السودان: مجلس الأمن والدفاع يعقد أول اجتماعاته برئاسة البشير

وسط احتجاجات طلابية وضائقة اقتصادية.. وتواصل العمليات الحربية

السودان: مجلس الأمن والدفاع يعقد أول اجتماعاته برئاسة البشير
TT

السودان: مجلس الأمن والدفاع يعقد أول اجتماعاته برئاسة البشير

السودان: مجلس الأمن والدفاع يعقد أول اجتماعاته برئاسة البشير

عقد مجلس الأمن والدفاع الوطني السوداني أول اجتماعاته، في ظل ظروف أمنية وسياسية معقدة تعيشها البلاد، بلغت ذروتها بحدوث اختراق أمني خطير، هاجمت خلاله مجموعة مسلحة محسوبة على الحكومة، مقر إقامة حاكم ولاية شرق دارفور، وأحرقته وقتلت عددا من حراسه، بعد تبادل إطلاق النار، إضافة إلى تواصل الاحتجاجات الطلابية في أكثر من جامعة بالبلاد منذ أكثر من أسبوع، لقي فيها طالب على الأقل مصرعه، فضلاً عن الضائقة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع، التي ترتبت على تراجع سعر الجنيه السوداني بشكل كبير أمام العملات الأجنبية.
وقال فضل عبد الله فضل، وزير رئاسة الجمهورية، في تصريحات صحافية مقتضبة عقب اجتماع مجلس الأمن والدفاع الوطني الأول، الذي ترأسه الرئيس عمر البشير أمس، إن المجلس استمع إلى تقارير الجهات المختصة وأصدر توجيهات، بعد أن اطمأن على استقرار الأوضاع الأمنية في كافة أنحاء البلاد، دون أن يتيح للصحافيين توجيه أسئلة له حول القضايا المتفجرة الواقعة ضمن اختصاص المجلس، ودون أن يفصح عن ماهية التوجيهات التي أصدرها.
ويتكون مجلس الأمن والدفاع الوطني من رئيس الجمهورية ونوابه ومساعديه، ووزراء الدفاع والخارجية والمالية والداخلية والعدل، ورئيس مجلس الدفاع المشترك، وأي شخص آخر يرى الرئيس علاقته بالموضوع المطروح للتداول، وتتلخص مهامه في صناعة استراتيجيات وخطط الأمن في البلاد، والتنسيق بين الأجهزة الأمنية، ومتابعة تنفيذ السياسات الأمنية، وتلقي التقارير عنها.
وفي الخرطوم، فرقت سلطات الأمن بالعصي والهراوات عشرات الطلاب نظموا مظاهرة أمام مبنى كلية الطب بجامعة الخرطوم أمس، بعد أغلقوا لوقت قصير الجهة الجنوبية من شارع القصر، الذي يعد أحد أهم الشوارع الرئيسة في الخرطوم، ورددوا شعارات من قبيل «حرية حرية»، وهم يرفعون لافتات تطالب بإطلاق سراح الطلاب المعتقلين على خلفية أحداث العنف التي شهدتها الجامعة الأسبوع الماضي، وفرقت الشرطة وأفراد بأزياء مدنية المحتجين، باستخدام العصي والهراوات.
وتعد وقفة طلاب الطب بالجامعة العريقة امتدادًا لاحتجاجاتهم التي جرت الأسبوع الماضي، إثر تناقل معلومات عن خطط لنقل الجامعة من مكانها وسط المدينة إلى ضاحية سوبا، جنوب الخرطوم، وبيع عقاراتها ومنقولاتها، أو تحويلها لمزارات سياحية.
وفي بورتسودان، الواقعة على ساحل البحر الأحمر، خرج طلاب جامعة البحر الأحمر، في مظاهرة طلابية تضامنية مع زملائهم في جامعة الخرطوم وجامعة كردفان، رددوا خلالها هتافات من قبيل «الطلقة لا تقتل.. يقتل سكات الزول، ومقتل طالب مقتل أمة» ثم فرقتهم الشرطة.
من جهتها، علقت جامعة كردفان بمدينة الأبيض الدراسة لأجل غير محدد أول من أمس، إثر مصادمات بين مجموعتين طلابيتين، إحداهما منسوبة للحزب الحاكم، لقي خلالها طالب بالجامعة مصرعه، وأصيب فيها 42 بجراح، حالة اثنين منهم على الأقل لا تزال خطرة.
وأعلن حاكم ولاية شرق دارفور قانون الطوارئ، وفرض حظر التجوال في المدينة ليلاً، إثر هجوم شنه الأحد مسلحون موالون للحكومة على مقر إقامته وقاموا بإحراقه، وقتلوا عددا من الحراس، ونهبوا سيارات وممتلكات، ولا تزال سلطات الأمن تطاردهم.
وفي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، اللتين تشهدان حربًا منذ عام 2011 بين القوات الحكومية ومتمردي الحركة الشعبية – شمال، واصل الطرفان تبادل التقارير بتحقيق انتصارات، كل على الآخر، منذ أكثر من شهر، وآخرها إعلان قوات «الشعبية» تحقيق انتصار استراتيجي على القوات الحكومية في منطقة تدعى «الروم»، وألحقت بها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، لكن لم يتسن الحصول على معلومات من الطرف الآخر، أو من طرف محايد.
اقتصاديا، تصاعدت أسعار السلع في البلاد، خاصة السكر الذي يعد مادة استراتيجية بالنسبة للسودانيين، إثر التراجع الكبير لسعر الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، وتجاوزه لحاجز 14 جنيه للدولار الواحد، بزيادة قاربت جنيهين خلال أسبوع، وهو ما ينذر باحتجاجات شعبية بسبب الغلاء.
دبلوماسيا، تصاعد التوتر الحدودي مع مصر، إثر طلب الخارجية السودانية من مصر قبول التفاوض على منطقة حلايب، أو قبول التحكيم الدولي، وهو الأمر الذي رفضته مصر بشدة، باعتبار المنطقة مصرية، ولن تقبل أي تفاوض فيها، وهو أمر يشكل ضغطا شعبيا عريضا على حكومتي البلدين.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».