وزير العدل اللبناني أحال وثائق {الشرق الأوسط} إلى لجنة رسمية مكلفة ملف المعتقلين بسوريا

مقرر لجنة حقوق الإنسان البرلمانية يكشف عن اجتماع الخميس لبحث مضمونها

وزير العدل اللبناني شرف ريفي
وزير العدل اللبناني شرف ريفي
TT

وزير العدل اللبناني أحال وثائق {الشرق الأوسط} إلى لجنة رسمية مكلفة ملف المعتقلين بسوريا

وزير العدل اللبناني شرف ريفي
وزير العدل اللبناني شرف ريفي

أحال وزير العدل اللبناني شرف ريفي الوثائق الرسمية السورية التي نشرتها «الشرق الأوسط» حول ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، إلى اللجنة المنبثقة عن مجلس الوزراء والمكلفة متابعة الملف، «لدراستها والتحقق منها واتخاذ الإجراءات اللازمة»، بينما دعت لجنة حقوق الإنسان النيابية، وفق معلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أعضاءها إلى الاجتماع، يوم الخميس المقبل. ومن المقرر أن تعرض اللجنة في اجتماعها مضمون الوثائق السرية المسربة بشأن المعتقلين، وتبحث الخطوات المقبلة، التي يتوجب القيام بها.
وأرسل وزير العدل اللبناني، أمس، كتابا إلى رئاسة مجلس الوزراء، يطلب بموجبه «ملء المراكز الشاغرة في اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء بموجب القرار 43 بتاريخ 20 يونيو (حزيران) 2005، لمتابعة قضية اللبنانيين المعتقلين في سجون النظام السوري». وطلب، وفق بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، أمس، تعيين رئيس للجنة مكان القاضي جوزيف معماري الذي أحيل إلى التقاعد، على أن تعين وزارة الداخلية عضوا بديلا عن العميد سامي نبهان الذي تقاعد أيضا.
وتضم اللجنة عن الجانب اللبناني خمسة أعضاء، برئاسة النائب العام الاستئنافي في بيروت جوزف معماري، وعضوية كل من قاضي التحقيق في بيروت جورج رزق، والعميد في قوى الأمن الداخلي سامي نبهان، والعميد الركن في الجيش غابي القاعي، وأمين السر في اللجنة عبد الحفيظ عيتاني.
وعقد الجانب اللبناني مع ممثلين عن الجانب السوري، سلسلة اجتماعات، في إطار اللجنة اللبنانية السورية المشتركة، لم تتعاون خلالها دمشق بشكل جدي مع القوائم اللبنانية التي ضمت ما يزيد عن 600 اسم لمعتقلين لبنانيين يصح وصفهم بالمفقودين أو المخفيين قسرا في السجون السورية.
وفي حين أن اللجنة لم تجتمع منذ بداية الأزمة السورية، فإن الجانب اللبناني لا يعول على تحقيق أي تقدم نوعي في حال استئناف عملها، وإذا سمحت الظروف بذلك. وتؤكد مصادر قريبة من أحد أعضائها لـ«الشرق الأوسط» أن «التجاوب خلال الاجتماعات التي عقدت كان شبه معدوم، إذ لم يقدم الجانب السوري أجوبة واضحة، وتملص من الرد على طلبات واستفسارات عدة، وتهرب من كشف مصير عدد من المعتقلين على الرغم من امتلاك أدلة دامغة على وجودهم في سوريا».
وعلى الرغم من هذا الواقع، يرحب مقرر لجنة حقوق الإنسان في البرلمان اللبناني، النائب غسان مخيبر، لـ«الشرق الأوسط»، بخطوة وزير العدل اللبناني لناحية ملء الشغور في اللجنة اللبنانية، وإحالة وثائق «الشرق الأوسط» إليها. ويقول: «أعتبر أن هذه الخطوة جيدة، باعتبار أن اللجنة هي المؤسسة الرسمية الوحيدة التي تنظر في هذا الملف، وإن كان ذلك لا يثنينا عن الاستمرار بالمطالبة بتشكيل هيئة وطنية مستقلة تتمتع بصلاحيات كاملة تخولها إدارة الملف بطريقة أكثر فاعلية».
ويكشف مخيبر، وهو أحد المشرعين والحقوقيين اللبنانيين المتابعين عن كثب لملف المفقودين في سوريا، أنه وبالتنسيق مع رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب ميشال موسى، دعي أعضاء اللجنة إلى اجتماع يوم الخميس المقبل في البرلمان اللبناني لمناقشة ملف المفقودين على ضوء المعلومات الإضافية، والوثائق التي نُشرت أخيرا».
وفي حين يؤكد مخيبر أنه ومتابعي ملف المفقودين «لم يُفاجأوا بمضمون ما نُشر أخيرا باعتبار أن ثمة أسماء مفقودين أخرى كثيرة لم تفصح عنها القوائم المسربة»، يشير إلى أن الملف «سيكون موضع متابعة دقيقة مع وزير العدل اللبناني ومع اللجنة اللبنانية، من أجل تقديم كل ما يفيد جلاء الحقيقة».
ويشدد مخيبر على «وجوب أن تقوم السلطات اللبنانية الرسمية بما عليها من أجل الوصول إلى الحقيقة»، لافتا إلى أن «السلطات السورية لم تستجب يوما ولم تتعاون»، من دون أن يستبعد إمكانية أن «توفر الظروف الراهنة نتيجة الصراع القائم في سوريا وثائق ومستندات لم يكن ممكنا الحصول عليها». ويحذر في الوقت ذاته من «حجم المخاطر المترتبة في ظل الواقع السوري على من تبقى من ضحايا الاختفاء القسري أحياء»، مؤكدا «الإصرار على متابعة الملف حتى تحقيق العدالة الكاملة بعودة الضحايا أحياء أو بعودة رفات من قضى منهم».
وكانت وزيرة المهجرين أليس شبطيني أقرت في دردشة صحافية، أمس، بأنهم أخطأوا في البيان الوزاري حين لم يشيروا إلى ملف المفقودين في السجون السورية، في إشارة إلى البيان الوزاري الذي نالت حكومة الرئيس تمام سلام ثقة البرلمان اللبناني على أساسه أمس.
يذكر أن عددا من النواب أثاروا في مداخلاتهم في البرلمان خلال جلسات الثقة الوثائق التي نشرتها «الشرق الأوسط»، مطالبين الحكومة بالتحرك والتحري عن مضمونها.
وكانت مذكرة شاملة أعدها مكتب الأمن القومي السوري، وسرّبها مركز مسارات الإعلامي السوري المعارض، ونشرت مضمونها «الشرق الأوسط» على حلقتين يومي الأربعاء والخميس الماضيين، كشفت آلية تعاطي دمشق مع ملف المفقودين؛ إذ تحفّظ مكتب الأمن القومي، المكلف الردّ على طلبات اللجنة المشتركة والمرفوعة إليه عبر الأعضاء السوريين فيها، عن تزويد اللجنة بمعطيات حصل عليها من الأجهزة الأمنية السورية، بناء على القوائم والأسماء المقدمة من الجانب اللبناني.
وأفادت المذكرة عينها بأن اللجنة السورية اللبنانية المشتركة، التي عُقدت 18 اجتماعا منذ تشكيلها نهاية شهر يوليو (تموز) 2005 حتى نهاية يناير (كانون الثاني) 2008، وتخللها سلسلة مراجعات وتقديم الجانب اللبناني قوائم بأسماء 725 لبنانيا فقدوا في سوريا، هناك أدلة عن وجود 98 منهم في سوريا، 133 اسما لا أدلة على وجودهم، و491 أفادت الوثيقة بأن «اللبنانيين يعتقدون أن الميليشيات اللبنانية اعتقلتهم وسلمتهم إلى سوريا». وتضيف أنه «في مقابل القوائم اللبنانية، طرح الجانب السوري 1090 اسم سوري مفقود في لبنان، هناك أدلة على اختفاء 800 منهم في لبنان، و283 اسما لعسكريين سوريين فقدوا أيضا في لبنان مقابل سبعة أسماء فردية».
وتشير إلى أن «الجانب السوري أوضح خلال الاجتماعات معالجته لـ123 حالة، مقابل معالجة الجانب اللبناني لـ96 حالة».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.