مخيم «أمبره» شاهد على مآسي اللاجئين الماليين.. وعددهم تجاوز 100 ألف

«الشرق الأوسط» تعاين الوضع الإنساني الصعب على الحدود الموريتانية ـ المالية

مخيم «أمبره» شاهد على مآسي اللاجئين الماليين.. وعددهم تجاوز 100 ألف
TT

مخيم «أمبره» شاهد على مآسي اللاجئين الماليين.. وعددهم تجاوز 100 ألف

مخيم «أمبره» شاهد على مآسي اللاجئين الماليين.. وعددهم تجاوز 100 ألف

يشكل مخيم «أمبره» الواقع في الحدود المالية – الموريتانية الوجه الآخر للمأساة التي تعيشها دولة مالي، ومشهد يعيد فيه التاريخ المالي نفسه على الأراضي الموريتانية، حيث دبت الحياة من جديد في المخيم البالغ من العمر أكثر من عشرين عاما، فهو يعود إلى الواجهة كلما قرر أحد قادة القبائل في شمال مالي أن يحيي عهد التمرد.
فعلى بعد خمسين كيلومترا من الحدود، وبالقرب من مدينة باسكنو، إحدى كبرى حواضر الشرق الموريتاني، ينتصب مخيم «أمبره» على مساحة كبيرة تجعل منه مدينة من الخيام بنيت على عجل لإنقاذ عشرات آلاف من النازحين الماليين الهاربين من جحيم حرب لا تهدأ إلا لتزداد اشتعالا.

«الشرق الأوسط» قامت بجولة ميدانية في مخيم «أمبره»، الذي تشير بعض التقديرات غير الرسمية إلى أن قاطنيه تجاوزوا مائة ألف لاجئ، أغلبهم من نساء وأطفال العرب والطوارق الذين يؤكدون أنهم فروا من شمال مالي خوفا من التصفية العرقية.

ويقول عمر ولد عمران، أحد السكان العرب الذين فروا من مدينة تمبكتو، لـ«الشرق الأوسط» التي التقته بعد ساعات من وصوله إلى المخيم: «لقد فررنا من تمبكتو منذ بداية العملية العسكرية إلى بادية الظوية (100 كلم شمال تمبكتو)، وبعد أن جاءتنا الأخبار بأن عمليات نهب واسعة استهدفت منازلنا ومحلاتنا التجارية في تمبكتو ودويتري، وأن هنالك تصفيات حدثت في مناطق قريبة منا، قررنا الفرار بأرواحنا إلى موريتانيا».

كان ولد عمران يجلس في كيس سيارة عابرة للصحراء برفقة زوجاته وأطفاله، وقد بدت على الجميع مظاهر التعب والإعياء في نهاية رحلة صحراوية شاقة، حيث يقول: «منذ أن دخلنا الأراضي الموريتانية لم نجد إلا الخير، حيث أصبحنا ننام مطمئنين لأول مرة منذ أسابيع، بعدما كنا لا ننام خوفا من قصف الطائرات الفرنسية، والآن وصلنا إلى مخيم (أمبره) حيث يوجد إخوتنا وأهلنا».

وقبل أن ينزل من السيارة التي نقلته إلى الأراضي الموريتانية قال ولد عمران الذي تجاوز الخمسين سنة: «نحن نطلب من العالم والمجموعة الدولية أن يساووا بين الناس في مالي، وأن لا يتم تغليب جنس على حساب آخر.. فكل ما نريده هو العدالة، فنحن لسنا من السلفيين ولا من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، نحن مجرد أناس عاديين نبحث عن مكان آمن للعيش فيه وتربية أطفالنا وتعليمهم».

أمثال ولد عمران كثيرون يأتون إلى المخيم وهم يحملون روايات متعددة حول الأوضاع في مدن شمال مالي، ورغم تضاربها فإن الخوف يبقى هو الرابط الوحيد بينها، حيث تحكي تلك الروايات عن تصفية العرب والطوارق من ذوي البشرة الفاتحة. ويقول أحد اللاجئين لـ«الشرق الأوسط»: «لقد نجوت بأعجوبة من القتل على يد الجنود الماليين في مدينة ديابالي، وذلك حين كنت برفقة ستة رجال من أقاربي عندما أوقفتنا عناصر من الجيش المالي، وبدأ في التحقيق معنا، قبل أن يقتادوا رفاقي فرادى إلى مكان معزول وهناك تمت تصفيتهم، وأثناء ذلك وصل جنود فرنسيون أمروا مباشرة بإطلاق سراحي».

وفي أحد أحياء المخيم التقت «الشرق الأوسط» برجل خمسيني اسمه يب ولد عثمان، كان يعمل مديرا لمدرسة في مدينة ليره المالية، قال إن ابنه البالغ من العمر سبعة عشر عاما قتل من طرف جنود الجيش المالي في مدينة ديابالي فقط لأنه «عربي فاتح اللون، وينتمي إلى جماعة الدعوة والتبليغ».

وأثناء حديثه التفت ولد عثمان إلى صندوق بجواره وأخرج منه بعض الوثائق ليعرضها أمام الكاميرا، من بينها صورة لابنه الذي قال إن الجيش المالي قتله، إضافة إلى أوراق مدنية تثبت أنه مالي الجنسية، قبل أن يقول: «إن الجيش المالي ارتكب جرائم فظيعة في حقنا، فسبق أن قتل أخي وأحد أعمامي في انتفاضة 1992، وما حدث في الأشهر الأخيرة أعاد إلى ذهني تلك الأحزان والمصائب، وأنا لا أفكر في العودة إلى وطني ما دام هنالك من يريد قتلي فقط لأنني عربي».

أما والدة الشاب المقتول فقد رفضت في البداية الحديث لـ«الشرق الأوسط» مكتفية بالبكاء، وأمام إلحاح زوجها على ضرورة الحديث عن تجربتها، قالت: «لن نعود إلى تلك الأرض التي أحرقت فيها قلوبنا، وانتزعت منا فيها فلذات أكبادنا»، قبل أن يقاطعها زوجها: «إنها أرضنا التي سنحيا ونموت فيها، ويوما ما سنعود إلى هنالك».

وقبل توديعهم، قال ولد عثمان: «إن الجرائم لم تتوقف حتى الآن، سمعنا أن الجنود الماليين قتلوا في تمبكتو يوم الأحد الماضي رجلا عربيا أعرفه شخصيا لأنه كان يعمل مديرا لمدرسة (النور المبين)».

تتعدد الروايات والقصص التي يرافقها إحساس بالظلم لا تخطئه العين في وجوه مئات اللاجئين الذين يصلون يوميا إلى مخيمات اللاجئين في الأراضي الموريتانية، وبحوزة كل لاجئ منهم رواية خاصة أتى بها من بوادي الشمال المالي، حيث يؤكد اللاجئون الجدد أن حالة من الذعر انتشرت في أوساط البدو، وتحدثوا عن رجل في المخيم أصيب بالجنون بعد أن فقد أثر زوجته وأبنائه في الصحراء، وهم يحاولون الفرار من إحدى البوادي بعد أن سمعوا باقتراب الجيش المالي منهم.

وفي مستشفى مخيم «أمبره» ترقد سيدة في الثلاثين من العمر، أصيبت بحالة من الهلع الهستيري عندما قصفت الطائرات الفرنسية مدينة تمبكتو التاريخية، فحاولت الفرار لتسقط على سلم منزلها مما تسبب في موت جنينها وتعرضها لعدد من الكسور في مناطق مختلفة من جسدها تطلبت تدخلا جراحيا.

ويقول تيو جوليان لـ«الشرق الأوسط»، وهو أحد أطباء «منظمة أطباء بلا حدود»، التي تشرف على المستشفى المؤقت، وهو الذي عاين السيدة عند وصولها إلى المخيم: «إن هذه السيدة تعاني من حالة نفسية صعبة زيادة على وضعها الصحي المتردي»، مشيرا إلى أن مثل هذه الحالات منتشر بقوة بين نساء المخيم، حيث فقد الكثير من الحوامل أبناءهن وفقد بعض المواليد أمهاتهن.

خلال جولتها الميدانية التقت «الشرق الأوسط» برجل يدعى المهدي أغ اللال، من قبيلة الأنصار الطوارقية، ينحدر من مدينة سيت أغراتن التابعة لمنطقة تمبكتو، قال: «سمعنا أن هنالك عمليات تصفية تعرض لها العرب والطوارق على يد الجيش المالي وبعض السكان المحليين، بالنسبة لأقاربي ومن أعرفه من الناس لم يتعرضوا لهذه التصفية الحمد لله، ولكن بعضهم قتله الذعر الذي سببته هذه الأخبار المتداولة بشكل واسع، وآخرون قتلهم الخوف من الطائرات الفرنسية، حيث فر الكثيرون إلى الصحراء الواسعة دون أن يحملوا معهم زادا أو متاعا».

المهدي أغ اللال كان قد فر إلى موريتانيا منذ بداية الأحداث في يناير (كانون الثاني) 2012، وهو الآن يعمل على استقبال اللاجئين الجدد، وتنظيم أمورهم في مخيم «أمبره» وربطهم بالمنظمات الدولية. وقال: «لم يسبق أن فررت من أرضي، ولكن الوضع كان ينذر بالانفجار في أية لحظة، ونحن أناس ضعاف لسنا على صلة بالسلفيين، فلا أنا ولا أي من أبنائي أو أقاربي يرتبط بهؤلاء الناس، كما أننا لسنا من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، ونحن نعارض الانفصال عن مالي لأننا نريد العافية فقط».

وأضاف: «إننا نقبل التعامل مع أي سلطة تأتي لتحكمنا من أجل المحافظة على أمننا وسلمنا. حكمتنا مالي فقبلنا بذلك وتعاملنا معها، وحكمنا السلفيون فقبلنا ذلك لأننا لا نسعى لخلق المشكلات مع أي جهة. والآن ها نحن خارج أرضنا نبحث عن مكان آمن نلجأ إليه بينما ابتلعت الأرض من أشعل هذه الحرب ودفعنا نحن الثمن».

أغ اللال عندما التقيناه كان يستعد للذهاب إلى المستشفى وسط المخيم، وذلك بعد أن التقى من بين القادمين الجدد برجل بترت ساقه اليمنى في عملية جراحية بالجزائر بسبب معاناته من داء السكري، سألنا الرجل المريض: «كيف يمكنني العودة إلى الجزائر لحضور موعد مع طبيبي؟ لقد وجدت نفسي هنا خوفا على روحي من التصفية، وها أنا أخاف أن يقتلني المرض».

كثيرة هي الحالات الإنسانية في مخيم «أمبره» الذي أصبح يعاني من الاكتظاظ الكبير بعد تضاعف اللاجئين فيه بعد العملية العسكرية الأخيرة، حيث أصبحت الخيمة الواحدة ملاذا لأكثر من خمسة أسر، بينما بقي الكثير من اللاجئين بلا مأوى في انتظار اكتمال الأشغال التي بدأتها المفوضية السامية لغوث اللاجئين من أجل بناء مئات الخيام كتوسعة جديدة للمخيم.

وبالتوازي مع اتساع مساحة المخيم وتضاعف ساكنيه يزداد التحدي الأمني أمام السلطات الموريتانية التي خصصت عدة وحدات من الدرك الوطني للمرابطة على مشارف المخيم ومداخله، إضافة إلى دوريات تجوب محيطه البعيد، بينما تتجول دوريات أخرى وسطه وترافق الأجانب العاملين في المنظمات الأممية والدولية.



مصر تطرح 5 مبادرات لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة

وزراء الطاقة الأعضاء في منظمة «أوابك» (وزارة البترول المصرية)
وزراء الطاقة الأعضاء في منظمة «أوابك» (وزارة البترول المصرية)
TT

مصر تطرح 5 مبادرات لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة

وزراء الطاقة الأعضاء في منظمة «أوابك» (وزارة البترول المصرية)
وزراء الطاقة الأعضاء في منظمة «أوابك» (وزارة البترول المصرية)

طرح وزير البترول المصري كريم بدوي، خمس مبادرات مصرية في قطاع الطاقة، خلال الاجتماع الوزاري السنوي لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) المنعقد في الكويت، الأحد، وذلك لتعزيز أمن الطاقة العربي.

وقال الوزير، إن هذه المبادرات هي: «إعداد خريطة للربط العربي للطاقة 2030، بهدف تحديد مشروعات الأولوية في مجالات خطوط الأنابيب، ومحطات الاستقبال، ونقل الخام والغاز الطبيعي المسال، إلى جانب وضع آلية عربية لتنسيق المشتريات الطارئة للزيت الخام والغاز الطبيعي المسال، وتبادل الشحنات عند الحاجة».

كما أكد الوزير على «أهمية توسيع نطاق التخزين العابر للحدود، للاستفادة من العمق الاستراتيجي للدول العربية في ظل الاضطرابات الجيوسياسية وتأثر سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، فضلاً عن إنشاء منصة رقمية للدول الأعضاء لعرض الفرص الاستثمارية في مجالات البحث والاستكشاف والإنتاج، والتكرير، والبتروكيماويات، والتخزين، والتداول، والنقل، والطاقة الجديدة والمتجددة، بالإضافة إلى إعداد برنامج عربي موحد للتبادل الفني وبناء القدرات في مجالات التشغيل والصيانة والحوكمة البيئية».

وتطرق بدوي إلى أن مصر نجحت خلال العام الحالي في تحقيق استقرار سوق الطاقة الداخلية، من خلال استئناف أنشطة البحث والاستكشاف والتنمية، عقب تنفيذ مجموعة من الإجراءات التحفيزية الهادفة لزيادة جاذبية الاستثمار، وهو ما انعكس إيجاباً على زيادة التدفقات الاستثمارية، وعلى رأسها الاستثمارات العربية، حيث «نستهدف تنفيذ برنامج طموح لزيادة الاكتشافات والإنتاج، يشمل حفر نحو 480 بئراً جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة».

وأكد أن «مستقبل الطاقة العربي لن يُبنى إلا من خلال تكامل الجهود وتوحيد الرؤى وتحويل التحديات إلى فرص»، مشدداً على التزام مصر الراسخ بدعم العمل العربي المشترك، انطلاقاً من وحدة المصير، وما تمثله من عمق استراتيجي للأمة العربية، وما تمتلكه من مقومات طبيعية وبنية تحتية يمكن تعظيم الاستفادة منها بما يعود بالنفع على الدول العربية.

وزير البترول المصري كريم بدوي خلال طرحه المبادرات المصرية (وزارة البترول المصرية)

وترأس بدوي وفد مصر في الاجتماع الوزاري السنوي لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، الذي عُقد بدولة الكويت، برئاسة الدكتور طارق سليمان الرومي، وزير النفط الكويتي، وبحضور جمال عيسى اللوغاني، الأمين العام لمنظمة «أوابك»، ومشاركة وزراء الدول الأعضاء.

وفي سياق متصل، أصدر مجلس وزراء منظمة أوابك البيان الختامي للاجتماع، الذي أشاد بالخطوات الجارية لتطوير أعمال المنظمة وإعادة هيكلتها، وإجراءات التصديق على تعديلات الاتفاقية، تمهيداً لإطلاق الهوية الجديدة للمنظمة تحت اسم «المنظمة العربية للطاقة»، كما ثمَّن المجلس جهود الدول الأعضاء في متابعة تفعيل مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وتبني تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون.

مصر تبحث فتح أسواق عمل بقطر

على هامش مشاركة وزير البترول المصري في الاجتماع، عقد بدوي جلسة مباحثات مع المهندس سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة لشئون الطاقة بدولة قطر ورئيس شركة قطر للطاقة.

وتناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات والروابط بين البلدين في مجال الطاقة، وبحث سبل إتاحة فرص أكبر أمام الشركات المصرية للمشاركة بفاعلية في تنفيذ أعمال مشروعات الطاقة والبتروكيماويات بدولة قطر، كما جرى استعراض استثمارات شركة قطر للطاقة في مصر، باعتبارها شريكاً في عدد من مناطق البحث عن الغاز بالبحر المتوسط.

وبحث اللقاء فرص التعاون الممكنة وإقامة شراكات في مجالات البتروكيماويات وتنمية موارد الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال، إلى جانب بحث فرص التعاون في مبادرات التحول الطاقي وبرامج الاستدامة البيئية.


إدانة سعودية للهجوم الإرهابي قرب تدمُر السورية

عناصر أمن سورية (الداخلية السورية)
عناصر أمن سورية (الداخلية السورية)
TT

إدانة سعودية للهجوم الإرهابي قرب تدمُر السورية

عناصر أمن سورية (الداخلية السورية)
عناصر أمن سورية (الداخلية السورية)

أعربت السعودية عن إدانتها للهجوم الإرهابي الذي استهدف قوات الأمن السورية والأميركية أثناء تنفيذ جولة ميدانية مشتركة لمكافحة الإرهاب بالقرب من مدينة تدمر، مما أدى إلى وفاة وإصابة عدد من الأشخاص.

وعبرت السعودية في بيان لوزارة خارجيتها عن خالص تعازيها ومواساتها لأسر الضحايا وحكومتي البلدين، وصادق تمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين.

كما أدانَتْ رابطةُ العالم الإسلامي الهجومَ الإرهابيَّ الذي استهدف قوات الأمن السورية وقوات أميركية قرب مدينة تدمُر السورية.

وفي بيانٍ للأمانة العامة، ندَّد الأمين العام رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد العيسى، بهذه الجريمةِ الإرهابيةِ الغادرةِ، مجدِّداً التأكيدَ على موقفِ الرابطة الرافض والمُدين للعُنفِ والإرهابِ بكلّ صُوَرِه وذرائعه.

وعبر الدكتور العيسى عن التضامُن التامِّ مع سوريا في مُواجهة كلِّ ما يهدِّدُ أمنَها واستقرارَها.


الفيديوهات القصيرة تهدد تركيز الأطفال ونومهم وقدرتهم على ضبط النفس

الفيديوهات القصيرة قد يكون لها تأثير سلبي كبير على أدمغة الأطفال (أ.ف.ب)
الفيديوهات القصيرة قد يكون لها تأثير سلبي كبير على أدمغة الأطفال (أ.ف.ب)
TT

الفيديوهات القصيرة تهدد تركيز الأطفال ونومهم وقدرتهم على ضبط النفس

الفيديوهات القصيرة قد يكون لها تأثير سلبي كبير على أدمغة الأطفال (أ.ف.ب)
الفيديوهات القصيرة قد يكون لها تأثير سلبي كبير على أدمغة الأطفال (أ.ف.ب)

تحوّلت مقاطع الفيديو القصيرة على الإنترنت من مجرد تسلية خفيفة إلى جزء لا يتجزأ من حياة كثير من الأطفال، حيث تجذب منصات مثل «تيك توك»، و«إنستغرام ريلز»، و«يوتيوب شورتس» مئات الملايين من المستخدمين دون سن الـ18.

وقد كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة غريفيث الأسترالية عن أن هذه الفيديوهات القصيرة قد يكون لها تأثير سلبي كبير على أدمغة الأطفال.

وبحسب موقع «ساينس آليرت» العلمي، فقد قام فريق الدراسة بتحليل 71 بحثاً سابقاً شمل نحو 100 ألف مشارك، ووجدوا ارتباطاً ​​بين تصفح الأطفال المفرط للفيديوهات القصيرة، وزيادة اضطرابات النوم وانخفاض التركيز والانتباه والقدرة على ضبط النفس.

وكتب الباحثون في دراستهم: «قد يؤثر استخدام الأطفال الإشكالي لمنصات الفيديوهات القصيرة بالسلب على نومهم ومزاجهم وانتباههم ودراستهم وعلاقاتهم الاجتماعية».

وأضافوا: «صُمِّمت مقاطع الفيديو القصيرة (التي تتراوح مدتها عادةً بين 15 و90 ثانية) لجذب انتباه الدماغ ورغبته الدائمة في التجديد. فكل تمريرة تَعِد بشيء مختلف، سواء أكانت نكتة، أو مقلباً، أو صدمة، ويستجيب نظام المكافأة في الدماغ فوراً لهذا التجديد المستمر».

وتابعوا: «ولأن هذا المحتوى المرئي نادراً ما يتوقف، تختفي فترات الراحة الطبيعية التي تساعد على إعادة التركيز والانتباه. ومع مرور الوقت، قد يُضعف ذلك القدرة على ضبط النفس والتركيز لفترات طويلة».

كما لفتوا إلى أن كثيراً من الأطفال يُشاهدون هذه الفيديوهات في أوقاتٍ يُفترض أن يخلدوا فيها إلى النوم، كما يُؤخّر الضوء الساطع المنبعث من الشاشات إفراز الميلاتونين، وهو هرمون يُساعد على تنظيم النوم، مما يُصعّب عليهم الخلود إلى النوم.

وتُؤثّر اضطرابات النوم هذه على المزاج، والقدرة على التكيّف.

بالإضافة إلى ذلك، يُمكن أن يُؤدّي التدفق المُستمر لصور الأقران وأنماط الحياة المُنمّقة إلى تضخيم المُقارنة. وقد يقتنع الأطفال في سن ما قبل المراهقة بمعايير غير واقعية للجمال، أو المظهر، أو النجاح، وهو ما يرتبط بانخفاض تقدير الذات والقلق.

ومع ذلك، أشار الباحثون إلى أن هذا التأثير غير ثابت مع جميع الأطفال. فالأطفال الذين يعانون من القلق، أو صعوبات التركيز، أو التقلبات المزاجية، يبدون أكثر عرضةً للتصفح غير المسيطر عليه للفيديوهات القصيرة وما تتبعه من تقلبات مزاجية.

كما قد يلجأ الأطفال الذين يعانون من التنمر، أو التوتر، أو عدم استقرار الأسرة، أو قلة النوم، إلى التصفح الليلي لهذه الفيديوهات للتأقلم مع المشاعر الصعبة.

ونصح الفريق الآباء بوضع روتين عائلي بسيط لحماية أطفالهم من التأثير الضار لهذه الفيديوهات، مثل إبعاد الأجهزة عن غرف النوم أو تحديد وقت معين لاستخدام الشاشات، مع تشجيع الأنشطة غير الإلكترونية والهوايات والرياضة.