سلسلة خروقات الميليشيات للهدنة.. خطوة خطوة مع المفاوضات

«مخطط يرمي» إلى إفشال مفاوضات السلام في الكويت

طفل يمني في منطقة فقيرة من صنعاء (إ.ب.أ)
طفل يمني في منطقة فقيرة من صنعاء (إ.ب.أ)
TT

سلسلة خروقات الميليشيات للهدنة.. خطوة خطوة مع المفاوضات

طفل يمني في منطقة فقيرة من صنعاء (إ.ب.أ)
طفل يمني في منطقة فقيرة من صنعاء (إ.ب.أ)

تواصل ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، شن هجماتها وقصفها الهستيري على الأحياء السكنية ومواقع المقاومة والجيش الوطني في مختلف جبهات القتال في محافظة تعز، على الرغم من وصول وفدها إلى الكويت للبدء في المفاوضات السلمية. وكعادتها تواصل النكث بالاتفاقيات والعهود وآخرها اتفاقية تعز التي تم التوقيع عليها من جميع الأطراف، قبل ستة أيام والتي نصت على تثبيت وقف إطلاق النار وفتح المنافذ والطرق إلى مدينة تعز.
وتمكنت قوات الشرعية، الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من صد تصعيد هجماتها في مختلف المواقع بما فيها السجن المركزي في الضباب، ومعسكر اللواء 35 مدرع في المطار القديم، غرب تعز.
وقال العميد الركن صادق سرحان، رئيس المجلس العسكري قائد اللواء 22 ميكا، إن «تعز ستحقق كل الأهداف التي قدمت الكثير من أجلها».
وفي كلمته التي ألقاها بمناسبة إحياء الذكرى الأولى «لاستشهاد» النقيب أحمد محمد نعمان المخلافي، من أوائل الشهداء جبهة المرور في 20 أبريل (نيسان) من العام الماضي، وشاركت فيها شخصيات عسكرية واجتماعية ومسؤولين محليين، أشاد العميد سرحان بالمخلافي وجميع أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
ومن جانبه، قال الباحث والكاتب الأستاذ الجامعي، الدكتور عبده البحش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الوقائع والأحداث أثبتت أن الانقلابيين يمارسون سياسة الكذب والخداع والتضليل على طريقة غولبز، وزير الدعاية النازية في الحرب العالمية الثانية، الذي رسخ مبدأ جديدا في الحرب النفسية، وهو اكذب ثم اكذب ثم اكذب، حتى يصدقك الناس.. يتعاملون مع المجتمع الدولي بنفس الطريقة ومع الرأي العام اليمني على طريقة تقديس الكذب وتكريس الكذب لإخفاء جرائمهم والظهور بمظهر الحمل الوديع».
وأضاف: «في الوقت الذي يتحدثون فيه عن السلام والحوار وحقن الدماء يرسلون تعزيزات عسكرية إلى مدينة تعز بهدف الهجوم عليها واقتحامها. جرائمهم في تعز بلغت 12 ألف جريمة، تسببت في مقتل نحو 2600 مدني وجرح أكثر من عشرة آلاف آخرين، بينما أدى الحصار إلى منع دخول الغذاء والماء والدواء وإلى وفاة 620 مريضًا بالسرطان و33 من الأطفال الخدج، وتشريد أكثر من 100 ألف أسرة».
وأكد الدكتور البحش أن «هناك حشودا عسكرية كبيرة وصلت إلى محافظة لحج من جهة الوازعية وبدأت بشن هجمات عنيفة على المحافظة. وفي نفس الوقت شن الانقلابيون هجمات غادرة على محافظة شبوة في مخطط واضح يرمي إلى إفشال مفاوضات السلام في الكويت والعودة في اليمن إلى مربع الحرب والعنف وسفك الدماء».
إلى ذلك، تستمر ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، الحشد والدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى تعز، وخصوصا إلى مديرية الوازعية، حيث أجبرت سكان القرى بالخروج من قراهم ومنازلهم وبقوة السلاح.
وأوضح المحلل السياسي، ياسين التميمي، لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيات الحوثي وصالح «تُصعَّدَ من حربهم على مدينة تعز بشتى أنواع الأسلحة، منذ أن قرروا عدم الذهاب إلى الكويت، في حين أنه من هذه المدينة تبدأ الحرب ومنها تنتهي، وهو ما يشير إلى أن المشروع الإيراني لا يزال يمثل التهديد الوجودي الأول للدولة اليمنية».
في المقابل، كرمت مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحي في تعز، في حفل تكريمي تحت شعار «جرحانا عزيمة وإصرار» وبرعاية من محافظ تعز علي المعمري وبتمويل من الناشطة اليمنية توكل كرمان، 33 جريحا من مبتوري الأقدام. وقالت حياة الذبحاني، مسؤلة العلاقات العامة في المؤسسة، في كلمتها بالحفل: «إن أغلب الإصابات هي بسبب الألغام التي زرعتها هذه الميليشيات من الأماكن التي انسحبت منها».
ومن جانبه قال ماجد المحمودي، أحد المصابين في معارك تحرير مديرية مشرعة وحدنان في جبل صبر، إن «هذا الحفل لفته إنسانية أثلجت صدورنا وأتمنى أن نظل نحن الجرحى حاضرين في قائمة اهتمامات الجهات الرسمية ليس مجرد تكريم موسمي وإنما اهتمامًا متواصلاً في كل شيء». وتم توزيع مبالغ مالية على الجرحى وكراسٍ متحركة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.