سيناء المصرية.. الرابح الأكبر من مشروعات «وعد الشمال» و«تعدين» السعوديتين

جسر الملك سلمان سينشِّط حركة التجارة والصناعة والاستثمار بين البلدين

سيناء المصرية.. الرابح الأكبر من مشروعات «وعد الشمال» و«تعدين» السعوديتين
TT

سيناء المصرية.. الرابح الأكبر من مشروعات «وعد الشمال» و«تعدين» السعوديتين

سيناء المصرية.. الرابح الأكبر من مشروعات «وعد الشمال» و«تعدين» السعوديتين

ينتظر أن يحقق جسر الملك سلمان دورا متعاظما في تنشيط حركة التجارة والصناعة والاستثمار بين والسعودية ومصر، وينتقل بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى أعلى مستوى من التعاون الاستراتيجي، مع توقعات أن تنال سيناء حظا وافرا من التنمية بوصفه انعكاسا إيجابيا للتصاعد في نمو البنى التحتية التي تشهدها المنطقة السعودية المتاخمة، وخصوصا مشروعات «وعد الشمال»، «تعدين» السعوديتين الصناعية.
ويعتقد اقتصاديون ورجال أعمال تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر هذه الأيام، وضعت اللبنات الأساسية لتشكيل تكامل اقتصادي بين الرياض والقاهرة، متوقعين أن تلعب مشروعات «رعد الشمال» و«تعدين» دورا كبيرا في تحقيق تنمية على مستوى واسع من جغرافية مصر، مشيرين إلى أن سيناء ستحصد نتائج الاتفاقيات التجارية والاقتصادية التي وقعت أخيرا بالقاهرة بحضور زعيمي البلدين، منتفعة من الإيجابيات التي ستثمر عن إنشاء جسر الملك سلمان.
من جهته، قال فهد الحمادي، عضو مجلس الأعمال السعودي – المصري، لـ«الشرق الأوسط»: «إن زيارة الملك لمصر، امتداد لمسيرة الأخوة ودعم للعمل الاقتصادي المشترك بين البلدين، والآن نشهد توقيع 21 اتفاقية غطت مختلف أنواع المجالات الاستثمارية والتجارية والصناعية، وهي كفيلة بخلق تكامل بين الرياض والقاهرة في هذا الصدد».
وأكد الحمادي، أن مناخ التكامل مهيأ الآن أكثر من أي وقت مضى، مبينا أن زيارة الملك سلمان تعد الركيزة الأساسية لهذا المناخ الجديد، متوقعا أن تشهد مصر كافة وسيناء خاصة نموا تصاعدا في حراكها التنموي والاجتماعي والاقتصادي، مبينا أن مشروعات «وعد الشمال» و«تعدين»، تمثل روح المشاريع الاستراتيجية الجاذبة للاستثمار في سيناء.
وأوضح الحمادي أن نتائج زيارة الملك سلمان لمصر، ستستفيد منها سيناء في أوجه مختلفة من مشروعات التنمية، متوقعا أن تكون حجر زاوية في دعم مسيرة العمل العربي والإسلامي المشترك، وعامل استقرار ونمو في عموم المنطقة، سيسهم بفاعلية في مجابهة الأخطار والتحديات التي تواجهها، بإرادة وعزيمة صلبة ورغبة في بلوغ الأهداف التي تعود بالخير على مواطني المنطقة.
ولفت الحمادي إلى أن انعكاس مشروعات «وعد الشمال» و«تعدين» على تنمية سيناء المصرية، ستكون واضحة جدا، لأن هذه المشروعات السعودية الضخمة تمثل ركيزة أساسية لتفعيل حركة الاستثمارات المتوقعة في هذه المنطقة وبنيتها التحتية، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات المتوقعة في المصانع والبنية الأساسية في مشروع مدينة «وعد الشمال» تقدّر بـ 36 مليار ريـال (9.6 مليار دولار).
وقال الحمادي: «إن سيناء ستستفيد من الخبرات المتراكمة، لمشروعات (وعد الشمال) و(تعدين)، وستكون شريكا فاعلا ومؤثرا في مسيرة التنمية في هذه المنطقة، كما أن الشركات السعودية بدورها جزءا من هذه المنظومة الإنشائية ستصب في اتجاه تعزيز هذا الجانب، وخلق بيئة استثمارية نموذجية تواكب التطورات والمتغيرات العالمية».
من ناحيته قال عبد الله المليحي، عضو مجلس الغرف السعودية لـ«الشرق الأوسط»: «إن زيارة خادم الحرمين مع أهميتها السياسية والداعمة لأمن واستقرار مصر، فإنها توجت بتوقيع أكثر من 21 اتفاقية ترسم خريطة طريق حقيقي لتكامل اقتصادي ثنائي، يعول عليه كثير في المستقبل القريب على المدى المتوسط و المدى البعيد».
ولفت الملحي إلى أن سيناء المصرية، ستكون الرابح الأكبر من مشروعات «وعد الشمال» و«تعدين»، في ظل توقعات بأن يضخ مشروع «وعد الشمال»، 15 مليار ريال (4 مليارات دولار)، في الناتج المحلي الوطني وتوفير ما يزيد عن 20 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة عند اكتمال جميع مراحله، مشيرا إلى أن كل ذلك سينعكس بشكل إيجابي ومباشر، على مشروع تنمية سيناء التي تستهدف قياديتا البلدين تعزيز تنميتها وتطويرها، بالاستفادة من مخرجات هذين المشروعين العملاقين.
وقال المليحي: «ما دام الهدف من مشروع (مدينة وعد الشمال)، تعزيز التنمية الاقتصادية في مناطق شمال السعودية، والعمل على الارتقاء بمستوى معيشة الأفراد في الشمال، وتوفير فرص اقتصادية جديدة، فإنها ستكون أيضا بمثابة جسر للتعاون والمساهمة في التنمية التي ستشهدها مصر عامة ومنطقة سيناء خاصة، لما تشتمل عليها من صناعات ومنتجات وفرص للاستثمار والتجارة».
وفي الإطار نفسه، قال عبد الله المبطي، رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالباحة وعضو مجلس الغرف السعودية، لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح جدا أن تخصيص 1.5 مليار دولار لتنمية سيناء، اهتمام كبير من قبل خادم الحرمين الشريفين، في ظل توقعات أن تعكس المشروعات السعودية الضخمة دورا متعاظما في تنمية هذه المنطقة بوصفها جزءا لا يتجزأ من مشروع التعاون الاقتصادي السعودي المصري».
وأكد المبطي، أن الحركة الصناعية والتجارية والاستثمارية التي تضخها مشروعات «وعد الشمال» و«تعدين»، بالإضافة إلى مشروعات سعودية أخرى ذات صلة، ستشكل رافدا وامتدادا قويا للدور الذي لعبته المملكة في سبيل دعم مصر بشكل عام وفي منطقة سيناء بشكل خاصة؛ من حيث تنميتها وتطويرها بمساهمة هذه المشروعات ومساندتها لجانب الاستقرار وتجاوز الظروف والأزمات المرحلية التي مرت بها.
وأضاف المبطي: «إن النتائج المنتظرة من التعاون الاقتصادي والصناعي والتجاري بين هذه المشروعات السعودية العملاقة، ومشروعات تنمية سيناء، ستؤسس لمراحل مقبلة أكثر نموا وازدهارا، وتدعم النهوض بقطاعات المنطقة كافة، بل تتجاوز الحدود الإقليمية إلى العالمية على مستوى الخبرات والكفاءات، بما يشكل عاملا محفزا لدعم مسيرة التنمية الاقتصادية في البلدين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.