البرلمان البرازيلي يصوت على مصير الرئيسة روسيف

أكثر من 60 % من البرازيليين يؤيدون تنحيها

الرئيسة، ديلما روسيف
الرئيسة، ديلما روسيف
TT

البرلمان البرازيلي يصوت على مصير الرئيسة روسيف

الرئيسة، ديلما روسيف
الرئيسة، ديلما روسيف

صوت مجلس النواب البرازيلي مساء أمس، في ختام جلسة ماراثونية يتابعها السكان بتوتر وترقب على إجراءات عزل الرئيسة، ديلما روسيف، بتهمة تزوير حسابات العامة.
وأدلى النواب بأصواتهم ليقرروا ما إذا كانوا سيطلبون أم لا من مجلس الشيوخ البدء رسميا بعملية إقالة الرئيسة اليسارية التي تتهمها المعارضة بالتزوير، في حين تتهم روسيف خصومها السياسيين بتدبير انقلاب عليها.
ورفضت المحكمة العليا في البرازيل طلب الحكومة بوقف التصويت على اتهام رئيسة البلاد ديلما روسيف جرى أمس في مجلس النواب بالبرلمان. وكان المدعي العام قد قدم ذلك الطلب، مؤكدا أنه يهدف إلى معاملة عادلة لروسيف التي تواجه ضغوطا من أجل تقديم استقالتها منذ أشهر. وتتهم روسيف بإخفاء حجم عجز الموازنة خلال حملة إعادة انتخابها في نهاية 2014.
ووضعت الشرطة في حالة استنفار في كل أنحاء البرازيل العملاق الناشئ في أميركا اللاتينية التي تتكون من مائتي مليون نسمة، و8.5 مليون كيلومتر مربع، والغارقة في إحدى أسوأ الأزمات في تاريخها الديمقراطي الحديث سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الأخلاقي.
وتخشى السلطات من وقوع مواجهات خلال مظاهرات حاشدة لأنصار الفريقين ستنظم في ريو دي جانيرو (جنوب شرق) وساو باولو (جنوب شرق) وبرازيليا. وتسعى روسيف وحلفاؤها في الكواليس إلى تغيير مسار الأحداث لمصلحتها كما دعت أنصارها إلى التعبئة.
ويتعين على المعارضة تأمين ثلثي أصوات أعضاء مجلس النواب (342 من 513) من أجل طرح إجراء الإقالة على مجلس الشيوخ.
وإذا لم يتمكن النواب من تأمين الأصوات اللازمة، تلغى الإجراءات نهائيا وتنقذ روسيف على الفور ولايتها. وأعلنت أنها ستقترح «ميثاقا وطنيا كبيرا بصيغة لا غالب ولا مغلوب» لإخراج البرازيل من الأزمة.
أما إذا صوت النواب على إقالتها فستجد روسيف، أول امرأة تنتخب رئيسة للبرازيل في 2010، نفسها في وضع حرج جدا؛ إذ يكفي عندئذ تصويت بالأكثرية البسيطة لأعضاء مجلس الشيوخ، في مايو (أيار) المقبل، من أجل توجيه التهمة إليها رسميا وإبعادها عن الحكم فترة أقصاها ستة أشهر في انتظار صدور الحكم النهائي.
وأعطت التقديرات الأخيرة لصحيفتي «فوليا دي ساو باولو» و«استادو دي ساو باولو» انتصارا محدودا لمؤيدي الإقالة (347 صوتا في مجلس النواب).
وقال رئيس اللجنة التي تؤيد الإقالة، النائب اليميني مندونكا فيليو لوكالة الصحافة الفرنسية: «تجاوزنا عتبة الـ342 صوتا. تعزز موقفنا لكن يجب ألا نتراخى وعلينا أن نبقى يقظين».
إلا أن اليسار لا يقر بالهزيمة بعد وبدأ منذ يوم الجمعة الماضي، حملة مكثفة يقودها الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (2003 - 2010) من أحد فنادق برازيليا. ويحاول لولا دا سيلفا إقناع نواب وسط اليمين الذين ينتمون إلى أحزاب انسحبت من الائتلاف الرئاسي الأسبوع الماضي بتأييد الرئيسة. وقال «إنها معركة أرقام تعلو وترتفع مثل البورصة»، وعلينا التفاوض على مدار الـ24 ساعة».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.