مدينة الذهيبة التونسية تطلب استثناءها من المنطقة العسكرية العازلة

شلل تام في جزيرة قرقنة بعد تنفيذ إضراب عام

مدينة الذهيبة التونسية تطلب استثناءها من المنطقة العسكرية العازلة
TT

مدينة الذهيبة التونسية تطلب استثناءها من المنطقة العسكرية العازلة

مدينة الذهيبة التونسية تطلب استثناءها من المنطقة العسكرية العازلة

طالب سكان مدينة الذهيبة، الواقعة جنوب شرقي تونس، الحكومة التونسية استثناءها من المنطقة العسكرية العازلة التي أقرتها تونس منذ نحو ثلاث سنوات ونصف لمنع تسلل العناصر الإرهابية والضغط على مهربي الأسلحة والبضائع القادمة من ليبيا.
وأكدوا في رسالة وجهوها إلى الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، توقف معظم الأنشطة التجارية مع ليبيا وإحالة عدد كبير من شباب المنطقة إلى القضاء نتيجة المغامرة بدخوله المنطقة العسكرية العازلة دون ترخيص. وأشاروا إلى أن سيطرة هذه المنطقة على أرجاء مدينة الذهيبة كافة «أضر بالعائلات وقلص من دخولهم الزهيدة»، وهو ما قد ينعكس على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة المحاذية للحدود مع ليبيا.
ولا تفصل مدينة الذهيبة سوى ثلاثة كيلومترات عن الحدود الليبية، ويوجد بها معبر الذهيبة - وازن الحدودي، إلا أن المسافة التي تفصل بعض التجمعات السكنية عن الحدود لا تزيد في عدة حالات عن الكيلومتر الواحد.
وانعكس قرار إنشاء منطقة عسكرية عازلة تقع مدينة الذهيبة ضمن حدودها، على التجارة البينية بين تونس وليبيا. وذلك بعد أن حدت المنطقة العازلة من تحركاتهم التجارية نتيجة ضرورة الحصول على ترخيص مسبق من وزارة الدفاع التونسية قبل دخولها.
وفي هذا السياق، قال محمد هدية، الناشط السياسي، لـ «الشرق الأوسط» إن تطبيق الإجراءات القانونية بصرامة عرض شباب مدينة الذهيبة إلى مخالفات قانونية، وسلطت عليهم غرامات مالية متكررة.
وفي السياق ذاته، أفرجت السلطات التونسية قبل يومين عن 35 تونسيا من سكان مدينة الذهيبة وبن قردان القريبة منها بعد اعتقالهم من قبل وحدات الجيش الوطني التونسي المتمركزة بالمنطقة العسكرية العازلة، وذلك إثر محاولتهم التسلل إلى القطر الليبي لجلب البنزين المهرب الذي يعد المصدر الأساسي لدخل عدد كبير من العائلات. وحجزت وحدات الجيش التونسي 17 شاحنة معدة للتهريب و125 ألف لتر من البنزين وقررت الإبقاء عليها في مستودع للمحجوزات.
وعلى أثر عملية الإفراج، وجه عدد من نشطاء المجتمع المدني بالذهيبة رسالة إلى رئيس الحكومة التونسية للتدخل السريع وحل الإشكالية وتجنيب المنطقة الاحتقان، ونادوا بمراعاة الظرف الاستثنائي الذي تعيشه تونس وليبيا. وأكدوا أن الحصول على البنزين من ليبيا هو الملاذ الوحيد للشباب العاطل عن العمل في ظل غياب حلول التنمية المؤدية إلى التشغيل.
ويذكر أن وزارة الدفاع التونسية أعلنت حدودها الجنوبية مع ليبيا منطقة عسكرية عازلة، وذلك منذ نهاية شهر أغسطس (آب) 2013، بهدف مقاومة عمليات تهريب السلع والسلاح والتنظيمات الإرهابية. وتمت حدود تونس البرية مع ليبيا نحو 500 كلم، وأقامت ساترا ترابيا على طول نحو 250 كلم ينتهي على مستوى مدينة الذهيبة.
على صعيد آخر، أصيبت أمس جزيرة قرقنة، وسط شرقي تونس، بالشلل التام إثر دخولها في إضراب عام احتجاجا على أزمة الشباب العاطلين المعتصمين والتدخل العنيف للأمن لفض اعتصام أمام مقر إحدى الشركات النفطية تجاوزت مدته الثلاثة أشهر. وأغلقت معظم المؤسسات العامة والخاصة أبوابها، كما توقفت الحركة التجارية وحركة المسافرين التي تربط الجزيرة باليابسة عبر البواخر البحرية.
وفي هذا الشأن، قال المسطاري قنيدز، رئيس الاتحاد المحلي للشغل (نقابة العمال)، في تصريح إعلامي إن الحلول الأمنية لا يمكن أن تجدي نفعا في حل المشكلات الاجتماعية، وما على الحكومة إلا التعاطي الجدي مع ملفات التنمية والتشغيل، وإخراج الجزيرة من «حالة النسيان»، على حد تعبيره.
وتشهد الجزيرة منذ نحو أسبوع حالة من التوتر والاحتقان، وطالبت منظمات المجتمع المدني بالإفراج عن أربعة معتقلين في صفوف المحتجين وإيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية والتنموية والبيئية العالقة بالجهة.
وساند حزب «حراك تونس الإرادة» الذي يتزعمه المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي السابق، احتجاجات شباب الجزيرة، وأكد «قصور المقاربة التنموية للدولة فيما يتعلق بالاستجابة لمطالب الشباب المعطل ولاسيما أصحاب الشهادات العليا»، وانتقد «التعاطي الأمني مع المعتصمين»، وقال إن سبب مثل هذه الاحتجاجات الاجتماعية هو «الفساد».
واتهمت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بدورها قوات الأمن التونسية باستخدام العنف المفرط لفض الاعتصام أمام مقر إحدى الشركات البترولية المنتصبة بالجزيرة، وشن حملة اعتقالات في صفوف المحتجين مع استخدام مكثف للغاز المسيل للدموع. فيما برأت الداخلية ساحتها، وقالت إن المحتجين عمدوا إلى إغلاق الطريق المؤدي للشركة كما رشقوا الأمن بالحجارة وتدخلهم كان في نطاق احترام القانون.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.