«الشيخ مقصود» ساحة معركة بين الديموغرافية الكردية وخط إمداد المعارضة

«الحرّ»: الأكراد يساندون حصار حلب.. و«الوحدات»: المعارضة تحاول السيطرة على الحي

سحب الدخان تتصاعد بعد قصف حي الشيخ مقصود بمدينة حلب من قبل الفصائل المسلحة (مواقع سورية)
سحب الدخان تتصاعد بعد قصف حي الشيخ مقصود بمدينة حلب من قبل الفصائل المسلحة (مواقع سورية)
TT

«الشيخ مقصود» ساحة معركة بين الديموغرافية الكردية وخط إمداد المعارضة

سحب الدخان تتصاعد بعد قصف حي الشيخ مقصود بمدينة حلب من قبل الفصائل المسلحة (مواقع سورية)
سحب الدخان تتصاعد بعد قصف حي الشيخ مقصود بمدينة حلب من قبل الفصائل المسلحة (مواقع سورية)

منذ بدء معركة حلب قبل أسبوعين، تحوّل حي الشيخ مقصود ذو الغالبية الكردية، في الريف الشمالي، إلى مركز أساسي للمواجهات، في ظل تبادل الاتهامات بين «الجيش الحر» و«حزب الاتحاد الديمقراطي» الذي يسيطر على الحي. وفي حين يتّهم الأوّل الأكراد بمحاولة قطع «طريق الكاستيلو»، خط إمداد المعارضة الوحيد الذي يصل مناطق سيطرتها في المدينة بضواحيها الغربية والشمالية، يقول «الديمقراطي» إن الحي يتعرض لقصف عشوائي من الفصائل للسيطرة عليه تغيير طابعه الديمغرافي.
وفي هذا الإطار، وصف قائد المجلس العسكري السابق في حلب، العقيد عبد الجبار العكيدي، المعارك في محيط الشيخ مقصود بـ«التكتيكية»، مؤكدا أن المعارك التي تخوضها المعارضة هي ردّ فعل على الهجوم الذي يقوم به «الديمقراطي» للسيطرة على «الكاستيلو»، الرئة الوحيدة لمدينة حلب، في سعي من الأكراد لمساعدة النظام وتمهيد الطريق له لمحاصرة مدينة حلب.
وأكد العكيدي لـ«الشرق الأوسط» «إن هدف الحرّ ليس السيطرة على الحي إنما منع محاصرة مدينة حلب التي يحاول الأكراد التقدم إليها من الشيخ مقصود باتجاه طريق الكاستيلو والنظام من جهة حندرات»، قائلا: «نحن من حرّرنا الحي في العام 2012 وقررنا العام الماضي الخروج منه تفاديا للمواجهات بيننا وبين الأكراد الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكانه».
وكان اتفاق أبرم بين «المعارضة والوحدات الكردية» في الشهر التاسع من عام 2015 لإنهاء النزاع العسكري بين الجانبين في حي الشيخ مقصود وطريق الكاستيلو الذي يربط المنطقة بتركيا. وتضمن ستة بنود أساسية، أبرزها تعهد الأكراد بعدم فتح معبر بري مع مناطق النظام بحلب من حي الشيخ مقصود، وعدم استهدافه طريق الكاستيلو، وتأمين عبور المدنيين.
في المقابل، قال ريزان حدو، عضو «قوات سوريا الديمقراطية» والمقرب من «الوحدات الكردية»،، إن معارك الشيخ مقصود ليست جديدة إنما تعود إلى نهاية العام 2015. عندما رفض فصيل «أحرار سوريا» الخضوع للاتفاق الذي تم التوصل إليه بين «غرفة عمليات حلب» و«الاتحاد الديمقراطي» لوقف المعارك. ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «ما تعلن عنه المعارضة لجهة عدم نيتها السيطرة على الحي يتناقض مع ممارساتها، متّهما إياها بمحاولة فرض تغيير الطابع الديمغرافي للحي الذي يشكّل حلقة وصل بين المدينة والريف الشمالي الذي يصل إلى الحدود التركية»، مضيفا: «عندما يتم استهداف الحي على خمس جبهات، من الطبيعي أن يحاول الأكراد الردّ لمنع سقوط الحي والمزيد من القتلى بين المدنيين».
ويوم أمس، دعا المجلس العام لحزب الاتحـاد الديمقراطي الدول الراعية لعملية وقف إطلاق النار في سوريـا إلى تحمـل مسؤولياتهـا في كبح لجام ما وصفها بـ«المنظمات الإرهابية»، وحماية المدنيين في حي الشيخ مقصود وفق المواثيق والأعراف الدولية.
وكانت «غرفة عمليات فتح حلب» قد أعلنت قبل أيام قليلة، عن مبادرة إنسانية، لـ«تسهيل مرور المدنيين من حي الشيخ مقصود إلى مناطق أكثر أمنًا، متهمة «الاتحاد الديمقراطي باتباع سياسة استعمال المدنيين كدروع بشرية، واستمرارها بسياساتها العدوانية تجاه الثوار من خلال مهاجمة طريق الكاستيلو تحت غطاء جوي من قوات النظام الأمر الذي يفرض طرد هذه الميليشيات من حي الشيخ مقصود كضرورة عسكرية مُلحّة»، بحسب البيان.
من جهة أخرى وفيما كانت معلومات قد أشارت الأسبوع الماضي إلى استخدام «جيش الإسلام» الغازات السامة المحرمة دوليا، نفى العكيدي الأمر واصفا إياها بـ«الافتراءات»، وقال: «المعارضة ومن بينها جيش الإسلام لا تمتلك هذا النوع من الأسلحة، والبيان الذي صدر عن الأخير لجهة محاسبة أحد قيادييها كان لاستخدامه صواريخ غراد التي لا نستخدمها إلى على المقرات والمراكز العسكرية».
ويوم أمس، اتّهم المرصد السوري لحقوق الإنسان، «جيش الإسلام» بالتكتّم على التحقيقات التي يجريها مع أحد قيادييه في مدينة حلب، بعد إحالته إلى «القضاء العسكري» التابع له، وذلك على خلفية اتهامه من قبل قيادة الجيش بـ«استخدام أسلحة غير مصرح له باستخدامها في هذا النوع من المواجهات»، الأمر الذي قالت قيادة الجيش إنه «يعد مخالفة للوائح الجيش الداخلية».
وكانت بعض المصادر اتهمت الفصائل المعارضة باستهداف حي الشيخ مقصود الذي تسيطر عليه وحدات حماية الشعب الكردي في عدة دفعات متتالية، بقذائف تحمل غازات، ما أسفر عن إصابة عدة أشخاص، بحسب المرصد، مشيرا إلى أنّ الأسبوعين الأخيرين شهدا قصفًا مكثفًا من قبل «حركة أحرار الشام» و«الفرقة 16» وفرقة السلطان مراد ولواء الفتح والفرقة الشمالية وجيش المجاهدين وتجمع فاستقم كما أمرت وحركة نور الدين زنكي وجيش الإسلام على حي الشيخ مقصود، ما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 160 شخصًا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.