بوادر انقسام بين طهران وموسكو حيال مستقبل سوريا

«كيهان» الناطقة باسم خامنئي قالت إن الأسد «يدين ببقاء نظامه لإيران»

صورة نشرها موقع ايراني للضابط محسن قيطاسلو من اللواء 65 التابع للقوة البرية للجيش الإيراني قتل في سوريا الأسبوع الماضي
صورة نشرها موقع ايراني للضابط محسن قيطاسلو من اللواء 65 التابع للقوة البرية للجيش الإيراني قتل في سوريا الأسبوع الماضي
TT

بوادر انقسام بين طهران وموسكو حيال مستقبل سوريا

صورة نشرها موقع ايراني للضابط محسن قيطاسلو من اللواء 65 التابع للقوة البرية للجيش الإيراني قتل في سوريا الأسبوع الماضي
صورة نشرها موقع ايراني للضابط محسن قيطاسلو من اللواء 65 التابع للقوة البرية للجيش الإيراني قتل في سوريا الأسبوع الماضي

مع استعداد الأمم المتحدة لاستضافة جولة أخرى من «محادثات السلام» في سوريا، ثمة مؤشرات تدل على انقسام بين طهران وموسكو فيما يتعلق بمستقبل هذا البلد الذي مزقته الحرب، هذا في الوقت الذي قالت فيه وكالة «تسنيم» للأنباء، أمس، إن أربعة جنود في الجيش النظامي الإيراني قتلوا في سوريا بعد أسبوع واحد من إعلان طهران نشر قوات كوماندوز خاصة لمساعدة بشار الأسد في الصراع المندلع بالبلاد.
جاءت إحدى إشارات الانقسام هذه يوم الأحد الماضي، عندما أعلن علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي: «(تصميم) إيران على استمرار الرئيس بشار الأسد في السلطة في دمشق». وقال ولايتي، ردا على تقارير بأن موسكو ربما توصلت إلى اتفاق سري مع واشنطن بإزاحة الأسد من السلطة في غضون شهور، إن الأسد «خط أحمر بالنسبة إلى إيران».
ويوم أمس سلطت صحيفة «كيهان» اليومية الضوء على هذا الخلاف المفترض، معبرة عن رؤية خامنئي.
وفي مقالتها الافتتاحية الرئيسية، قالت «كيهان» إنه على الرغم من أن روسيا كانت تملك «ثقلا هائلا» في «الاستراتيجية الوطنية» لسوريا، فإنها لم تكن في وضع يسمح لها بفرض إرادتها هناك. ومضت الصحيفة إلى القول: «على مدى خمسين عاما، كانت سوريا قريبة من الاتحاد السوفياتي وروسيا بعد ذلك، لكنها لم تكن أبدا جزءا من الكتلة السوفياتية».
وتستشهد الافتتاحية بحرب الـ33 يوما بين إسرائيل وما يسمى «حزب الله» اللبناني في 2006. باعتبارها توضيحا لرفض سوريا أن تسير وفقا لإملاءات روسيا. في تلك الحرب، والحديث لـ«كيهان»، طلبت روسيا من الأسد ألا يزود ما يسمى «حزب الله» بأسلحة روسية الصنع، فتجاهل الأسد التحذير الروسي، لأن إيران كانت طلبت إليه أن يرسل السلاح إلى ما يسمى «حزب الله».
كما وتزعم «كيهان» أنه خلال الحرب بين إسرائيل وما يسمى «حزب الله»، سمح بوتين لعدد من الضباط اليهود الروس بالقتال إلى جانب إسرائيل، وتحديدا حول بلدة بنت جبيل. في الوقت نفسه، كان الضباط والخبراء اللوجيستيون السوريون يعملون إلى جانب ما يسمى «حزب الله»، بحسب ما تدعي اليومية الإيرانية. وبمعنى آخر، كانت روسيا وسوريا في جهتين متقابلتين في تلك الحرب. ومن ثم - والحديث للصحيفة - «هناك بعض الاختلافات الاستراتيجية بين دمشق وموسكو. ومع هذا فمثل هذه الاختلافات لا وجود لها بين طهران ودمشق».
وتضيف «كيهان» أن «اعتماد روسيا على سوريا ليس مطلقا، وقد مر وقت طويل حتى هذه اللحظة، منذ أصبحت إيران هي من يوفر الجزء الأكبر من السلاح الذي تحتاجه سوريا».
وتواصل الافتتاحية: «لروسيا نفوذ في سوريا، لأنها اتخذت صف إيران، والحكومة السورية، وجبهة المقاومة بوجه عام. وإذا تركت روسيا هذا الجانب، فستصبح لاعبا هامشيا مثل إنجلترا». كما وتدعي «كيهان» أن روسيا دخلت الحرب السورية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اتساقا مع خطة أعدها الحرس الثوري الإسلامي في إيران، ويفترض بأن قائد «فيلق القدس»، الجنرال قاسم سليماني، نقلها إلى بوتين، خلال زيارة إلى موسكو على ما يبدو.
ووفقا للصحيفة، فإن الخطة التي نقلت إلى بوتين، كانت تضع تصورا للمشاركة العسكرية الروسية في سوريا لخمسة أشهر، وهي الفترة التي انتهت الشهر الماضي عندما أعلنت موسكو انسحابها.
وتؤكد الصحيفة أن «تقييم إيران هو أن الانسحاب الروسي، حتى ولو غادرت كل القوات، سيكون أفضل لسوريا». وتقول «كيهان» إن إيران لم تقدم كل هذه التضحيات الكبيرة أو هذا العدد الكبير من الشهداء في سوريا على مدار خمس سنوات، لتسمح بأن يتحول هذا البلد إلى مجرد جزء صغير في اتفاق بين موسكو وواشنطن. وتضيف: «لقد أظهرت السنوات الثلاثين الماضية أن أي اتفاق يتعلق بدول جبهة المقاومة (لبنان وسوريا والعراق)، يستثني إيران، مصيره إلى الفشل». كما وتزعم الصحيفة أن الأسد «يعرف أنه يدين ببقاء نظامه لإيران».
ثم تؤكد أنه «على خلاف روسيا التي ليس لها أي وجود على الأرض في سوريا، ففي اللحظة الراهنة تسيطر إيران و(ما يسمى) حزب الله على جزء من خطوط الدفاع السورية، في الوسط والجنوب والشمال. ومن ثم، فإذا أبرمت روسيا اتفاقا مع طرف ثالث من دون موافقة إيران، يكون ذلك الاتفاق محكوما بالفشل».
وتزعم «كيهان» أن روسيا تلعب لعبة «ذات وجهين» في سوريا، وأن على إيران استغلال الوجه الذي يناسب استراتيجيتها، وتتصدى للوجه الذي يسير في الاتجاه المعاكس.
في سياق آخر قالت وكالة تسنيم للأنباء، أمس، إن أربعة جنود في الجيش النظامي الإيراني قتلوا في سوريا بعد أسبوع واحد من إعلان طهران نشر قوات كوماندوز خاصة لمساعدة بشار الأسد في الصراع المندلع بالبلاد.
وطهران حليف إقليمي رئيسي للأسد، ودعمته عسكريا واقتصاديا لقتال مقاتلي المعارضة ومتشددي تنظيم داعش.
وحتى الآن كان معظم الإيرانيين الذين شاركوا في الحرب السورية من قوات الحرس الثوري الإيراني، ومن المعتقد أن إيران أرسلت المئات من المستشارين العسكريين. لكن ضابطا في القوات البرية بالجيش الإيراني قال، الأسبوع الماضي، إن قواتًا خاصة من اللواء 65 بالجيش ووحدات أخرى أرسلت إلى سوريا ليعملوا مستشارين.
ونقلت «رويترز» عن «تسنيم» قولها: إن «أربعة من أول مستشارين عسكريين لجيش الجمهورية الإسلامية قتلوا في سوريا على يد جماعات تكفيرية». وتشير إيران إلى الإسلاميين المتشددين السنة على أنهم تكفيريون.
وقالت الوكالة إن أحدهم يدعى محسن قيطاسلو، وهو من القوات الخاصة، لكنها لم تذكر أسماء الباقين. وفي تعليق على نشر اللواء 65 في سوريا، قال قائد القوات البرية البريجادير جنرال حميد رضا بوردستان، أمس، إن استراتيجية إيران الجديدة هي إرسال مزيد من المستشارين للحرب السورية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.