عشرات آلاف الألغام زرعتها الميليشيات تتربص بأرواح الأبرياء في اليمن

القرار «2216» يلزمها إعطاء خرائط توضح أماكنها لإزالتها

الألغام التي زرعت محظورة دوليًا بحسب ما صادق عليه اليمن في معاهدة حظر الألغام لعام 1997 (أ.ف.ب)
الألغام التي زرعت محظورة دوليًا بحسب ما صادق عليه اليمن في معاهدة حظر الألغام لعام 1997 (أ.ف.ب)
TT

عشرات آلاف الألغام زرعتها الميليشيات تتربص بأرواح الأبرياء في اليمن

الألغام التي زرعت محظورة دوليًا بحسب ما صادق عليه اليمن في معاهدة حظر الألغام لعام 1997 (أ.ف.ب)
الألغام التي زرعت محظورة دوليًا بحسب ما صادق عليه اليمن في معاهدة حظر الألغام لعام 1997 (أ.ف.ب)

أكد خبراء عسكريون يمنيون وجود عشرات الآلاف من الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح في محافظات اليمن المختلفة. ولمواجهة هذه المشكلة، شكل الجيش الوطني 11 فرقة خاصة لانتزاعها.
كما قرر التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان تسليط الضوء على مشكلة الألغام، عبر ندوة تستضيفها الرياض، سيتحدث فيها اللواء ركن سنيد المزيني قائد سلاح المهندسين في وزارة الدفاع السعودية، ونجيب السعدي رئيس مؤسسة «وثاق للتوجه المدني» في اليمن، والخضر الطلي نائب رئيس شعبة الهندسة والألغام في المنطقة الجنوبية باليمن، وكريستوفر جون كلارك الخبير الدولي في إزالة الألغام ومخالفات الحرب الخطرة.
وكشف العميد عبد الله الصبيحي، قائد اللواء 15 ميكا قائد القطاع الشمالي الشرقي في عدن، لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود ما يقرب من 35 ألف لغم زرعتها ميليشيات الحوثي والمخلوع علي صالح في المحافظات الجنوبية، وأيضًا في بعض المحافظات الشمالية بشكل منظم وسريع قبل خروجهم من المناطق المحررة، بهدف تأمين المناطق أولاً، والانتقام من قوات التحالف والجيش الوطني وشعب اليمن ثانيًا.
وأشار إلى أن الألغام التي زرعت هي من النوع المضاد للدبابات وللأفراد، وهي محظورة دوليا، بحسب ما صادق عليه اليمن في معاهدة حظر الألغام لعام 1997. عندما تم التوقيع على هذه المعاهدة في الأول من سبتمبر (أيلول) 1998.
وكان اليمن أكد التزامه عدم استخدام الألغام المضادة للأفراد تحت أي ظرف، ومنع وقمع الأنشطة المحظورة بموجب المعاهدة، التي تضم 162 بلدا، وتحظر بشكل شامل استخدام وإنتاج ونقل وتخزين الألغام المضادة للأفراد، وتنصّ على إزالتها ومساعدة الضحايا.
وأوضح الصبيحي أن الفرق تستخدم وسائل خاصة بانتزاع الألغام، من خلال الأجهزة الخاصة بالكشف عنها وانتزاعها، مشيرًا إلى أن قرار مجلس الأمن «2216» يلزم الحوثي والمخلوع صالح بإعطاء خرائط توضح أماكن زراعة الألغام لتسهيل عملية إزالتها.
وعن دور المنظمات الدولية في مساعدة الجيش الوطني في عملية إزالة الألغام، أكد العميد الصبيحي أن جمعيات إنسانية أسهمت في توعية المواطنين بخطورة الألغام، أما عمليات انتزاعها فلم تتم إلا من خلال الجيش الوطني.
في هذه الأثناء، أكد الخبير العسكري أحمد الأنصاري أن هناك نوعين من الألغام المشهورة، الأول المضادة للأفراد التي تحمل مادة متفجرة لا تزيد على مائتي غرام، والنوع الآخر هو الألغام المضادة للعربات والدبابات، ويتراوح وزن المادة المتفجرة فيها ما بين ثمانية إلى تسعة كيلوغرامات.
وبيّن الخبير العسكري أن طول فترة وجود الألغام في باطن الأرض من شأنه أن يعرض بعض الأجزاء الميكانيكية في اللغم للصدأ والتآكل، ومن هنا تصبح حساسيتها أكبر عند وجود أي ضغط عليها، وبالتالي يظل مفعولها نافذًا، أو أن يؤدي طول المدة إلى تآكل اللغم نفسه وخروج المادة المتفجرة منه وعندها يصبح اللغم من دون فاعلية.
وبحسب الدليل الصادر عن الأمم المتحدة للتعامل مع الألغام المتفجرة، فإن «أكثر الطرق احتمالاً التي سوف تكتشف من خلالها أنك في منطقة ملغومة هي حدوث انفجار أو رؤيتك للغم أو علامة تدل على لغم»، مشيرًا إلى أنه في حال جُرِح شخصٌ ما، فيجب عدم التعجل في تقديم المساعدة، بسبب احتمالية التعرض للخطر، ووجوب إيقاف الحركة على الفور، وتحذير الآخرين، ثم الاتصال للحصول على مساعدة، مع إبقاء الآخرين بعيدا عن منطقة وجود اللغم.
يشار إلى أن منظمة «هيومان رايتس ووتش» حملت جماعة الحوثي مسؤولية زرع ألغام محظورة مضادة للأفراد في مدينة عدن الساحلية قبل أن تنسحب منها.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».