تونس: العسكر يتدخل لفرض الأمن بعد إحراق مقار أمنية في قرقنة

الصيد يتهم الجبهة الشعبية وحزب التحرير بتأجيج الأوضاع

تونس: العسكر يتدخل لفرض الأمن بعد إحراق مقار أمنية في قرقنة
TT

تونس: العسكر يتدخل لفرض الأمن بعد إحراق مقار أمنية في قرقنة

تونس: العسكر يتدخل لفرض الأمن بعد إحراق مقار أمنية في قرقنة

تدخلت قوات عسكرية تونسية، أمس، لفض الاشتباك الحاصل منذ يومين بين سكان جزيرة قرقنة، الواقعة قبالة السواحل الشرقية، وقوات الأمن التي قابلت الاحتجاجات بقنابل مسيلة للدموع، مما أدى إلى احتراق مقر أمني في منطقة سيدي يوسف، وحرق مكتبين للحرس الوطني بالمنطقة نفسها، فيما أفاد مصدر عسكري بأن كل القوات الأمنية انسحبت من الجزيرة، وحلت محلها قوات عسكرية في انتظار وصول تعزيزات عسكرية إضافية.
وتخوفا من خروج الاحتجاجات الاجتماعية المطالبة بالتنمية والتشغيل عن سيطرة قوات الأمن المتهمة بالإفراط في استعمال القوة، تولت قوات الجيش الموجودة في الجزيرة تأمين مقر إقليم الأمن بعد إحراق عدد من المقار الأمنية. كما أمنت القوات نفسها مقر السلطة المحلية (المعتمدية)، ومقر الشركة البترولية التي اندلعت حولها تلك الاحتجاجات المطالبة بالعمل ضمن عمالها.
واتهم الحبيب الصيد، رئيس الحكومة، كلا من تحالف الجبهة الشعبية اليساري، وحزب التحرير الإسلامي، بالوقوف وراء الاحتجاجات العنيفة، التي عرفتها جزيرة قرقنة وسط شرق تونس، وقال في لقاء جمعه برؤساء تحرير مجموعة من الصحف إن التحقيقات أثبتت مسؤولية هذين الطرفين السياسيين في إشعال أحداث قرقنة الأخيرة. ونفى عن قوات الأمن التونسي الاستعمال المفرط في القوة، مؤكدا أن الدولة نفذت القوانين التي تتماشى مع هذه الاحتجاجات، على حد قوله.
وأكد الصيد أن الدولة تدخلت في جزيرة قرقنة لضمان حرية الشغل لنحو 400 عامل مهددين بالبطالة في حال تنفيذ المستثمر الأجنبي لتهديداته بمغادرة البلاد ووقف النشاط، وشدد على دفاع الدولة عن حق الاحتجاج السلمي، ما لم يمس ذلك من حرية الشغل ويعطل السير الطبيعي للعمل، مشيرا إلى تعمد بعض المعتصمين تعطيل سير عمل الشركة بمنع الشاحنات القادمة إلى المنطقة من الدخول أو المغادرة، وهو ما استدعى تطبيق القانون.
وبشأن تطورات الأحداث التي أدت إلى إقدام المحتجين على إغراق سيارتين أمنيتين في البحر بميناء قرقنة، قال الصيد إن هذا «التصرف غير مقبول».
وكانت وزارة الداخلية قد أفادت بأن مجموعة مكونة من نحو مائتين وخمسين شخصا هاجمت الوحدات الأمنية المتمركزة في محيط ميناء سيدي يوسف بقرقنة، مستعملة الحجارة والزجاجات الحارقة (المولوتوف)، مما تسبب في حرق سيارتين إداريتين وشاحنة أمنية، مع الإلقاء بسيارة أمنية أخرى في البحر.
ومن ناحيته، أكد ياسر مصباح، المتحدث باسم وزارة الداخلية، عودة الاستقرار إلى جزيرة قرقنة (وسط شرق) بعد مواجهات خلال الليلة قبل الماضية بين وحدات الأمن ومئات المحتجين، على خلفية منع شاحنات تابعة لإحدى الشركات البترولية من الوصول إلى مقر الشركة، والمطالبة بإطلاق سراح أربعة شبان اعتقلتهم الشرطة قبل نحو أسبوع.
وأكد المصدر ذاته تسجيل ست إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف الأمنيين، جراء رشقهم بالحجارة وقنابل المولوتوف الحارقة، على حد قوله، إضافة إلى اختناق اثنين من المحتجين بالغاز المسيل للدموع.
وتعرف جزيرة قرقنة، منذ نحو أسبوع، احتجاجات اجتماعية نتيجة غياب مشاريع تنموية، وهو ما جعل السكان ينفذون إضرابا عاما عن العمل الثلاثاء الماضي، لمطالبة الحكومة بمشاريع تخفض من نسب البطالة بين شباب المنطقة.
وفي السياق ذاته، أكد محمد عبيد، الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بصفاقس، التي تتبعها جزيرة قرقنة من الناحية الإدارية، أن المحكمة أفرجت مساء أول من أمس عن الموقوفين الأربعة في قضية أحداث قرقنة، واعتبر، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن القرار «كان قرارا قضائيا صرفا، ولا علاقة له بالتجاذبات السياسية»، على حد قوله.
وأسقطت الشركة البترولية التي تقدمت بشكوى ضد المعتصمين حقها القانوني في متابعة المعتقلين الأربعة، كما أسقط رجال الأمن بدورهم حقهم في تتبع الموقوفين، وهو ما جعل المحكمة المذكورة تطلق سراحهم، في محاولة لتهدئة الاحتجاجات المتمسكة بإطلاق سراح الموقوفين.
وفي رده على تصريحات إعلامية للمكلف صادرة عن وزارة الداخلية حول تلقي تعليمات من النيابة العمومية بصفاقس لتنفيذ التدخل الأمني في قرقنة، أكد الوكيل العام أن «النيابة لا دخل لها إطلاقا في الموضوع»، مشيرا إلى أن التدخل الأمني عمل إداري أمني من صلاحيات وزارة الداخلية ومن مشمولاتها، مؤكدا أن النيابة العامة تتدخل فقط في المحاضر العدلية والجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي، وتأذن بإجراء الأبحاث وتقرر الاحتفاظ بالمظنون فيهم أو إبقاءهم في حالة سراح.
وأضاف الوكيل العام، موضحا أن وزارة الداخلية ليست في حاجة إطلاقا إلى استشارة النيابة العامة للقيام بتدخل أمني لفك اعتصام غير شرعي، أو التصدي لمظاهرات غير قانونية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.