موزعو الحليب على المنازل في بريطانيا.. تقليد يحارب للبقاء

موزعو الحليب على المنازل في بريطانيا.. تقليد يحارب للبقاء
TT

موزعو الحليب على المنازل في بريطانيا.. تقليد يحارب للبقاء

موزعو الحليب على المنازل في بريطانيا.. تقليد يحارب للبقاء

كان موزع الحليب على المنازل فيما مضى مشهدًا مألوفًا جدًا في الشوارع البريطانية، إلا أنه يكافح الآن من أجل البقاء أمام الانتشار الكثيف للسوبر ماركت والمتاجر الإلكترونية.
يجوب نحو 5 آلاف «ميلكمن» أي موزع حليب، شوارع البلاد محاولين إحياء هذه المهنة المهددة من خلال تنويع المنتجات التي يوزعونها، ملبين الطلبات عبر الإنترنت ومراهنين على التواصل الإنساني.
يوضح نيل غارنر (57 عامًا) الذي اختير «أفضل موزع حليب» من قبل زبائن شركة «ميلك آند مور» الرئيسية للتوزيع على المنازل: «لقد جددنا بذلك هذه المهنة ودخلنا في القرن الحادي والعشرين. مستقبلنا واعد».
ويوزع نيل الحليب على المنازل منذ عام 1994. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «في أيامنا هذه قل عدد المنازل التي نوزع عليها الحليب في كل شارع. إلا أننا نوزع أشياء أخرى كثيرة».
فبجانب الشاي والخبز والزبد والبيض واللحم المقدد لطعام الفطور، يضاف إلى ذلك الكرانبري وطعام الهررة والكلاب والبطاطا والكثير من الأشياء الأخرى.
في عام 1980، كان 89 في المائة من الحليب المستهلك في بريطانيا يوزع على المنازل بحسب «ديري يو كاي» التي تضم موزعي هذا القطاع. إلا أن المبيعات تراجعت من 68 في المائة إلى 30 في المائة في التسعينات مع فورة انتشار المتاجر الكبيرة. وفي عام 2015 كان 2.8 في المائة فقط من الحليب المستهلك يوزع على المنازل، أي 154 مليون لتر من قبل موزعين من رجال ونساء على 2.5 مليون منزل.
يقوم نيل غارنر بجولته المسائية ستة أيام في الأسبوع في ساينت البنز المدينة الصغيرة الواقعة شمال غرب لندن.
في المستودع في واتفورد المجاورة يحمل موزعو الحليب صناديقهم التي تضم كل واحدة 20 زجاجة تحوي أكثر من نصف لتر بقليل، قبل أن ينطلقوا في الليل البارد.
شاحنة نيل الكهربائية الصغيرة بطيئة ومشرعة على الرياح، لكن ذلك لا يعرقل عمل موزع الحليب: «لم تمتنعي الثلوج والجليد والفيضانات يومًا من توزيع الحليب خلال 22 عامًا». وهو يقوم بـ200 إلى 250 عملية تسليم يوميًا.
أولى عمليات التسليم تحصل في الظلام الدامس، ويحتاج نيل إلى مصباح ليجد طريقه في حدائق المنازل. ويروي قائلاً: «هذا أفضل وقت في اليوم فالهواء صاف ومنعش وحركة السير معدومة».
وتقوده جولته على طرق ريفية ضيقة وفي جادات واسعة في المدن وزقاق ضيقة وحتى إلى شقق في أبنية. فهو يسلم الحليب إلى أفراد ومدارس وإلى فقراء وأغنياء على حد سواء.
لا يزال بعض الزبائن المسنين يتركون تعليمات على لفافة ورق يتركونها في عنق الزجاجة، إلا أن الغالبية باتت تقوم بطلبها عبر الإنترنت. ويبلغ سعر زجاجة الحليب 81 بنسًا من الجنيه الإسترليني (1,03 يورو) في مقابل 50 بنسًا في المتاجر الكبرى.
ويشدد نيل: «إنه الشيء الوحيد الذي يمكن وضع طلب به عبر الإنترنت عند الساعة التاسعة مساء والحصول عليه بعد ساعات قليلة».
ويؤكد نيل غارنر أن «السر هو في احترم المواعيد. فالناس يدركون أن الحليب سيكون كل صباح في الساعة عينها عندهم».
ويرى نيل أن موزعي الحليب فئة من الناس من نوع مختلف. ويقول: «يجب أن نكون بشوشين طوال الوقت. أنا أشعر أنني جزء لا يتجزأ من المجتمع. كثير من المسنين يريدون تبادل أطراف الحديث وأساعدهم في أشياء أخرى مثل تغيير لمبة. أحيانًا أكون الشخص الوحيد الذي يرونه طوال الأسبوع». ويختم قائلاً: «نحن جزء من تقاليد هذا البلد والناس لا يريدون فقدان ذلك».



«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
TT

«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)

في إطار الاهتمام المتزايد بإحياء التراث السعودي وتعزيز الهوية الثقافية الوطنية، أطلق المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» مبادرته المتميزة «مجتمع وِرث»، في يوم 4 يناير 2025، وذلك في مقره الرئيسي بمدينة الرياض. يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان عام 2025 عاماً للحِرف اليدوية، ما يُجسد رؤية المملكة في دعم الفنون التقليدية وصونها وتطويرها لتكون جزءاً من الثقافة الحية التي تجمع بين الأصالة والحداثة.

ويهدف «مجتمع وِرث» إلى أن يكون المنصة الرائدة لإحياء وتطوير الحِرف اليدوية السعودية وربطها بالتصميم والتقنيات الحديثة. كما يسعى إلى تعزيز مشاركة المؤسسات والمجتمع المحلي في إبراز أهمية الفنون التقليدية في دعم الهوية الثقافية، إلى جانب تمكين الأفراد من استكشاف الإمكانات الكامنة في توظيف تلك الفنون عبر تقنيات معاصرة تشمل لقاءات وورش عمل تفاعلية مع نخبة من الخبراء والمختصين في مجالات الحِرف اليدوية والفنون التقليدية، مما يتيح فرصة استثنائية لتبادل الخبرات وإثراء المعارف وتطوير المهارات.

أنشطة تعليمية وحرفية يقدمها «مجتمع ورث» (الشرق الأوسط)

هذه الخطوة تمثل رؤية طموحًا تجمع بين الحفاظ على التراث وإعادة تقديمه بأساليب مبتكرة، فهي تعمل على دمج الحِرف اليدوية مع أدوات التكنولوجيا الحديثة مثل النمذجة ثلاثية الأبعاد، والطباعة الرقمية، والتصنيع الذكي، مما يسهم في تحويل المنتجات التراثية إلى أعمال عصرية تلبي متطلبات السوق المحلية والعالمية، مع الحفاظ على جذورها الأصيلة.

وتشمل فعاليات «مجتمع وِرث» مجموعة واسعة من الأنشطة التعليمية والحرفية والريادية التي تستهدف جميع المهتمين بالفنون التقليدية. ومن أبرز ورش العمل المقدمة، التدريب على تصميم المنتجات التراثية باستخدام البرامج الحديثة، وتطوير المهارات التسويقية للحرفيين عبر القنوات الرقمية، إلى جانب استراتيجيات دمج التصميم المعاصر مع الحرف اليدوية، كما يقدم المجتمع جلسات حوارية تضم خبراء ومتخصصين، وتركز على استكشاف تطورات هذا المجال وإيجاد حلول مبتكرة تحفز الإبداع والابتكار.

ويُعد المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» مؤسسة رائدة تسعى إلى الحفاظ على التراث الوطني السعودي وتعزيزه، من خلال تبنّي مشروعات وبرامج تُبرز الفنون التقليدية محلياً وعالمياً. ويسعى المعهد إلى دعم المتميزين في هذا المجال، سواء أكانوا من الحرفيين أم الممارسين أم المهتمين، من خلال توفير بيئة تعليمية وداعمة تحفز المواهب وتعمل على تطويرها. إلى جانب ذلك، يُولي المعهد اهتماماً خاصاً بتقدير الكنوز الحية التي تمثل رموزاً للإبداع الحرفي، وتشجيع الأجيال القادمة على تعلم وإتقان الحِرف التقليدية السعودية وتطويرها بما يتماشى مع روح العصر.

ويشكل إطلاق «مجتمع وِرث» جزءاً من رؤية استراتيجية تسعى لتحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030» في مجال الثقافة والفنون، وذلك من خلال الجمع بين التراث والابتكار، حيث يسعى «المجتمع» إلى بناء جسور تربط الماضي بالحاضر والمستقبل، مما يضمن استمرار الحِرف اليدوية بوصفها عنصراً حيوياً في الهوية الثقافية السعودية يسهم في تعزيز مكانتها عالمياً.