أزمة العراق تتصاعد.. وأميركا تهدد باستخدام القوة لحماية خطوطها الحمراء

انسحاب «بدر» يحبط آمال معارضي الجبوري لانتخاب بديل له لرئاسة البرلمان

متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير وسط بغداد ضد التيار الصدري وفساد المسؤولين في البلاد (أ. ف. ب)
متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير وسط بغداد ضد التيار الصدري وفساد المسؤولين في البلاد (أ. ف. ب)
TT

أزمة العراق تتصاعد.. وأميركا تهدد باستخدام القوة لحماية خطوطها الحمراء

متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير وسط بغداد ضد التيار الصدري وفساد المسؤولين في البلاد (أ. ف. ب)
متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير وسط بغداد ضد التيار الصدري وفساد المسؤولين في البلاد (أ. ف. ب)

كشف مصدر عراقي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «الولايات المتحدة الأميركية أوصلت عن طريق جوزيف فوتيل، قائد القيادة الوسطى الأميركية، رسالة هامة ومختصرة إلى القيادات السياسية العراقية، مفادها أنها ستتولى عن طريق قواتها المرابطة بالقرب من العراق حماية خطوطها الحمراء في العراق، ومن بينها الرئاسات الثلاث». وأضاف المصدر المطلع أن «الموقف الأميركي كان واضحا منذ زيارة جون كيري وزير الخارجية، الذي أكد على الثوابت الأميركية السياسية والاستراتيجية، حيث جاء المبعوث الرئاسي ماكفورك لنفس الغرض، ثم إعلانه بوضوح في لقائيه مع القادة العراقيين، لا سيما رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ورئيس ائتلاف (متحدون) أسامة النجيفي، مشددا على أن ما حصل بالضد من رئيس البرلمان سليم الجبوري أمر غير شرعي»، مبينا في ذات السياق أن «ما عرضه كيري وماكفورك هو البعد السياسي للمسألة، لكن حينما شعرت واشنطن أن هناك تحرشا بالرئاسات الثلاث، جاءت رسالة فوتيل واضحة، وهي بمثابة خط أحمر لا يمكن التنازل عنه».
وبشأن الموقف الإيراني حيال هذه التطورات، قال المصدر المطلع إن «الإيرانيين وبعد الاتفاق النووي لم يعودوا قادرين على معارضة الأميركيين في مثل هذه المسائل؛ لأن إيران لديها تقريبا نفس الثوابت، طالما أن منصب رئيس الوزراء يبقى من حصة الشيعة، كما أن عين واهتمام إيران الآن منصب على التفاهم مع أميركا بشأن سوريا كأولوية أولى».
في غضون ذلك، أدى انسحاب «منظمة بدر»، التي يقودها هادي العامري، من المعتصمين داخل قبة البرلمان، إلى الإخلال بالنصاب القانوني، الذي يسمح بعقد جلسة رسمية يتم من خلالها انتخاب هيئة رئاسة جديدة للبرلمان، بدلا من رئيس البرلمان سليم الجبوري، الذي أقيل الخميس الماضي في جلسة لا يزال الجدل مستمرا بشأن دستوريتها، وبشأن عدد الحاضرين، فضلا عن نائبيه، الشيعي همام حمودي، والكردي آرام شيخ محمد.
وفي هذا السياق، أكد ستار الغانم، النائب بكتلة «بدر» البرلمانية، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نواب في الكتلة عقده أمس بمبنى البرلمان أن «تنظيم (داعش) يهدد البلاد إلى جانب الأزمة الاقتصادية التي تركت آثارها، ومحاولات الأعداء إثارة الفوضى، وهو ما يشكل خطرا أشد»، مبينا أن «الخوف من تشتيت وحدة الصف الوطني يحتم علينا ضمد الجراح، وتحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية، ونكران الذات؛ لأن هدفنا الأول هو حسم المعركة مع (داعش) في هذا الوقت العصيب».
وأضاف الغانم موضحا: «إننا في كتلة (بدر) البرلمانية نقف مع تطلعات الشعب العزيز ومع الإصلاحات الشاملة والجذرية، وتوحيد كل الجهود والإمكانات لمحاربة (داعش)، وتقديم الخدمات للشعب العراقي»، مشددا القول على ضرورة «العمل على إيجاد حلول للأزمة الخانقة التي يمر بها البلد». كما شدد الغانم على أهمية «الحفاظ على وحدة مجلس النواب»، مؤكدا في ذات السياق أن تعطيل «المؤسسة الممثلة للشعب العراقي يعتبر تعطيلا للإصلاحات»، وأن كتلته «تقف ضد تقسيم مجلس النواب تحت أي ذريعة، وعلى جميع الأطراف التوحد وحسم موضوع الرئاسات الثلاث»، داعيا إلى «عقد جلسة برلمانية موحدة لحل الأزمة الحالية».
من جهته، أكد رعد الدهلكي، عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اجتماعا مهما عقد لتحالف القوى العراقية، حضره كل أعضاء الاتحاد، بمن فيهم عدد ممن شاركوا في الاعتصام، حيث جرى التأكيد على أننا جميعا مع الإصلاح والتغيير، ولكن يجب أن يكون ذلك ضمن الأطر والأسس القانونية والدستورية». وأضاف الدهلكي الذي ينتمي إلى كتلة «ديالى هويتنا»، التي ينتمي إليها الجبوري، أن «رئيس البرلمان سليم الجبوري ليس متمسكا بالمنصب، بل ما يهمه هو وحدة العراق، وبالتالي لا سبيل أمام الجميع إلا بالحوار للخروج من الأزمة الحالية».
وحول ما إذا كان سيستمر هذا الانقسام، قال الدهلكي إن «هناك حوارات بين الجميع، وسيتم احتواء الموقف، وسوف تعقد الجلسة الرسمية خلال اليومين القادمين برئاسة الجبوري».
إلى ذلك، نفى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، ما تردد من أنباء مؤخرا عن حصول توافق بينه وبين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وقال الصدر في بيان له أمس إن «على الوزراء تقديم استقالاتهم فورا للتمهيد لتقديم الكابينة الوزارية المتصفة بالتكنوقراط المستقل»، مطالبا الشعب «بالضغط على الوزراء ومقراتهم لتحقيق هذا المطلب». كما دعا الصدر، رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى «إعطاء مدة زمنية محددة لتصحيح مسار باقي العملية السياسية، كالدرجات الخاصة والهيئات وغيرها»، مشترطا أن «لا تزيد هذه المدة عن 40 يوما». وطالب الصدر أيضا رئيس مجلس الوزراء «باستغلال الدعم الشعبي وعدم الانصياع للكتل السياسية المنادية بالتحزب، وعدم توقيع اتفاقيات مخالفة للرأي الشعبي»، مهددا «بإيكال الأمر للشعب وعدم التدخل بأي مهاترات سياسية، في حال عدم تجاوب العبادي».
وشدد الصدر بالقول: «تبا للحكومة السابقة ولقائدها صاحب الولاية الثالثة المنهارة»، في إشارة إلى رئيس مجلس الوزراء السابق نوري المالكي، وتابع موضحا أنه «بعد أن بينت وصايانا وما قلناه داخل الخيمة الخضراء من أن الشعب مطالب بأن يقول كلمته وأن يصول صولته، طغت على الواجهة الأصوات النشاز، المطالبة بالمحاصصة وإرجاعها بعناوين وحجج ما أنزل الله بها من سلطان».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.