وزير الدفاع الفرنسي من أربيل: نطوق الموصل استعدادًا لمعركة طاحنة

فرنسيون يدربون القوات الخاصة في العراق لمحاربة تنظيم داعش

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني يستقبل وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في أربيل أمس (أ.ف.ب)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني يستقبل وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في أربيل أمس (أ.ف.ب)
TT

وزير الدفاع الفرنسي من أربيل: نطوق الموصل استعدادًا لمعركة طاحنة

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني يستقبل وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في أربيل أمس (أ.ف.ب)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني يستقبل وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في أربيل أمس (أ.ف.ب)

أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، أن قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن نفذت ضربات جوية ضد مراكز قيادية تابعة لتنظيم داعش في مدينة الموصل في شمال العراق التي تعمل على تطويقها، استعدادًا لاستعادتها.
وقال لودريان الذي يزور العراق لصحافيين: «نقوم بتطويق الموصل استعدادًا للمعركة التي ستكون طاحنة. أفضل دليل على ذلك هو أن قوات التحالف نجحت قبل يومين في ضرب مراكز قيادة في المدينة بمشاركة الطيران الفرنسي». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله من أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، إن العملية التي جرت ليل السبت - الأحد نفذتها عشر طائرات بينها أربع مقاتلات فرنسية، ودمرت «أربعة مراكز حيوية».
وكانت القيادة الأميركية لمنطقة الشرق الأوسط تحدثت عن ثماني ضربات للتحالف في منطقة الموصل في التاسع من الشهر الحالي وأربع أخرى في اليوم التالي، استهدفت وحدات تكتيكية وبنى تحتية للاتصالات تابعة لتنظيم داعش.
ودعا لودريان بعد وصوله إلى العراق، أول من أمس، إلى تكثيف الضغوط على تنظيم داعش الذي تعرض لهزائم عدة أخيرًا، بهدف استعادة السيطرة على معقليه؛ الموصل في العراق، والرقة في سوريا، خلال العام الحالي. وقال: «الرقة والموصل يجب أن تسقطا في 2016»، مضيفًا أن هذه السنة «يجب أن تكون سنة التحول المصيري في معركتنا ضد (داعش)».
إلى ذلك، تستعد وحدات من القوات الخاصة العراقية التي تشكل رأس حربة القتال ضد تنظيم داعش، بمساندة عسكريين فرنسيين، لاستعادة الأراضي التي استولى عليها المتطرفون، وضمنها الموصل. ويعلن اللفتنانت فلوريان أمام نحو عشرة «متدربين» متحلقين حول مجسم يمثل مباني وطرقات ومسالك: «سأعرض عليكم الوضع لمهمة اليوم». ويلخص المدرب الفرنسي الوضع للعسكريين العراقيين في معسكر في بغداد: «أنتم في محيط الرمادي (التي استعادتها القوات العراقية نهاية العام الماضي) وقامت إحدى فرقكم بمراقبة مصنع للعبوات الناسفة اليدوية الصنع». ويترتب على القوات الخاصة الاقتراب من المصنع والتثبت من المباني المجاورة وتأمين الطرق المؤدية إليه، بما في ذلك طرق إجلاء أي جرحى.
ويقوم عناصر الوحدات الخاصة في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي الذي يشرف عليه مباشرة رئيس الوزراء حيدر العبادي، بتنفيذ المهمة الموكلة إليهم. وعدوهم الأول هو هذه العبوات الناسفة اليدوية الصنع التي يستخدمها تنظيم داعش.
وهذه العبوات التي توضع في الجرافات والأحزمة الناسفة والأدوات المنزلية، تتسبب بنسبة 80 في المائة من الخسائر في صفوف القوات العراقية، بحسب بعض التقديرات. ويقوم المتطرفون بتفخيخ المنازل التي يخلونها بهذه المتفجرات، ومهاجمة الحواجز العسكرية بالسيارات المفخخة وتفجير أنفسهم في أماكن عامة.
وحذر اللفتنانت فلوريان: «انتبهوا هنا إلى الطريق الترابي، من المرجح أنه ملغم بالعبوات اليدوية الصنع»، قبل أن يتأكد أن «المتدربين» استوعبوا المعلومات الأساسية لتفكيك هذه الأفخاخ.
وعند إعطاء المدرب إشارة الانطلاق، يقفز عناصر جهاز مكافحة الإرهاب في آليات «هامفي» أميركية قديمة مصفحة حاملين رشاشاتهم، ويباشرون تطبيق ما تعلموه.
ومن المقرر نشر هذه الوحدات الخاصة في مواقع الأهداف المقبلة لتنظيم داعش التي سيتم تحديدها سواء غرب بغداد أو شمالها حيث الموصل.
ويتولى نحو 150 عسكريًا فرنسيًا تدريب قوات جهاز مكافحة الإرهاب على التعامل مع العبوات اليدوية الصنع وخوض معارك في المدن، ويقدمون النصائح لهيئة أركان فرقة المشاة السادسة في الجيش العراقي في بغداد، كما ينتشر عدد مساوٍ من العسكريين الفرنسيين في شمال العراق إلى جانب قوات البيشمركة الكردية. وفيما يبقى عناصر القوات الأميركية في «موقعهم المحصن»، يتمركز المظليون الفرنسيون في معسكر جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، فينامون ويأكلون مع العراقيين.
ويتولى الفرنسيون نحو 10 في المائة من جهود تدريب القوات العراقية ضمن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» وهذه المساعدة العسكرية على تواضعها تمكنهم من الوصول إلى معلومات ثمينة لتقييم الوضع على الأرض. وقال الكولونيل رينو سينيتير قائد القوة المكلفة تدريب العراقيين: «نجمع معلومات من هؤلاء الجنود عندما يعودون من الجبهة». وأوضح أنه مع اشتداد الضغوط عليه «يتجه (داعش) إلى استراتيجية تقوم على سياسة الأرض المحروقة، مع عمليات خطف رهائن وإعدامات جماعية وتفجيرات وانتحاريين وإطلاق مواد كيماوية».
ولم يعد بوسع التنظيم المتطرف الذي خسر 40 في المائة من الأراضي التي احتلها عام 2014، حشد قواته دون التعرض لضربات من التحالف. وقال قائد منطقة المحيط الهندي البحرية في الجيش الفرنسي الأميرال أنطوان بوسان: «انتقلوا بالتالي إلى أعمال المضايقة، (الكر والفر)، إنهم يحاولون الإفلات».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.