المعارضة السورية تبدأ معركة إنهاء «شهداء اليرموك» التابع لـ«داعش» في ريف درعا

«جيش الإسلام» يواصل قتال التنظيم في الضمير.. والنظام يقصف المطار العسكري

المعارضة السورية تبدأ معركة إنهاء «شهداء اليرموك» التابع لـ«داعش» في ريف درعا
TT

المعارضة السورية تبدأ معركة إنهاء «شهداء اليرموك» التابع لـ«داعش» في ريف درعا

المعارضة السورية تبدأ معركة إنهاء «شهداء اليرموك» التابع لـ«داعش» في ريف درعا

تجددت المعارك، أمس، بين مسلحي تنظيم «جيش الإسلام» من جهة وتنظيم «داعش» من جهة أخرى في أطراف مدينة الضُّمَير، في الريف الشرقي للعاصمة السورية دمشق، التي يحاول التنظيم اختراقها. وبالتزامن مع هجوم «جيش الإسلام» على مواقع «داعش»، قصفت قوات النظام محيط مطار الضمير العسكري والمحطة الحرارية، كما شنَّ طيران النظام ثلاث غارات على محيط أوتوستراد السلام قرب مخيم خان الشيح في ريف دمشق الغربي، تزامنا مع قصف مدفعي وصاروخي للمنطقة نفسها.
أما على الجبهة الجنوبية المشتعلة أصلا، فقد شنَّت فصائل المعارضة المسلحة، أمس، أوسع هجوم لها على بلدة عين ذكر في ريف محافظة درعا الغربي الخاضعة لسيطرة «لواء شهداء اليرموك»، المرتبط بتنظيم «داعش»، بهدف كسر خط دفاعه الأول عن بلدات نافعة والشجرة وجملة الحدودية، التي تُعد أبرز معاقله غربي مدينة درعا، محاولة إنهاء وجوده في ريف المحافظة. وأكد محمد القزوح، القيادي العسكري في الجبهة الجنوبية المعارضة، لـ«مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن «هجوم الفصائل جاء بعد إتمام عمليات الرصد في المنطقة، ووضع خطط على عدة مراحل؛ حيث من المتوقع أن يتم خلالها السيطرة على جملة، لتكون بذلك بلدتا نافعة والشجرة الهدف القادم للفصائل».
وقال القيادي في الجبهة التي تضم جميع فصائل «الجيش السوري الحر» في جنوب سوريا: «إن كسر خط الدفاع الأول للواء من جهة الشرق، يعني بدء مرحلة إنهاء سيطرته على ريف درعا الغربي، خاصة أن المنطقة باتت شبه محاصرة لمجاورتها إسرائيل من الشمال الغربي، والأردن من الغرب»، مشيرا إلى أن الهجوم على عين ذكر «جاء بعد عدة محاولات للواء لإبعاد مقاتلي المعارضة عن البلدة، وذلك بمهاجمة مواقعها، لاسيما محمية تسيل، ومحاولة استعادة بلدة تسيل التي سيطرت عليها المعارضة قبل نحو أسبوعين».
هجوم المعارضة سبقه، إعلان المجلس العسكري في مدينة نوى، ثاني كبرى مدن محافظة درعا بعد عاصمتها، حربا لا هوادة فيها على من أسماهم «أصحاب الغلو الذين كفروا المسلمين واستباحوا دماءهم، حتى يعودوا إلى رشدهم». وقال المجلس العسكري بمدينة نوى في بيان له حول الاشتباكات الدائرة بين الطرفين: «لما وقع إخوتنا من أبناء (حركة المثنى) و(لواء شهداء اليرموك) في مستنقع الغلو وأصابتهم لوثة التكفير، فكفروا المسلمين واستباحوا الدماء والأموال، ولما قطعوا الطريق على إخوانهم المجاهدين (...) وقتلوا الرموز والنخبة من خيرة أبناء حوران، وكانت أفعالهم وأقوالهم ومواقفهم لا تخدم إلا أعداءنا (...) لهذا كان من الواجب علينا بيان طبعهم ومُضيهم في التكفير والقتل وغصب الأموال، وبيان منهجهم الفاسد الذي رفض كل نداءات الصلح والنصح والرجوع إلى الحق، من أكابر علماء المسلمين، ولهذا فقد وجب قتالهم إلى أن يعودوا إلى رشدهم ويعودوا إلى جماعة المسلمين».
في المقابل، قصفت قوات النظام، فجر أول من أمس الجمعة، مناطق في بلدة مسحرة بالقطاع الأوسط في ريف محافظة القنيطرة، عقبه استهداف الفصائل المعارضة لتمركزات النظام في أطراف قرية جبا، كما استمرت إلى ما بعد منتصف ليل الجمعة الاشتباكات بين قوات النظام والفصائل المقاتلة على محور التلول الحمر في القطاع الشمالي من ريف القنيطرة، ترافق ذلك مع قصف النظام بقذائف الهواوين على مناطق الاشتباك.
وفي الشمال السوري، نفذت طائرات حربية غارتين على بلدتي مورك وكفرزيتا بريف محافظة حماه الشمالي الغربي، وأعلن ناشطون أن القصف الجوي ترافق مع قصف مدفعي للبلدتين كما طاول القصف قرية الزكاة، في حين نفذت طائرات حربية غارة على قرية الحامدية جنوب مدينة معرة النعمان في ريف محافظة إدلب، ولم ترد أنباء عن خسائر بشرية.
وفي الشمال الغربي، في ريف محافظة اللاذقية، استهدفت مدفعية النظام المتمركزة في مناطق جبل الأكراد، مخيمات النازحين، الواقعة في مناطق سيطرة المعارضة في ريف إدلب الغربي والمحاذية للحدود التركية. وأفاد «مكتب أخبار سوريا»، أن «القذائف سقطت في المخيمات الواقعة على طريق قرية الحنبوشية؛ مما أدى إلى إصابة نازحين بجروح وحروق بسيطة جراء احتراق عدد من الخيم»، وأكد المصدر أن عددا من العائلات القاطنة في المخيمات المستهدفة «نزحت إلى مخيمات قريتي عين البيضا وخربة الجوز، نظرا إلى تكرار استهدافها، وخصوصا، أن قوات النظام باتت تكشف وترصد المنطقة بعد تقدمها الكبير في ريف اللاذقية أخيرا»، ومشيرا إلى أن «المخيمات عبارة عن خيام عشوائية نصبها الأهالي قرب الحدود التركية، واستهدفتها القوات النظامية عدة مرات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم