اجتماع مرتقب لوزراء خارجية «دعم سوريا» لإنقاذ «جنيف 3» من الفشل

مصادر غربية: المطلوب حصر القتال ومنع انهيار الهدنة

سكان محليون في معرة النعمان يتابعون الدمار الذي لحق بسوق الخضار في البلدة التي تتبع ريف ادلب شمال سوريا امس (أ.ف.ب)
سكان محليون في معرة النعمان يتابعون الدمار الذي لحق بسوق الخضار في البلدة التي تتبع ريف ادلب شمال سوريا امس (أ.ف.ب)
TT

اجتماع مرتقب لوزراء خارجية «دعم سوريا» لإنقاذ «جنيف 3» من الفشل

سكان محليون في معرة النعمان يتابعون الدمار الذي لحق بسوق الخضار في البلدة التي تتبع ريف ادلب شمال سوريا امس (أ.ف.ب)
سكان محليون في معرة النعمان يتابعون الدمار الذي لحق بسوق الخضار في البلدة التي تتبع ريف ادلب شمال سوريا امس (أ.ف.ب)

تُجرى حاليا اتصالات دبلوماسية مكثفة في جنيف، بين وزارات خارجية الدول الكبرى، والدول الإقليمية المعنية بالدرجة الأولى بالملف السوري، من أجل عقد مؤتمر لوزراء الخارجية لمجموعة الدعم لسوريا قبل نهاية الشهر الجاري، لتدارك إعلان الفشل النهائي لجولة المحادثات الراهنة، وتدارك انفجار الأوضاع الميدانية على نطاق واسع، وخروجها عن السيطرة.
وقالت مصادر دبلوماسية غربية ضالعة بالاتصالات لـ«الشرق الأوسط»: «إن المطلوب تلافي إعلان انتهاء المحادثات إلى الفشل التام؛ لأن ذلك يعني عمليا إخفاقا دبلوماسيا واسعا وربما نهاية مهمة المبعوث الدولي». وبحسب هذه المصادر، فإن ما يجري في جنيف منذ أول من أمس، هو إعطاء الانطباع أن المحادثات ما زالت قائمة رغم إعلان وفد الهيئة العليا للمفاوضات «تعليق» مشاركته فيها، بانتظار أن تتحقق المطالب التي رفعها وفصلها المنسق العام للهيئة العليا، رياض حجاب، في المدينة السويسرية. ورغم مغادرة حجاب ومجموعة من 20 شخصا، غالبيتهم من العسكريين، جنيف، فإن بضعة أفراد من المجموعة لا يزالون متواجدين في فندقها، حيث استقبلوا ليل الثلاثاء – الأربعاء، خبيرين دستوريين، انتدبهما ستيفان دي ميستورا، من أجل مناقشات «فنية» حول المرحلة الانتقالية.
كذلك، فإن مساعد دي ميستورا، السفير رمزي عز الدين رمزي، اجتمع أمس مع وفد النظام برئاسة السفير بشار الجعفري، بسبب بقاء المبعوث الدولي في إيطاليا «لأسباب خاصة». وبحسب معلومات متداولة في قصر الأمم، فإن غياب دي ميستورا عن جنيف منذ الثلاثاء مرده مرض زوجته.
وبانتظار التئام الاجتماع الوزاري الموعود، فإن الأنظار تتجه نحو موسكو وواشنطن، باعتبارهما راعيي الهدنة التي توصلا إليها نهاية فبراير (شباط) الماضي، للتعرف على الخطوات التي ستقدمان عليها من أجل «ضبط الوضع». وبحسب المصادر الغربية، فإن المطلوب اليوم هو «حصر القتال» ومنع انهيار الهدنة بشكل كامل؛ لأن ذلك سيقود حتما لوضع حد للمحادثات غير المباشرة، وسيفتح دورة عنف جديدة، من شأنها القضاء على أي إمكانات للتهدئة، وسيتوقف بسببها وصول المساعدات الإنسانية.
وتبدو مصادر غربية أخرى أكثر تشاؤما في نظرتها للمستقبل؛ لأنها ترى أن ما يحصل في جنيف إن لم يطوق سيقضي على جهود الوساطة الدولية، وسيتعين «انتظار شهور وشهور» قبل أن يأتي زمن «جنيف 4».
بيد أن السؤال الذي تطرحه بإلحاح المصادر الغربية، يتناول الأداء الروسي في المرحلة الأخيرة، حيث تتساءل عن الأسباب التي تدفع موسكو لترك النظام يشعل الجبهات ويهدد مصير المحادثات. ولشرح ذلك، فإنها تطرح 3 احتمالات، أولها أن يكون التصعيد بضوء أخضر روسي ضمني. والثاني ألا تكون موسكو قادرة على ضبط كل ما يحصل على كل الجبهات، بحيث يعتبر النظام أن له هامشا من المناورة يستطيع اللعب فيه. وثالثا ألا تكون موسكو راغبة في ممارسة مزيد من الضغوط على النظام لمنعه من الارتماء تماما في «حضن» إيران، التي عادت بقوة إلى الميدان السوري. أما كيف العمل من أجل لملمة الوضع، فترى هذه المصادر أنه يتعين أن يتم بمزيد من الضغوط الأميركية على موسكو التي «تتحمل مسؤولية رئيسية بصفتها الجهة المسؤولة عن ممارسات النظام».
وكما كان متوقعا، استغل وفد النظام «تعليق» الهيئة العليا مشاركتها الرسمية في المحادثات، ليشن الهجوم عليها مستهدفا بالدرجة الأولى رئيسها رياض حجاب، دون أن يسميه. واعتبر الجعفري أن غياب وفد الهيئة العليا «لا يعني أن المحادثات خسرت شيئا؛ لأنهم لا يمثلون الشعب السوري، بل ربما بذهابهم تزول عقبة كبيرة أو ربما نصل إلى حل»، من غير أن يشير إلى الجهة السورية الأخرى التي يرغب في التفاوض معها.
وبالمقابل، شدد الجعفري على أن وفد النظام أجرى 3 اجتماعات مع دي ميستورا ونائبه، وأن هذا «يؤكد انخراطه الجاد والإيجابي في الحوار السوري – السوري، من غير تدخل خارجي وشروط مسبقة». لكنه لم يأت بكلمة واحدة على عملية الانتقال السياسي التي تشدد عليها الأمم المتحدة والمعارضة، بل اكتفى بتكرار أن الحل السياسي بنظر النظام هو «حكومة وحدة وطنية موسعة ودستور وانتخابات برلمانية»، مضيفا أن «أي مجموعة تفكر بغير ذلك فهي واهمة وتعطل حوار جنيف وتضيع وقتها ووقتنا». وأفاد الجعفري أن المحادثات مع مساعد دي ميستورا، السفير رمزي عز الدين رمزي، تناولت، إلى جانب التعديلات التي أدخلها الوفد على ورقة المبادئ المقدمة من المبعوث الدولي في نهاية الجولة الماضية: «تشكيل حكومة موسعة، والضغط على بلدان الجوار لمكافحة الإرهاب، وتنفيذ القرارات الدولية، وخصوصا القرار (2253)».
ويكشف كلام الجعفري أن المحادثات لم تحقق أي تقدم، إذ إن كل طرف ما زال في عالمه، كما يبين بوضوح تام الأسباب التي دفعت وفد الهيئة العليا لتعليق مشاركته، مع الحرص على عدم قطع شعرة معاوية. وكان لافتا أن الجعفري نقل عن رمزي اعتبار الأخير أن «المحادثات مستمرة رغم انسحاب وفد الهيئة العليا». والصحيح أن فريق دي ميستورا يريد أن يعطي الانطباع أن المحادثات ما زالت جارية وأنها يمكن أن تجري في قصر الأمم أو في أي مكان آخر. لكن ما أراد الجعفري الإيحاء به أن استمرار المحادثات من غير وفد الهيئة العليا يجانب الصواب.
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، إن دي ميستورا «لن يلعب هذه اللعبة»، وأنه رغم استمراره في لقاء ممثلي مجموعة موسكو – القاهرة، أو ما يسمى مجموعة «حميميم» وآخرين من المجتمع المدني، فإن «المفاوض عن المعارضة هو وفد الهيئة العليا ولا أحد غيره».
حتى عصر أمس، كان السيناريو المتداول أن تستمر المحادثات في قصر الأمم أو في فندق وفد الهيئة العليا حتى يوم الجمعة، وهو الموعد الأول المحدد لهذه الجولة. وينتظر أن يكون لدي ميستورا اليوم لقاءات داخل مقر الأمم المتحدة وخارجه، وأن يعقد مؤتمرا صحافيا يعلن فيه عن تقييمه لما يحصل، وعن مصير المحادثات في جنيف.
والتخوف الذي يعتمل المندوبين الدبلوماسيين الذين يرافقون المحادثات، هو أن يحافظ المبعوث الدولي على نهجه السابق الذي يقوم على إجراء جولة محادثات من 10 أيام أو أسبوعين، تتبعها فترة توقف. كذلك يرون أن عودة وفد الهيئة إلى المشاركة رسميا في المحادثات، لا يمكن أن يتم من غير حصول المعارضة على «إنجاز» يبرر عودتها إلى طاولة المفاوضات. أما طبيعة هذا الإنجاز، فقد تكون رفع الحصار عن بلدات ومدن، وتكثيف وصول المساعدات أو التزام قوي من مجموعة دعم سوريا بفرض وقف الأعمال العدائية واحترام الهدنة. أما إذا لم يتحقق شيء من هذا، فإن العملية السياسية بمجملها ستكون في مهب الريح.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.