أميركا: تراجع ترامب وكلينتون؟

الصحف الأوروبية: رحلة داخل العالم المظلم لتنظيم داعش.. واعتقالات على خلفية تفجيرات بروكسل

أميركا: تراجع ترامب وكلينتون؟
TT

أميركا: تراجع ترامب وكلينتون؟

أميركا: تراجع ترامب وكلينتون؟

في الأسبوع الماضي، مع زيادة حمى الانتخابات التمهيدية، سيطرت الانتخابات على التغطيات الإعلامية وعلى افتتاحيات الصحف الأميركية. خاصة لأن الانتخابات التمهيدية في ولاية ويسكونسن عكست التيار. انهزم المرشح الجمهوري دونالد ترامب (أمام منافسه تيد كروز)، وانهزمت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون (أمام منافسها بيرني ساندرز).
انتقدت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» انتقادًا عنيفًا اقتراح المرشح ترامب بمصادرة تحويلات المهاجرين المكسيك غير القانونيين إلى المكسيك، وذلك كجزء من حرب ترامب ضد المهاجرين غير القانونيين. وقالت الافتتاحية: «يوجد أساس هش تحت اقتراح ترامب بالاستيلاء على التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون إلى أهلهم. إذا حدث هذا، سيكون كارثة، ليس فقط بالنسبة للمكسيك، ولكن، أيضًا، بالنسبة للولايات المتحدة».
وكتبت افتتاحية صحيفة «تامبا تربيون»، في تامبا (ولاية فلوريدا)، بأن حمى المنافسات بين المرشحين لرئاسة الجمهورية تجاهلت مواضيع وطنية هامة، مثل هجرة الشركات الأميركية إلى دول العالم الثالث (رخيصة العمالة). وأضافت الافتتاحية، ويبدو أنها ليست قلقة على هذه الهجرة: «رغم مساوئ اتفاقيات التجارة الحرة، عندها محاسن كثيرة. لهذا، نفزع ونحن نرى أن أغلبية المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين ينتقدون اتفاقيات التجارة الحرة، رغم أنها مفيدة جدا لاقتصاد البلاد».
وكتبت افتتاحية صحيفة «سانت لويس ديسباتش»، في سانت لويس (ولاية ميزوري) عن زيادة سيطرة الجمهوريين على الولايات، خاصة ولايات الغرب الأوسط. وقالت: «لم يكن الوضع دائما هكذا (في الولاية). سيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ لمدة 53 عاما. ثم انقلب الوضع، وسيطر الجمهوريون على المجلس بداية من عام 2001. ثم سيطر الجمهوريون على مجلس النواب للمرة الأولى منذ 48 عاما.. في الوقت الحاضر، يواصل الجمهوريون بناء قواعد في طول وعرض الولاية لضمان السيطرة لعقود وعقود».
وكتبت افتتاحية صحيفة «ميركوري نيوز»، في سان هوزي (ولاية كاليفورنيا)، تؤيد فرض ضريبة بيع إضافية، هي ربع سنت على كل دولار لتمويل مشاريع المدينة. وقالت: «ضريبة سان هوزي تستحق موافقة الناخبين. توجد حاجة ملحة لضريبة بيع إضافية بهدف زيادة الخدمات في المدينة. الآن، وقد حلت بلدية المدينة مشكلة المعاشات، وجاء عمدة جديد، هو سام ليكاردو، جاء وقت تطوير خدمات المدينة».
واهتمت الصحف الأوروبية بكثير من القضايا المرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط إلى جانب تطورات ملف تفجيرات بروكسل مارس (آذار) الماضي، ومدى الارتباط بينه وبين ملف هجمات باريس نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وستكون البداية من لندن حيث تنوعت اهتمامات الصحف البريطانية بين رحلة صحافي ألماني وابنه في صميم معقل داعش، والأزمة الدبلوماسية بين مصر وإيطاليا بشأن مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، فضلاً عن قراءة في بناء سوريا من دون تقسيمات. ونطالع في صحيفة «ديلي تلغراف» تقريرًا لجو شوت بعنوان «رحلتنا داخل العالم المظلم لتنظيم داعش». وقال كاتب المقال إنه استطاع مقابلة جيرغين تودينهوفر الكاتب الصحافي الألماني الوحيد الذي تمت دعوته من قبل «داعش» لزيارة مدينة الرقة، ورافقه ابنه فرديريك في هذه الزيارة لأشهر معاقل التنظيم. وأضاف كاتب المقال أن «التنظيم الذي استضاف جيرغين (75 عاما) وابنه فرديريك (32 عاما) وأخذهما في رحلة في أرجاء مدينة الرقة، شعرا بأنهما وصلا إلى العالم المظلم لتنظيم داعش».
من صحيفة «الغارديان»، نقرأ تقرير لروزي سكاميل مراسلة الصحيفة في العاصمة الإيطالية حول تطورات التوتر الدبلوماسي بين القاهرة وروما حول قضية مقتل الباحث جوليو ريجيني، الذي عثر على جثته التي بدا عليها آثار تعذيب في العاصمة المصرية. ويفيد التقرير بأن خطوة استدعاء إيطاليا لسفيرها في مصر «للتشاور» تأتي بعد يومين من محادثات بين الجانبين المصري والإيطالي يسود شعور في إيطاليا بأنها أخفقت، بعد أن فشل الوفد المصري في تقديم إجابات مرضية لنظرائهم في روما. ونقرأ في صحيفة «تايمز» مقالاً لروجير سكترين مقالاً بعنوان «بناء سوريا الجديدة من دون تقسيمات». وقال كاتب التقرير إن «سوء التخطيط غذى بذور الصراع في الكثير من المدن السورية ومنها حمص».
وإلى الصحف البلجيكية التي اهتمت بحملة الاعتقالات التي جرت أول من أمس (الجمعة)، وأسفرت عن القبض على أحد المطلوبين الرئيسيين ويدعى محمد عبريني، وقالت صحيفة «ستاندرد» البلجيكية الناطقة بالهولندية إن رجال التحقيق يحاولون الآن التأكد من أن عبريني هو الشخص الذي هرب من مطار بروكسل فور وقوع التفجيرات.
وفي الإطار ذاته أيضًا فإن اعتقال محمد عبريني أحد المشتبه بهم في اعتداءات باريس نال حيزًا مهمًا في الصحف الفرنسية.. «عبريني من عمليات السطو إلى التطرف» كتبت «ليبراسيون» في إشارة إلى تورطه في السرقات وتهريب المخدرات. وقد تساءلت «ليبراسيون» كما «لوباريزيان» عما إذا كان عبريني هو الرجل الذي ظهر وعلى رأسه قبعة إلى جانب انتحاريي مطار بروكسيل. «لعله أكثر المشتبه بهم غموضا»، أضافت «لوفيغارو» التي تحدثت عن توجهه إلى سوريا خلال الصيف الماضي، بعد مقتل شقيقه هناك في صفوف تنظيم داعش. «لوموند» خصصت مقالاً عما سمته «الهجوم الآخر ضد تنظيم داعش في شمال حلب.. الثوار السوريون يرفضون أن يتركوا النظام ينفرد بمحاربة تنظيم داعش» يقول مراسل الصحيفة بانجامان بارت، في مقال خصصه لـ«سيطرة وحدات تابعة للجيش السوري الحر على مواقع تنظيم داعش بمساعدة واشنطن وأنقرة».



كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
TT

كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)

قبل 861 عاماً، نهضت كاتدرائية «نوتردام دو باريس» في قلب العاصمة الفرنسية. ومع مرور العقود والعصور تحوّلت إلى رمز لباريس، لا بل لفرنسا. ورغم الثورات والحروب بقيت «نوتردام» صامدة حيث هي، في قلب باريس وحارسة نهر السين الذي يغسل قدميها. إلا أن المأساة حلّت في شهر أبريل (نيسان) من عام 2019، عندما اندلع حريق هائل، التهمت نيرانه أقساماً رئيسة من الكاتدرائية التي انهار سقفها وتهاوى «سهمها»، وكان سقوطه مدوياً.

منظر للنافذة الوردية الجنوبية لكاتدرائية نوتردام دو باريس(رويترز)

حريق «نوتردام» كارثة وطنية

وكارثة «نوتردام» تحوّلت إلى مأساة وطنية، إذ كان يكفي النظر إلى آلاف الباريسيين والفرنسيين والسياح الذين تسمّروا على ضفتي نهر السين ليشهدوا المأساة الجارية أمام عيونهم. لكن اللافت كانت السرعة التي قررت فيها السلطات المدنية والكنسية مباشرة عملية الترميم، وسريعاً جدّاً، أطلقت حملة تبرعات.

وفي كلمة متلفزة له، سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى شد أزر مواطنيه، مؤكداً أن إعادة بناء الكاتدرائية و«إرجاعها أجمل مما كانت» ستبدأ من غير تأخير. وأعلن تأسيس هيئة تشرف عليها، وأوكل المهمة إلى الجنرال جان لويس جورجولين، رئيس أركان القوات المسلحة السابق. وبدأت التبرعات بالوصول.

وإذا احتاجت الكاتدرائية لقرنين لاكتمال بنائها، فإن ترميمها جرى خلال 5 سنوات، الأمر الذي يعد إنجازاً استثنائياً لأنه تحول إلى قضية وطنية، لا بل عالمية بالنظر للتعبئة الشعبية الفرنسية والتعاطف الدولي، بحيث تحوّلت الكاتدرائية إلى رابطة تجمع الشعوب.

وتبين الأرقام التي نشرت حديثاً أن التبرعات تدفقت من 340 ألف شخص، من 150 دولة، قدّموا 846 مليون يورو، إلا أن القسم الأكبر منها جاء من كبار الممولين والشركات الفرنسية، ومن بينهم من أسهم بـ200 مليون يورو. ومن بين الأجانب المتبرعين، هناك 50 ألف أميركي، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وكان أحد الأسباب التي دفعته للمجيء إلى فرنسا؛ البلد الأول الذي يزوره بعد إعادة انتخابه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

متطوعون يضعون برنامج الحفل على المقاعد قبل الحفل (أ.ف.ب)

منذ ما يزيد على الشهر، تحوّلت الكاتدرائية إلى موضوع إلزامي في كل الوسائل الإعلامية. وخلال الأسبوع الحالي، حفلت الصحف والمجلات وقنوات التلفزة والإذاعات ببرامج خاصة تروي تاريخ الكاتدرائية والأحداث الرئيسة التي عاشتها في تاريخها الطويل.

وللدلالة على الأهمية التي احتلتها في الوعي الفرنسي، فإن رئيس الجمهورية زارها 7 مرات للاطلاع على التقدم الذي حققه المهنيون والحرفيون في إعادة البناء والترميم. وإذا كانت الكاتدرائية تجتذب قبل 2012 ما لا يقل عن 12 مليون زائر كل عام، فإن توقعات المشرفين عليها تشير إلى أن العدد سيصل العام المقبل إلى 15 مليوناً من كل أنحاء العالم.

المواطنون والسياح ينتظرون إفساح المجال للوصول الى ساحة الكاتدرائية (أ.ف.ب)

باريس «عاصمة العالم»

خلال هذين اليومين، تحوّلت باريس إلى «عاصمة العالم»، ليس فقط لأن قصر الإليزيه وجّه دعوات لعشرات من الملوك ورؤساء الدول والحكومات الذين حضر منهم نحو الخمسين، ولكن أيضاً لأن الاحتفالية حظيت بنقل مباشر إلى مئات الملايين عبر العالم.

وقادة الدول الذين قدّموا إلى «عاصمة النور» جاءوا إليها من القارات الخمس. وبسبب هذا الجمع الدولي، فإن شرطة العاصمة ووزارة الداخلية عمدتا إلى تشكيل طوق أمني محكم لتجنب أي إخلال بالأمن، خصوصاً أن سلطاتها دأبت على التحذير من أعمال قد تكون ذات طابع إرهابي. وإذا كان الرئيس الأميركي المنتخب قد حظي بالاهتمام الأكبر، ليس لأنه من المؤمنين المواظبين، بل لأنه يُمثل بلداً له تأثيره على مجريات العالم.

لكن في المقابل، تأسف الفرنسيون لأن البابا فرنسيس اعتذر عن تلبية الدعوة. والمثير للدهشة أنه سيقوم بزيارة جزيرة كورسيكا المتوسطية الواقعة على بُعد رمية حجر من شاطئ مدينة نيس اللازوردية، في 15 الشهر الحالي. والمدهش أيضاً أنه منذ أن أصبح خليفة القديس بطرس في روما، «المدينة الخالدة»، فإنه زار فرنسا مرتين، ثانيها كانت لمدينة مرسيليا الساحلية. بيد أنه لم يأتِ إلى باريس إطلاقاً. ووفق مصادر واسعة الاطلاع، فإن قرار البابا أحدث خيبة على المستويين الديني والرسمي. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى حدث تاريخي رئيس، وهو أن بابا روما بيوس السابع، قدم إلى باريس يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1804، لتتويج نابليون الأول إمبراطوراً.

وتمثل لوحة الرسام الفرنسي الشهير لوي دافيد، التي خلد فيها تتويج بونابرت، ما قام به الأخير الذي لم ينتظر أن يضع البابا التاج على رأسه، بل أخذه بيديه ووضعه بنفسه على رأسه، وكذلك فعل مع الإمبراطورة جوزفين.

احتفالية استثنائية

لم يساعد الطقس مساعدي الاحتفالية الذين خططوا لأن تكون من جزأين: الأول رسمي، ويجري في ساحة الكاتدرائية الأمامية؛ حيث يلقي الرئيس ماكرون خطابه المقدر من 15 دقيقة، وبعدها الانتقال إلى الداخل للجزء الديني. وكان مقدراً للمواطنين الـ40 ألفاً، إضافة إلى 1500 مدعو حظوا بالوجود داخل الكاتدرائية، أن يتابعوا الحدث من المنصات التي نصبت على ضفتي نهر السين، إلا أن الأمطار والعواصف التي ضربت باريس ومنطقتها أطاحت بالبرنامج الرئيس، إذ حصلت كل الاحتفالية بالداخل. بيد أن الأمطار لم تقض على شعور استثنائي بالوحدة والسلام غلب على الحاضرين، وسط عالم ينزف جراء تواصل الحروب، سواء أكان في الشرق الأوسط أم في أوكرانيا أم في مطارح أخرى من العالم المعذب. وجاءت لحظة الولوج إلى الكاتدرائية، بوصفها إحدى المحطات الفارقة، إذ تمت وفق بروتوكول يعود إلى مئات السنين. بدءاً من إعادة فتح أولريش لأبواب «نوتردام» الخشبية الكبيرة بشكل رمزي.

كاتدرائية «نوتردام» السبت وسط حراسة أمنية استعداداً لإعادة افتتاحها (إ.ب.ى)

وسيقوم بالنقر عليها 3 مرات بعصا مصنوعة من الخشب المتفحم الذي جرى إنقاذه من سقف الكاتدرائية الذي دمرته النيران، وسيعلن فتح الكاتدرائية للعبادة مرة أخرى. ونقل عن المسؤول عن الكاتدرائية القس أوليفييه ريبادو دوما أن «نوتردام»، التي هي ملك الدولة الفرنسية، ولكن تديرها الكنيسة الكاثوليكية «أكثر من مجرد نصب تذكاري فرنسي وكنز محبوب من التراث الثقافي العالم، لا بل هي أيضاً علامة على الأمل، لأن ما كان يبدو مستحيلاً أصبح ممكناً»، مضيفاً أنها أيضاً «رمز رائع».

الأرغن الضخم يحتوي على 8 آلاف مزمار تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام (أ.ف.ب)

كذلك، فإن تشغيل الأرغن الضخم الذي تم تنظيفه وتحضيره للمناسبة الاستثنائية، تم كذلك وفق آلية دقيقة. ففي حين ترتفع المزامير والصلوات والترانيم، فإنه جرى إحياء الأرغن المدوي، الذي صمت وتدهورت أوضاعه بسبب الحريق. ويحتوي الأرغن على 8 آلاف مزمار، تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام. وقام 4 من العازفين بتقديم مجموعة من الألحان بعضها جاء مرتجلاً.

إلى جانب الشقين الرسمي والديني، حرص المنظمون على وجود شق يعكس الفرح؛ إذ أدت مجموعة من الفنانين الفرنسيين والأجانب لوحات جميلة جديرة بالمكان الذي برز بحلة جديدة بأحجاره المتأرجحة بين الأبيض والأشقر وزجاجه الملون، وإرثه الذي تم إنقاذه من النيران وأعيد إحياؤه.

وبعد عدة أيام، سيُعاد فتح الكاتدرائية أمام الزوار الذي سيتدفقوة بالآلاف على هذا المعلم الاستثنائي.

حقائق

846 مليون يورو

تدفقت التبرعات من 340 ألف شخص من 150 دولة قدموا 846 مليون يورو لإعادة ترميم نوتردام