عراقيون يؤبنون سيدة العمارة العالمية زها حديد

لماذا خسرت مقعدها في كلية الهندسة ـ جامعة بغداد؟

زها حديد (إ.ب.أ) - جانب من أعمال المعمارية الراحلة زها حديد في مارسيليا بفرنسا (رويترز)
زها حديد (إ.ب.أ) - جانب من أعمال المعمارية الراحلة زها حديد في مارسيليا بفرنسا (رويترز)
TT

عراقيون يؤبنون سيدة العمارة العالمية زها حديد

زها حديد (إ.ب.أ) - جانب من أعمال المعمارية الراحلة زها حديد في مارسيليا بفرنسا (رويترز)
زها حديد (إ.ب.أ) - جانب من أعمال المعمارية الراحلة زها حديد في مارسيليا بفرنسا (رويترز)

أكثر من جلسة تأبين واستذكار، نظمها مثقفون ومعماريون وأكاديميون في العاصمة العراقية بغداد، بمناسبة رحيل سيدة العمارة العالمية زها حديد، التي توفيت منذ أيام نتيجة أزمة قلبية مفاجئة.
وتضمنت الجلسات مطالبات بتحويل بيت عائلة الراحلة في بغداد إلى متحف، وكذلك الإفصاح عن أسباب عدم اكتمال التعاقد مع الراحلة بشأن إنجاز أربعة تصاميم معمارية في بغداد وهي كل من تصميم البنك المركزي، ودار أوبرا بغداد، ومبنى مجلس النواب العراقي، ومبنى مجلس الوزراء العراقي.
وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية التي كانت المبادرة الأولى لاستذكارها في جلسة تضمنت بعضًا من مراحل حياة المهندسة المعمارية حديد والمشاريع التي صممتها ونفذتها في الكثير من دول العالم والجوائز العالمية التي حصلت عليها.
وطالبت الوزارة بأن تتولى جميع مؤسسات الدولة العراقية إيفاء حق الراحلة من المكانة والسمعة التي تستحقها، ولا يقتصر الحال إنشاء ضريح أو تمثال لها، لأن رموز حديد وإبداعها موجود في كل عواصم العالم إلا بلدها الأصلي العراق، وهذه خسارة كبيرة تجعلنا نشعر بالندم لأن بلدها لم يحوِ أي معلم من معالم نتاجها وإبداعها، كما جاء على لسان فوزي الاتروشي وكيل وزارة الثقافة في حفل تأبين نظمته دار الثقافة والنشر الكردية إحدى تشكيلات الوزارة مؤخرًا بحضور جمهور كبير من الأكاديميين والمثقفين.
وحرص القائمون على حفل الاستذكار على عرض فيلمين يحكي الأول قصة نجاح زها حديد عالميًا من خلال تصميماتها التي احتوتها الكثير من عواصم العالم، فيما يروي الفيلم الثاني بعضًا من مراحل حياتها في بغداد وانتقالها للعيش في لندن.
وعلى لسان الكثير من الحضور، تكررت عبارة تقول: «نحن لا نستذكر المبدعين والمفكرين والعظماء إلا بعد وفاتهم فنجتهد وقتها لنبني لهم تماثيل حجرية ونبكيهم تماما مثلما اعتدنا تناسيهم في حياتهم!». وهذا ما انطبق بالفعل مع الراحلة زها حديد.
يقول الأكاديمي معتز عناد عن الراحلة في جلسة تأبين نظمتها مؤسسة المدى للثقافة والإعلام والنشر يوم الجمعة الماضي: «أن زها حديد علم كبير لا يعتز به العراق بل العالم أجمع لما قدمته من جهد وفنّ راقٍ أبرزته من خلال أعمالها الإبداعية».
وقد امتلكت الراحلة قابليتين مهمتين أسهمتا في إبداعها، الأولى دراستها الرياضيات والإدارة فنجحت بكونها معمارية ومتمكنة من عملية تسويق العمارة وانتشارها بشكل قل نظيره.
وفي موقف يستذكره عناد عن زها وبغداد قائلا: «في أحد الاحتفاءات بحديد ألقى الشاعر أدونيس قصيدة لزها حديد مرحبًا ومحتفيًا بها، وبعدها سألها أحد الصحافيين عن سبب عدم عملها تصاميم في بغداد! فذكرت أنهم لم يدعوها حتى الآن لعمل ذلك».
بدوره تساءل المهندس الإنشائي هشام المدفعي، في بداية حديثه عن زها، قائلاً: «كيف يمكن للمرأة أن تتألق؟ وما يجب أن تمتلك من صفات لتُتمم هذا التألق؟ زها حديد شجاعة ومبدعة في تصاميمها، متمسكة بفكرها، تدافع عن عملها بشكل كبير، ولها ذكاء خارق» وأنا سعيد أنها اشتركت في تصميم بناية البنك المركزي الذي قد يكون قيد الإنشاء في الوقت الحاضر وعملت على تصميم برلمان عراقي نتمنى أن يُنشأ في الوقت الحاضر».
وبين الشهرة والانتماء يتحدث المدفعي عن حديد قائلا: «شهرة زها وأعمالها جعلت كل العالم ينظرون لها بنظرة خاصة نظرة إبداع وإعجاز بالعمارة، كما أنها طرقت جوانب بالعمارة لم يتطرق لها أي معماري في السابق».
ويستذكر المدفعي أعمال زها قائلا: «أنا كمهندس إنشائي بقي في ذهني كيف استطاع مهندسو الإنشاء إرساء قواعد أعمال زها حديد؟ فهي بحق موضوعات جميلة إلا أنها صعبة الإنشاء وكان الأغلبية يظنها مستحيلة». مؤكدًا «قد يكون ما تركته من أعمال معمارية يترك لنا واجب وضع نظريات إنشائية لحل رموز التصاميم الخاصة بها وأنا بدوري أُشيد بما قدمته في علم الإنشاء إضافة إلى ما أبدعت به في الجوانب المعمارية، وكبار المعماريين دعوها بالتميّز».
* متحف زها حديد
نظام التعليم العراقي والانسيابية المعتمدة في توزع المقاعد الدراسية والمعدلات التي يجمعها الطالب في امتحان البكالوريا، هل أنصفت المهندسة المعمارية لتحصل على علامات تمكنها من حجز مقعد في الكليات الهندسية العراقية؟ سؤال طرحته وأجابت عليه رئيسة قسم الهندسة المعمارية في جامعة بغداد الدكتورة غادة موسى «لم توفق حديد في الحصول على معدل يمكنها من حجز مقعد في كلية الهندسة المعمارية، رغم أن هذا كان هدفها الأساسي، وهذا ما دفعها لإكمال دراستها في قسم الرياضيات في الجامعة الأميركية في بيروت، وبعدها سافرت إلى إنجلترا وحصلت على ما يعادل البكالوريوس في الهندسة المعمارية».
تساءلت موسى فيما لو تعيّنت حديد في الجامعات العراقية كتدريسية هل كانت على ما هي عليه اليوم؟ وتقول موسى «قدمت حديد للتعيين كتدريسية على الملاك الدائم للجامعة التكنولوجيا، إلا أنها رفضت أو سحبت أوراقها لا أعلم لكن أنا فرحة لأنها لم تكمل فيما أقدمت عليه لأنه لولا رفضها لما كانت اليوم على ما هي عليه».
في وقتٍ قياسي عرفت حديد وبعد رفض أكثر من خمسة أعمال من تصاميمها بحجة أنها أعمال عمارة ورقية لا يمكن إنشاؤها واقعيا إلا أنها بظرف أربع سنوات استطاعت أن تثبت عكس ذلك، حيث تذكر موسى قائلة: «سافرت حديد إلى إنجلترا عام 1977 وأسست مكتبها عام 1979. ومنذ الثمانينات بدأنا نسمع بأعمال زها حديد المعمارية وخصوصًا بعد فوزها بجائزة التصميم لنادي القمة».
لم تكن أسس الإنشاء المعمارية لدى حديد خاطئة بل كانت خارجة على ما هو مألوف، وهذا ما أكدته الدكتورة غادة موسى قائلة: «علق النقاد كثيرًا على معمارية زها حديد بأنها عمارة ورق ولا يمكن أن تبنى، ولم يكن هذا التعليق يعني أن التصاميم خارجة على أسس الإنشاء وإنما هي خارجة على ما يألفه المعماريون آنذاك».
ذكرت موسى أن لحديد ثلاث أو أربع تجارب معمارية لم يعلن عنها في بغداد وهي «تصميم البنك المركزي، ودار أوبرا بغداد، ومبنى مجلس النواب العراقي، ومبنى مجلس الوزراء العراقي، وبعضها صممت واتفق عليها ولم يتبقّ سوى البدء بتنفيذها».
ولأنّ زها حديد ظاهرة ما ألفها العالم حتى الآن علقت الدكتورة غادة موسى تمنياتها على إنشاء متحف لزها حديد قائلة: «نتمنى بدل أن يهمل بيت عائلة زها حديد التابع لوالدها محمد حديد في شارع السعدون في بغداد، أو أن يقع تحت سطوة الميليشيات، أن يُنشأ كمتحف خاص بالراحلة».
* زها حديد نزعة تجاوزت تسمية المدرسة
الكثيرون يقفون بسبب اختلاف وجهات النظر ضدنا ولكن حين نحتاج لفيصل فالأمر يختلف، حيث يقول الدكتور المهندس موفق الطائي «إن كثيرين ممن وقفوا ضد حديد باتوا يبكونها اليوم، ويبكون تاريخها وأعمالها».
وأكد الطائي أن حديد ظاهرة قائلا: «شروط الظاهرة متوفرة بالراحلة، فهي توافق بين العقل والعاطفة وتوازن بينهما، كما أنها نشأت في مختبر الأفكار في بيت الراحل محمد حديد الذي قبل أن يكون وزيرا سابقا كان مساعدا لرئيس الجبهة الوطنية الجادرجي، وهذا البيت لم يُخرّج سوى أفراد شعلة وثورة في الفكر».
وأضاف الطائي قائلا: «زها أكبر من أن تكون مدرسة فهي شكلت عدة مدارس في امرأة واحدة، وكانت نزعة، فهي أكثر بيولوجية من البيولوجيين وأكثر تشكيلا من التشكيليين وأكثر تفكيكا من التفكيكيين، فهي ظاهرة كبيرة استطاعت أن تصمم هندستها بمقاييس رياضية».
* مسيرة إعمار وإصلاح
لم يحالف الكثير من مهندسي العراق مصادفة حديد أو لقائها، لكنهم ومن جانب آخر تعاملوا مع فريق عملها وهذا ما شهده الأستاذة في الجامعة المستنصرية في الهندسة المعمارية الدكتورة هيام الساعاتي التي قالت: «لدي نقطتان أساسيتان للحديث عنهما، الأولى أني سأنقل لكم تجربتي في العمل بمشروع البنك المركزي، والثانية الحديث عن الظاهرة زها حديد، التي لم ألتقها إلا أنني عملت مع فريقها في مشروع البنك المركزي». وعن أهم ما تميزت بها أعمال حديد تتحدث الساعاتي قائلة: «تميزت أعمالها بالحداثة، حيث انتهجت عدة مدارس معمارية منها العضوية وعمارة الطي والحضارة وبعدها العمارة المستدامة وقد كانت معماريتها تتناسب مع الظروف البيئية التي يجب أن تتميز بعمارة خضراء تراعي توافقها مع البيئة».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.