دي ميستورا في انطلاق «جنيف»: العملية الانتقالية أساس الجولة

لافروف يؤكد أهمية توصل المعارضة السورية لـ«حل وسط» مع النظام

رجل سوري مصاب في قدمه.. يعبر صندوق قمامة كتب عليه «صندوق انتخابات مجلس الشعب» في إشارة إلى الانتخابات التي جرت أمس (إ.ف.ب)
رجل سوري مصاب في قدمه.. يعبر صندوق قمامة كتب عليه «صندوق انتخابات مجلس الشعب» في إشارة إلى الانتخابات التي جرت أمس (إ.ف.ب)
TT

دي ميستورا في انطلاق «جنيف»: العملية الانتقالية أساس الجولة

رجل سوري مصاب في قدمه.. يعبر صندوق قمامة كتب عليه «صندوق انتخابات مجلس الشعب» في إشارة إلى الانتخابات التي جرت أمس (إ.ف.ب)
رجل سوري مصاب في قدمه.. يعبر صندوق قمامة كتب عليه «صندوق انتخابات مجلس الشعب» في إشارة إلى الانتخابات التي جرت أمس (إ.ف.ب)

بدأ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا جولة جديدة من المحادثات، أمس، بلقاء أعضاء بالهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية، انتهى بمؤتمر صحفي للطرفين، أكد فيها دي ميستورا على الجولة الحالية، وبدا فيها حازما بقوله: «سنتعمق بتفاصيل العملية الانتقالية، بصرف النظر عن مواقف الطرفين».
وألمح دي ميستورا، إلى أنه ليس هنالك تاريخ محدد لبدء المفاوضات المباشرة، وتابع بقوله: «حاليا سنعمل على المحادثات مع الطرفين»، لكنه تحدث عن ضرورة المحافظة على وقف القتال فهو ما أعطى السوريين الأمل بتحسن حياتهم. وتابع بقوله: «هنالك أحداث واختراقات حصلت، ولكن إن تكررت ستنال من وقف القتال، وبالتالي يجب على الأطراف تأكيد الالتزام بقرار وقف القتال».
وعلق دي ميستورا على جولته الأخيرة في المنطقة، فقال إن المسؤولين في عمان ودمشق وموسكو وطهران أبدوا جميعا اهتماما وتأييدا لمحادثات تهدف لانتقال سياسي في سوريا»، في الوقت الذي قال فيه العميد أسعد الزعبي، رئيس وفد الهيئة العليا للتفاوض، التي تمثل المعارضة السورية: «أخذنا فكرة من دي ميستورا عن نتائج جولته الأخيرة على بعض العواصم قبل بدء هذه الجولة، وفوجئنا بأنها غير إيجابية».
وتابع الزعبي، في المؤتمر الصحفي لوفد المعارضة في جنيف: «حضرنا إلى هنا للتأكيد على جديتنا بالحل السياسي لإنهاء معاناة الشعب السوري على عكس النظام. وقال إنه قبل كل جولة تفاوض يقوم النظام بتصعيد عسكري ليعطي رسالة واضحة أنه لا يريد حلا سياسيا، ويصر على الحل العسكري. وشدد على أن الحل السياسي سيجنب البلاد والعباد التسليح والخطط (ب) وغيرها».
ووصف الانتخابات البرلمانية السورية بـ«مسرحية لا تستحق المشاهدة»، مشددا على أن الانتخابات التي ستجريها هيئة الحكم الانتقالية هي الانتخابات التي تمثل الشعب السوري».
كما أشار أسعد الزعبي إلى أنه تم طرح قضية إطلاق سراح المعتقلين والهدنة على دي مستورا مجددا.
هذا ومن المتوقع وصول وفد الحكومة السورية إلى جنيف، يوم الجمعة، برئاسة بشار الجعفري، سفير النظام في الأمم المتحدة.
في موسكو لم يعر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كثيرا من الاهتمام للانتخابات البرلمانية التي أجراها النظام السوري يوم أمس، واكتفى بوضعها في قالب مرحلي مرتبط بالفترة التي تسبق توصل الأطراف السورية خلال المفاوضات في جنيف إلى اتفاق حول الدستور الجديد والمرحلة الانتقالية. وفي إجابته عن سؤال حول تلك الانتخابات، خلال مؤتمر صحفي عقب محادثاته مع نظيرته الأرجنتينية يوم أمس، قال لافروف إن روسيا تنظر إلى الانتخابات البرلمانية السورية «بمنتهى الهدوء»، وترى أنها «ستضمن عمل المؤسسات التنفيذية في البلاد وفق ما ينص عليه الدستور الحالي في الجمهورية العربية السورية».
وبعد أن شدد على أهمية «عدم السماح بحدوث فراغ قانوني وفي مجال السلطة التنفيذية في سوريا»، معولاً على الانتخابات البرلمانية بأنه «من شأنها أن تلعب ذلك الدور في الحيلولة دون حدوث فراغ في السلطة»، أشار وزير الخارجية الروسي إلى المفاوضات التي ستستأنف في جنيف هذا الأسبوع، وسيتم خلالها بحث ما وصفها بـ«إصلاحات سياسية في سوريا» بموافقة روسية وموافقة المجموعة الدولية لدعم سوريا، وبموجب قرارات مجلس الأمن، موضحا أنه «سيتعين على الأطراف السورية الاتفاق خلال المفاوضات على الدستور الجديد»، حسب قول لافروف الذي شدد على أن «هناك فهما لدى الجميع بأن يتمخض عن تلك المفاوضات صياغة دستور جديد للبلاد تجري بموجبه انتخابات مبكرة».
وفي حديثه عن المرحلة الانتقالية بدا لافروف كأنه يتوخى الحذر في انتقاء العبارات المناسبة بما يرضي الجميع، وذلك حين قال إنه «سيتعين على السوريين أيضا الاتفاق على رؤية لبنية الجهاز الذي سيقوم بعملية الانتقال التدريجي»، متجنبا بذلك عبارات، مثل: (حكومة وحدة وطنية) أو (حكومة انتقالية)، كان يستخدمها لوصف الجسم الانتقالي الذي يجب أن يتم تشكيله نتيجة مفاوضات جنيف. كما اختار توصيفا حياديا نوعا ما للمرحلة التي يجب أن ينتقل إليها السوريون، مستخدما تعبير «المنظومة السياسية الجديدة».
وانتهت الجولة السابقة في 24 مارس (آذار) بتعهد دي ميستورا بالتركيز على الانتقال السياسي عندما تعود الأطراف المتحاربة إلى جنيف.
والتقى المسؤول الدولي منذ ذلك الحين بمسؤولين في موسكو ودمشق وطهران؛ لجمع الآراء بشأن أفضل السبل للتقدم في الوقت الذي تأثر فيه وقف إطلاق النار الجزئي في سوريا بتصاعد القتال وانتخابات برلمانية لن تعترف بها الأمم المتحدة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.