وزير الخارجية الأميركي يطالب طهران باستخدام نفوذها مع الأسد لفرض حل سياسي في سوريا

تشديد على منع إيران من النفاذ للنظام المالي الأميركي

وزير الخارجية الأميركي يطالب طهران باستخدام نفوذها مع الأسد لفرض حل سياسي في سوريا
TT

وزير الخارجية الأميركي يطالب طهران باستخدام نفوذها مع الأسد لفرض حل سياسي في سوريا

وزير الخارجية الأميركي يطالب طهران باستخدام نفوذها مع الأسد لفرض حل سياسي في سوريا

طرحت كل من واشنطن وطهران عدة قضايا ساخنة على مائدة الحوار في لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في نيويورك، مساء الثلاثاء، حيث اتبعت واشنطن سياسة العصا والجزرة في المحادثات.
ووفقا لمصادر دبلوماسية مطلعة على المحادثات، حث وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره الإيراني محمد جواد ظريف على أن تقوم الحكومة الإيرانية باستخدام نفوذها على الرئيس السوري بشار الأسد لضمان وجود حل سياسي للصراع في سوريا. وطالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري إيران بالضغط على النظام السوري لوقف انتهاكات وقف إطلاق النار، والتعامل بإيجابية مع عملية الانتقال السياسي، ووقف مساندتها للحوثيين في اليمن، ووقف الأنشطة المزعزعة للاستقرار، وأنشطة التجارب الصاروخية الباليستية مقابل التسريع من عملية تخفيف العقوبات المفروضة على إيران وتسهيل نفاذ المصارف الإيرانية إلى الاقتصاد العالمي، ولوح وزير الخارجية الأميركي بحق واشنطن في فرض عقوبات جديدة لانتهاك إيران لقرارات الأمم المتحدة والإقدام على اختبارات صواريخ باليستية.
وسعى وزير الخارجية الإيراني، الذي شارك في مؤتمر الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة وحفل توقيع اتفاق باريس للمناخ، صباح أمس (الثلاثاء)، إلى الضغط لتقوم الولايات المتحدة بتنفيذ التزاماتها بتخفيف العقوبات المفروضة على طهران، والسماح للشركات الأميركية والمصارف بالدخول في علاقات اقتصادية مع نظيراتها الإيرانية.
ويعد هذا اللقاء هو اللقاء الأول وجها لوجه منذ يناير (كانون الثاني) الماضي عندما التقى كيري وظريف في فيينا للتوقيع رسميا على دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ.
ويأتي لقاء كيري وظريف وسط قلق من مدي التزام إيران بتعهداتها في البرنامج النووي وتحذيرات من تخفيف العقوبات الدولية عليها. كما يأتي اللقاء قبل يوم من رحلة الرئيس أوباما إلى المملكة العربية السعودية والمشاركة في اجتماعات مجلس التعاون الخليجي. وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن ملتزمة بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، لكنها تواجه مطالب من المصارف لتوضيح مدى قانونية المعاملات مع إيران التي لا تزال تخضع لعقوبات أخرى؛ بسبب الأنشطة الداعمة للإرهاب وإجراء تجارب صواريخ باليستية في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وأعلنت الخارجية الأميركية أنها أرسلت خطابات إلى حكام الولايات الأميركية الخمسين، وبعض المحليات لاطلاعهم على التغييرات التي أدخلت على العقوبات الاتحادية نتيجة للاتفاق النووي مع إيران. ومن المفترض أن تقوم كل ولاية بإجراء التغييرات وسن القوانين المحلية وفقا لما يتراءى لها؛ حيث لا تفرض الرسالة على المسؤولين المحليين القيام بتغيير القوانين.
فيما استبعد مسؤولون في الإدارة الأميركية إمكانية منح إيران نفاذا إلى النظام المالي الأميركي أو الوصول المباشر للعملة الأميركية ما لم تقم إيران بخطوات إضافية لوقف دعمها للإرهاب ووقف أنشطتها لزعزعة الاستقرار في دول الشرق الأوسط.
وقال جوش أرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة ملتزمة بالوفاء بالتزاماتها في خطوة العمل المشتركة، وقال إن إعطاء إيران حق النفاذ إلى النظام المالي الأميركي ليس جزءا من الصفقة، وتواجه المطالب الإيرانية بتخفيف مقاومة شرسة من جانب المشرعين في الكونغرس الأميركي الذين يعتقدون أن طهران حصلت على كثير من المزايا أكثر مما تستحق.
من جهة ثانية، قد جدد رئيس مجلس النواب بول رايان معارضته لتخفيف الإجراءات ضد إيران، وطالب الإدارة الأميركية في تصريح شديد القوة باستبعاد أي تخفيف للعقوبات ضد إيران.
وقال رايان، في بيان صحافي يوم الاثنين، بشكل مؤكد، على الإدارة الأميركية منع إمكانية وصول إيران إلى الدولار أو النظام المالي الأميركي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وأضاف: بدلا من مساعدة النظام الإيراني في أن يزداد ثراء، يتعين على الإدارة محاسبته على التجارب الصاروخية الباليستية وعلى مواصلة إيران للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ودعم الإرهاب.
وأعرب عدد من المشرعين الجمهوريين عن قلقهم من التقارير التي تقول إن الإدارة الأميركية قد تمنح إيران فرصة استخدام الدولار الأميركي في المعاملات التجارية. ونفت إدارة أوباما أي خطط للسماح لإيران بالوصول إلى النظام المالي الأميركي، لكنَّ كثيرًا من أعضاء الكونغرس يصرون أنهم يحصلون على إشارات متضاربة من إدارة أوباما بشأن هذه القضية.
وتقدم النواب في الكونغرس بتشريع من شأنه أن يمنع الإدارة الأميركية من إصدار أي ترخيص لإجراء نظام مقاصة بالدولار الأميركي في المعاملات الإيرانية، ويسعون إلى فرض جزاءات فرعية على أي مؤسسة مالية تقوم بنظام المقاصة بالدولار مع الشركات الإيرانية.
من جانبه، قال جون كيربي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نحن مدركون لمخاوف ومطالب إيران لتخفيف العقوبات وهو جزء من المناقشات بين وزير الخارجية الأميركي ونظيره الإيراني حول تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة وتخفيف العقوبات.
وشدد كيربي على أن قيام إيران بشراء أنظمة الصواريخ الروسية أرض – جو 300 - S يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات أميركية أخرى على إيران، وقال كيربي، مساء الاثنين خلال المؤتمر الصحافي اليومي، إن امتلاك إيران للنظام الصاروخي ينظر إليه على أنه استفزاز يمكن أن يؤدي إلى فرض الولايات المتحدة لعقوبات بموجب القانون الأميركي، وقد أوضحت اعتراضاتنا على بيع أنظمة صواريخ S - 300 الروسية إلى إيران، وسنواصل مراقبة الوضع عن كثب لكن ليس لديَّ قرارات محددة».
وقد تم توقيع الصفقة بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد في يوليو (تموز) الماضي 2015، ودخلت حيز التنفيذ في يناير الماضي ونصت على التزام إيران بخفض مخزونها النووي وإخضاع مواقعها ومنشآتها النووية للتفتيش الدولي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على مراحل، ولا تزال المصارف في الولايات المتحدة تمتنع عن التعامل مع إيران وتنفيذ المعاملات القائمة على الدولار مع المصارف الإيرانية.
وقد أشار وزير الخارجية الأميركية، في كلمة ألقاها في مؤسسة جي ستريت الداعمة لإسرائيل، إلى أن إيران تلقت حتى الآن 3 مليارات دولار نتيجة الاتفاق لكبح البرنامج النووي الإيراني. ونفى كيري ما يروج من أن إيران حصلت على 100 مليار دولار في إطار الصفقة، وقال: «في بعض الأحيان تسمع بعض المرشحين للرئاسة يروجون رقما خاطئا يصل إلى 155 مليار دولار وقال البعض 100 مليار والبعض الآخر 55 مليارا، وهذا ليس صحيحا، وأنا أقول لكم إن كل ما حصلت عليه إيران يصل إلى نحو 3 مليارات دولار».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.