موريتانيا: سجن صحافيين بتهمة التشهير بنجل رئيس الجمهورية

الهيئات الصحافية تحذر من استغلال القضاء لتكميم أفواه الإعلاميين

موريتانيا: سجن صحافيين بتهمة التشهير بنجل رئيس الجمهورية
TT

موريتانيا: سجن صحافيين بتهمة التشهير بنجل رئيس الجمهورية

موريتانيا: سجن صحافيين بتهمة التشهير بنجل رئيس الجمهورية

أحالت محكمة في العاصمة الموريتانية، نواكشوط، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، صحافيين يعملان في موقعين إخباريين، ناطقين باللغة الفرنسية، وذلك بعد شكوى تقدم بها نجل الرئيس الموريتاني يتهمهما فيها بنشر خبر تضمن تشهيرا وقذفا في حقه. وقرر وكيل الجمهورية، بعد تحقيق أجرته الشرطة القضائية مع الصحافيين صباح الخميس الماضي، إحالتهما على الفور إلى السجن المدني بـ«دار النعيم»، وهو أكبر سجن في موريتانيا، يقع على بعد عدة كيلومترات إلى الشمال الشرقي من العاصمة نواكشوط.
وقالت مصادر قضائية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، إن الصحافيين تمت إحالتهما إلى السجن بعد تكييف تهمتي «القذف والتشهير» ضدهما، طبقا للقانون الجنائي الموريتاني، فيما لم يحدد أي موعد لإجراء محاكمة ستكون هي الأولى من نوعها في موريتانيا منذ عدة سنوات؛ إذ إن السلطات الموريتانية ألغت عقوبة حبس الصحافيين في قضايا تتعلق بالنشر. ويتعلق الأمر بكل من جدنا ولد ديدة، المدير الناشر لموقع «موري ويب»، وببكر باي إنجاي، رئيس تحرير موقع «كريديم»؛ وكان الموقعان قد نشرا منذ أيام خبرا يقول إن نجل الرئيس الموريتاني بدر ولد محمد ولد عبد العزيز، أطلق النار من سلاحه الشخصي على أحد العاملين في حديقة يملكها والده؛ وهو الخبر الذي نفاه نجل الرئيس في الشكوى التي تقدم بها إلى السلطات القضائية، واعتبره تلفيقا يستهدف المساس بسمعته.
وتزايدت في الآونة الأخيرة الشكايات المقدمة ضد صحافيين أمام السلطات القضائية الموريتانية، حيث يمنح القانون الموريتاني للمتضررين من المواد التي تنشر عبر الصحافة الورقية أو الإلكترونية حق اللجوء للقضاء. وذلك ما قامت به الشركة الوطنية للصناعة والمناجم «سنيم» مطلع العام الجاري، حينما تقدمت بشكوى ضد صحافيين قالت: إنهم نشروا أخبارا ألحقت ضررا اقتصاديا بها. وتستغل «سنيم» مناجم الحديد في الشمال الموريتاني، وهي أكبر شركة معدنية في البلاد.
وخرج العشرات من الصحافيين إلى الشارع أمس، للاحتجاج على سجن الصحافيين، فيما حذرت الهيئات الصحافية في موريتانيا من تراجع مستوى الحريات في البلاد، مشيرة إلى أن تزايد حالات استدعاء الصحافيين أمام القضاء وسجنهم، ينذر باستغلال القضاء، وتأويل القانون لتكميم أفواه الصحافيين.
وقالت عدة هيئات صحافية، ومنها نقابة الصحافيين الموريتانيين، إن إحالة صحافيين إلى السجن بتهمة التشهير والقذف «يخالف قانون الصحافة الذي ينص على إلغاء عقوبة الحبس في مخالفات النشر، والذي جرى الالتفاف عليه من خلال هذا التكييف الغريب»؛ مشيرة في بيان مشترك أصدرته أمس، إلى أن «تكييف التهمة على أساس القانون الجنائي الموريتاني، تم ليسوغ إيداع الزميلين السجن في مخالفة صريحة للقانون». ودعت الهيئات الصحافية السلطات القضائية في موريتانيا إلى «الإفراج الفوري» عن الصحافيين، بالإضافة إلى «وقف كل الإجراءات التي من شأنها تقييد حريتهما». من جهة أخرى، تواجه الصحافة في موريتانيا انتقادات واسعة، بسبب ما يقول البعض إنه ضعف المهنية وغياب الوازع الأخلاقي لدى أغلب ممارسي المهنة، فيما يؤكد بعض المراقبين أن الحقل الصحافي في موريتانيا، يعاني من حالة فوضى عارمة، تتطلب تدخلا حقيقيا من أجل تنقيته. وكانت السلطات الموريتانية قد أعلنت منذ عدة سنوات، رفع سقف الحريات في البلاد، وذلك من خلال إلغاء عقوبة حبس الصحافيين في قضايا النشر، كما حررت الفضاءين السمعي والبصري، من خلال منح تراخيص لإذاعات وقنوات تلفزيونية خاصة، للمرة الأولى في البلاد.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.