مفاوضات موازية روسية ـ أميركية في جنيف للاتفاق على صفقة لسوريا

تأكيدا لما نشرته «الشرق الأوسط».. ودي ميستورا يقترح ثلاثة نواب رئيس إلى جانب الأسد

عناصر من الدفاع الوطني يبحثون عن أحياء إثر غارة جوية ضد المعارضة في الجزء القديم من حلب أمس (رويترز)
عناصر من الدفاع الوطني يبحثون عن أحياء إثر غارة جوية ضد المعارضة في الجزء القديم من حلب أمس (رويترز)
TT

مفاوضات موازية روسية ـ أميركية في جنيف للاتفاق على صفقة لسوريا

عناصر من الدفاع الوطني يبحثون عن أحياء إثر غارة جوية ضد المعارضة في الجزء القديم من حلب أمس (رويترز)
عناصر من الدفاع الوطني يبحثون عن أحياء إثر غارة جوية ضد المعارضة في الجزء القديم من حلب أمس (رويترز)

تشهد مدينة جنيف السويسرية نوعين من المحادثات، الأول منها علني ويجري في قصر الأمم وأطرافه المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا ووفدا النظام السوري و«الهيئة العليا للمفاوضات»، و«مجموعة القاهرة - موسكو»، و«الهيئة النسائية السورية» والمجتمع المدني. وهذه النشاطات يستضيفها «قصر الأمم». كذلك يستضيف قصر الأمم اجتماعات هيئتي الاتصال المنبثقتين عن «مجموعة الدعم لسوريا» الخاصتين بوقف الأعمال العدائية وبإيصال المساعدات الإنسانية.
أما النوع الثاني، البعيد عن الأنظار والأضواء، فهو يحصل في الفنادق الكبرى للمدينة السويسرية ما بين فندق «كونتيننتال» القريب من قصر الأمم وفندق «كمبينسكي» (الهيلتون سابقا) على ضفة بحيرة جنيف اليمنى، وفنادق أخرى من فئة خمسة نجوم. و«أبطال» هذا النوع الثاني من النشاطات بعض مندوبي الدول، خصوصا الغربية، التي تتشكل منها مجموعة الدعم لسوريا الذين يلتقون يوميًا، وأحيانا عدة مرات في اليوم. لكن الأهم منها لقاءات ثنائية أميركية - روسية كشفت عنها «الشرق الأوسط» في عددها يوم أمس. وهذه اللقاءات يغلفها ستار سميك من التكتّم حتى على أعضاء أساسيين من «مجموعة الدعم» مثل الدول الأوروبية الرئيسية أو أطراف إقليمية وخليجية. ووفق أكثر من مصدر، فإن ما يحصل في جنيف بخصوص رسم مستقبل سوريا عن طريق بلورة عناصر «صفقة» ثنائية يجري لاحقًا عرضها أو فرضها على الجميع شبيه بما حصل في العاصمة النمساوية فيينا خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما اتفقت موسكو وواشنطن على هدنة تم لاحقًا التسويق لها، وهي التي أنتجت فيما بعد قراري مجلس الأمن الرقم «2254»، ثم الرقم «2268».
وأمس، أكدت مصادر دبلوماسية غربية وأخرى من المعارضة السورية الخبر الذي نشرته «الشرق الأوسط» عن وجود مباحثات روسية - أميركية بشأن «الصفقة» التي يجري العمل على إعدادها في جنيف من أجل توفير «مظلة» للمحادثات التي يقودها المبعوث الدولي. ومما يجري بحثه ثنائيا بين الطرفين، ليس فقط الإبقاء على رئيس النظام بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، وإنما أيضا أن يكون له دور رئيسي فيها، بما في ذلك إعداد الدستور والانتخابات المفترض أن تجرى بعد 18 شهرا من انطلاق المحادثات بين الأطراف السورية التي بدأت في 14 مارس (آذار) الماضي. وفي سياق مواز، علمت «الشرق الأوسط» تفاصيل ما حصل في الاجتماع الذي أجري بين دي ميستورا ووفدي النظام، ثم «الهيئة العليا للمفاوضات»، خصوصًا ما قيل عن اقتراح من المبعوث الدولي بأن يبقى الأسد في السلطة مع تعيين ثلاثة نواب رئيس له مع صلاحيات تنفيذية. وبحسب مصادر دبلوماسية مطلعة على مجريات ما يحصل في جنيف وأخرى من المعارضة السورية، فإن المبعوث الدولي لم يقدم «اقتراحا مباشرا» بهذا المعنى لوفد المعارضة، ولم يعرض المقترح على أنه صادر عنه، بل عرضه على أنه أحد المقترحات المطروحة - التي لم يسم مصدرها - لردم الهوة القائمة بين مواقف المعارضة والنظام من موضوع مصير الأسد، بحيث يتم تعيين ثلاثة نواب للرئيس بصلاحيات تنفيذية، وأن يبقى الأسد في منصبه. ووصف مصدر من المعارضة السورية كلام دي ميستورا بأنه جاء بمثابة «بالون اختبار». إلا أن وفد الهيئة العليا، ممثل المعارضة، رفض المقترح، وأعاد تأكيد التمسك بتشكيل «الهيئة الحاكمة كاملة الصلاحيات للمرحلة الانتقالية»، وهو موقفها المبدئي الذي لم يتغير وإعلان الجهوزية للحل السياسي. كذلك طالب وفد المعارضة المبعوث الدولي ببذل الجهود اللازمة من أجل تعزيز الهدنة التي تكاد تسقط بفعل العمليات العسكرية في حلب ومنطقتها، كما شدد وفد المعارضة على ضرورة إيلاء موضوع إيصال المساعدات الإنسانية الأولوية. لكن المعارضة حرصت في الوقت عينه على ألا يتحول موضوع المساعدات إلى مادة للنقاش، لأنه مسؤولية دولية وأحد بنود القرار «2254». وهو ما يفسر إصرارها على الفصل بينه وبين الملف السياسي، كي لا يكون وسيلة ضغط وابتزاز من طرف النظام. وفي السياق نفسه، فإن وفد «الهيئة العليا» عاد ليؤكد تمسكه بتسلسل زمني واضح للعملية السياسية التي يفترض أن تبدأ بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي وتحديد آليات عملها وفق مبدأ التوافق المتبادل. وأشار إلى أن المعارضة تقبل بانضمام وزراء من التكنوقراط إليها. بيد أن مصدرًا دبلوماسيًا غربيًا نصح المعارضة بألا تتوقف كثيرًا عند التسميات، «لأن المهم هو الصلاحيات وليست التسميات».
أما فيما يخص اجتماع دي ميستورا مع وفد النظام، فقد علمت «الشرق الأوسط» أن الرد المكتوب الذي حمله بشار الجعفري على «ورقة» المبعوث الدولي التي جمع فيها «المبادئ» التوافقية بين طرفي النظام والمعارضة، فقد حذف منها تعبير «الحكم الانتقالي»، وحلت مكانه عبارة «حكومة وحدة وطنية» وفق فهم النظام للعملية السياسية. وثمة تعديلات أخرى أقل أهمية طلب الجعفري من دي ميستورا أن يدرسها خلال نهاية الأسبوع، وأن يعرضها على وفد المعارضة، على أن يأتيه بالجواب في الاجتماع المقبل مع المبعوث الدولي ظهر الاثنين.
وكان لافتا في حديث الجعفري المقتضب للصحافة عقب لقائه دي ميستورا أنه لم يأت بتاتًا على عملية الانتقال السياسي ولا على تشكيل الهيئة المفترض أن تقود هذه المرحلة. لكنه، بالمقابل عاد للتشديد على «مبادئ» الحل السياسي، وذهب إلى حد تبني أبوة الورقة التي قدمها دي ميستورا، متناسيًا أن الأخير انتقده أكثر من مرة بشكل واضح بتأكيده أن الكلام على المبادئ مهم، لكن الأهم هو الدخول في صلب العملية السياسية والمرحلة الانتقالية. ودفع هذا الوضع العميد أسعد عوض الزعبي، رئيس وفد «الهيئة العليا»، عقب اللقاء مع دي ميستورا مساء أول من أمس (الجمعة)، إلى اتهام النظام بـ«عدم الجدية» في البحث عن حل سياسي، بينما رأت مصادر غربية أنه «يسعى لكسب الوقت، لا بل إلى نسف هذه الجولة من المحادثات لتلافي الدخول في موضوع تشكيل هيئة الحكم الانتقالية». وكان وفد النظام قد وصل إلى جنيف بعد ستة أيام من التاريخ الذي حدده المبعوث الدولي، بحجة حصول الانتخابات البرلمانية في سوريا. كذلك رأى الزعبي أن استفحال العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات النظام غرضه نسف الجهود السياسية والسعي للحلول العسكرية، مما سيعني تدمير البلاد بالكامل. وأمس، كان متوقعا وصول منسق الهيئة العليا للمفاوضات، الدكتور رياض حجاب، إلى جنيف، وأول نشاطاته الاجتماع بسفراء «النواة الصلبة» من أصدقاء المعارضة، ثم بالوفد المفاوض للاطلاع على آخر التطورات.
وعلى صعيد موازٍ، دعت الفصائل السورية المسلحة الممثلة في وفد «الهيئة العليا» في جنيف دول العالم إلى «تحمل مسؤولياتها»، إذا كانت حقيقة تريد محاربة «داعش»، والقضاء على هذا التنظيم المتطرّف. وفندت هذه الفصائل، في لقاء صحافي هو الأول من نوعه في المدينة السويسرية، العلاقات التي وصفتها بـ«العضوية والوظيفية» بين «داعش» والنظام السوري، عارضة تفاصيل كثيرة حول التعاون بين الجهتين، وكذلك بين النظام والميليشيات الكردية المنضوية تحت لواء حزب الاتحاد الكردي وميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال وشمال شرقي سوريا، مضيفة أنها تتعرض لهجوم مثلث الأضلاع من هذه الأطراف الثلاثة. وفي المؤتمر المذكور، حضر الرائد حسن إبراهيم (أبو أسامة) عن الجيش السوري الحر، وأبو صلاح الشامي، وسامر حبوش، ومحمد علوش، ممثلين لجبهتي الشمال والجنوب وتنظيم جيش الإسلام. وفي عرض مستفيض، شرح إبراهيم تاريخ العلاقة بين النظام في دمشق والتنظيمات الإرهابية منذ احتلال العراق في عام 2003 حتى سقوط تدمر متوقفًا عن العلاقة الاقتصادية بين الطرفين، خصوصا في ملف الغاز والبترول. وذكر الرائد إبراهيم أسماء رجال أعمال سوريين كثيرين منهم جورج حسواني ومحمود الحمودي وجميل قرقتلي، ادعى أنهم ضالعون في تسويق الغاز والنفط وإقامة الصلة بين النظام و«داعش» حول المصالح الاقتصادية. كذلك سرد إبراهيم جملة تفاصيل حول وضع «داعش» يدها على مستودعات أسلحة كانت تابعة للقوات النظامية السورية في خان طومان وحماه (الحمرا)، واتهم صدام الحلقي وهو سائق وائل الحلقي، رئيس حكومة النظام، بأنه يشكل صلة الوصل بين النظام و«داعش». كذلك ذكر إبراهيم أن ما يسمى «حزب الله»، بإيعاز من طهران، درّب أعضاء من «داعش» في جنوب لبنان على تصنيع القنابل، وهي أمور تحتاج إلى خبرات ومهارات.
وإزاء هذا التعاون بين الطرفين، أكد المسؤول العسكري الذي جاء إلى جنيف، لأن الفصائل السورية «تؤمن بالحل السياسي»، أن الجيش السوري الحر والفصائل المعارضة الأخرى تتعرّض لعمليات عسكرية متوازية ومتزامنة من قوات النظام ومن «داعش»، وأيضًا من ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية. وبحسب المسؤول المذكور، فإن الجيش الحر والفصائل المسلحة المعتدلة هي «المستهدفة» من قبل قوات النظام ومن «داعش»، كما في بلدة مارع، ريف محافظة حلب الشمالي، مثلا. هذا وتتجه الأنظار منذ أسابيع إلى الجبهة الشمالية، ومحافظة حلب بالذات. ويؤكد مسؤولو المعارضة العسكريون أن قواتهم بصدد تجميع وحداتها، من أجل استعادة المناطق التي كانت قد خسرتها هناك.
بيد أن هؤلاء يطلقون صفارة الإنذار مما قد يحدث لمليون شخص في مدينة حلب ومحيطها إذا ما نجح النظام في قطع ما يسمى «طريق كاستيلو» الذي يوفر التموين لحلب. فإذا ما حقق النظام هدفه، فإن حلب ستكون قد حوصرت تماما، مما سيعني قطع المساعدات عنها ووقوع أكبر أزمة إنسانية في الحرب السورية. وبالنظر إلى استفحال انتهاكات الهدنة واشتداد القتال على نطاق واسع، وجه الوفد العسكري السوري المعارض دعوة إلى الدول التي رعت الهدنة، وكذلك إلى مجلس الأمن الدولي، من أجل التحرك وحماية الهدنة، لأن نسفها سيعني تهديد المحادثات وربما القضاء عليها. وعلمت «الشرق الأوسط» من أوساط المبعوث الدولي دي ميستورا أنه إذا بقيت الأمور على حالها سيتوجه مجددًا إلى مجلس الأمن الدولي لطلب مساعدته على لجم التدهور والمساعدة على إيصال المساعدات الإنسانية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.