وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يزوران طرابلس.. وحفتر يعلن توسيع الحرب ضد المتطرفين

السراج يشيد بدور السعودية الإقليمي في دعم المسار السياسي الليبي

الوزيران الفرنسي جان مارك إيرو والألماني فرانك فالتر شتاينماير لدى وصولهما إلى مطار طرابلس أمس (أ.ف.ب)
الوزيران الفرنسي جان مارك إيرو والألماني فرانك فالتر شتاينماير لدى وصولهما إلى مطار طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يزوران طرابلس.. وحفتر يعلن توسيع الحرب ضد المتطرفين

الوزيران الفرنسي جان مارك إيرو والألماني فرانك فالتر شتاينماير لدى وصولهما إلى مطار طرابلس أمس (أ.ف.ب)
الوزيران الفرنسي جان مارك إيرو والألماني فرانك فالتر شتاينماير لدى وصولهما إلى مطار طرابلس أمس (أ.ف.ب)

أثنى رئيس حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة فائز السراج، على دورَي السعودية الإقليمي والدولي في دعم المسار السياسي ومراحل تنفيذه، فيما قام أمس وزيرا خارجية الفرنسي والألماني بزيارة مفاجئة إلى العاصمة الليبية طرابلس، لم يسبق الإعلان عنها.
وقال بيان وزعه المكتب الإعلامي للسراج: «إن عادل الجبير هنأ السراج، الذي التقاه أول من أمس على هامش اجتماع قمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، على بدء عمل المجلس الرئاسي لحكومته من طرابلس، مؤكدا دعم المملكة العربية السعودية لخيارات الشعب الليبي، ودعا جميع الأطراف للالتزام بالاستحقاقات الواردة في الاتفاق السياسي».
وقال البيان: «إن وزير الخارجية السعودي أبدى أيضا استعداد بلاده تقديم الدعم اللازم لحكومة الوفاق الوطني في عديد من المجالات الاقتصادية والأمنية، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك بمجرد بدء أجهزة الدولة عملها فعليا»، مبينا أن التحالف الإسلامي ضد الإرهاب يعد من أهم التحالفات التي سيكون لها دور في القضاء على تنظيم داعش المتطرف في المنطقة العربية والعالم.
وتسبق زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرو، ووزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، إلى طرابلس، جلسة مقررة لمجلس النواب الليبي بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد؛ وذلك للتصويت على منح الثقة لحكومة السراج، كما تسبق اجتماعا على مستوى وزراء الخارجية والدفاع للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي غدا (الاثنين) في لوكسمبورج لمناقشة كيفية تقديم الدعم للحكومة الجديدة.
كما تأتي هذه الزيارة في ختام أسبوع دبلوماسي حافل في طرابلس، بدأ بزيارة وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني الذي أنهى الأسبوع الماضي قطيعة سياسية فرضها المجتمع الدولي على العاصمة لأكثر من عام ونصف العام.
وبعد يومين من زيارة سفراء فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، وصل آيرولت وشتاينماير على متن طائرة فرنسية إلى مطار معيتيقة في شرق العاصمة، وسط حراسة أمنية مشددة من قبل عناصر أمن ليبيين وأجانب.
وعقد الوزيران اجتماعا مع السراج وأعضاء المجلس الرئاسي لحكومته في قاعدة طرابلس البحرية القريبة من مطار معيتيقة، التي يتخذها السراج مقرا له منذ وصوله على العاصمة نهاية الشهر الماضي.
وقبيل وصوله إلى طرابلس، قال وزير الخارجية الألماني للصحافيين: إن زيارته مع نظيره الفرنسي «مؤشر على أن المجتمع الدولي يتفق على نقطة رئيسية، وهي أن طريق السلام والاستقرار يمر عبر حكومة السراج، واتفاق السلام الموقع بالصخيرات في المغرب نهاية العام الماضي».
وأضاف شتاينماير موضحا «نريد أن نساعد على تحقيق ما يتطلع إليه الليبيون، وهو الحياة الطبيعية الآمنة والسلام، والمرتبطان بالجو السياسي التوافقي».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية، أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى طرابلس تأتي «في السياق ذاته لزيارة (الرئيس الفرنسي) فرنسوا هولاند اليوم إلى مصر، الدولة المنخرطة في الأزمة الليبية».
وأوضحت المصادر، أن «آيرولت يعتقد أن على الأوروبيين الاستعداد للتحرك والعمل معا»، مضيفة أن فرنسا «كانت من أولى الدول التي دعمت السراج، وقد حان الوقت لإعطاء زخم جديد لهذا الدعم».
وتبدي فرنسا ومعها دول الاتحاد الأوروبي، والدول المجاورة لليبيا، قلقها من سعي تنظيم داعش المتطرف إلى التمدد بعد سيطرته على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، وهجومه على موانئ النفط الرئيسية في شرق البلاد.
وتبحث دول في الاتحاد الأوروبي إعادة فتح سفاراتها في العاصمة الليبية بعد إغلاقها في صيف عام 2014 إثر المعارك التي اندلعت بين الجماعات المسلحة في المدينة والتي نتج منها قيام حكومة أمر واقع لم تحظ طوال مدة حكمها باعتراف المجتمع الدولي.
وجاءت زيارة الوزيرين الأوروبيين إلى طرابلس قبل يومين من الاجتماع السنوي لوزراء الخارجية والدفاع الأوروبيين في لوكسمبورغ مساء الاثنين، الذي من المتوقع أن يتطرق إلى الوضع في ليبيا، حيث قالت مصادر أوروبية: إن الوزراء الأوروبيين سيبحثون الوضع في ليبيا مع السراج «عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة».
وتواجه حكومة السراج عقبة رئيسية في سعيها لبسط سيطرتها على البلاد، تتمثل في رفض الحكومة الموازية في شرق ليبيا، والتي كانت تحظى باعتراف المجتمع الدولي حتى ولادة الحكومة الجديدة، تسليمها السلطة قبل نيلها الثقة في البرلمان.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.