{انتفاضة} البرلمان العراقي على الطائفية.. أم معها؟

تساؤلات إن كان المكون السني مستهدفا أم يدفع ثمن انقسامه

{انتفاضة} البرلمان العراقي على الطائفية.. أم معها؟
TT

{انتفاضة} البرلمان العراقي على الطائفية.. أم معها؟

{انتفاضة} البرلمان العراقي على الطائفية.. أم معها؟

سابقتان خطيرتان حصلتا الخميس الماضي في العراق: الأولى إعصار كبير ضرب محافظة ميسان (400 كلم جنوب بغداد) في ظاهرة مناخية لم يشهدها العراق ولا تحصل عادة إلا في المحيطات، وهو ما يؤشر على بداية تحول مناخي هو الأخطر في تاريخ هذا البلد الصحراوي الذي يوصف مناخه في كتب الجغرافيا بأنه «حار جاف صيفًا.. بارد ممطر شتاء»، وهو المناخ الذي ترك بصماته على الشخصية العراقية التي توصف بمزاج متقلب.
والثانية هي ما يمكن تسميته بانتفاضة البرلمان العراقي ضد نفسه، وتاليًا ضد العملية السياسية منذ عام 2003، أي تاريخ الاحتلال الأميركي للعراق التي مرت ذكراه الثالثة عشرة منذ نحو أسبوع. فللمرة الأولى يحصل أن يتفق نواب من كتل وأحزاب ومكوّنات مختلفة على ضرب المحاصصة الطائفية والعرقية من تحت الحزام لكن البعض يرى أن هذا التغيير في ظاهرة إلغاء الطائفية، باطنه حقد استهدف المكون السياسي ممثلا في رأس البرلمان.

في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العراق الحديث تجري عملية إقالة لهيئة رئاسة البرلمان من دون حصول توافقات يصمّمها زعماء الكتل وقادة الخط الأول في البلاد الذين كانوا على مدار السنوات الماضية هم من يحدد مسار الأمور في البلاد على كل المستويات.
إلا أنه طبقًا لمسار الأحداث التي وقعت يوم الخميس الماضي فإن نحو 174 عضوا في البرلمان العراقي من الكتل التي تؤلف البرلمان (وهي «التحالف الوطني» الذي يمثل الشيعة، و«تحالف القوى العراقية» الذي يمثل السنّة و«التحالف الكردستاني» الذي يمثل الكرد، فضلا عن «ائتلاف الوطنية» الذي يتزعمه إياد علاوي، ولكن أغلبية نوابه من المكوّن السنّي، بالإضافة إلى الكتل الصغيرة التي تمثل التركمان والمسيحيين والصابئة) اعتصموا منذ يوم الاثنين الماضي كردة فعل بدت عفوية أول الأمر. وكان المبرّر الظاهر في حينه رفضهم التشكيلة الوزارية التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي، والتي رأوا أنها لا تمثل طموحات الشعب العراقي الذي رفع منذ يوليو (تموز) عام 2015 شعار التغيير والإصلاح الشامل.
وبعد انضمام نواب جدد من الكتل نفسها، وانسحاب نواب لأسباب مختلفة، بقي العدد كبيرًا، مما جعلهم يعقدون جلسة الخميس بعد مطالبتهم رئيس البرلمان (المُقال الآن) الدكتور سليم الجبوري بالحضور لكي يقدموا له طلبا رسميا بحل هيئة الرئاسة.
الجبوري عاد إلى كتلته (تحالف القوى العراقية) لكي يقدم استقالته إليها، وهو ما جعل الأمور تزداد تعقيدا بعدما باتت العملية وكأنها استهداف لشخص رئيس البرلمان الذي يمثل السنّة طبقا لمبدأ المحاصصة الذي أوصل الرؤساء الثلاثة (رؤساء الجمهورية والبرلمان والوزراء) إلى السلطة عبر سلة واحدة. وبالتالي فإن إقالة أي واحد منهم لا بد أن تسري على الاثنين الآخرين، وهو ما يعني أن إقالة الجبوري نفسه تُعد من وجهة نظر «تحالف القوى العراقية»، الذي أصدر بيانًا بهذا الخصوص، وكأنها استهداف للمكوّن السنّي طبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» عضو البرلمان العراقي عن «التحالف» محمد الكربولي. ولقد أضاف الكربولي في حديثه أن «تحالف القوى العراقية هو أول المطالبين بالإصلاح، لأن السنّة هم المتضرّر الأكبر منذ عام 2003 وحتى اليوم لأنهم لم يشاركوا ويشتركوا في إدارة العملية السياسية في البلاد إلا في الأطر الشكلية».
وأردف الكربولي: «وجهة نظرنا كان ينبغي أن تسير الأمور طبقا للأطر الدستورية، لأن رئيس البرلمان غير متمسك بالمنصب. وبالتالي فإنه كان الأولى بمَن يقول إنه يملك الأغلبية داخل البرلمان أن يطرح عملية إقالة هيئة الرئاسة بحضور الرئيس ونائبيه، ولكنه ما لم يحصل. ثم إننا كمكوّن سنّي مستعدون لأن نتخلى عن منصب رئاسة البرلمان، الذي هو من حصتنا طبقا للمحاصصة، ونعطيه للإخوة المسيحيين شريطة أن يتخلى الشيعة عن منصب رئاسة الوزراء ويعطوه للتركمان أو الإيزيديين، وكذلك الأكراد يتخلون عن منصب رئاسة الجمهورية ويعطونه للشّبك أو لأي أقلية، أما أن تقتصر عملية التغيير وضرب المحاصصة على السنّة فقط، فهذا يعني أن المكوّن السنّي بالذات هو المستهدف».
* بداية التفكّك
في سياق ذلك، رفض رئيس البرلمان المُقال الدكتور الجبوري ما حصل، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده والذي أكد من خلاله أن «ما جرى شابه الكثير من الأخطاء، وما حصل ممارسة لا يترتب عليها أي أثر قانوني ولا يلتفت له».
الجبوري أضاف أن «عجلة العملية السياسية لا يمكن أن تمضي بتهميش مكوّنات أساسية ومهمّة، ومنعها من الحضور في اتخاذ قرارات داخل البرلمان، وعدم إمكانية أن تمضي الحياة المدنية في ظل فوضى قد تدخل الشعب في متاهة وهو يعيش في متاهات».
ولكن مع استمرار الجدل القانوني والدستوري بين من يرى أن ما حصل لم يكن أمرًا مشروعًا ومن يرى أنه مستوفٍ للشروط القانونية، قال الخبير القانوني طارق حرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «جلسة الخميس صحيحة مائة في المائة، والنتائج التي ترتبت عليها صحيحة كذلك». وتابع حرب أن «أي شكوى من قبل رئيس مجلس النواب المُقال للمحكمة الاتحادية لن تكون مُجدية».
أما رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي وصل إلى منصبه كرئيس للوزراء طبقا لمبدأ المحاصصة الذي انتفض ضده هذا العدد الكبير من أعضاء البرلمان - من بينهم نواب من حزب «الدعوة» الذي يرأس العبادي مكتبه السياسي، ومن الائتلاف الذي ينتمي إليه «دولة القانون» - فقد حذّر مما سماه «الفوضى»، وقال في كلمة له «لقد وُضعنا أمام خيار الاستسلام للفوضى والانقسام والخلافات وجرّ البلاد إلى المجهول والسقوط في الهاوية. وهذا خيار لا يمكننا الرضوخ له ونرفضه بشدة». وأما رئيس الجمهورية فؤاد معصوم (كردي) فإنه وطبقًا لبيان رئاسي أكد عدم حضوره جلسة البرلمان الخميس لانعدام ما سماه «المبرّرات الدستورية والقانونية».
* لا معايير ولا أطر
في العراق لا يستند ما هو مشروع أو لا مشروع إلى أطر ومعايير تحكمه وتتحكم به. فما يُعد من وجهة نظر البعض استحقاقًا انتخابيًا، يُعد من وجهة نظر طرف آخر استحقاقًا مكوّناتيًا، ومن يرى أن التوازن الوطني غير المحاصصة فإن ثمة من يرى أن تقاسم المناصب ليس محاصصة بقدر ما هو توازن تحدّده صناديق الاقتراع ونتائج الانتخابات. ولذلك فإنه حتى داخل المكوّنات نفسها بدأت تحصل إشكالات أساسية ما جعل ما يُسمى البيوت الشيعية والسنّية والكردية تشهد انشقاقات وتكتلات هي التي سهلت بالنتيجة الانتفاضة الحالية.
فهناك خلافات بينية بين مكوّنات «التحالف الوطني» (البيت الشيعي) لا سيما بين ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وكل من «المجلس الأعلى الإسلامي» الذي يتزعمه عمّار الحكيم و«التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر، وهو ما أدى بدايةً إلى تفكك «التحالف الوطني» على الرغم من المحاولات الحثيثة التي بذلتها إيران لتحاشي وصول الأمور داخل التحالف الشيعي إلى هذه المرحلة التي بات واضحًا فيها اليوم أن «التحالف الوطني» لم يعد هو الكتلة الأكثر تماسكًا.
وفي الاتجاه نفسه، فإن كتلة «تحالف القوى العراقية»، التي تمثل المكون السنّي في العراق، فإن تفككها بدأ منذ انتخابات عام 2010 وفوزها بالمرتبة الأولى حين كان اسمها «القائمة العراقية» بزعامة إياد علاوي، إذ نتيجةً لقرار المحكمة الاتحادية بشأن تعريف مفهوم «الكتلة الأكبر» أعطيت رئاسة الوزراء إلى «التحالف الوطني» الذي تشكل داخل البرلمان، مما أدى إلى خروج علاوي بكتلة اسمها «الوطنية»، بينما أطلق على من تبقى من «العراقية» اسم كتلة «تحالف القوى العراقية». وفيما يتعلق بكتلة «التحالف الكردستاني»، فإن الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين («الاتحاد الوطني الكردستاني» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني»، ومعهما «حركة التغيير»، التي كانت تنحصر من قبل في الغالب في إقليم كردستان، ولا تمتد إلى بغداد)، حاليًا بسبب الأزمة المالية في الإقليم أخذت تؤثر على طبيعة التماسك الكردي بصفة عامة.
* أزمة حكومة أم نظام؟
في العراق حيث يشترك الجميع في الحكم، موالاةً ومعارضةً، فإن ما حصل في البرلمان أخيرًا لم يبتعد كثيرًا عن المصطلح الذي صاغه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، زعيم «التيار الصدري» وهو «شلع قلع».. من حيث تغيير آليات العملية السياسية التي قامت منذ عام 2003 وحتى الخميس الماضي وفق مبدأ الكعكة التي لا بد من تقاسمها بين الأفرقاء.
تعبير «الشلع قلع» لا يعني تغيير الوجوه التي يحتاج بعضها إلى آليات دستورية مفروغ منها، وفي مقدمة هذه الآليات الانتخابات، فإن الأهم من تغيير الوجوه هو «التحرش» بالآليات الخاطئة التي استندت عليها العملية السياسية، والتي بدأت بإقالة الهيئة الرئاسية للبرلمان المكونة من رئيس سني (سليم الجبوري) ونائبي رئيس شيعي (همام حمودي) وكردي (آرام شيخ محمد).
وفي هذا السياق يقول الناطق الرسمي باسم النواب المعتصمين هيثم الجبوري، وهو ينتمي إلى ائتلاف «دولة القانون» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «النواب المعتصمين قرّروا التمرد على المحاصصة العرقية والطائفية التي دمّرت البلاد وأوصلت الأوضاع إلى مرحلة من السوء ما عاد يمكن احتمالها، وهو ما جعلنا ننسجم مع موقف الشعب المنتفض منذ شهور ضد المحاصصة بكل أشكالها». وأضاف الجبوري أن «الكابينة (التشكيلة) الأولى التي كان قدّمها العبادي لنيل الثقة كانت معقولة إلى حد كبير لكن رئيس البرلمان (سليم الجبوري) وقادة الكتل السياسية أرادوا اختيار وزراء من كتلهم وأحزابهم، وهو ما جعل العبادي ينسجم معهم، بحيث قدّم الاثنين الماضي كابينة وزارية تضم وزراء من نفس الكتل والأحزاب، مما يعني استمرار المحاصصة، وهذا ما جعلنا نتخذ هذا الموقف. وبالتالي قررنا أن نبدأ عملية الإصلاح بدءًا بإقالة هيئة رئاسة البرلمان». السؤال المطروح هنا هو: هل الذي حصل مجرد «أزمة حكومة» تمثلت بعد التوافق على الأسماء التي قدمها رئيس الوزراء إلى البرلمان، ورفضت من قبل الكتل السياسية.. أم هي «أزمة نظام» نخرته المحاصصة العرقية والطائفية، ولم يعد صالحًا لإدارة البلاد التي تعاني أزمات متلاحقة أخطرها الحرب ضد تنظيم داعش الذي لا يزال يحتل نحو 30 في المائة من الأراضي العراقية والأزمة المالية بسبب انخفاض أسعار النفط؟
«التيار المدني الديمقراطي»، الذي أسهم في إطلاق شرارة مظاهرات يوليو الكهربائية، من القوى التي تعتبر التطور الأخير في البرلمان أمرًا مطلوبًا ولا يشكل مخالفة للدستور. وصرّح الدكتور علي الرفيعي رئيس «التيار المدني الديمقراطي» خلال حوار مع «الشرق الأوسط» بأن «الذي حصل (الخميس الماضي) من قبل المعتصمين في البرلمان إنما هو تجسيد لما طالب به التيار المدني الديمقراطي، ليس طوال الشهور الماضية، بل طوال السنوات الماضية.. حيث كنا منذ البداية رافضين للمحاصصة بكل أشكالها، ولكن المشكلة كانت ولا تزال في الطبقة السياسية التي لم تكن تحرك ساكنًا حتى حصل ما لم نكن نتوقعه حين ينسلخ نواب هم جزء من هذه المحاصصة، ويعبرون عن انسجامهم مع إرادة الشعب».
وردًا على سؤال بشأن لا دستورية ما حصل طبقًا لما أعلنته الرئاسة الشرعية للبرلمان، قال الرفيعي - الذي هو رجل قانون أيضًا حيث كان يشغل منصب عميد كلية القانون بجامعة بغداد -: «كرجل قانون أقول إنه لا توجد مخالفة دستورية، لأنه بموجب المادة 11 من الدستور العراقي يحق للنواب إعفاء هيئة الرئاسة بعد تحقق النصاب للجلسة وهو ما حصل، حيث أعلنوا أن الجلسة مكتملة النصاب».
وأوضح الرفيعي أن «سليم الجبوري يتحمّل مسؤولية كبيرة عما حصل، لأنه يجيد المناورات، وبالتالي، هو من جعل الكابينة (التشكيلة) الوزارية تشهد تغييرًا لصالح القوى والأحزاب السياسة التي تحكّمت على مدى العقد الماضي بكل تفاصيل العملية السياسية، وبالتالي جعلت البلد يصل إلى هذا المستوى من الخراب». واستطرد الرفيعي موضحًا أن «المشكلة الأخرى هي أن العبادي ليس صاحب قرار، وأنه خضع لما تريده الكتل السياسية إلى حد أن توقيعهم (وثيقة الشرف) قبل يوم من انتفاضة البرلمان إنما أرادوا من خلاله الحفاظ على دور كتلهم السياسية وبقائها تتسيد المشهد السياسي».
من جهته، يختلف فادي الشمري، القيادي في «المجلس الأعلى الإسلامي»، الذي لم تشارك كتلته البرلمانية (المواطن) بالاعتصامات مع ما يراه الرفيعي. بل قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الذي حصل في البرلمان أمر غير صحيح وخطوة متسرعة بدءًا من قضية النصاب القانوني، وهي غير محسومة حتى الآن، وهذا يعني بقاء الأمور على ما هي عليه حتى يحسم الجدل بشأن دستورية عقد الجلسة». وأضاف أن «السؤال الذي يطرح نفسه هو من أين أتوا بالـ171 نائبًا، بينما هناك كتل أساسية لم تنضم إليهم، وهي كتلة (المواطن) التابعة لـ(المجلس الأعلى) و(بدر) و(مستقلون) و(الفضيلة) و(تحالف القوى) و(التحالف الكردستاني)، وهؤلاء يبلغ عددهم نحو 170 نائبًا، فكيف يمكن أن يكون نصابهم مكتملاً؟».
ومضى الشمري قائلا إن «المسألة المهمة الأخرى هي أن الخوض في مشاريع مجهولة المصير يمكن أن تترتب عليه فراغات دستورية من شأنها أن تفتح باب المجهول، وتبعدنا عن المطالب الحقيقية بالإصلاح المنشود. إننا نرى أن هذه الخطوة المتسرعة إنما هي ضرب لمبدأ الإصلاح المنشود». ومن ثم تساءل عن «الكيفية التي يمكن من خلالها أن نفهم ما يقال إن النواب تخلوا عن كتلهم وزعاماتهم.. في حين أن أكبر كتلة في الاعتصام، وهي كتلة (الأحرار) الصدرية لا يمكن أن تخرج عن طاعة السيد مقتدى الصدر؟».واعتبر الشمري أن «المشكلة الكبرى تكمن في تفتت البيت السنّي مما يجعل من الصعب التعامل مع كتلة (تحالف القوى) ككتلة موحّدة، وبالتالي، فإن التخلخل فيها هو أحد العوامل التي أدت إلى هذا الخلل».
* الجبوريون الأربعة
على صعيد آخر، لعل الظاهرة الأكثر لفتًا للنظر في معادلة التصحيح في العراق تتمثل في بروز أربع شخصيات تتصدّر الأزمة الحالية جميعهم ينتمون إلى قبيلة واحدة هي قبيلة الجبور الكبيرة في العراق، والتي لها امتدادات من الشمال حيث الغالبية سنّية إلى الجنوب، حيث الغالبية شيعية. وهم رئيس البرلمان سليم الجبوري (سنّي) ومشعان الجبوري وأحمد الجبوري (سنّيّان) وهيثم الجبوري (شيعي). وإذا كان سليم الجبوري الضحية الأولى لخطوة البرلمان، وبالتالي، يعدها باطلة من الناحية القانونية فإن «الجبوريين» الثلاثة الآخرين (مشعان وأحمد وهيثم) هم أكثر من صعّد ضده داخل البرلمان، لكن من منطلق رفض المحاصصة، كما يقولون، وليس من أي منطلق عشائري أو شخصي.
وفي هذا السياق، شرح النائب مشعان الجبوري لـ«الشرق الأوسط» أن «الاعتصام كان له مطلب واحد هو إلغاء المحاصصة العرقية والطائفية التي أضرّت بالبلد كثيرًا، وكانت السبب الرئيسي في كل ما حل به من دمار وخراب». وردا على سؤال حول الكيفية التي يمكن من خلالها تنفيذ مثل هذا الطلب. قال مشعان الجبوري إن «الرغبة كانت أول الأمر إقالة هيئة رئاسة البرلمان لكن رئيس البرلمان طلب من رئيس الجمهورية معصوم الحضور إلى البرلمان لكي يتحوّل الطلب إلى إقالة رئيس الوزراء، وهو ما يعني دخولنا بقضية معقدة لا يمكن أن نخرج منها بسهولة». وأردف قائلا: «إن خطوة سليم الجبوري إنما كانت محاولة لإحداث انقسام بين النواب المعتصمين بحيث نتحوّل إلى قسمين: قسم يطالب بإقالة رئاسة البرلمان، وقسم يطالب بإقالة رئيس الوزراء، وبالتالي تنتهي الاعتصامات، وهو الهدف المطلوب الآن».
وفي السياق نفسه، رأى جاسم محمد جعفر عضو البرلمان العراقي عن «ائتلاف دولة القانون» (المالكي) في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما شهده البرلمان العراقي منذ يومين إنما هو حراك يحصل للمرة الأولى بعد عام 2003، وهو أمر مهم من أجل إلغاء المحاصصة العرقية والطائفية» وبيّن أن «نحو 170 نائبًا وقعوا على إقالة هيئة رئاسة النواب التي لا تتطلب آليات معقدة، مثل الاستجواب وغيرها، بينما العدد المطلوب لذلك هو 165 نائبًا». وأضاف جعفر أن «الذي حصل في الواقع عملية التفاف من قبل رئيس البرلمان وذلك باستدعاء رئيس الجمهورية لكي يتحوّل الطلب إلى إقالة رئيس الوزراء، وهذه خطوة توقعنا في إشكاليات معقدة، في حين أن الهدف أول الأمر هو إقالة رئاسة البرلمان واختيار رئاسة جديدة ليس على أساس المحاصصة الحزبية بل من المكوّنات. وهو ما يعني أنه في حال بقي المنصب من حصة المكوّن السنّي فإن النواب السنّة المعتصمين يختارون من بينهم رئيسًا، وكذلك الأكراد والشيعة. وبالتالي، فإن دعوة رئيس الجمهورية للحضور إنما كانت عملية التفاف على مطالب النواب ومحاولة عرقلة الحراك». وحول النواب الأكراد قال جعفر إن «النواب الأكراد الذين شاركوا في الاعتصام كانوا من كتلة (التغيير) الكردية لكنهم انسحبوا جميعًا».



رؤساء لبنان تفرضهم المتغيّرات الإقليمية

 جوزيف عون ... رئيساً (رويترز)
جوزيف عون ... رئيساً (رويترز)
TT

رؤساء لبنان تفرضهم المتغيّرات الإقليمية

 جوزيف عون ... رئيساً (رويترز)
جوزيف عون ... رئيساً (رويترز)

لم يكن انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في لبنان بعد أكثر من سنتين على الشغور ليحصل راهناً لولا المتغيرات الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي. إذ إن «الثنائي الشيعي»، المتمثل في حركة «أمل» و«حزب الله»، تمسّك بمرشحه رئيس تيار «المرَدة»، سليمان فرنجية، طوال الفترة الماضية، بينما امتنع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، وزعيم «أمل»، عن الدعوة لأي جلسة انتخاب لعام كامل رابطاً أي جلسة جديدة بحوار وتفاهم مسبق. غير أن الوضع تغيّر، عندما ترك «الثنائي» تشدده الرئاسي جانباً بعد الحرب القاسية التي شنتها إسرائيل على «حزب الله»، وأدت لتقليص قدراته العسكرية إلى حد كبير، كما حيدّت قادته الأساسيين وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله. ثم أتى سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، الحليف الأساسي لـ«حزب الله» وإيران ليقطع «طريق طهران - بيروت» التي كانت الطريق الوحيدة لإمداد الحزب برّاً بالسلاح والعتاد، ليؤكد أن النفوذ الإيراني في المنطقة اندحر... ما اضطر حلفاء طهران في بيروت إلى إعادة حساباتهم السياسية. ولعل أول ما خلُصت إليه حساباتهم الجديدة، التعاون لانتخاب قائد الجيش، المدعوم دولياً، رئيساً للبلاد.

لدى مراجعة تاريخ لبنان المستقل، يتبيّن أن التدخل الخارجي في الانتخابات الرئاسية اللبنانية ليس أمراً طارئاً على الحياة السياسية في البلاد، بل هو طبع كل المسار التاريخي للاستحقاقات الرئاسية اللبنانية.

ويشير جورج غانم، الكاتب السياسي الذي واكب عن كثب الأحداث اللبنانية، إلى أن «الخارج، منذ أيام بشارة الخوري، الرئيس الأول بعد استقلال لبنان عام 1943، كانت له الكلمة الأساسية في اختيار الرؤساء في لبنان وفرضهم. ويضيف: «الانتخابات لا تحصل بتوافقات داخلية... بل يبصم مجلس النواب على قرارات خارجية».

ويشرح أن الخوري انتُخب في مرحلة كان فيها التنافس البريطاني الفرنسي في أوجه، وكان البريطانيون يحاولون جاهدين وضع حد لنفوذ باريس في المشرق. ولذا، تعاونوا مع «الكتلة الوطنية» في سوريا والحكم الهاشمي في العراق والحكم في مصر ومع «الكتلة الدستورية» في لبنان، عندما كانت المنافسة على الرئاسة الأولى محتدمة بين إميل إده المدعوم فرنسياً، وبشارة الخوري المدعوم بريطانياً ومن حلفائهم العرب، وبما أن فرنسا كانت دولة محتلة وخسرت الحرب، نجح المرشح الرئاسي اللبناني الذي يريده البريطانيون الذين سيطروا يومذاك على منطقة الشرق الأوسط.

انتخاب كميل شمعون

ويلفت غانم، الذي حاورته «الشرق الأوسط»، إلى أنه بعد هزيمة الجيوش العربية في «حرب فلسطين» عام 1948، برز تنافس أميركي - بريطاني للسيطرة على المنطقة، فبدأت تسقط أنظمة سواء في مصر أو سوريا، وتبلور محور مصري - سعودي في وجه محور أردني - عراقي مدعوم بريطانياً. وفي ظل الاضطرابات التي كانت تشهدها المنطقة وإصرار الخوري على الحياد في التعامل مع سياسة الأحلاف، سقط الخوري، وانتُخب كميل شمعون بدعم بريطاني - عربي، وتحديداً أردني - عراقي. ومن ثَمَّ، إثر انكفاء بريطانيا بعد «حرب السويس» عام 1956، دخلت الولايات المتحدة في منافسة شرسة مع الاتحاد السوفياتي. وفي تلك الفترة كانت الموجة الناصرية كاسحة ما جعل شمعون يواجه بثورة كبيرة انتهت بتفاهم مصري - أميركي على انتخاب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيساً.

من فؤاد شهاب... إلى سليمان فرنجية

الواقع أن شهاب انتُخب عام 1958 بتوافق مصري - أميركي نشأ بعد انكفاء البريطانيين ونضوج التنافس الأميركي - السوفياتي وصولاً إلى عام 1964. عند هذه المحطة حين انتُخب شارل حلو، المحسوب أساساً على «الشهابيين»، رئيساً، في المناخ نفسه، ولكن هذه المرة برضىً فاتيكاني - فرنسي مع نفوذ مستمر أميركي - مصري.

ويضيف غانم: «بعد حرب 1967 انكفأت (الناصرية) وضعُفت (الشهابية) وانتشر العمل الفدائي الفلسطيني... وتلقائياً قوِيَ الحلف المسيحي في لبنان المدعوم غربياً، وفي ظل حضور فاقع لإسرائيل في المنطقة. وبعد اكتساح «الحلف الثلاثي» الماروني اليميني السواد الأعظم من المناطق المسيحية في الانتخابات، جاء انتخاب سليمان فرنجية عام 1970، بفارق صوت واحد، تعبيراً عن هذا المناخ وعن ميزان القوى الجديد في المنطقة».

الاجتياح الإسرائيلي و«اتفاق 71 أيار

ويتابع جورج غانم سرده ليقول: «انتخاب إلياس سركيس رئيساً عام 1976 جاء بتفاهم سوري - أميركي حين كان النفوذ والدور السوريين يومذاك في أوجه... وقد دخلت حينها قوات الردع السورية والعربية إلى لبنان». أما انتخاب بشير الجميل عام 1982 فأتى بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان وفي ظل دعم أميركي وأطلسي مطلق. وانسحب هذا المناخ على انتخاب أمين الجميل مع فارق وحيد هو أن المسلمين المعتدلين في لبنان الذين لم يؤيدوا بشير، أيدوا انتخاب شقيقه أمين.

لاحقاً، عام 1984، حصلت «انتفاضة 6 شباط» الإسلامية، فتراجعت إسرائيل وألغي «اتفاق 17 أيار» الذي فرضته تل أبيب بالقوة. وهكذا، بحلول عام 1988 لم يكن ميزان القوى المرتبك يسمح بانتخاب رئيس للبنان، فكانت النتيجة الشغور الرئاسي الذي استمر لمدة سنتين تخللتهما «حرب التحرير» والحرب بين الجيش و«القوات اللبنانية»... وانتهى بتوقيع «اتفاق الوفاق الوطني في الطائف» عام 1989، وهو اتفاق عربي - دولي أنتج انتخاب رينيه معوض، ثم مباشرة بعد اغتياله، انتخاب إلياس الهراوي. وظل لبنان يعيش في ظل هيمنة سورية، شهدت انتخاب العماد إميل لحود عام 1998 وتمديد ولايته حتى عام 2007.

ميشال سليمان وميشال عون

ويتابع جورج غانم السرد فيشير إلى أنه «في عام 2004، وبعد اجتياح العراق قامت معادلة جديدة في المنطقة، فتمدّدت إيران إلى العراق وازداد نفوذ (حزب الله) في لبنان، وخصوصاً بعد انسحاب الجيش السوري عام 2005»، في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. ومع انتهاء ولاية إميل لحود الثانية، لم يتمكن اللبنانيون من انتخاب رئيس حتى عام 2008 حين كان هناك صعود قطري - تركي في المنطقة. وهكذا، جاء «اتفاق الدوحة» الذي أوصل العماد ميشال سليمان إلى سدة الرئاسة بموافقة سعودية - مصرية بعد «أحداث 7 مايو/ أيار» التي كرّست نفوذ «حزب الله».

وأردف: «لكن اتفاق الدوحة سقط عام 2011 بعدما اندلعت الأزمة السورية، فضرب الشلل عهد الرئيس سليمان، وقد سلّم قصر بعبدا للفراغ عام 2014. وفي ظل التوازن السلبي الذي كان قائماً حينذاك، عاش لبنان فراغاً رئاسياً ثانياً طال لسنتين ونصف السنة في أعقاب تمسك (حزب الله) بمرشحه العماد ميشال عون. ولم تتغير التوازنات إلا بعد وصول الجيش الروسي إلى سوريا عام 2015، و(تفاهم معراب) بين عون ورئيس حزب (القوات اللبنانية) سمير جعجع، وأيضاً تفاهم عون مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. وكانت هذه التفاهمات قد تزامنت مع حياد أميركي بعد التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران وعشية انتهاء ولاية الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما... ما أدى إلى انتخاب عون رئيساً عام 2016».

غانم يلفت هنا إلى أنه «مع انطلاق عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بدأ التشدد تجاه إيران والتصعيد ضد (حزب الله)، ولذا بدأ عهد عون يخبو... حتى بدأ يحتضر مع أحداث 17 أكتوبر 2019». ثم يضيف: «ومع انتهاء ولاية عون ترسّخ توازن سلبي بين (حزب الله) وحلفائه من جهة، والقوى المناوئة له من جهة أخرى، الأمر الذي منع انتخاب رئيس خلال العامين الماضيين. لكن هذا التوازن انكسر بالأمس لصالح خصوم إيران السياسيين، وهكذا أمكن انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً جديداً للبلاد».

جوزيف عون

البرلمان اللبناني انتخب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً في التاسع من يناير (كانون الثاني) الحالي بـ99 صوتاً من أصل 128 بعد سنتين وشهرين وعشرة أيام من الفراغ الرئاسي. وحمل «خطاب القسم» الذي ألقاه الرئيس المنتخب عون مضامين لافتة، أبرزها: تأكيده «التزام لبنان الحياد الإيجابي»، وتجاهله عبارة «المقاومة»، خلافاً للخطابات التي طبعت العهود السابقة. كذلك كان لافتاً تأكيده العمل على «تثبيت حق الدولة في احتكار حمل السلاح». ولقد تعهد عون الذي لاقى انتخابه ترحيباً دولياً وعربياً، أن تبدأ مع انتخابه «مرحلة جديدة من تاريخ لبنان»، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للبنان.

خشّان: كل رؤساء لبنان يأتون بقرار خارجي ويكتفي البرلمان بالتصديق عليهم

دولة ناعمة

الدكتور هلال خشّان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، رأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه ليس خافياً على أحد أن «كل الرؤساء في لبنان يأتون بقرار خارجي، ويكتفي البرلمان اللبناني بالتصديق على هذا القرار بعملية انتخابهم»، ويضيف أن «لبنان عبارة عن دولة ناعمة تعتمد على الخارج، وهي مكوّنة من مجموعة طوائف تحتمي بدول عربية وغربية».

وتابع خشّان أن «مفهوم الدولة ركيك وضعيف في لبنان، والقسم الأكبر من اللبنانيين لا يشعرون بالانتماء للبلد. والمستغرب هنا انتخاب رئيس من دون تدخلات خارجية وليس العكس... لأنه واقع قائم منذ الاستقلال». ويشرح: «فرنسا كانت للموازنة الأم الحنون، والسُّنّة كانوا يرون مرجعيتهم جمال عبد الناصر ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم المملكة العربية السعودية. أما الشيعة فمرجعيتهم الأساسية إيران».

هزيمة «حزب الله»

وفق خشّان، «هزيمة (حزب الله) العسكرية نتج عنها هزيمة سياسية، وخصوصاً بعد سقوط نظام الأسد وفصل لبنان عن إيران جغرافياً، أضف إلى ذلك أن الحزب يتوق إلى إعادة إعمار مناطقه المدمّرة، ويدرك أنه لا يستطيع ذلك دون مساعدة خارجية... لقد استدارت البوصلة اللبنانية 180 درجة نحو أميركا ودول الخليج، كما سيكون هناك دور أساسي تلعبه سوريا، تحت قيادتها الجديدة، في المرحلة المقبلة».

وهنا تجدر الإشارة، إلى أن لبنان شهد منذ 17 سبتمبر (أيلول) الماضي تطوّرات وأحداثاً استثنائية قلبت المشهد فيه رأساً على عقب. وبدأ كل شيء حين فجّرت إسرائيل أجهزة «البيجر» بعناصر وقياديي «حزب الله» ما أدى إلى قتل وإصابة المئات منهم. ثم عادت وفجّرت أجهزة اللاسلكي في اليوم التالي ممهِّدة لحربها الواسعة. ويوم 23 سبتمبر باشرت إسرائيل حملة جوية واسعة على جنوب لبنان، تزامنت مع سلسلة عمليات اغتيال خلال الأيام التي تلت وطالت قياديي ومسؤولي «حزب الله» وتركزت في الضاحية الجنوبية لبيروت. وبدأت الاغتيالات الأكبر في 27 سبتمبر مع اغتيال حسن نصر الله، أمين عام «حزب الله»، وتلاه اغتيال رئيس المجلس التنفيذي للحزب، هاشم صفي الدين، في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كما أنه في يوم 1 أكتوبر بدأت تل أبيب عملياتها العسكرية البرّية جنوباً قبل أن تطلق يوم 30 من الشهر نفسه حملة جوية مكثفة على منطقة البقاع (شرقي لبنان).

وتواصلت الحرب التدميرية على لبنان نحو 65 يوماً، وانتهت بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ولقد سمح هذا الاتفاق للجيش الإسرائيلي بمواصلة احتلال قرى وبلدات لبنانية حدودية على أن ينسحب منها مع انتهاء مهلة 60 يوماً.

ولكن، خارج لبنان، تواصلت الصفعات التي تلقاها المحور الذي تقوده إيران مع بدء فصائل المعارضة السورية هجوماً من إدلب فحلب في 28 أكتوبر انتهى في ديسمبر (كانون الأول) بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وعلى الرغم من إعلان أمين عام «حزب الله» الحالي، الشيخ نعيم قاسم، أن حزبه سيساند النظام في سوريا، فإنه صُدم بسرعة انهيار دفاعات الجيش السوري، ما أدى إلى سحب عناصره مباشرة إلى الداخل اللبناني، وترك كل القواعد التي كانت له منذ انخراطه في الحرب السورية في عام 2012.

وأخيراً، في منتصف ديسمبر، أعلن قاسم صراحة أن «حزب الله» فقد طرق الإمداد الخاصة به في سوريا... أي آخر انقطاع طريق بيروت - دمشق.