لبنان المكتوي بنار الفراغ الرئاسي يستعد للاحتفال بتولي أحد أبنائه رئاسة البرازيل

أهل بلدته أعدوا «أقواس النصر» ويستعدون لافتتاح حديقة عامة باسمه

الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف تتحدث إلى نائبها ميشال تامر المنتظر أن يخلفها الشهر المقبل (رويترز)
الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف تتحدث إلى نائبها ميشال تامر المنتظر أن يخلفها الشهر المقبل (رويترز)
TT

لبنان المكتوي بنار الفراغ الرئاسي يستعد للاحتفال بتولي أحد أبنائه رئاسة البرازيل

الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف تتحدث إلى نائبها ميشال تامر المنتظر أن يخلفها الشهر المقبل (رويترز)
الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف تتحدث إلى نائبها ميشال تامر المنتظر أن يخلفها الشهر المقبل (رويترز)

يُتابع اللبنانيون باهتمام وفخر، ولكن بغصة أيضا، توجه اللبناني ميشال تامر لتولي رئاسة البرازيل الشهر المقبل خلفا للرئيسة الحالية ديلما روسيف المتهمة بالتورط بقضايا فساد، ويعدون أنّه من «سخرية القدر» أن يصل لبناني لرئاسة خامس دولة من حيث المساحة وعدد السكان في العالم، في الوقت الذي يعجز فيه البرلمان اللبناني عن انتخاب رئيس للبلاد نتيجة للخلاف السياسي المستشري ومقاطعة نواب «حزب الله» والتيار الوطني الحر منذ عامين للجلسات الـ38 التي تمت الدعوة إليها لملء الشغور الرئاسي.
فبعد نجاح المعارضة في مجلس النواب البرازيلي الأحد الماضي في تأمين أغلبية الثلثين اللازمة للمضي قدما في عملية عزل الرئيسة اليسارية ديلما روسيف المتهمة بالتلاعب بالحسابات العامة، تتجه الأنظار إلى مجلس الشيوخ الذي سيقول كلمته النهائية خلال شهر في حد أقصى بعزل روسيف، علما بأنه بحاجة لأغلبية بسيطة مضمونة ستوصل نائب روسيف الحالي، اللبناني ميشال تامر لرئاسة البرازيل.
وباعتبار أن تولي تامر الرئاسة البرازيلية أمر شبه محسوم، بدأت الاستعدادات اللبنانية للاحتفال بالمناسبة، خصوصا في مسقط رأسه في بلدة بتعبورة في قضاء الكورة بالشمال اللبناني، حيث أعد أهلها «أقواس النصر» لرفعها فور إعلان انتقاله إلى القصر الرئاسي البرازيلي، حتى إنّه تم إنشاء حديقة عامة ستحمل اسمه يتم افتتاحها في مهلة أقصاها 10 أيام تُضاف للشارع الذي يحمل اسمه وللنصب التذكاري لأبيه، كما أكد رئيس بلدية بتعبورة بسام بربر، الحديث عن احتفالات ضخمة يتم الإعداد لها إحياء للمناسبة. وقال بربر لـ«الشرق الأوسط» إنّه وفعاليات القرية يتابعون المستجدات في مجال تولي تامر الرئاسة البرازيلية من خلال رئيس مكتبه البرازيلي وأصدقائه اللبنانيين، لافتا إلى أن التلفزيون البرازيلي سيزور بتعبورة يوم الجمعة للاطلاع على الأجواء العامة، كما أنّه سينقل مباشرة الاحتفالات فور إعلان تولي تامر الرئاسة. وأشار بربر إلى أن أهل بلدته متحمسون جدا وفخورون بتولي أحد أبناء بتعبورة رئاسة البرازيل، لافتا إلى أنّهم لا ينفكون يسألون عن موعد انطلاق الاحتفالات.
ولا يزال منزل آل تامر الذي تركه أهله في عام 1935 في الكورة على حاله، وهو عبارة عن بيت قديم جدا يتعدى عمره 150 عاما، بحسب رئيس البلدية الذي أشار إلى أن 3 من إخوة تامر ولدوا في لبنان قبل أن يقرر والدهم الهجرة إلى البرازيل وضم عائلته إليه بعد 10 سنوات من تركه بلده.
وقد تبوأ ميشال تامر، وهو محامٍ حامل بكالوريوس في الحقوق من جامعة سان باولو، ودكتوراه في التخصص نفسه من الجامعة الكاثوليكية في المدينة، مراكز ومناصب كبيرة في البرازيل أبرزها رئاسة مجلس النواب 6 دورات على التوالي، ونائب رئيس البلاد 3 مرات. وفي عام 2015، أصدر تقريرًا بعنوان: «جسر نحو المُستقبل»، انتقد فيه الفساد في الحكومة البرازيلية تمهيدًا لانسحاب حزبه من ائتلاف دعم الحكومة، ليُعلن في مارس (آذار) 2016 انسحاب حزب «الحركة الديمقراطية البرازيلية» بقيادته من دعم الحكومة، لتبدأ رحلة سقوط روسيف التي اتهمته بقيادة الانقلاب ضدها، وبأنه قام بالإيعاز للمعارضة بأنه على استعداد لتولي المنصب مكانها.
وبحسب الصحافي البرازيلي فيتور عبد الله، تشهد البرازيل انقساما كبيرا بين من يعتقد أن الحزب الذي تنتمي إليه الرئيسة البرازيلية الحالية هو السبب الرئيسي للفساد الذي ترزح تحته البلاد وبأنّه يعمل لتحويل البرازيل لديكتاتورية شيوعية، ومن يطالب بحكم عسكري ومن يريد انتخابات مبكرة تُنتج رئيسا وسلطة جديدة في البلاد.
وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «قد لا يكون معظم البرازيليين متحمسين لرئاسة ميشال تامر، لكنّهم، ولا شك، فرحون لرحيل روسيف وحزبها عن الرئاسة»، لافتا إلى أن المجتمع اللبناني في البرازيل غير موحد، وبالتالي بعض من البرازيليين ذوي الأصول اللبنانية فرحون بتولي تامر الرئاسة، فيما هناك من يعارضون هذه المسألة.
ويعيش ما يزيد على 7 ملايين لبناني (مغترب ومنحدر) في البرازيل في أكبر تجمع للبنانيين خارج بلدهم، إلا أن قسما كبيرا منهم لا يحمل الجنسية اللبنانية. وقد منح الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان الرئيس البرازيلي المستقبلي الجنسية اللبنانية خلال آخر زيارة قام بها إلى بلده الأم في عام 2011 مع زوجته التي تصغره بـ42 عاما، وهي ملكة جمال سابقة.
وعلى الرغم من الحماسة اللبنانية للتطورات الحاصلة في البرازيل على صعيد الملف الرئاسي، فإن الغصة ترافق كل الاستعدادات الاحتفالية نظرا لاستمرار الشغور في سدة الرئاسة اللبنانية منذ مايو (أيار) 2014 وعدم وجود أي مؤشرات في الأفق توحي بانفراجات قريبة.
وفي هذا السياق، عد رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن أن «تبوؤ تامر الرئاسة البرازيلية إن دل على شيء، فعلى مدى التراجع الذي يعيشه بلده الأم وانعدام الديمقراطية بعد 38 جلسة فشل خلالها النواب في انتخاب رئيس»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عسى أن تكون تجربة تامر مثلا ومثالا لأعضاء المجلس النيابي كي يعودوا إلى ضمائرهم ويكونوا على مستوى المسؤولية العليا المطلوبة منهم في الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة».



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».