في حدث غير مسبوق.. قادة دول العالم يوقعون اتفاق المناخ

يشكل خطوة أولى نحو إلزام الدول بتطبيق وعودها لوقف انبعاثات الغازات

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأميرة المغربية للا حسناء وسيغولين روايال وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية خلال افتتاح قمة المناخ في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأميرة المغربية للا حسناء وسيغولين روايال وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية خلال افتتاح قمة المناخ في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

في حدث غير مسبوق.. قادة دول العالم يوقعون اتفاق المناخ

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأميرة المغربية للا حسناء وسيغولين روايال وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية خلال افتتاح قمة المناخ في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأميرة المغربية للا حسناء وسيغولين روايال وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية خلال افتتاح قمة المناخ في نيويورك أمس (أ.ف.ب)

افتتح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس في الأمم المتحدة عملية التوقيع على اتفاق باريس حول المناخ، والتي تشمل رؤساء دول أو حكومات، أو مسؤولين من 171 دولة، وفي مقدمها الولايات المتحدة والصين.
ويهدف توقيع اتفاق باريس، الذي أبرم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى حصر مشكلة الاحترار المناخي، وتعزيز الآمال بتحرك سريع في مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري.
وكان هولاند أول الموقعين على الاتفاق، وتبعه قادة من دول - جزر هي الأكثر تضررا من ظاهرة التغير المناخي. كما حضر وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنصة وهو يحتضن إحدى حفيداته، ما دفع بالحاضرين إلى التصفيق له بحرارة وهو يوقع الاتفاق.
ويعتبر توقيع اتفاق من قبل مثل هذا العدد من الدول هو الأكبر من نوعه، ويشكل خطوة أولى نحو إلزام الدول بتطبيق الوعود، التي قطعتها في مجال وقف انبعاثات الغازات ذات مفعول الدفيئة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «إنها لحظة تاريخية»،
مضيفا أنه «لم يوقع أبدا مثل هذا العدد الكبير من الدول اتفاقا دوليا في يوم واحد.. واليوم توقعون عهدا جديدا مع المستقبل».
ويأتي التوقيع بعد أربعة أشهر على إبرام الاتفاق في باريس إثر سنوات طويلة من المشاورات المكثفة.
ومن على منصة الأمم المتحدة، دعا هولاند أمس العالم، وخصوصا الاتحاد الأوروبي إلى ترجمة اتفاق باريس حول المناخ «أفعالا» لمواجهة الوضع الملح الذي لا يزال قائما، وأضاف أن «الأشهر الماضية كانت الأكثر سخونة في السنوات المائة الماضية»، ولذلك «يجب التحرك بسرعة».
ويلزم اتفاق باريس موقعيه السعي إلى ضبط ارتفاع معدل حرارة الكرة الأرضية بحدود «أقل بكثير من درجتين مئويتين»، وإلى «مواصلة الجهود» لئلا يتجاوز 1.5 درجة. غير أن هذا الهدف الطموح جدا يتطلب إرادة راسخة ومئات المليارات من الدولارات من أجل الانتقال إلى موارد طاقة نظيفة.
لكن التوقيع ليس إلا مرحلة أولى، ذلك أن الاتفاق لن يسري إلا بعد مصادقة برلمانات 55 بلدا، تعد مسؤولة عن 55 في المائة على الأقل من انبعاثات غازات الدفيئة، ما قد يتم اعتبارا من 2017.
وحض الممثل الأميركي الحائز على جائزة أوسكار والناشط البيئي ليوناردو ديكابريو، الذي حضر أيضا إلى الأمم المتحدة، قادة العالم على التحرك بسرعة قائلا: «العالم يراقب الآن».
وقد أعلنت الصين والولايات المتحدة، أكبر دولتين ملوثتين في العالم، أنهما ستصادقان على الاتفاق هذه السنة. لكن الاتحاد الأوروبي قد يقوم بذلك في غضون سنة ونصف السنة، على اعتبار أن الوقت يداهم، حيث اعتبر شهر مارس (آذار) الأخير الأكثر سخونة على الإطلاق بحسب الأرصاد الأميركية، علما بأنه تم كسر درجة الحرارة القياسية لمدة 11 شهرا متتالية، في حدث غير مسبوق منذ 137 عاما من القياسات.
وبالإجمال اتخذت 13 دولة صغيرة معرضة لمخاطر فادحة (منها فيجي، توفالو، المالديف، بيليز، بربادوس، وساموا) الإجراءات اللازمة للمصادقة على الاتفاق أمس. لكن للتوصل إلى عتبة 55 دولة-55 في المائة يجب ضمان مصادقة بلد أو اثنين من كبار الملوثين (الولايات المتحدة، الصين، الاتحاد الأوروبي، روسيا، الهند). وسبق أن وعدت بكين (مسؤولة عن 20 في المائة من الانبعاثات) وواشنطن (18 في المائة) بإتمام ذلك قبل نهاية العام.
وفي الولايات المتحدة تم التفاوض على الاتفاق، بحيث يتجنب الرئيس باراك أوباما طلب موافقة الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون الرافضون للنص. أما في فرنسا فقد صرحت في وقت سابق وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية سيغولين روايال، التي تترأس المؤتمر 21 حول المناخ بأنه «لم يشهد أي اتفاق دولي على الإطلاق هذا العدد من التوقيعات في يوم واحد»، علما بأن 165 بلدا تمثلت في الاجتماع.
وقللت روايال من أهمية غياب قادة عدد من الدول، التي تعتبر محورية لأنها تتسبب في الكثير من التلوث، كالرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي، مؤكدة أن «غياب البعض لا يضعف الاتفاق».
ويعتبر الاتفاق انتصارا للأمين العام للأمم المتحدة الذي عمل طوال ولايته من أجل المضي قدما بهذا الاتفاق، وأدرجه كإحدى أهم اللحظات في ولايته.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.