جمعيات المجتمع المدني التونسية تعلن مبادرة لنصرة الأحوازيين في المؤسسات الدولية

وفد سياسي أحوازي يجري مشاورات مع التونسيين لتدويل قضيتهم

أحوازيون يتظاهرون  أمام مقر شركة «OMV» النفطية في العاصمة النمساوية فيينا بعد إعلان الشركة نواياها للاستثمار في حقول ميسان «آزدغان» (جنوب غربي إيران) أمس  ({الشرق الأوسط})
أحوازيون يتظاهرون أمام مقر شركة «OMV» النفطية في العاصمة النمساوية فيينا بعد إعلان الشركة نواياها للاستثمار في حقول ميسان «آزدغان» (جنوب غربي إيران) أمس ({الشرق الأوسط})
TT

جمعيات المجتمع المدني التونسية تعلن مبادرة لنصرة الأحوازيين في المؤسسات الدولية

أحوازيون يتظاهرون  أمام مقر شركة «OMV» النفطية في العاصمة النمساوية فيينا بعد إعلان الشركة نواياها للاستثمار في حقول ميسان «آزدغان» (جنوب غربي إيران) أمس  ({الشرق الأوسط})
أحوازيون يتظاهرون أمام مقر شركة «OMV» النفطية في العاصمة النمساوية فيينا بعد إعلان الشركة نواياها للاستثمار في حقول ميسان «آزدغان» (جنوب غربي إيران) أمس ({الشرق الأوسط})

أدى وفد سياسي أحوازي زيارة إلى تونس للتعريف بقضية الأحواز والتقى الوفد الممثل للعرب الذين ضمت الدولة الإيرانية أرضهم منذ 1925، مكونات من المجتمع المدني التونسي، التي وعدت بدورها بتقديم الدعم المعنوي للأحوازيين والتعريف بقضية الأحوازيين العرب.
وفي العاصمة تونس أقيمت ندوة صحافية شارك فيها أهم مؤسسات المجتمع المدني في تونس، وأعلن رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في تونس والفائزة بجائزة نوبل للسلام عبد الستار بن موسى مبادرة لدعم القضية الأحوازية على المستويين العربي والدولي. كما شددت رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب (منظمة مستقلة)، راضية النصراوي على ضرورة تحرك جمعيات حقوق الإنسان العربية عبر تشكيل حملة وطنية ودولية لوضع حد للانتهاكات التي ترتكبها السلطات الإيرانية بحق السجناء السياسيين الأحوازيين، وعلى رأسهم المطالبة بإطلاق سراح المعلمة فهيمة البدوي.
ويقوم وفد ممثل من حركة النضال العربي بزيارة هي الأولى من نوعها إلى تونس، وبشأن تلك الزيارة، قدم ناصر جبر الأحوازي القيادي في حركة النضال العربي لتحرير الأحواز لمكونات المجتمع المدني التونسي معطيات عن الأحواز التي قلما سمع عنها التونسيون، وقال إنها «تتكلم العربية وهي تقع على طول الشريط الساحلي للخليج العربي المقابل لدولة الإمارات والبحرين والعراق والكويت، وهي دولة مثبتة من الناحية التاريخية وفق وثائق الأرشيف البريطاني». وأضاف أنها «تعرضت إلى الاحتلال الفارسي يوم 20 أبريل (نيسان) 1925 إثر تآمر شاه إيران مع المخابرات البريطانية المتخوفة من مطامع روسيا في الوصول إلى المياه الدافئة، وبذلك أطاح رضا شاه بهلوي بالشيخ خزعل الكعبي واحتل دولة الأحواز».
خلال أيام زيارته إلى تونس التقى الوفد هيئة الحقيقة والكرامة التونسية، وأشادت رئيسة الهيئة سهام بن سدرين بصمود الشعب الأحوازي، مشددة على حق هذا الشعب في المطالبة بحقوقه المشروعة، وبدوره، أبدى رئيس لجنة التحكيم والمصالحة في الهيئة خالد الكريشي استعداد الهيئة الكامل لنقل تجاربها للمؤسسات الأحوازية في مجال حقوق الإنسان والقانون.
وبشأن مدى تفاعل المجتمع المدني التونسي مع قضية دولة الأحواز، قال ناصر جبر إن الهدف الأساسي من هذه الزيارة هو تعريف التونسيين بهذا الملف واطلاع المنظمات الإنسانية والحقوقية على غرار رابطة حقوق الإنسان ومنظمة مناهضة التعذيب وهيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية تنظر في ملفات العدالة الانتقالية) على ملف الانتهاكات وإعدام الأسرى والاعتقال والتهجير القسري التي ينفذها النظام الإيراني ضد نشطاء المجتمع الأحوازي. وفي رده على تأخر نشطاء دولة الأحواز في التعريف بهذه القضية وصعوبة الوضع الإقليمي العربي والعالمي في طرح هذا الملف، قال ناصر جبر، إن نضالهم لم يخمد طوال 90 سنة، وكل خمس إلى عشر سنوات هناك انتفاضة، ولكن سطوة نظام الفارسي تمنع أخبار تلك الانتفاضات من الوصول إلى عموم الناس.
من جهته، قال رئيس اللجنة الحقوقية في حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، سعيد حميدان، إن المنطقة العربية لن يكتب لها الاستقرار ما دام هناك تعامل عربي مع إيران على حد قوله. وأشار إلى منع النظام الإيراني اللغة العربية، وأكد أن شعب دولة الأحواز البالغ عدده نحو 15 مليونًا لا تتوفر لديه مدرسة واحدة تعلم اللغة العربية. وبشأن واقع الأحواز ومعاناة العرب فيها، صرح رئيس اللجنة الخارجية في حركة النضال العربي خلف الكعبي بأن «نسبة 95 في المائة من النفط و98 في المائة من الغاز الإيراني يستخرج من مناطق دولة الأحواز، غير أن شعبها من أفقر شعوب العالم».
وأشار إلى «وجود المقاومة على الأرض ممثلة في كتائب محيي الدين آل ناصر وقد نفذت قبل ثلاثة أشهر هجومًا في بلدة أرجان ضد إحدى المنشآت النفطية حتى لا تمول إيران حربها ضد شعب دولة الأحواز من خلال عائدات نفطها» على حد تعبيره.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»