قوة اليورو.. التحدي الأكبر أمام الاقتصاد الألماني

الصادرات الألمانية ترتفع إلى أعلى معدل في 6 أشهر

عامل بأحد مصانع مرسيدس بنز بألمانيا (رويترز)
عامل بأحد مصانع مرسيدس بنز بألمانيا (رويترز)
TT

قوة اليورو.. التحدي الأكبر أمام الاقتصاد الألماني

عامل بأحد مصانع مرسيدس بنز بألمانيا (رويترز)
عامل بأحد مصانع مرسيدس بنز بألمانيا (رويترز)

ارتفعت الصادرات الألمانية بوتيرة أكثر من المتوقعة في فبراير (شباط) الماضي، لتعطي دفعة قوية لأكبر اقتصاد في منطقة اليورو، الذي ربما يعاني، مستقبلا، من تراجع طلبيات المصانع بسبب تراجع الطلب العالمي.
وارتفعت الصادرات الألمانية بنحو 1.3 في المائة في فبراير، مقارنة مع توقعات بزيادة قدرها 0.5 في المائة لتحقق أسرع وتيرة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد انخفاض قدره 0.6 في المائة في يناير (كانون الثاني) ، ليزيد فائض التجارة الألمانية إلى 19.8 مليار يورو (17.4 مليار دولار).
في حين ارتفعت الواردات بنحو 0.4 في المائة الفترة نفسها، مقارنة مع توقعات بانخفاض قدره 0.3 في المائة، مقارنة بارتفاع بنحو 1.3 في يناير الماضي.
وبلغ الميزان التجاري 20.3 مليار يورو (17.8 مليار دولار)، مقارنة بتوقعات بلغت 18 مليار يورو، وحقق الميزان التجاري 13.4 مليار يورو في يناير الماضي.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، جاءت طلبيات المصانع الألمانية أسوأ من المتوقع في فبراير، حيث انخفضت بنحو 1.2 في المائة لتصل إلى أدنى مستوى في ستة أشهر.
ما يعني أنه على الرغم من بيانات التجارة القوية، إلا أنه ما زال هناك مرحلة صعبة تنتظر الاقتصاد الألماني خاصة بعد القفزة التي حققها القطاع في يناير، وأعطى الانخفاض الطفيف على غير المتوقع بصيصا من الأمل للمحللين؛ بعد أن أظهرت بيانات نُشرت الثلاثاء الماضي انخفاض حجم الطلبيات الصناعية بشكل غير متوقع في فبراير؛ بسبب ضعف الطلب من الخارج وخصوصا من دول منطقة اليورو.
ويتسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي أيضا في إثارة مخاوف بشأن الاقتصاد الألماني المعروف اعتماده على الصادرات.
وانخفض الناتج الصناعي 0.5 في المائة في فبراير على أساس شهري بعد زيادته 2.3 في المائة في القراءة المعدلة لشهر يناير، بحسب ما أظهرته بيانات نشرتها وزارة الاقتصاد الألمانية، وجاءت القراءة أفضل كثيرا من متوسط التوقعات، في مسح أجرته «رويترز»، أول الشهر الحالي بتسجيل هبوط نسبته 1.8 في المائة.
وأظهرت تفاصيل بيانات فبراير أن شركات البناء حققت مكاسب قوية، في حين سجل قطاع الطاقة والمصانع المنتجة للسلع الاستهلاكية والرأسمالية انخفاضا في الناتج.
وقالت الوزارة في بيانها، «بشكل عام استهل القطاع الصناعي عام 2016 بأداء جيد نسبيا رغم العوامل الموسمية التي أدت إلى تباينات في الإنتاج واستفاد قطاع البناء من اعتدال الطقس في فصل الشتاء ليرتفع بنحو 1.3 في المائة».
ويرى كارستن بيرزسكي المحلل الاقتصادي في «آي إن جي» الألمانية للخدمات المالية، أنه لا داعي للتعبير عن الفرحة بارتفاع الصادرات الألمانية، فما زال القطاع يناضل لاكتساب المزيد من الزخم، ويوضح المحلل الاقتصادي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الصادرات الألمانية لم تعد إلى كامل قوتها، حيث كانت في الماضي محركا قويا للنمو، ولكن في الوقت الحالي لم تساهم قيمة صافي الصادرات في النمو الفصلي للناتج المحلي الإجمالي على مدى العامين الماضيين، وفي عام 2015 كان صافي الصادرات يشكل عبئا على النمو.
ويؤكد بيرزسكي أن الصادرات الألمانية لن تكون حلا سحريا لاقتصاد منطقة اليورو المتخبط في الوقت الراهن، ويرجع ذلك إلى ارتفاع قيمة اليورو خلال الأشهر القليلة الماضية، ما يجعل البضائع الألمانية أكثر تكلفة في الخارج.
وأظهر تحليل البيانات غير المعدل ارتفاع الطلب من دول الاتحاد الأوروبي على الصادرات الألمانية بنحو 5.5 في المائة في فبراير الماضي، بينما بلغت نسبة ارتفاع الصادرات إلى دول أوروبا غير المنضمين إلى منطقة اليورو 9.3 في المائة، وكذلك ارتفعت نسبة الصادرات إلى بلدان خارج أوروبا بنحو 2 في المائة.
وباستشراف المستقبل، يؤكد بيرزسكي أن الصادرات الألمانية لن تعود كسابق عهدها، خاصة مع تلاشي الرياح المواتية «يقصد انخفاض العملة الموحدة لمنطقة اليورو في وقت سابق»، حيث ارتفعت قيمة اليورو بأكثر من 6.5 في المائة أمام الدولار منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي .
يُذكر أن الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع الإنفاق الحكومي دفعا النمو في ألمانيا إلى 1.7 في المائة، في حين يشكك محللون في أن النمو سيتجاوز هذه الوتيرة.
وسيقوم المعهد الاقتصادي الرئيسي في البلاد بتحديث توقعات النمو لعام 2016. الخميس 14 أبريل (نيسان) الحالي، ومن المتوقع أن تعلن الحكومة التوقعات يوم الأربعاء 20 أبريل الحالي.



هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.