شمال سوريا، والتي تتصدرها «خلايا نائمة» تعمل لصالح تنظيم داعش ولصالح النظام السوري، وتستهدف قيادات عسكرية بارزة في المعارضة السورية، كان آخرها مقتل القيادي «أبو حسين بنش».
وأكدت مصادر المعارضة السورية مقتل القيادي أبو حسين بنش واسمه الحقيقي «ماجد حسين الصادق قائد أركان حركة أحرار الشام الإسلامية، إلى جانب ثلاثة مقاتلين من الحركة، جراء استهداف انتحاري مقرا للحركة في بلدة بنش في ريف مدينة إدلب». والصادق ضابط منشق عن الجيش السوري، وشغل مناصب عدة في حركة أحرار الشام قبل أن يصبح «رئيس أركانها».
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «شخصا مجهولاً كان يستقل دراجة نارية قام بركنها عند مقر الحركة، ثم اتجه راجلاً نحو تجمع لعدد من مقاتليها وقام بتفجير نفسه بحزام ناسف»، مشيرًا إلى سقوط جرحى بعضهم في حالات خطرة.
وقالت مصادر معارضة لـ«الشرق الأوسط» إن أبو حسين بنش، تعرض للاغتيال في منطقة يوجد فيها 400 مقاتل من أحرار الشام، مما يؤكد أنه هو الشخص المستهدف من التفجير دون غيره.
وقال القيادي في «أحرار الشام» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن «شبهات قوية تدل على تورط تنظيم داعش في العملية»، مشيرًا إلى أن أبو حسين الذي يتحدر من مدينة بنش، «تولى في عام 2014 المنصب الأمني العام في الحركة، وبدأ بملاحقة فلول تنظيم داعش، كما أنشأ وحدة الاستخبارات العسكرية في التنظيم». وقال إن القيادي «تعرض لثلاث محاولات اغتيال في وقت سابق منذ عام 2014».
وتعاني حركة أحرار الشام وحلفاؤها في إدلب وريفي حلب الشمالي والغربي، منذ أكثر من عام، من عمليات اغتيال وتصفيات تنفذها «داعش» من جهة، وقوات النظام السوري من جهة أخرى، بحسب ما يقول الشامي، مشيرًا إلى أن بصمات «داعش» «واضحة في عمليات اغتيال في معسكر الحميدية، وإدلب، وجسر الشغور».
وحركة «أحرار الشام» من أكثر المجموعات المعارضة المعرضة للخرق الأمني من قبل «داعش»، بالنظر إلى أن عناصر في الحركة كانوا من المقربين من التنظيم، قبل طرده من مناطق المعارضة في ريفي إدلب وحلب واللاذقية في وقت مبكر من عام 2015. ومنذ ذلك الوقت، أخذت الحركة على عاتقها مهمة ملاحقة «فلول التنظيم وخلاياه النائمة» في المنطقة، نظرًا إلى أنها تتمتع بحيثية عسكرية واسعة في شمال سوريا.
إضافة إلى «داعش»، تتعرض الحركة وحلفاؤها إلى خروق من النظام السوري أيضًا. وقال الشامي إن الاستخبارات العسكرية في «أحرار الشام» ألقت في شهر مارس (آذار) الماضي على خلية تابعة للنظام، تتألف من أربع رجال وامرأة يعملون مدرسين، وكان النظام يزودهم بمعدات وأجهزة لتنفيذ اغتيالات في المنطقة. وأكد أن الحركة ومنذ صيف 2015 «فككت 20 خلية نائمة، 12 منها تابعة لـ(داعش)، و8 تابعة للنظام في ريفي حلب وإدلب، وكانت موكلة بمهمات الاغتيالات».
ويشير الشامي إلى أن التكتيك الذي يتبعه النظام هو أن خلاياه تزرع العبوات في مناطق التماس، وعلى تخوم الجبهات، «خلافًا لخلايا (داعش) التي تمارس عمليات الاغتيالات في المناطق الآمنة في داخل المدن والقرى الخاضعة لسيطرة المعارضة». ويؤكد الشامي أن «داعش» «يشكل خطرا على كل الفصائل، لذلك توجهنا لإنشاء مكاتب أمنية واستخبارات عسكرية ورصد وتحري ومراقبة الأشخاص ووضع كاميرات، لتعزيز الإجراءات الأمنية».
ويتحدث ناشطون عن «قدرة كبيرة لقوات (داعش) على تنفيذ الاغتيالات في مناطق الشمال الغربي في إدلب وريف حلب، وذلك بعد طرد التنظيم من المنطقة».
ويقول مصدر عسكري معارض في الشمال السوري لـ«الشرق الأوسط»، إن خلايا «داعش» النائمة «توجد منذ وقت طويل، ويعمل التنظيم على تأهيلها لتنفيذ تلك العمليات»، لافتًا إلى أن بعض المتورطين والمشتبه بهم «غادروا إلى الرقة، في حين حصل آخرون على الأمان، وأوقفوا نشاطاتهم العسكرية والدعوية والأمنية».
وكان تنظيم «لواء داود» من أبرز الفصائل العسكرية التي أعلنت بيعتها لتنظيم داعش، وغادر إلى الرقة في خريف 2014، وبدأ بالقتال في كوباني في أواخر العام نفسه. هذا، وظهرت بعض التنظيمات التي لا تقاتل «داعش»، بذريعة فتوى دينية تحرم قتال المسلمين، وتقاتل إلى جانب قوات المعارضة المعتدلة ضد النظام فقط، أبرزها لواء داود باشا و«غرباء الشام»، و«أحفاد عمر»، وكتيبة «أبو عمارة»، و«جيش الأقصى»، و«جيش محمد»، و«جيش أهل السنة»، فضلاً عن كتائب الشيشانيين والقوقاز. ويقول المصدر إن تلك الألوية «أحجمت عن مبايعة التنظيم لكنها تمانع قتاله».
غير أن تلك الألوية لا تشكل خطرًا على الفصائل المعتدلة، علمًا بأنها موجودة في إدلب وريف حلب الشمالي والغربي، لكن الخطر «يمثله المدنيون من المبايعين للتنظيم سرًا، والذين يشكلون الخلايا النائمة التابعة للتنظيم».
ويشرح المصدر آليات عمل تلك المجموعات وتجنيدها، حيث إن «داعش» وبعد تسلله إلى مناطق المعارضة، «يفتح أبواب التطوع، عن طريق دورة شرعية وسن التشريعات. وبعدها يخضع المنتسبون لدورات عسكرية تتراوح مدتها بين أسبوع و3 أشهر، يجري خلالها فرز المتدربين بين: خلايا التخريب، القتال المباشر، الانغماسيين، إضافة إلى صناعة وتطوير العبوات والصواريخ، ويخضع المتدربون الذين يظهرون ثقة للتدريب لمدة 3 أشهر».
ويضيف المصدر: «الخلية النائمة تتألف عادة من 6 أشخاص قادرين على تنفيذ عمليات لصالحه بسبب الولاء المطلق. هناك قائد المجموعة وأميرها، ويُبايَع على الموت، ويكون اختصاصه التفجير والتلغيم ويساعده شخصان، فيما تتألف المجموعة من خبير بتصنيع كواتم للمسدسات المعدة للاغتيالات».
ويقول المصدر إن تلك الخلايا النائمة «عادة ما تصنع عبوات تتراوح أوزانها بين 600 و1500 غرام، تُلصق بالأهداف قبل أن يتم تفجيرها عن بُعد»، لكن بعض العمليات «تتطلب وجود انتحاريين كما في حالة الاغتيال الأخيرة، وذلك يعود إلى التعليمات والقوانين التي يفرضها التنظيم على تلك الخلايا».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.